الخُطوات القَادمة في طريق إيقاف الحرب في السُودان والموقف الأمريكي
تاريخ النشر: 19th, September 2024 GMT
الخُطوات القَادمة في طريق إيقاف الحرب في السُودان والموقف الأمريكي
نضال عبدالوهاب
طالعنا بيان صادر من الحكومة والإدارة الأمريكية الحالية ومن الرئيس جو بايدن أمس الأول بشأن السُودان ، مُلخص البيان هو مُحاولة الدفع بالجهود وحث الطرفين علي وقف العدائيات والعودة للمفاوضات ووقف إطلاق النار ، وإيقاف مُعاناة الشعب السُوداني جراء هذه الحرب ، وتأمين مسارات الإغاثة ، وعدم التصعيّد سواء بالقصف بالطيّران أو القصف المدفعي ، وفك الحصار علي مدينة الفاشر من قِبل قوات مليشيا الدعم السريع ، والتي يوجد بها مئيات الآلاف من النازحين من مواطني دارفور والفارين من الحرب ، والعمل علي الإلتزام بتقديم المُساعدات لهم وفتح مساراتها وإستمرار ذلك والإلتزام به ، وكذلك جاء بالبيان تذكير للطرفين بجرائم الحرب التي إرتكبوها ، إضافة للجرائم ضد الإنسانية والتطهير العِرقي من الأفراد داخل قوات مليشيا الدعم السريع ، والعقوبات السابقة التي تم توقيعها من وزارة الخزانة الأمريكية علي أفراد وكيانات من طرفي الحرب ، وأن أمريكا علي إستعداد لتوقيع عقوبات أخري مُحتملة وفقاً للتقارير عن ما تم من فظائع مؤخراً وفي حالة عدم الإلتزام بالتوقف عنها أو مُواصلة التعنت لأحد طرفيها ، مع التذكير بالجهود الأمريكية في محاولة إيقاف الحرب وآخرها تجميع شُركاء دوليين وإقليمين في سويسرا للدفع بجهود الوساطة وتقديم الإغاثة والمُساعدات وتأمينها ، مع التذكير بماتم تقديمه من مُساعدات مادية مُباشرة ودعم للسُودان كاكبر الداعميّن الدوليين في العامين الأخيرين ، وأختتم الرئيس جو بايدن بيانه بالموقف الداعم للشعب السُوداني وإلتزامه بذلك لتحقيق السلام والحرية والعدالة ( أهداف وشعارات الثورة ) ، تطابق بيان جو بايدن مع ما ذكره وصرّح به وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في القاهرة بتاريخ ١٨ سبتمبر الحالي ، اي اليوم التالي لبيان الرئيس بايدن ، وزاد عليه بأنهم يسعون لجمع الشُركاء علي هامش إجتماعات الجمعية العامة للأمم المُتحدة التي سيتم عقدها الأسبوع القادم بنيويورك بالولايات المُتحدة لحث الطرفين علي فتح مسارات الإغاثة وتأمينها والإتفاق علي وقف إطلاق النار وفقاً لما تم سابقاً بمدينة جدة.
وتلي بيان الرئيس الأمريكي جو بايدن بيان آخر بتاريخ ١٨ سبتمبر ٢٠٢٤ من البرهان ، خاطب فيه الرئيس الأمريكي ورداً عليه ، وتم عنونة هذا البيان بأنه من ( فخامة الفريق ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الإنتقالي إلي فخامة الرئيس جو بايدن رئيس الولايات المُتحدة ) ونيابةً عن حكومة السُودان؟؟ ، وهو بهذا أراد أعطاء نفسه الشرعية (شرعية الأمر الواقع ) ، وكانت لغة بيان البرهان “مُهادنة” ودبلوماسية ، حاول فيها تفادي أي خشونة علي عكس ما كان يفعل سابقاً في العديد من تصرّيحاته ، بل ولم يقم في هذا البيان باي محاولة للدفاع عن إتهام بايدن للجيش وأفراد منه بإرتكاب جرائم حرب ، بل ركز في البيان علي تجريم الطرف الآخر من الحرب وهو مليشيا الدعم السريع ، إضافة لذكره أن علي الولايات المُتحدة مُعاقبة الدول التي ظلت تدعم مليشيا الدعم السريع بالسلاح دون أن يُسميها ، وكذلك جاء ببيان البرهان أنهم أيضاً يريدون إنهاء الحرب والعُنف ولكن بطريق “جذري” لأسبابها لضمان إستدامة السلام ، وأنهم ليسوا ضد الجهود الدولية والبلوماسية ومايقوم به الشُركاء الدوليين ومُستعدون للتعاون معها ، وختم بأنهم سيُناقشون كُل ذلك بمستوي رفيع خلال زيارة البرهان لنيويورك في الأسبوع القادم في إجتماعات الجمعية العامة للأمم المُتحدة.
