القمة الروسية الأفريقية والتى انعقدت مؤخرا حضرها الرئيس السيسى بصفته رئيس اتحاد أفريقيا فقط سعت هذه القمة لوضع حلول جذرية للأزمة الاقتصادية العالمية والتى تسيطر على كافة دول العالم خاصة بعد الحرب الأوكرانية الروسية وما آلت إليه من خسائر وتوقف في تصدير الحبوب والغلال لدول أفريقيا وغيرها وقد تأثرت مصر أيضا بهذا القرار، وخاصة أنها تعتمد على الغلال الروسية بنسبة 50%، وجاءت نتائج القمة مبشرة بكل خير بعد أن أصدرت عددا من القرارات لصالح الدول الأفريقية وعلى رأسها مصر، للتعاون فى مجالات مختلفة، كما طالت التكنولوجيا والذكاء الاصطناعى والأمن الإعلامى وربط المواد الروسية والمصرية ببعضها، كل ذلك وبداية تطبيقه يؤدى إلى نجاحات عدة فى مجالات مختلفة وخاصة التوجه لإنشاء وإقامة تدشين منطقة صناعية ضخمة بالمنطقة الصناعية بقناة السويس على أرض مصر، ومن خلالها يتم تصدير المنتجات الروسية لدول أفريقيا المختلفة كما يعود على مصر بعملات صعبة وأيضا بتحريك اقتصادى ينعكس بشكل هائل فى حل جزء كبير من الأزمة الاقتصادية المتعلقة حتى الآن، وقد عقدت هذه القمة فى مدينة سان بطر سبورغ، وكان أهم ملفاتها هو الأمن الغذائى القضية الأهم والأخطر لكافة دول العالم وقارة افريقيا، ومصر خاصة بعد أزمة الحرب الأوكرانية الروسية وانسحاب روسيا من اتفاقية تصدير الغلال وتأثر الدول الإفريقية بنقص واردات الحبوب.
ولأن روسيا لديها إنتاج ضخم من النفط والحبوب والغاز، ويمكنها تعويض دول القارة السمراء بأى عجز فى المواد الغذائية بما يضمن أيضا استقرار الأوضاع فى هذه الدول وعدم تعرضها لأزمات عنيفة. وتسعى روسيا لزيادة حجم التعاون التجارى مع أفريقيا ليحقق أربعين مليار دولار بعد أن كان 18 مليار دولار فقط فى عام 2022.. أيضا تسعى روسيا لزيادة حجم التبادل التجارى بينها وبين مصر، فقد بلغ 4.7 مليار دولار عام 2022 مقابل 4.1 مليار دولار عام 2021، هذا بخلاف حجم الاستثمارات الروسية فى مصر والتى بلغت 8 مليارات دولار. ومن القرارات الهامة أيضًا التى أسفر عنها أيضا هذا اللقاء الاقتصادى العالمى الاستراتيجى هو إتمام التسويات التجارية بين دول القارة السمراء وروسيا بالعملات الوطنية مما يسهم كثيرا فى زيادة حجم التبادل التجارى.. وأيضًا يكسر من حدة الدولار الزاحف والمهيمن على الأسواق العالمية والذى تسبب نقصه كعملات صعبة فى تأخير العديد من عمليات الاستيراد وأدى إلى ارتفاع أسعار سلع عديدة داخل البلاد لقلة المعروض من السلع المطلوبة كالأعلاف والحبوب على سبيل المثال، مما أدى لارتفاع أسعار الدواجن والبيض واللحوم وغيرها من المنتجات.
قمة ناجحة أسفرت عن قرارات هامة سوف تنعكس بالخير كله على قارة أفريقيا وعلى مصرنا الحبيبة.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: القمة الروسية الافريقية الرئيس السيسي رئيس اتحاد أفريقيا الحرب الأوكرانية الروسية ملیار دولار
إقرأ أيضاً:
ليوبولد سيدار سنغور رمز الأدب والسياسة في أفريقيا الحديثة
فيلسوف في السلطة، وشاعر في قلب الدولة، هكذا شكّل ليوبولد سيدار سنغور بصمة عميقة في التاريخ الأفريقي والعالمي.
كان شاعرا ومفكرا وسياسيا جمع بين الكلمة والسلطة، وسعى إلى دمج التقاليد الأفريقية بالقيم العالمية في مشروع حضاري متكامل، فهو مؤسس مفهوم "الزنوجة" وأول رئيس للسنغال المستقلة وعضو في الأكاديمية الفرنسية، كان جسرا بين التقاليد الأفريقية والحداثة العالمية ونموذجا فريدا من التعايش بين ثقافة القارة السمراء والفكر الغربي.
طفولة مشبعة بالثقافتين الأفريقية والفرنسيةوُلد ليوبولد سيدار سنغور في 9 أكتوبر/تشرين الأول 1906 بمدينة جوال الصغيرة بالسنغال، ونشأ في بيئة مسيحية كاثوليكية ضمن مجتمع يغلب عليه الطابع الإسلامي، مما عزز لديه منذ الصغر حس الانفتاح والتعددية الثقافية.
تلقى تعليمه الأولي في السنغال، وأظهر نبوغا مبكرا مكنه من الحصول على منحة دراسية لمتابعة دراسته الثانوية في مدرسة فان فولان بدكار، والتي كانت من أبرز المؤسسات التعليمية في غرب أفريقيا الفرنسية آنذاك.
