أرمينيا والانتخابات الأمريكية.. التأثيرات المحتملة على العلاقات الأمنية والسياسية
تاريخ النشر: 19th, September 2024 GMT
مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تتصاعد التساؤلات حول كيفية تأثير نتائج هذه الانتخابات على العلاقات بين أرمينيا والولايات المتحدة. فالتغيرات المحتملة في السياسات الأمريكية قد تؤثر بشكل كبير على استراتيجيات الأمن والتعاون الدولي لأرمينيا، في ظل تزايد التوترات مع روسيا وتطلع أرمينيا لتعزيز علاقاتها مع الغرب.
ويقول الباحثان الدكتور نرسيس كوباليان، والدكتورة آنا أوهانيان، في تقرير تشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأمريكية، إنه مع دخول الحملة الانتخابية الأمريكية مرحلتها الحاسمة النهائية، بعد تحديد المرشحين، سيتم التركيز بشكل كبير على كيفية تأثير النتائج على الحربين في غزة وأوكرانيا. ولكن من المهم الإشارة إلى أن جنوب القوقاز المتقلب قد يتأثر أيضاً بالعودة إلى نهج تعاملات سياسية يحبذ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ويعود السبب إلى أن المنطقة تشهد تحولاً جيوسياسياً يحدث تحت الرادار، مع ابتعاد أرمينيا الاستراتيجي عن روسيا باتجاه الغرب. وتزامن هذا مع تعميق أذربيجان، الجارة العدائية لأرمينيا، لعلاقاتها مع روسيا، حيث زار بوتين باكو في 18 أغسطس (آب) الماضي، لعقد اجتماعات مع الرئيس إلهام علييف.
"#Armenia can offer the United States a foothold in #Russia’s backyard."@AnnaOhanyan03 and @hyepatriarch in @TheNatlInterest https://t.co/EOJJF26Xko
— National Interest (@TheNatlInterest) September 17, 2024ويقول الباحثان إن "موجة القمع والاعتقالات التي شملت ناشطي السلام والعلماء، وبعض العناصر الفعالة في المجتمع المدني التي تشنها أذربيجان، تجعل الميل الاستراتيجي لأرمينيا بعيداً عن روسيا، أمراً ذا أهمية استراتيجية لسياسات الولايات المتحدة في جنوب القوقاز وآسيا الوسطى".
وإذا فاز دونالد ترامب في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، فإن افتراضاً أساسياً لأرمينيا، وهو أن الولايات المتحدة ستكافئ هذا التحول وترحب بحليف ناشئ ديمقراطياً على أساس القيم المشتركة، سيتغير بشكل جذري. وقد تكون النتيجة أذربيجان أكثر عدوانية وميلاً نحو إعادة النظر في الوضع الراهن ومن ثم حرب جديدة. أما إذا فازت كامالا هاريس، فسيكون هناك استمرارية أكبر وربما تعميق للعلاقات مع أرمينيا، حتى لو لم تتخل الولايات المتحدة عن أذربيجان.
ولذلك، من المفيد فحص الأحداث التي أدت إلى هذه النقطة. فثورة أرمينيا المخملية في عام 2018، على عكس الثورات الديمقراطية "الملونة" الأخرى، لم تتضمن تحولاً جيوسياسياً نحو الغرب. ولم تكن "الثورة المخملية" في أرمينيا ثورة "ملونة". ولم يظهر الاتجاه الجيوسياسي في السياسة الداخلية لأرمينيا حتى عام 2021، حيث لعب الكرملين دوراً رئيسياً في تحفيز سعي أرمينيا نحو سياسات أمنية متنوعة.
وبالتالي، فإن النظام الأمني في أرمينيا ينفصل الآن عن روسيا. وقد بدأ يتجه نحو الولايات المتحدة، وهو التغيير الذي انعكس بوضوح في ترقية الولايات المتحدة لعلاقاتها مع أرمينيا إلى شراكة استراتيجية في 11 يونيو (حزيران) الماضي. ويهدف هذا التحرك إلى تعزيز مرونة أرمينيا في مجالات تتراوح من النمو الاقتصادي والطاقة، إلى الأمن العسكري وإصلاحات إنفاذ القانون.