يبدو من الخطابين لجو بايدن ورد البرهان”الناعم” عليه ، إضافة لتصريحات بيلنكن بالقاهرة مقرونة بتصريحات وزير الخارجية المصري بعد لقائه ببلينكن ، وزيارة البرهان الأخيرة لجوبا وإلتقائه بسلفاكير وتعهده بالسماح لنقل الإغاثة لجنوب كردفان عن طريق جوبا ، أن هنالك خُطوات جادة ومرسومة يتم الترتيب لها فيما يخص وقف الحرب بالسُودان.
ولعل مايؤكد ذلك هو تسريع المساعِي والجهود الأمريكية لمحاولة النجاح لوقف إطلاق النار في السُودان ووقف الحرب به وطي هذا الملف ، مُتزامناً مع مايتم لذات المُحاولات الحثيثة لوقف لإطلاق النار بين الفلسطيينين والإسرائليين ، لدعاوي إنتخابية بحتة وكسب مزيد من المؤيدين للديمُقراطين ، والإنتخابات علي الأبواب وتبقي لها شهر ونصف فقط ، ولعل الموقف الأمريكي الأخير في عدم التصعيد فيما يختص بتوصية البعثة الأممية لإرسال قوات وحظر للسلاح في جميع اجزاء السُودان وليس دارفور فقط كما ظل ثابتاً ، يُنبئ بأن أمريكا تحاول أن تكسب لصالحها دون الدخول في أي إلتزامات عسكرية قبل ضمان فوزهم مُجدداً في الإنتخابات القادمة ، وفي ذات الوقت لم تُغلق أمريكا ملف دارفور لشدة الصرّاع حوله مع بقية حُلفائها ، وكذلك تقوم بالتهدئة طمعاً في إستمرار تحالفها ومصالحها الإستراتيجية مع مصر التي ترفض أي إتجاه لتقسيّم السُودان أو المساس بجيشه الوطني ومساواته بمليشيا الدعم السريع الطرف الآخر في الحرب ، خوفاً علي أمنها القومي ومصالحها في مياه النيل ، ولإحتياح الولايات المُتحدة والإدارة الحالية تحديداً للجهود المصرية والدور المحوري الذي تلعبه في الملف الفلسطيني حالياً لإيقاف الحرب وفك إحتجاز الرهائن والأسري وتهدئية الداخل الإسرائيلي ، وهذا أيضاً إن نجح فبلا شك يُساهم في زيادة شعبية الديمُقراطيين لكسب الإنتخابات الأمريكية ، وهو هدف إستراتيجي ومصلحة مُقدمة وأولوية عند إدارة الرئيس جو بايدن ، وهذا ما كنت قد أشرت له شخصياً “باكراً” في بدايات الحرب بضرورة إعطاء مصر دور هام في الوساطة لوقف الحرب إنطلاقاً من مسألة تضاد المصالح وإستفادة السُودان من هذا التضاد والتضارب لمصلحته في وقف الحرب ودور مصر الإقليمي وإعتماد أمريكا عليها فيه وفي عدد من الملفات الهامة بمنطقتي الشرق الأوسط والقرن الأفريقي.
و أن نزع أي توتر في هذه المنطقة الحساسة وبالطبع السُودان بموقعه جزء منها في حال أي صراع أو تصعيّد مُحتمل سيضر مؤكد بكل الإقليم والمنطقة ، ويجرها إلي حرب دولية واسعة النطاق ، وهذا ما يعمل الأمريكان لتفاديه حالياً.
