بقلم : د. سمير عبيد ..

تمهيد:
يقال ان الحرب خدعة ، ويقال عسكريا ان كانت لديك قوة خفية لتخيف بها العدو .واياك واستعمالها إلا عند ساعة الصفر ونفاذ جميع الحلول “فقسماً منها لوّح بها ،والقسم الآخر عليك ان تخفيه” لكي يتمادى عدوك ويقترب نحوك وحينها تحدث المباغتة لصالحك.فالكل يسأل كيف تم أجتياح بيئة حزب الله المحصنة ” استخباريا وامنيا ولوجستيا في جنوب لبنان”؟ وكانت بدايتها باغتيال قائد حركة حماس ” صالح العاروري ورفاقه”ثم توالت الاغتيالات والتفجيرات بمربعات لم تخطر على بال قيادة حزب الله انها مخترقة.

وكان الكل يفتش عن الجواسيس،بحيث تصاعدت الشكوك الخطيرة بين قيادات حزب الله وقواعده.وهذه القضية سببت مشاكل كثيرة في عقيدة حزب الله وثقافته وعلاقاته الداخلية . حتى جاءت ساعة الصفر واذا بالجاسوس ينام ويشرب ويركب السيارات مع قيادات حزب الله وصولا للقاعدة وهو جهاز ( البيجر) المتوزع بين القيادات والقواعد وحتى عند طواقم السفارة الإيرانية وخلايا الحرس الثوري في لبنان وسوريا والعراق وغيرها.
أين الخدعة ومتى بدأت؟
مورست الخدعة من خلال البارجة الحربية الاميركية العملاقة التي وقفت لأسابيع قبالة وبمحاذاة الشواطىء اللبنانية قبل اشهر وعندما أحتقن الوضع حينها وكادت ان تحصل الحرب . هي هذه البارجة التي مارست ” الخدعة” لانها قامت طواقمها الفنية والحربية والتكنولوجية وعبر الأقمار الاصطناعية الحديثة بمسح كامل لبيئة وتضاريس جنوب لبنان ولجغرافية ومكامن ومقرات ومؤسسات حزب الله فوق الارض وتحت الارض.ومسح وتصوير الحارات والأزقة والبيوت وأرقامها واهميتها .وحتى التجسس على تحركات طواقم وموظفي وعملاء السفارة الإيرانية في لبنان وصولا لمسح كامل لمطار بيروت ومراقبة تحركاته وادارته طيلة فترة مكوث البارجة الاميركية. وكتبت حينها تحليلا ونشرته ،وحذرت من الدور الخطير والذي كانت تمارسه ومارسته تلك البارجة التي نجحت بتأسيس قاعدة بيانات نادرة وغاية في الدقة والسرية / اي كشفت ظهر حزب الله وخطوط تحرك ايران في لبنان والمنطقة .وبالفعل صدق حدسي عندما بدات حرب الاستنزاف بين حزب الله واسرائيل التي بدأت في ٨ اكتوبر ٢٠٢٣ والتي احتدمت جدا قبل شهرين وحتى يومنا هذا وكانت آخر اوراقها تفجيرات البيجر التي لا تخطر على بال أحد !
لماذا تم تفجير ( البيجر )؟
١-كانت اسرائيل وطيلة حرب الاستنزاف التي شنها حزب الله ضدها لمساندة حركة حماس في غزة والتي وضع حزب الله شرطاً لايقافها وهو ايقاف الحرب في غزة. كان حزب الله يمارس حرب الاستنزاف والأرض المحروقة وكانت من هناك إسرائيل تجمع المعلومات السرية والحساسة عن قيادات و تحركات واجتماعات وخطط حزب الله عبر اجهزة ( البيجر ) .فكانت هذه الأجهزة المنتشرة في تضاريس قيادات حزب الله وقواعدها وصولا للقيادات المتحالفة معها من الفلسطينيين وصولا للسفارة الإيرانية وخلايا الحرس الثوري كانت تزود إسرائيل بالمعلومات الحساسة ( والتي سهلت استمكان اهداف سرية جدا داخل لبنان وداخل سوريا ومنها على سبيل المثال البيت السري الذي قصفته إسرائيل بجوار القنصلية الإيرانية وقتلت سبعة من قيادات الحرب الثوري وتلتها عمليات نوعية اخرى ) بحيث اتهم الإيرانيون ضباطاً ومسؤولين سوريين بتسريب تلك الاسرار إلى إسرائيل. بحيث ذهب حزب الله فوضع خطة استهداف الابراج الاستخبارية الاسرائيلية المتقدمة