وتبع هذا اجتماع 5 أبريل (نيسان) الماضي المشترك بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأرمينيا، حيث تعهدت واشنطن وبروكسل بدعم مماثل لمشاركة أرمينيا في قمة الذكرى الـ 75 لحلف الناتو، وتدريبات الشراكة المشتركة مع الجيش الأمريكي.
وفي يوليو (تموز) الماضي، وافقت لجنة الاعتمادات في مجلس الشيوخ على منح أرمينيا 65 مليون دولار لدعم "جهود الإصلاح ودمجها في الفضاء الأورو-أطلسي". وامتد ذلك إلى العناصر الرئيسية للشراكة الأورو-أطلسية، حيث قدم المجلس الأوروبي، ولأول مرة، مساعدات عسكرية لأرمينيا من خلال آلية السلام الأوروبية، بينما كان هناك بالفعل وجود مراقب أوروبي على حدود أرمينيا مع أذربيجان.
ويقول الباحثان إن "هذه التطورات غير المسبوقة تشكل انحرافاً جذرياً عن قرون من الاعتماد الأرمني على روسيا، القوة الاستعمارية السابقة. وفي الوقت الراهن، على الأقل، يمثل ذلك تنويعاً في العلاقات الخارجية وتوجهاً في القضايا الأمنية، أكثر من كونه انفصالاً كاملاً عن روسيا، حيث تواصل أرمينيا الارتباط الاقتصادي والاعتماد النسبي على الطاقة من روسيا".
وهذه الوضعية، التي ليست غريبة، تعرف بـ "التحالفات المحدودة"، مع "تشعب القضايا" في مجالات مثل الأمن والاقتصاد والطاقة والتكنولوجيا، مما يؤدي إلى تحالفات أكثر تعقيداً واستهدافاً بدلاً من الاعتماد الكامل على تكتل واحد.
ومع ذلك، فإنه من خلال تقليل اعتمادها غير المتكافئ على روسيا، تظهر أرمينيا كدولة صغيرة في النظام العالمي، بما في ذلك المخاطر والمكافآت التي يتضمنها ذلك. ومن خلال تنفيذ تحول استراتيجي بعيداً عن رعاية روسيا الأمنية والسياسية، تأمل أرمينيا في الصمود أمام الجغرافيا السياسية الإمبريالية الجديدة التي تمارسها موسكو في أطرافها، ما بعد العهد السوفيتي منذ انهيار الاتحاد السوفيتي.
وإلى حد كبير، كان التحول الأمني نحو الغرب مدفوعاً بتعميق التنسيق الروسي مع أذربيجان. وبعد الهجوم الجزئي الناجح لأذربيجان في عام 2020، ضد الكيان المتنازع عليه والمدعوم من أرمينيا في ناغورنو كاراباخ، أدت الوساطة الروسية لوقف إطلاق النار إلى إنهاء حرب دامت 44 يوماً وأسفرت عن نشر قوات حفظ السلام الروسية في المنطقة. وعلى الرغم من أن ترتيبات أرمينيا الأمنية مع روسيا لم تمتد إلى النزاعات خارج الأراضي المعترف بها دولياً لأرمينيا، فقد فشلت روسيا في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه أو تقديم حتى الأمان الأساسي في الوضع الهش ما بعد الحرب.
ويرى الباحثان أن تنصل موسكو من التزاماتها الأمنية تجاه أرمينيا، يأتي بالتنسيق مع أذربيجان، في إطار محاولة لزعزعة الأعراف الدولية المتعلقة بالنزاهة الإقليمية، وعدم الاعتداء وعدم انتهاك الحدود الدولية. ويقولان إنه من الواضح، أن "هذا يتماشى مع انتهاك موسكو لهذه الأعراف في اعتداءاتها على أوكرانيا".
