مناظير الخميس 19 سبتمبر، 2024
زهير السراج
manazzeer@yahoo.com
* أصدر الرئيس الأمريكي بيانا أمس بشأن الحرب الدائرة في السودان بين قوات الجيش والدعم السريع منذ منتصف ابريل، 2023 ، دعا فيه طرفى الحرب الى "سحب قواتهم وايقاف الهجوم على المدنيين بواسطة قوات الدعم السريع، وإيقاف القصف العشوائي وتدمير البنية التحتية بواسطة القوات المسلحة السودانية، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، والعودة إلى طاولة المفاوضات لإنهاء الحرب"، وهى المرة الثانية منذ توليه الرئاسة التي يصدر فيها بيانا بشأن السودان.
* صدر البيان الاول في الرابع من مايو (2023 ) بعد ثلاثة أسابيع من نشوب الحرب، أعلن فيه الرئيس الامريكي إصدار "أمر تنفيذي بفرض عقوبات على الأشخاص المسؤولين عن تهديد السلام والأمن والاستقرار في السودان وتقويض الانتقال الديمقراطي في البلاد باستخدام العنف ضد المدنيين أو ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان"، واصفا العنف الذي يحدث في السودان بأنه "مأساة وخيانة لمطلب الشعب السوداني بتشكيل حكومة مدنية والانتقال للديمقراطية"، وداعيا الطرفين لايقاف المعارك، وتعهد بمواصلة الجهود الدبلوماسية لإنهاء الصراع العسكري والسماح بوصول المساعدات الإنسانية لمستحقيها بدون عرقلة.
* وجاء البيان الثاني على خلفية المعارك الشرسة التي دارت في الايام الماضية في مدينة الفاشر وأحدثت الكثير من الخسائر البشرية والمادية وهلعا واسع النطاق وسط السكان، والتخوف من نزوح مئات الآلاف من السكان وحدوث كارثة إنسانية كبرى اذا سيطرت عليها قوات الدعم السريع، بسبب التمايز العرقي والعداء التاريخي بينها وبين القبائل التي ينتمي إليها معظم سكان المدينة وضواحيها.
* فضلا عن ذلك، فإن سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر تعني السيطرة على كل ولايات دارفور الكبرى التي لم يتبق منها تحت سيطرة الجيش سوى اجزاء متفرقة من ولاية شمال دارفور وعاصمتها مدينة الفاشر الإستراتيجية التي يبلغ عدد سكانها حاليا حوالى مليوني مواطن وتُشكِّل مع باقي مناطق الولاية حوالى نصف مساحة دارفور الكبرى، وبسيطرة الدعم السريع عليها تكون قد فرضت سيطرتها على معظم منطقة غرب السودان وحدوده الغربية وامنت خطوط امدادتها البشرية واللوجستية، وسيطرت على المنافذ البرية التي تقود الى وسط البلاد والدول الحدودية من ناحيتي الغرب والشمال الغربي ومنها (طريق الاربعين) الذي يربط غرب السودان بشماله وهو الطريق الرئيسي والوحيد لتصدير الابل السودانية الى جمهورية مصر.
* تنتج دارفور أكثر من 60 % من الماشية السودانية (الإبل والبقر والضأن والماعز)، كما تزخر بكميات وافرة من الذهب والنحاس والحديد والألومنيوم، ولقد بلغ انتاجها من الذهب في عام 2022 حوالى 16 طنا من جملة الإنتاج في قطاع الشركات الذي بلغ حوالى 41 طنا، حسب بيان صادر عن الشركة السودانية للموارد المعدنية التابعة لوزارة المعادن في 3 ابريل، 2023.، بينما جاء في تقرير لصحيفة (إندبندنت عربية بتاريخ 27 ديسمبر، 2023) أن الإنتاج السنوي لجبل عامر (في شمال دارفور) يبلغ حوالى 50 طنا سنويا (نسبت الصحيفة الرقم لوكالة رويترز للأنباء)، غير أنني لم اجد ما يؤكد ذلك الرقم في موقع الوكالة العالمية. المعروف أن ذهب الجبل كانت تسيطر عليه قوات رئيس مجلس الصحوة بقيادة (موسى هلال) الذي كان حليفا لرئيس النظام البائد عمر البشير ثم إستولت عليه قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي في عام 2017 اثر خلاف نشب بين الرئيس المخلوع وموسى هلال ادى لاعتقال الاخير، ثم تنازلت عنه قوات الدعم السريع ممثلة في شركة الجنيد التي يرأسها شقيق قائد قوات الدعم السريع، لحكومة السودان في عام 2021 !