نجد أن كُل هذا في صالح وقف الحرب بالسُودان وخطواتها ، ولكن ما لم يكن هنالك إرادة سياسية داخلية ووطنية فإن الحرب لن تتوقف ، أو سيتم فرض واقع سياسِي لايُريده السُودانيون وضد مصالحهم الوطنية ، لكي تتم من خلاله إستدامة مصالح خارجية في بلادنا؟؟.
وعليه فعلي كُل القوي السياسِية الوطنية الرافضة للحرب سُرعة إتخاذ قرار الوحدة والتنسيق فيما بينها وتعلية المصالح العُليا ليكون لنا صوتاً موحداً يتم ضمان وقف الحرب أولاً به ، ووقف إبادة الشعب السُوداني وتشريده ومُعاناته ، ثم عودته لمناطقه وإستقراره ، ومن ثم الإنتقال للمسار الديمُقراطي معاً وإستعادته وفق عملية سياسِية سُودانية شاملة وتأسيسية لاتُعيد أخطاء الماضي وتخلق السلام العادل الدائم وتُنهي الحروب وتُحافظ علي وحدة البلاد وسيادتها.
فغياب المدنيين عن المشهد أو الإكتفاء بجزء منهم ، لن يخدم غير مسألة السُلطة والصرّاع حولها ، ولن تكون فيه الحلول للبلد وضمان إيقاف الحرب بها والإستقرار؟؟ ، الإحتياج لوحدة جميّع القوي الرافضة للحرب والمؤمنة بالإنتقال الديمُقراطي ونبذ العُنف وأهداف الثورة والسُلطة المدنية وتوحيد الجيوش وتحقيق العدالة والتدوال السِلمي للسُلطة والحوار الشامل لتحقيق هذه الأهداف هو المطلوب الإلتفاف حوله ، دونما أي أجندة تُعيدنا لمربعات الحرب والصرّاع والتشاكس والتناحر والتي لم توصل بلادنا إلا لهذا المصير المأساوي والكارثي الحالي.
أخيراً علينا الإستفادة من كُل الأخطاء السابقة في إدارتنا لخلافاتنا السياسِية ، وتعلية الإرادة السياسِية الوطنية لأعلي سقفها وتحمّل مسؤلية ذلك تاريخياً ، والنظر لهذا الشعب الذي يستحق الأفضل علي الدوام.
الوسومالجيش الدعم السريع سلام السودان
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجيش الدعم السريع سلام السودان
إقرأ أيضاً:
MEE: الإمارات تستخدم مطارا في بونت لاند لدعم الدعم السريع بالسودان
نشر موقع "ميدل إيست آي" في لندن تقرير، قال فيه إن الإمارات العربية المتحدة نشرت رادارا إسرائيلي الصنع في الصومال ضمن اتفاق سري عقده رئيس جمهورية "بونت لاند" التي تتمتع بحكم ذاتي، سعيد عبد الله ديني لإدارة مطار بوساسا وبدون موافقة برلمانية.
وقال الموقع، إن الرادار العسكري في "بونت لاند" جاء لحماية مطار بوساسا من هجمات حوثية محتملة قادمة اليمن.
وأظهرت الصور التي التقطتها الأقمار الإصطناعية تركيب رادار من نوع "إي أل أم -2084 3" دي متعدد المهام الممسوح إلكترونيا في المطار.
وتكشف البيانات المتوفرة في المصادر المفتوحة أن الإمارات تستخدم وبشكل متزايد مطار بوساسا لتزويد قوات الدعم السريع في السودان بالإمدادات العسكرية.
وفي بداية هذا العام، تقدم السودان بدعوى قضائية ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية بتهمة دعم الإبادة الجماعية بسبب علاقاتها مع قوات الدعم السريع شبه العسكرية.
وقال مصدر في المنطقة: "ركبت الإمارات الرادار بعد خسارة الدعم السريع معظم العاصمة الخرطوم"، مضيفا أن "هدف الرادار هو اكتشاف التهديدات النابعة من الطائرات بدون طيار أو الصواريخ، وتقديم إنذار مبكر ضدها، وخاصة تلك التي قد يطلقها الحوثيون، والتي تستهدف بوساسو من الخارج".