ولمواجهة هذه المعضلة، جمدت أرمينيا عضويتها في منظمة معاهدة الأمن الجماعي، بينما سعت إلى تعميق علاقاتها الأمنية مع القوى الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة. ويرى الباحثان أن تعميق مشاركة الولايات المتحدة مع أرمينيا يقلل من النفوذ الروسي على أوراسيا، من خلال إضعاف استعراض القوة الروسية متعددة المناطق من أوروبا الشرقية والقوقاز إلى آسيا الوسطى.
وأوضح الباحثان أن تعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة وأرمينيا وتحقيق الاستقرار الحدودي مع أذربيجان، يعزز هدف الولايات المتحدة المتمثل في العبور الغربي والربط مع آسيا الوسطى، وهو أمر حاسم للحفاظ على النفوذ في الاقتصاد العالمي ومواجهة وجود الصين في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، فإن دعم أرمينيا، وهي ديمقراطية أقوى من جورجيا، يساعد الولايات المتحدة على تعزيز الديمقراطية في جنوب القوقاز، مما يفيد كلاً من الاتحاد الأوروبي والتكامل الأوروبي الأطلسي.
واختتم الباحثان تقريرهما، بأنه من الأهمية بمكان أن الدعم المستمر لاستقرار الحدود يقلل من خطر العدوان، مما يهيئ الظروف للتوسع الديمقراطي في المنطقة وإمكانية تحرير أذربيجان سياسياً في نهاية المطاف.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الانتخابية الأمريكية أوكرانيا الرئيس الروسي أرمينيا روسيا أرمينيا الانتخابات الرئاسية الأمريكية أوكرانيا الولایات المتحدة مع أذربیجان أرمینیا فی عن روسیا من خلال
إقرأ أيضاً:
العلاقات الأمريكية الإسرائيلية تواجه مستقبلا هشا في ظل التخلي عن أوكرانيا
لم تكن مقولة هنري كيسنجر الشهيرة: "قد يكون من الخطر أن تكون عدوا لأمريكا، لكن أن تكون صديقا لها قد يكون قاتلا" أكثر دقة مما هي عليه اليوم، مع استمرار الولايات المتحدة في إعادة رسم دورها كقوة عالمية، وأصبحت تحالفاتها، التي كانت تُعدّ في الماضي ثابتة لا تتغير، أكثر هشاشة من أي وقت مضى، ويبدو هذا واضحا في المسارات المتباينة لحليفين رئيسيين: إسرائيل وأوكرانيا.
والفارق بينهما، أن إسرائيل تمتعت على مدار عقود، بدعم ثابت من الحزبين في واشنطن، مستفيدة ومعززة بنفوذ قوي لجماعات الضغط، أما أوكرانيا، فقد اعتمدت على تحالفات جيوسياسية عابرة للحصول على الدعم.
لكن مع تغيّر السياسة الأمريكية، بدأ الموقع المميز الذي تمتعت به إسرائيل يتقلص، فهناك مواجهة متزايدة بين الأجيال، وإحباط أخلاقي بين الشباب الأمريكي، إلى جانب شبح التخلي عنها كما حدث مع أوكرانيا، وكل ذلك يهدد بتفكيك هذا التحالف التاريخي (بين إسرائيل والولايات المتحدة).
ورغم أن إسرائيل تمتعت بنفوذ غير مسبوق في واشنطن، بفضل لجنة الشؤون العامة الأمريكية-الإسرائيلية (AIPAC) وجماعات الضغط الصهيونية ذات التأثير العميق، وقد ضمنت هذه القوى مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية السنوية، فضلا عن الحماية الدبلوماسية في الأمم المتحدة، حيث تم تقديم دعم إسرائيل باعتباره واجبا أخلاقيا وضرورة استراتيجية، إلا أن هذا النفوذ لم يكن قائما فقط على قوة هذه الجماعات، بل أيضا على العلاقة التكافلية بين الأقلية اليهودية خاصة الشباب اليهود الأمريكي، الذين رأوا في إسرائيل ملاذا ثقافيا، تأثرا بصدمة "المحرقة" وسياق الحرب الباردة في شرق أوسط مضطرب، وهو ما لم تمتلكه أوكرانيا، وجعل التغيرات في السياسة الأمريكية أكثر تأثيرا عليها.
