قالت صحيفة الجارديان البريطانية، إن روسيا تلجأ إلى استخدام أحد أقدم التكتيكات الحربية فى التاريخ فى حربها بأوكرانيا، حيث يعتمد هذا التكتيك على استخدام الغذاء كسلاح ضد العدو.
وأضافت الصحيفة، إنه بعد فشل روسيا فى غزو أوكرانيا بالوسائل التقليدية، جربت استخدام حرب الطاقة، فى محاولة لتعطيل شبكة الكهرباء، وتجميد الشعب الأوكرانى بردا، لإجباره على الخضوع، ولكنها فشلت فى ذلك أيضا، والآن تشن حربا غذائية.


وأوضحت أنه منذ تعليق موسكو الشهر الماضى مشاركتها فى اتفاق توسطت فيه الأمم المتحدة للسماح بصادرات الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، أعلنت موسكو حصارا بحريا لموانئ البلاد، واستهدفت إمدادات الغذاء بشكل مباشر على الساحل البحرى، مما أدى إلى تدمير ٢٢٠ ألف طن من الحبوب التى تنتظر التصدير فى صوامع، وامتدت الهجمات إلى داخل أوكرانيا لتضرب موانئ رينى وإزميل لتصدير الحبوب على نهر الدانوب.
وأشارت الصحيفة إلى ارتفاع مؤشر أسعار الحبوب العالمى بنسبة ١٠ فى المئة فى أواخر يوليو الماضى، بعد أن نسفت روسيا مبادرة الحبوب فى البحر الأسود، مما أغلق طريقا حمل ٣٢ مليون طن حبوب إلى العالم على مدار عام، أى أكثر من نصف إجمالى صادرات الحبوب الأوكرانية.
وأضافت أن بعض التجار يعتقدون أن الأسعار سترتفع بنسبة ٢٠ فى المئة بنهاية الصيف الحالى، وأن الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، ناشد نظيره الروسى فلاديمير بوتين، إعادة النظر فى قراره، لكن هناك القليل من التفاؤل حول إمكانية إحياء الصفقة.
وتوضح الصحيفة أنه من خلال تحويل الطعام إلى سلاح، لجأت روسيا إلى أحد أقدم أشكال الحرب، حيث أحرقت الجيوش القديمة مخازن الحبوب لتجويع أعدائها وإجبارهم على الخضوع.
حيث تعرض الاقتصاد الأوكرانى، فى هذه الوضع إلى مزيد من الضرر، فى المقابل حصلت الصادرات الروسية على كمية وأسعار أعلى.
وأكدت إن خطر المجاعة يهدد أفقر بلدان العالم على بعد آلاف الأميال بسبب ارتفاع أسعار الحبوب وانخفاض الإمدادات الغذائية.
حيث قدمت أوكرانيا نصف القمح الذى اشتراه برنامج الغذاء العالمى من الأسواق العالمية، وأرسله البرنامج إلى الناس الأكثر احتياجا فى أفغانستان وإثيوبيا وكينيا والصومال والسودان واليمن.
وأضاف الصحيفة أنه كانت نوعية القمح جيدة ورخيصة وسريعة الشحن من ميناء أوديسا عبر مضيق البوسفور إلى البحر الأبيض المتوسط، ثم عبر قناة السويس إلى اليمن والقرن الأفريقى، والآن يضطر برنامج الغذاء العالمى إلى شراء الحبوب بسعر أعلى وكمية أقل ونقلها من الموانئ البعيدة.
وذكرت الصحيفة قول المتحدث باسم برنامج الغذاء العالمى، ستيف تارافيلا، إنه بدون مبادرة البحر الأسود، كانت المنظمة "ستعانى حقا لإطعام العدد نفسه من الناس".
وأشارت إلى أن هناك أكثر من ٥٠ دولة تزود أوكرانيا بالأسلحة، ولكن حتى الآن لم تكن هناك مثل هذه الاستجابة السريعة والمنسقة للتعامل مع الأمن الغذائى.
وعلقت روسيا فى ١٨ يوليو الماضى، الاتفاق الخاص بتصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، وقال الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، إن الهدف الرئيسى من اتفاق الحبوب الأوكرانية، لم يتحقق، وأضاف الناطق الرسمى باسم الكرملين ديميترى بيسكوف، إن الاتفاق "انتهى عمليا" وأن موسكو مستعدة للعودة إليه فورا، عندما تلبى شروطها. 
وتوالت ردود الفعل الدولية على القرار الروسى، فأسف الأمين العام للأمم المتحدة للقرار معلنا أن مئات الملايين فى العالم "سيدفعون ثمن" قرار روسيا الانسحاب من اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية.
من جهتها، نددت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد، بما اعتبرته "عملا وحشيا جديدا" من جانب موسكو، كما طالبت فرنسا موسكو "بوقف ابتزازها للأمن الغذائى العالمى".
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: روسيا أوكرانيا الحبوب الأوکرانیة البحر الأسود

