السياسة والخلط بين أَحْكامِها وحُكّامِها.. أهل السنة لا يؤمنون بعصمة العالم
تاريخ النشر: 19th, September 2024 GMT
معرفة الفروق والأشباه والنظائر، أصلٌ منهجي، يقتضية المنطق السليم، وتُقره شريعتنا السمحة، فلا يصح الجمع بين المتفرقات ولا التفريق بين المتشابهات، بل يجب وضع القضايا في سياق وميزان واحد بحسب أجناسها وأنواعها.
ومن ذلك: أن هناك فرقاً بين مجالين مختلفين:
المجال الأول ـ الأحكام الفقهية الشرعية الفرعية المتعلقة بالسياسة وتدبير الشأن العام .
المجال الثاني ـ ممارسة السياسة والتعامل مع مقاليد الحكم وخوض غمار تدبير الشأن العام !
المجال الأول وهو استنباط الأحكام الفقهية السياسية من النصوص (كتاب وسنة)، أو التدليل على متعلقاتها العقدية أو الأخلاقية، هذا من شأن علماء الشريعة الربانيين، الذين جمعوا بين ثلاثة أمور: معرفة العلوم الشرعية، والتجرد والتوازن النفسي، ومعرفة الواقع ومتابعة أحداثه. ونسبة هذه الأحكام للشريعة [أي قولنا: حكم شرعي] هي نسبةُ ظنٍ غالب، لأن جُل أحكامها خالية من اليقين والقطع، كما أوضحت في أكثر من مناسبة .
أما ممارسة السياسة الشرعية فهي لا تقتصر على الفقهاء أو العلماء كما يظن بعض المقلدين، بل هذا الظن والخلط لوثة شيعية ثيوقراطية، تسللت لبعض المتشددين أو تسللوا بها، لدوافع وأسباب لا يصلح السياق لذكرها الآن.
ولا يخفى على كل عاقل، أن بعض الفقهاء إذا تكلم في السياسة (بمعني خوض غمار تدبير الشأن العام) وأسرف في توجيه النصوص والأحكام على الوقائع السياسية الحادثة؛ أتى بالعجائب والمتناقضات، لأنه تكلم في غير فنه، وقديماً قال ابن حجر: من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب!
لا حَجْرَ على أي فقيه من إبداء رأيه الشرعي، بل "يجب" عليه شرعا التصريح بما يراه حكما شرعيا نظريا، إن كان مُستنَدُه كتابَ الله وسنة رسوله الكريم، و"يجب" عليه أيضا توسيع صدرِه وإحسانُ ظنِه بمن يطالبه بالدليل أو يختلف معه في التأويل، لأن الفتوى السياسية "عامة" تتناول شأن كل مواطن، وتمس حاجاته، وتتعلق بالدماء والأموال والأعراض، فنحن أهل السنة لا نؤمن بعصمة العالم مهما علا كعبه، ولا بولاية الفقيه مهما ذاع صيته.شريعتنا جاءت بإقامة "الميزان" والوزن بالقسط، وميزان هذه المسألة هو تكامل العالم والسياسي، للوصول إلى ممارسة سياسية شرعية ترتبط بالأصل وتتصل بالعصر، أي: ترتبط بالنصوص والمقاصد الشرعية، وفي الوقت نفسه، تتصل بالواقع وتقدير المصلحة السياسية وتبدلاتها وموازناتها وإكراهاتها وارتباطاتها الجيوسياسية التي دون شك ليست من تخصصات الفقيه، بخاصة في هذا العصر الذي أصبح عصر التخصصات بل التخصصات الدقيقة في كل علم وفن..
فلا حَجْرَ على أي فقيه من إبداء رأيه الشرعي، بل "يجب" عليه شرعا التصريح بما يراه حكما شرعيا نظريا، إن كان مُستنَدُه كتابَ الله وسنة رسوله الكريم، و"يجب" عليه أيضا توسيع صدرِه وإحسانُ ظنِه بمن يطالبه بالدليل أو يختلف معه في التأويل، لأن الفتوى السياسية "عامة" تتناول شأن كل مواطن، وتمس حاجاته، وتتعلق بالدماء والأموال والأعراض، فنحن أهل السنة لا نؤمن بعصمة العالم مهما علا كعبه، ولا بولاية الفقيه مهما ذاع صيته.