تتداعى بشدة هذه القاعدة الداعمة الأولى لإسرائيل داخل الولايات المتحدة، وتتراجع شعبيتها، خاصة بين الشباب التقدميين الأمريكيين، الذين يرون فيها دولة فصل عنصري أكثر من كونها ديمقراطية حليفة
بدأت تتداعى بشدة هذه القاعدة الداعمة الأولى لإسرائيل داخل الولايات المتحدة، وتتراجع شعبيتها، خاصة بين الشباب التقدميين الأمريكيين، الذين يرون فيها دولة فصل عنصري أكثر من كونها ديمقراطية حليفة.
جيل جديد.. وقناعة مختلفة
لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورا رئيسيا في تغيير الرأي العام وتراجع شعبية إسرائيل، حيث لم يعد الشباب الأمريكي يعتمد على الروايات التقليدية التي قدمتها وسائل الإعلام الكبرى.
فبينما رأى الجيل الأكبر سنا المتأثر بوسائل الإعلام التقليدية وغيرها من وسائل التأثير، إسرائيل كحليف ديمقراطي، يرى الجيل الجديد مشاهد الدمار في غزة: (مستشفيات مقصوفة، عائلات مفجوعة، وأطفال يُنتشلون من تحت الأنقاض)، دولة فصل عنصري.
واليهود الأمريكيون، الذين كانوا في السابق من أشد المدافعين عن إسرائيل، باتوا اليوم في وضع مختلفة، وبعضهم تصدر مقدمة من يوجهون لها الانتقادات.
فظهرت منظمات مثل الصوت اليهودي من أجل السلام، التي تقود احتجاجات ضد الاحتلال الإسرائيلي، وتدعو إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية والمطالبة بسحب الاستثمارات منها، ورغم أن هذه الحركات لا تزال تنمو، فإن تأثيرها يتزايد مع مرور الوقت.
وكشف استطلاع أجراه مركز "بيو" عام 2023 أن 52 في المئة من اليهود الأمريكيين تحت سن الأربعين يرون أن إسرائيل تمارس الفصل العنصري، مما يعد تحول في مجتمع تربى على فكرة أن إسرائيل هي "الملاذ الآمن" لليهود.
قيادة نتنياهو.. تعميق الشرخ
وفي الوقت نفسه، تبدو القيادة الإسرائيلية منفصلة عن هذا الواقع الجديد، فحكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة، إلى جانب إصلاحاته القضائية التي تقوض الديمقراطية، ورفضه انتقادات اليهود الأمريكيين -قائلا إنهم "لا يفهمون احتياجاتنا الأمنية"- أدت إلى نفور الحلفاء الليبراليين داخل الولايات المتحدة.
كما أن قانون الدولة القومية، الذي يكرّس التفوق اليهودي، والتوسع الاستيطاني المستمر، ساهما في توسيع الهوة بين إسرائيل والشباب الأمريكي وخاصة اليهودي، حيث لم يعد الخلاف مجرد نقاش سياسي، بل تحول إلى صراع هوياتي.
وقد تفجر هذا الصدام خلال حرب غزة عام 2021، ففي حين صورت وسائل الإعلام الإسرائيلية القصف على غزة كدفاع عن النفس، ملأ الأمريكيون وسائل التواصل الاجتماعي بصور الضحايا الفلسطينيين، والأمر نفسه تكرر خلال حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.
وأصبح رد الفعل العكسي لاذعا، فقد اتهم المسؤولون الإسرائيليون اليهود الأمريكيين بــ"عدم الولاء"، في حين وصفت شخصيات مثل ستيف بانون -المستشار السابق لدونالد ترامب- اليهود التقدميين بأنهم "أسوأ أعداء إسرائيل".