إقرأ أيضاً:

"الجارديان": ماذا يريد الأمريكيون بعد التخلي عن أوكرانيا؟.. اتفاق "ترامب-بوتين" يتشكل.. وأوروبا هى الهدف

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

وصف العديد من المراقبين السياسيين تخلي الولايات المتحدة الأمريكية عن أوكرانيا بالخيانة؛ وأكد الكاتب رافائيل بير؛ في عموده اليومي بصحيفة "الجارديان" البريطانية إن خيانة الولايات المتحدة الأمريكية لأوكرانيا هي بروفة لصفقة أكبر مع موسكو وهجوم على التضامن القاري. 


وأشار "رافائيل" إلى موقف القنوات اليمينية الأمريكية المثيرة للجدل بشأن الحرب الأوكرانية؛ وكتب: "برنامجٌ يُبثُّ في وقت الذروة حول الشؤون الجارية؛ نقاشٌ حول تعامل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الحرب في أوكرانيا. يقول سياسيٌّ مُتحمِّسٌ في اللجنة: "إنه يُقدِّم أداءً ممتازًا"، قبل أن يُسجِّل إجراءات البيت الأبيض التي قلَّلت من شأن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وأضعفت موقفه في ساحة المعركة - تعليق المساعدات العسكرية؛ وعرقلة الاتصالات عبر الصناعية؛ وحجب المعلومات الاستخباراتية. "هل ندعم هذا؟" إنه سؤالٌ بلاغي".


"نحن ندعم كل شيء. بالتأكيد"، ردّ المذيع الشهير. "نحن مسرورون بكل ما يفعله ترامب".


وذكر التحليل، قد لا يكون هذا التأييد غريبًا على القنوات اليمينية الأمريكية المثيرة للجدل، لكن هذه الحوارات لم تُبث للجمهور الأمريكي؛ فمقدمة البرنامج هي أولغا سكاباييفا؛ إحدى أبرز دعاة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ولسماع أعلى درجات الثناء على تنمر ترامب على أوكرانيا، يكفي مشاهدة القناة الأولى الروسية الخاضعة لسيطرة الدولة.


ماذا يريد الأمريكيون في المقابل؟
وأصاف تحليل "الجارديان"؛ لأن هذا سيناريو من الكرملين، سرعان ما خفت حدة الحماس بالشك. وتابعت "سكاباييفا" قائلةً: "في الوقت الحالي، الضغط على كييف كبير، ولكن ماذا يريد الأمريكيون في المقابل؟".


وأضاف "رافائيل"، إنه سؤال جيد، على الرغم من أن هذا لا يعني أن هناك إجابة. من الخطأ إسقاط التماسك على التحركات غير المنتظمة لطاغية طفل متضخم. فيمكن تتبع الأنماط الوهمية في الفوضى، والطريقة التي يمكن بها العثور على الوجوه في السحب العائمة إذا حدقت جيدًا. لكن "ترامب" لديه أذواق وضغائن يمكن التنبؤ بها. إنه يحب المال والمكانة. يكره العقبات التي تحول دون الحصول على هذه الأشياء. إنه متعاطف مع روسيا، ويرى أنها نوع المكان الذي يمكن فيه عقد صفقات جيدة. إنه معادٍ للحفاظ على استقلال أوكرانيا، والذي يراه استخدامًا سيئًا للكنز الأمريكي، تم انتزاعه من جو بايدن من قبل زيلينسكي الماكر.


وأضاف "رافائيل"، هذه الأحكام المسبقة التافهة راسخة بقوة كافية لتوجيه السياسة الخارجية الأمريكية نحو اتجاه مؤيد للكرملين دون الحاجة إلى استراتيجية إضافية. هناك الكثير مما يمكن لبوتين العمل عليه.


وعندما التقت الوفود الروسية والأمريكية في المملكة العربية السعودية الشهر الماضي لمناقشة حل الحرب في أوكرانيا، كان السمة الأكثر كشفًا في المحادثة هي استبعاد أي أوكراني.


وكان إدراج كيريل دميترييف؛ خريج جامعة ستانفورد وماكينزي وغولدمان ساكس، والذي يرأس حاليًا صندوق الاستثمار الحكومي الروسي، ضمن وفد بوتين، أقل إثارةً للنقاش، ولكنه لا يزال ذا أهمية. كان رأيه أن الشركات الأمريكية خسرت مليارات الدولارات من الأرباح بانسحابها من روسيا.

 وتُصوَّر العقوبات المفروضة على موسكو على أنها وسيلة أخرى تستخدمها أوكرانيا وشركاؤها الأوروبيون لنهب أمريكا. بعد الاجتماع السعودي بفترة وجيزة، عُيّن دميترييف رسميًا "ممثلًا خاصًا" لبوتين للاستثمار والشراكة الاقتصادية مع الدول الخارجية، بتفويض يشمل الصفقات مع الولايات المتحدة.