أما في الممارسات السياسية فشأن الفقيه شأن كل مواطن، يقول رأيه ويشارك بحرية ولكن دون أن ينسب هذا الرأي لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم .
كتبت هذا التوضيح لأن بعض الطيبين قد يقع في حبائل بعض السفهاء الذين أقرأ لهم كذبا صراحا منذ سنين، ويبذلون جهدا خبيثا في الوقيعة بيني وبين بعض الشيوخ الذين أجلهم وأحبهم، ويحاولون تحريف كلامي عن مواضعه، وإلزامي بلوازم لم ألتزمها ولم أصرح بها يوما لا في سر ولا علن، ولمّا كان منهجي الذي أتمسك به؛ هو عدم الرد والتعليق، إلا على من تأدب معي بأدب الإسلام وتكلم بعلم وموضوعية ، فإني لا أملك لأي سفيه ـ وإن تدثر بثوب المشيخة ـ إلا الدعاء لي وله بكل خير، فالعمر لا يتسع للجدل ولو كنت أحسنه، والواجبات أكثر من الأوقات، "ولكل وجهة هو موليها".
*المشرف العام على أكاديمية الإمام مالك في اسطنبول
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير السياسة رأيه علاقات سياسة رأي دين أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
أسرار أختلاف” السنة”العراقيين بموضوع ” عيد الفطر “!
بقلم : د. سمير عبيد ..
أولا :من يعتقد ان الخلاف الذي حصل بين السنة العراقيين هذا العام بموضوع تحديد اليوم الاول لعيد الفطر المبارك ( اي إعلان العيد من عدمه) هو خلاف بسيط وسطحي وهو مجرد اجتهاد بين طرفين فهو واهم . فهناك سيناريوهات سياسية ومناطقية وصراعات دينية وراء هذا الخلاف والاختلاف .وهناك لاعبين خارجيين على الخط. أضافة إلى اللاعبين السياسيين في الداخل العراقي !
ثانيا : وعندما بحثنا بجد في هذه القضية التي نعتبرها قضية مهمة جدا لانها تحدث لاول مرة داخل المكون السني العراقي ، وتنذر بانقسامات خطيرة وعلى مايبدو لم يكترث لها الساسة السنة بل ” متونسين” عليها . فقمنا بمقاطعة المعلومات والتقارير التي توصلنا اليها ببعضها البعض، وذهبنا إلى الوراء لمعرفة الاتجاهات لبعض الشخصيات والتجمعات السياسية و الدينية السنية ومقارنتها مع الولاءات الخارجية خرجنا بنتيجة ان هناك مخطط
أ:-لتغيير جماعة المجمع الفقهي الحاليين والمتمثلين بالشيخ طه الحمدون السامرائي وولده الشيخ عبد الوهاب طه الحمدون السامرائي ) والمخطط ورائه صراع مناطقي وصراع ديني ” قيادي ” ان صح التعبير. وصراع الهيمنة على القرار السني فيما بعد، وأوله صراع الهيمنة على جامع( ابي حنيفة النعمان” كونه رمز سني تاريخي و ديني وسياسي اول في العاصمة بغداد وفي العراق .
ب:- والمخطط هو يراد جلوس الشيخ عبد الملك السعدي وحاشيته بمكان الشيخ إلسامرائي وابنه واعادة هؤلاء إلى مدينتهم سامراء وتحجيمهم وتحجيم سامراء ووراء هذا خط سياسي مناطقي منافس لسامراء نفسها !
ج:-والمخطط هو وصول الشيخ ( عبد الملك السعدي ) المعروف بتطرفه تجاه الشيعة سياسيا وعقائديا ليكون رئيس الحضرة الحنفية ومن ثم الغاء المجمع الفقهي وولادة خط ( سني جديد يقوده عبد الملك السعدي المقرب تاريخيا من التيار الوهابي في السعودية/ يعني تحقيق حلم السعدي الذي منعه منه صدام حسين مرارا وتكرارا بحيث ذهب صدام حسين لضرب خط السعدي الوهابي داخل العراق مرارا ) !