ظنا منه انها وراء الاستمكان والاستهداف . فردت اسرائيل على حزب الله باغتيالات نوعية جدا بين قيادات حزب الله حتى وصل الاغتيال إلى أهم شخصية عسكرية وقيادية بعد السيد حسين نصر الله وهو القائد العسكري الكبير فؤاد شكر ( الحاج محسن )والذي لا يعرف تحركاته إلا نصر الله وعدد قليل جدا جدا ( ولكن حال دخوله العمارة السكنية التي يسكنها تم تفجيره ) بحيث كانت ضربة شديدة الالم على حزب الله والسيد نصر الله وعلى عمل المقاومة ضد إسرائيل .لاسيما وان فؤاد شكر كان مكلف ان يفتح جبهة ( الجولان) قريبا ضد اسرائيل. فرد حزب الله انتقاما فضرب القاعدة الاستخبارية السرية والحساسة والعملاقة في المنطقة كلها وهي قاعدة 8200 ظنا منه انها وراء استمكان واغتيال الحاج محسن ورفاقه !
٢-وعندما يأس حزب الله من ايجاد الجاسوس او الجواسيس وضع خطة وهي ( فحص جميع اجهزة الاتصال ) داخل بيئة حزب الله وداخل جغرافية القيادات والقواعد ( وبالفعل ظهر السيد نصر الله بخطاب متلفز وحذر من استعمال الهواتف والمسجات وغيرها ) هنا شعرت اسرائيل بالخطر وانها سوف تفقد ( جاسوسها السوبر وهو البيجر ) فقررت تفجيره قبل ان يصل اليه الفنيون من حزب الله. وهنا ضحت اسرائيل بأخطر وأكبر شبكة تجسس كانت تعمل لصالحها من خلال اجهزة ( البيجر ) ووفرت لإسرائيل قاعدة بيانات كبيرة وخطيرة .فقررت جعلها سلاح حرب ففجرتها في حواصر وأحزمة وسيارات ومقرات ومكاتب الذين كانوا يعتمدون عليها في الاتصال والتواصل في لبنان. (( ولكن فقدت بذلك إسرائيل اعظم قاعدة بيانات، وعندها سوف يتحرر حزب الله من هذا العبء الخطير الذي كلفه الكثير وهو جهاز البيجر ))!
إسرائيل مضطرة لشن الحرب !
هنا أصبحت إسرائيل بين خيارين بطعم العلقم . ١-فأما تبقى صامدة بحرب الاستنزاف وخطوات الارض المحروقة وتتحمل ألمها وهي طبعا لصالح حزب الله ” بحيث سوف يضطر الحزب لاستعمال اسلحة اخرى من جهة وسيوسع اهدافه داخل اسرائيل من جهة اخرى “
٢- او تقوم اسرائيل بشن الحرب العسكرية ضد حزب الله وجنوب لبنان بهدف ابعاد حزب الله إلى ماوراء نهر الليطاني وتحقيق منطقة آمنة عبر تسوية دولية استنادا إلى القرار الأممي رقم 1701،( ونحن نتوقع ذلك) .لان إسرائيل وبعد ان فقدت قاعدة البيانات التجسسية التي كان يوفرها لها جهاز ” البيجر” فسوف تبادر بالحرب من اجل اخذ زمام المبادرة وقبل ان يلملم حزب الله اوراقه وجراحه بعد تفجيرات ( البيجر)وبنفس الوقت لتستغل الوقت الحرج التي تمر به ادارة بايدن والولايات المتحدة والمتمثل بالانتخابات الاميركية لتجر امريكا معها نحو هذه الحرب . والمؤشرات تشير ان الحرب الشاملة قادمة . ولكن لغة الميدان سوف تكون بيد حزب الله ومحور المقاومة على ما أعتقد ” والله اعلم ” .ونسأل الله ان لا تقع اي الحرب !
إلى اللقاء في مقال لاحق عن الموقف الايراني !
سمير عبيد
١٩ ايلول ٢٠٢٤

سمير عبيد

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات قیادات حزب الله حرب الاستنزاف فی لبنان نصر الله

إقرأ أيضاً:

جيروزاليم بوست: هذا ما جرى في البنتاغون قبل تفجيرات البيجر

كشف دانيال (دان) شابيرو، نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون الشرق الأوسط سابقا، معلومات مثيرة عن تفجير أجهزة النداء الآلي "البيجر" التي فجرت في عناصر حزب الله اللبناني يوم 17 سبتمبر/أيلول 2024.