النموذج المقترح في العلاقات الأمريكية الروسية


النموذج المقترح، الذي لم يُسمَّ ولكنه ظاهرٌ أيضًا، هو التقسيم. تحصل واشنطن على حق الوصول إلى الموارد المعدنية الأوكرانية، بينما تحصل موسكو على حصةٍ كبيرةٍ من أوكرانيا. تُعيد روسيا وأمريكا ضبط علاقاتهما الدبلوماسية وتجدّدان العلاقات التجارية دون أيِّ ضجةٍ قديمةٍ حول سيادة القانون وحقوق الإنسان - تحالفٌ بين الأوليجاركيين.


وذكرت "الجارديان" أنه من المُبررات الشائعة تصوير الأمر على أنه تكتيك ضمن لعبة كبرى، هدفها النهائي عزل الصين واحتوائها. ويبدو أن مُؤيدي هذه المناورة لم يُفكّروا في إمكانية أن تكون بكين المستفيد الواضح من تخريب النظام القانوني الدولي الذي بنته واشنطن. وستُسد الصين بكل سرور أي فراغ يُخلّفه تراجع أمريكا نحو الحمائية التجارية المُفرطة.


ويُقدّر المعلقون القوميون الروس هذا التقارب الأيديولوجي أيضًا؛ فهم يرحبون بنظام "ترامب" كحليف قوي.


إن العداء لأوروبا، والاتحاد الأوروبي تحديدًا، هو نقطة التقاء مختلف أطراف هذه الصفقة؛ إذ يتشاطر الرئيسان الروسي والأمريكي استياءً شديدًا من القوة الناعمة التي تمارسها بروكسل من خلال تجميع العديد من الأسواق الوطنية في كتلة تجارية واحدة.


من وجهة نظر "ترامب"، يعدّ الاتحاد الأوروبي كارتلًا شريرًا، يحرم المزارع والشركات الأمريكية من حقها غير القابل للتصرف في البيع لملايين المستهلكين الأوروبيين. أما بالنسبة لبوتين، فهو جهاز عدو ، وجزء من التوسع الغربي بعد الحرب الباردة الذي أبعد روسيا عن مجال نفوذها الطبيعي.


وبالنسبة لكلا الرجلين، فكرة تجميع السيادة بين الدول الديمقراطية لتحقيق منفعة اقتصادية متبادلة أمر غير مفهوم. التفاوض على قدم المساواة مع الاتحاد الأوروبي - كيانٌ ورقيٌّ هشّ بلا فرق دبابات يُسمّي نفسه - أمرٌ سخيفٌ ومُقيت. ردّهما على القوة الناعمة هو مواجهتها بالقوة الصلبة، والتواطؤ في تفكيكها، وتقاسم الغنائم.


هذا هو السياق الضمني للمفاوضات لإنهاء الحرب التي بدأها بوتين ويريد ترامب إنهاءها دون مراعاة للعدالة. إنهم يتدربون على أجندة مشتركة من خلال ذريعة تقسيم أوكرانيا، ويستكشفون نطاق شراكة ذات أساس أعمق مما يريد حلفاء أمريكا السابقون الاعتراف به.

 قد لا تُثمر هذه الشراكة. ترامب سهل التشتيت، ولكنه سهل الشراء أيضًا، وقد وضعت روسيا مشروعًا مشتركًا استغلاليًا على الطاولة، وأوروبا هي الفريسة.
 

مقالات مشابهة

  • الجارديان: تجديد العدوان الإسرائيلي على غزة يدمر أي أمل للفلسطينيين في إقامة دولتهم
  • "الجارديان": ماذا يريد الأمريكيون بعد التخلي عن أوكرانيا؟.. اتفاق "ترامب-بوتين" يتشكل.. وأوروبا هى الهدف
  • شحن السيارات الكهربائية يماثل سرعة الوقود التقليدية| تفاصيل
  • نمو التجارة الإلكترونية في رمضان.. والأسواق التقليدية تحافظ على جاذبيتها
  • أسعار النفط تتراجع بعد اتفاق روسيا مع ترامب على تعليق الهجمات على منشآت الطاقة الأوكرانية
  • القوات المسلحة تنظم زيارة للملحقين العسكريين لمشيخة الأزهر ودار الإفتاء
  • تحليق مكثف للطائرات الحربية الإسرائيلية في أجواء قطاع غزة
  • متحف جاير أندرسون يحتفل بـ اليوم العالمى للكلى
  • النجارة التقليدية في الخليج.. دراسة توثيقية لنقوش الخشب والأبواب
  • ويتكوف: موسكو وواشنطن تبحثان إمكانية الوصول إلى موانئ البحر الأسود