رحلة علمية نحو فرنساسافر سنغور إلى فرنسا عام 1928 لمواصلة دراسته في جامعة السوربون، لكنه التحق فيما بعد بمدرسة لويس لو غران المرموقة، والتقى بالمفكر المارتينيكي إيمي سيزير الذي أصبح شريكه الفكري في بلورة مفهوم "الزنوجة".
إعلانواصل سنغور تفوقه الأكاديمي حتى نال شهادة التبريز في الآداب عام 1935، ليكون أول أفريقي من غرب أفريقيا الفرنسية يحقق هذا الإنجاز، مما فتح أمامه أبواب التدريس في فرنسا.
خلال الحرب العالمية الثانية انضم سنغور إلى الجيش الفرنسي، لكنه وقع في الأسر عام 1940 وأُرسل إلى معسكرات الاعتقال في ألمانيا.
لم تمنعه ظروف الاعتقال من الكتابة، بل ألهمته لتأليف بعض من أهم قصائده التي عكست معاناته ورؤيته للعالم، وبعد إطلاق سراحه عام 1942 عاد إلى فرنسا واستأنف نشاطه الأكاديمي والسياسي.
انتُخب سنغور نائبا في الجمعية الوطنية الفرنسية عام 1945، ليبدأ مسيرته السياسية الفعلية.
عمل على تعزيز حقوق المستعمرات الأفريقية داخل النظام الفرنسي، وساهم في تطوير سياسات منح الحكم الذاتي، مما مهد الطريق لاستقلال العديد من الدول الأفريقية.
وبعد استقلال السنغال عام 1960 أصبح أول رئيس للجمهورية، وظل في منصبه حتى 1980، وركز على بناء دولة حديثة تجمع بين التقاليد الأفريقية والإدارة العصرية، مع إيلاء اهتمام خاص بالتعليم والثقافة، ورفض الانغلاق الأيديولوجي، إيمانا بأهمية التعاون بين أفريقيا وفرنسا.
الزنوجة والهوية الأفريقيةيعد سنغور أحد المؤسسين الرئيسيين لحركة "الزنوجة" التي ظهرت ردّ فعل على سياسات الاستعمار الفرنسي التي حاولت طمس الهويات الأفريقية وفرض الهيمنة الثقافية الأوروبية.
ودعا هذا المفهوم إلى استعادة الاعتزاز بالثقافة الأفريقية والتعبير عنها بحرية في الأدب والفنون والفكر السياسي.
وفي كتاباته سعى سنغور إلى إبراز القيم الجمالية والفلسفية للحضارة الأفريقية، رافضا النظرة الاستعمارية التي صورت أفريقيا قارة متخلفة تحتاج إلى الإنقاذ الأوروبي.
وأصبحت "الزنوجة" مرجعا ثقافيا وسياسيا لحركات التحرر الأفريقية والكاريبية، وأسهمت في تشكيل هوية أفريقية حديثة متصالحة مع إرثها وتطلعاتها المستقبلية.
لم يكن سنغور مجرد رجل سياسة، بل كان قبل كل شيء شاعرا ومفكرا، امتزجت أشعاره بالروح الصوفية والتعبير العاطفي العميق، إذ استخدم الكلمات أداة للنضال الفكري والدفاع عن الهوية الأفريقية، وترك إرثا أدبيا غنيا، ومن أبرز أعماله:
إعلان "أغاني الظل" (1945): ديوان شعري يعكس تجربته في الحرب ومعاناته خلال الأسر. "إثيوبيا وأسوان" (1956): عمل أدبي يصور رؤيته للهوية الأفريقية وعلاقتها بالحضارة العالمية. "رسالة إلى الصديق الفرنسي": نص يعكس حوارا بين الثقافتين الأفريقية والفرنسية.آمن سنغور بأن الشعر ليس مجرد كلمات، بل قوة تحررية قادرة على إحداث تغيير عميق في المجتمعات عبر التأثير العاطفي والفكري.
السنوات الأخيرة والإرث الثقافيبعد تقاعده من السياسة عام 1980 انتقل سنغور إلى فرنسا، حيث واصل الكتابة والبحث الفكري، وفي عام 1983 انتُخب عضوا في الأكاديمية الفرنسية، ليكون أول أفريقي يحظى بهذا الشرف، وهو اعتراف بدوره البارز في الأدب الفرنكوفوني.
توفي في 20 ديسمبر/كانون الأول 2001 عن عمر ناهز 95 عاما، لكنه ترك إرثا فكريا وسياسيا خالدا، ولا يزال تأثيره حاضرا في السنغال والعالم، إذ يُحتفى به باعتباره رائدا في الفكر الأفريقي ومدافعا عن التعددية الثقافية ورمزا للمصالحة بين الهوية الأفريقية والانتماء العالمي.
أثبت سنغور أن الأدب والسياسة يمكن أن يلتقيا في مشروع حضاري واحد، وأن الهوية الأفريقية ليست نقيضا للحداثة، بل هي جزء أصيل منها، وكما قال ذات مرة "الثقافة هي روح الأمة، وبدونها لا يمكن أن يكون هناك مستقبل".