ومع تزايد الانتقادات الدولية، لم تعد إسرائيل تُوصف فقط بأنها "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، بل أصبحت تواجه اتهامات مباشرة بممارسة الفصل العنصري والإبادة الجماعية، ليس فقط من قبل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، بل حتى من منظمة بتسيلم الإسرائيلية نفسها.
كما تحقق المحكمة الجنائية الدولية (ICC) في جرائم حرب محتملة في غزة، بينما تكتسب حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) زخما في الجامعات الأمريكية والعالمية.
أما بالنسبة للشباب الأمريكي، فقد بدأ في إعادة تقييم علاقة بلاده بإسرائيل، حيث أظهر استطلاع عام 2022 أن 25 في المائة من اليهود الأمريكيين تحت سن 35 يعارضون فكرة إسرائيل كدولة يهودية حصرية، وهو موقف كان يُعد مستحيلا قبل سنوات قليلة.
درس أوكرانيا: التحالفات ليست أبدية
لكن التحذير الأكثر خطورة يأتي من التجربة الأوكرانية، فقد تلقت كييف في البداية دعما عسكريا أمريكيا هائلا، لكن مع تراجع الاهتمام الأمريكي، وجدت نفسها تتوسل للحصول على أنظمة دفاع جوي من أوروبا، بعدما فقدت دعم الحزب الجمهوري في الكونغرس.
وبينما كان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نجما ويُحتفى به في الكونغرس، أصبح الآن مثالا على هشاشة التحالفات القائمة على المصالح العابرة، التي تتبخر عندما تتغير الأولويات، وإسرائيل ليست بمنأى عن هذا المصير.
ورغم أن ترامب منح نتنياهو مكاسب كبيرة مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، إلا أن دعمه لإسرائيل كان دائما مشروطا بالمصلحة، وقد يجد نتنياهو نفسه في مواجهة واقع جديد، لا تعد فيه إسرائيل أولوية أمريكية، خاصة مع سياسة "أمريكا أولا" وحركة "اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى (MAGA)".
التشابه مع أوكرانيا أكثر وضوحا، فكما جفّت المساعدات عن كييف مع تغيّر الأولويات الأمريكية، قد تجد إسرائيل نفسها خارج الحسابات إذا تزايد ضغط الشباب الأمريكي على صناع القرار، ومن ثم الدعم الرسمي من واشنطن
مفترق طرق خطير
اليوم، تجد الدولة المحتلة نفسها أمام مفترق طرق مصيري، لا تزال تمتلك آلة ضغط سياسية قوية، لكنها تفقد رأسمالها الأخلاقي بسرعة، فاليهود الأمريكيون، الذين كانوا يوما ما أقوى داعميها وحلفاء راسخين، لم يعودوا مستعدين لتقديم الولاء غير المشروط، ويتخلون بشكل متزايد عن التضامن العرقي.
كما أن تصاعد النزعة القومية داخل الولايات المتحدة زاد من الضغط على إسرائيل، حيث بات الشباب اليهودي الأمريكي يركز على قضايا العدالة الاجتماعية، وتغير المناخ، وعدم المساواة، بدلا من الدفاع عن سياسات إسرائيل العدوانية.
هل تصبح إسرائيل حليفا منسيا؟
التشابه مع أوكرانيا أكثر وضوحا، فكما جفّت المساعدات عن كييف مع تغيّر الأولويات الأمريكية، قد تجد إسرائيل نفسها خارج الحسابات إذا تزايد ضغط الشباب الأمريكي على صناع القرار، ومن ثم الدعم الرسمي من واشنطن.
وبالنظر إلى المسار الحالي لإسرائيل، ليس من المستبعد أن تنضم إسرائيل إلى قائمة الحلفاء الذين تخلّت عنهم أمريكا، تماما كما حذّر كيسنجر قبل عقود، وكما تجسد اليوم مأساة أوكرانيا اليوم.
(ترجمة من الإنجليزية عن ميدل إيست مونيتور)