*د:-لدى الشيخ السعدي عقده السيد علي السيستاني وموقعه لدى الشيعة. فيحاول الوصول إلى اعلى الهرم من خلال الاستيلاء على (مسجد ومقام ابي حنيفة النعمان) وتدريجيا يرسخ ( مرجعيته السياسية والمذهبية على السنة )على غرار مرجعية السيستاني .ووجدنا خيطا خفيا اثناء البحث ان محمد الحلبوسي ليس ببعيد عن هذا المخطط ليستفيد منه سياسيا في المستقبل !
ثالثا:- وبما ان الاطار التنسيقي ( الشيعي ) كعادته مبدع بالتكتيك غير الحميد والعبور الوقتي من المحن ومن ثم يغرق ويُغرق الشيعة معه ، وفاشل استراتيجيا (وهذه حالة باتت لصيقة للساسة الشيعة وللأسف الشديد) .فلديهم خطة على اساس هم عباقرة بهدف ضرب مشروع التغيير القادم للعراق ” وطبعا هنا يخوطون ابصف الاستكان كعادتهم” والخطة الإطارية هي ضرب ( الخط العقائدي السني) المتمثل بمهدي الصميدعي، ورافع الرفاعي ونهرو الكسنزاني ( لانهم سمعو اي الاطار ان الرئيس القادم للعراق هو صوفي التوجه ) فلعبوا من تحت الطاولة لتأجيج هذا الخلاف بين الأطراف الفقهية والعقائدية السنية . ولكنها خطة غير مضمونة النتائج .( ويبدو ان الخلاف القطري السعودي العقائدي قد دخل نحو العراق لغربلة القيادات الفقهية والعقائدية السنية باسقاط سياسي سني ) فحذاري !
رابعاً: ديموغرافية الاعظمية لاعبا مهماً:-
من خلال البحث والتدقيق وجدنا ان اخطر عشيرة سنيّة في الاعظمية ولها الغلبة والهيمنة البشرية والعددية هي عشيرة ( ال عبيد) ومن خلال التمحيص والتدقيق وجدنا ان :-
١- ان عشيرة العبيد مُقسمبن الولاء السياسي مابين ( المالكي، والعامري، والصدر، والحلبوسي ،والخنجر ،ومثنى السامرائي) وان اغلبهم قادة ورجال تنظيمات ( الصحوات السابقه) ..وهناك ايضا جماعة المجمع الفقهي الذي يضم الأخونجية وجيش المجاهدين
٢-وهناك معلومة ( وقد تكاد قنبلة تخرس اطراف كثيرة ) وجدناها في البحث والتقصي
بأن ما نسبتهُ ٦٠٪ من سكان الاعظمية هم من ( الشيعة المهجرين) من خلال( تبادل ومراوس ومقايضة الدور السكنيه فيما بينهم) ابان حوادث القتل والأقتتال الطائفي وبقيت هكذا !
٣- وهناك قنبلة اخرى أنا نفسي تفاجئت وصُدمت بها وهي ان الاعظمية منطقة حيوية للترويج وتعاطي المواد المخدرة ( المخدرات ) ووجود شقق مشبوهة ايضا . والمخدرات الرائجة فيها هي ( الحشيشة ، الماريجوانا،الكريستال)ومن خلال تقارير امنية خاصة جدا حصلنا على تلك المعلومات وعرفنا ان من ( ١ كيلو ) إلى ( ٢ كيلو ) غرام يوميا تجلب إلى المدمنين في الاعظمية من مناطق عدة داخل بغداد مثل ( شرق القناة، والزعفرانية ، وضواحي مدينة الصدر )
ونترك هذه المعلومات امام صاحب القرار الحكومي والامني لكي يستفيد منها لا سيما وان الوضع خطير جدا وفي منطقة تكاد تكون برميل قابل للانفجار !
سمير عبيد
٣٠ اذار ٢٠٢٥