وتم نشر الرادار في المطار أواخر العام الماضي حيث لم يتمكن موقع "ميدل إيست آي" من التحقق من هذا الادعاء بشكل مستقل. وأفاد المصدر الثاني بأن الإمارات تستخدم مطار بوساسو يوميا لدعم قوات الدعم السريع، حيث تصل طائرات شحن كبيرة بانتظام لتحميل الأسلحة والذخيرة - وأحيانا تصل إلى خمس شحنات كبيرة في المرة الواحدة. وطلب موقع "ميدل إيست آي" من وزارة الخارجية الإماراتية التعليق.
وعند التواصل معه بشأن هذه الادعاءات، رفض عبد الفتاح عبد النور، وزير الدولة لشؤون رئاسة بونتلاند، التعليق على المسألة، وبدلا من ذلك نشر صور ساخرة تسخر من الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وزعم مصدران صوماليان منفصلان أن رئيس بونتلاند، ديني، لم يطلب موافقة الحكومة الفدرالية الصومالية أو برلمان بونتلاند على هذا الترتيب.
وتعتبر بونتلاند كيانا مستقلا بحكم الواقع وتتمتع بحكم ذاتي تابعة للصومال.
وقال مصدر صومالي مطلع على الأمر: "هذه صفقة سرية وحتى أعلى مستويات حكومة بونتلاند، بما في ذلك مجلس الوزراء، لا علم لها بها".
وأضاف أن: "صمت الحكومة الوطنية الصومالية حيال هذه القضية غير مفهوم".
وأشار المصدر إلى تقارير عن جلب جنود كولومبيين إلى مطار بوساسا ومن أجل إعادة نشرهم في السودان، مع أنه ليس من الواضح من أصدر لهم التأشيرات، حيث لم تلعب مقديشو أي دور في الترتيبات. وأقامت الإمارات علاقات قوية مع الحكومة الصومالية، حيث وفرت لها الدعم ودربت جنودها على مواجهة الجماعات المتمردة مثل حركة الشباب. وكانت الإمارات ناشطة في بونتلاند والتي تعتبر قريبة من الناحية الجغرافية لليمن والإمارات.
ودربت الإمارات قوات في بونتلاد لمواجهة القرصنة. وينظر إلى ديني على أنه موال للإمارات بسبب الدعم المالي الذي تقدمه له ويعزز طموحاته السياسية. وقال المصدر: "هناك انتخابات رئاسية في عام 2026، وهو بحاجة لكل الدعم للحصول على الأصوات الوطنية".
وأشار سالم سعيد سالم، الخبير الإقليمي والمدير التنفيذي لمعهد سيدرا في بونتلاند، إلى أنه على الرغم من التقارير المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي وصور الأقمار الصناعية، لم يعلق ديني ولا إدارته على وجود الرادار.
وأضاف: "هذا الصمت يشير إلى صحة الادعاءات"، مضيفا أنه لم يفاجأ بهذا التطور نظرا لعلاقات ديني الطويلة مع الإمارات. وأشار سيدرا إلى أن مقديشو قد اختارت، على الأرجح، عدم معاداة الإمارات وفضلت الصمت بشأن الأنشطة العسكرية الإماراتية في بونتلاند.
وقال سيدرا: "يعتمد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود على دعم الإمارات لمحاربة حركة الشباب والسعي إلى السلام في البلاد. من المنطقي أن تعالج هذه القضايا خلف الأبواب المغلقة".
وقد تعرضت حكومة محمود لضغوط كبيرة في الأونة الأخيرة، حيث حققت حركة الشباب مكاسب كبيرة قرب مقديشو. بالإضافة إلى تزايد المعارضة لقيادته بسبب الطبيعة القبلية لنظام الحكم في الصومال. واقترح محمود الانتقال من نظام انتخابي قائم على العشائر إلى نظام اقتراع عام. إلا أن هذا الاقتراح واجه مقاومة من بعض السياسيين البارزين وحوله إلى قضية خلافية.
كما تنشط الإمارات في دولة أرض الصومال الانفصالية، حيث تقوم باستثمارات كبيرة هناك أيضا، مما أثار حفيظة مقديشو. وقال وزير الخارجية الصومالي أحمد محمد فقي خلال عطلة نهاية الأسبوع أن حكومته قدمت رسالة إلى الإمارات حث فيها أبو ظبي على التوقف عن التعامل مع رئيس أرض الصومال عبد الرحمن سيرو وكأنه رئيس للدولة.