وذكرت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية أن شابيرو أكد لها أن وزير الدفاع الأميركي السابق لويد أوستن تلقى مكالمة عاجلة من نظيره الإسرائيلي السابق يوآف غالانت، أخبره فيها بشكل غامض أن لدى إسرائيل عملية خاصة على وشك تنفيذها في لبنان، لكنه لم يوضح للمسؤول الأميركي ماهية تلك العملية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2غالانت يكشف تفاصيل هجوم البيجر على حزب الله وإدارة الحرب بغزةlist 2 of 2لماذا أهدى نتنياهو ترامب جهاز بيجر ذهبيا؟ مغردون يعلقونend of list

وأضافت الصحيفة أن غالانت حجب كل التفاصيل عن لويد أوستن للحفاظ على السرية المطلوبة في مثل هذه العملية الحساسة، قبل أن تنتشر بعد نحو نصف ساعة على المكالمة تقارير عن انفجارات غريبة حدثت في لبنان.

مثيرة للإعجاب

وزاد شابيرو "لم نحصل على تفسير حقيقي لسبب اختيار إسرائيل لتلك اللحظة بالضبط لاستخدام هذه الوسيلة".

وتابع أن ما فهمه الأميركيون هو أنه كان لدى الإسرائيليين قلق من أن قضية البيجر على وشك أن تنكشف، حيث أصبح حزب الله مرتابا منها، وبالتالي لم يعد أمام الجيش الإسرائيلي سوى استخدامها أو خسارتها.

ووصف شابيرو العملية بأنها كانت مفاجئة ومبتكرة وغير عادية، بل مثيرة للإعجاب، مؤكدا أن ذلك كان جزءا من رد فعل كبار المسؤولين في الحكومة الأميركية.

إعلان

وشرح ذلك بقوله "لقد أُعجبوا بالإبداع والبراعة والسرية والاستهداف الدقيق لعناصر حزب الله وضمان عدم تأثر المدنيين".

وتحدثت جيروزاليم بوست عن الخلاف بين غالانت ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو منذ بداية الحرب، وما إذا كان ينبغي فتح جبهة مع حزب الله يوم 11 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أي بعد 4 أيام فقط على هجوم حركة حماس.

فرصة ضائعة

ففي الوقت الذي أكد فيه غالانت لاحقا في حوارات صحفية أن رفض نتنياهو ذلك فرصة ضائعة وأنه كان بإمكان إسرائيل تفجير أجهزة اللاسلكي وأجهزة البيجر في ذلك الوقت المبكر وإلحاق أضرار كبيرة بحزب الله، كان نتنياهو ورئيس الموساد ديفيد بارنيا مقتنعين أن الظروف لم تكن مناسبة، تبرز جيروزاليم بوست.

وكان لبنان قد أعلن في نوفمبر/تشرين الثاني السابق تقديم شكوى إلى منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة بشأن الهجمات الدامية التي طالت آلافا من مستخدمي أجهزة النداء (البيجر) واللاسلكي في جميع أنحاء البلاد في سبتمبر/أيلول الماضي.

ووصف وزير العمل السابق في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية مصطفى بيرم الهجوم بأنه عمل حربي ضد الإنسانية والتكنولوجيا والعمل، قائلا إن بلاده تقدمت بشكوى إلى منظمة العمل الدولية في جنيف.

وأشار بيرم إلى أن هذه الهجمات أوقعت في غضون دقائق قليلة أكثر من 4 آلاف مدني بين قتيل وجريح ومشوه.

مقالات مشابهة

  • خريس: اسرائيل كانت ولا زالت الشر المطلق
  • “حماس” تؤكد مرونتها في المفاوضات وتدعو إسرائيل إلى تحمل مسؤولياتها لإنهاء الحرب
  • يوم البيجر.. المخابرات السوريّة أرسلت برقيّة عاجلة وسريّةهذا كان مضمونها
  • رمضان في سجون “إسرائيل”.. قمع وتجويع بحق الأسرى الفلسطينيين
  • عملية مفاجئة ومبتكرة.. كواليس البنتاغون يوم تفجيرات البيجر في لبنان
  • كاتس: إسرائيل ستبقى في المواقع الخمسة التي أنشأتها في جنوب لبنان
  • جيروزاليم بوست: هذا ما جرى في البنتاغون قبل تفجيرات البيجر
  • هل اقترب السلام بين إسرائيل ولبنان؟
  • وزير الثقافة من قلعة شمع الأثرية : اسرائيل كانت تسعى لنهبها
  • سليمان من قصر بعبدا: المعادلة التي تُفيد البلد هي معادلة الجيش والشعب