* بالاضافة الى بيان الرئيس الامريكي، صدرت بيانات مماثلة من الامين العام للامم المتحدة والاتحاد الاوروبي تشجب المعارك الدائرة في الفاشر وتدعو لتوقفها وحماية المدنيين.
* ينبع هذا الاهتمام بدارفور ليس فقط لمحاذاتها لمنطقة الساحل الافريقي الملتهبة والمتنازع عليها دوليا، والتي تستشري فيها الحركات الارهابية، وإنما الخوف ايضا من اندلاع صراع عرقي يفضي الى كارثة إنسانية تعيد الى السطح مرة اخرى كارثة عامى 2003 و2004 التي استخدم فيها قادة النظام البائد والحركة الاسلامية (اللا إسلامية) إبنهم البار وقتذاك وعدوهم الحالي (حميدتي) وقوات الجنجويد (الدعم السريع) لارتكاب جريمة الابادة الجماعية ضد مواطني دارفور ذوي الاصول الافريقية، وحرق مساكنهم وقراهم وطردهم منها وإستجلاب عرب الشتات ليقيموا بدلا عنهم، وذلك تحت اشراف مباشر لعدد من القادة المدنيين وبعض ضباط الجيش من بينهم ابنعوف وقائد الجيش حالياالبرهان الذي كان وقتذاك ضابطا في دارفور، وها هو إبنهم (البار) يستعد لتكرار جرائمه مرة اخرى، بينما يمثلون هم دور الضحية ويذرفون دموع التماسيح باسم الكرامة على الذين تقتلهم وتنهبهم وتغتصبهم الان قوات حميدتي، معتقدين ان العالم سينساهم وينسى جرائمهم البشعة .
* أذكر أن أحد كبار الزملاء الصحفيين من أهل دارفور قال لى في عام 2003 قبل أن تظهر جرائم دارفور على السطح وتصبح الخبر الاول في نشرات الاخبار العالمية، بأن دارفور لن تهدأ إلا إذا قضت على البشير واعوانه، ولقد تحقق جزء من نبوءته بمطاردة المحكمة الجنائية لهم منذ ذلك الوقت وحتى اليوم لتقديمهم للعدالة ومحاسبتهم، ويبدو ان النبوءة في الطريق الى الاكتمال بالقضاء عليهم جملة واحدة بمن فيهم صنيعتهم وابنهم البار!
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع فی عام
إقرأ أيضاً:
حميدتي يعترف بخسارة قوات الدعم السريع مناطق لصالح الجيش
اعترف قائد "قوات الدعم السريع"، محمد حمدان دقلو "حميدتي"، الجمعة، بخسارة قواته مناطق لصالح الجيش السوداني في العاصمة الخرطوم.
ودعا حميدتي قواته في فيديو مسجل، إلى عدم الالتفات إلى المواقع التي استعادها الجيش وسيطر عليها مؤخرا.
وقال: "إلى كل القوات في كل المحاور، يجب عدم التفكير في ما أخذه الجيش منا في القيادة (وسط الخرطوم) وسلاح الإشارة (بمدينة بحري) وبلدة الجيلي (شمال الخرطوم) ومدينة ود مدني (عاصمة ولاية الجزيرة)".
ودعا حميدتي قواته إلى عدم النظر إلى ما خسروه أمام الجيش بل التركيز على ماذا يريدون السيطرة عليه.
وأضاف أنه قواته قادرة على طرد الجيش من الخرطوم مرة أخرى كما فعلت من قبل، على حد قوله.
#السودان | فيديو ???? | خطاب جديد لـ حميدتي :
سنطرد الجيش مرة أخرى وسبق أن طردناهم من الخرطوم في مناطق كثيرة.
الغربال «ناعم» وستتمايز الصفوف.
حقق جنودنا الآن أربعة انتصارات في أم درمان وهناك مناطق محددة سنقوم باستلامها.#برق_السودان pic.twitter.com/3Srd5DENIu — برق السودان???????? (@SDN_BARQ) January 31, 2025
وتأتي تصريحات حميدتي عقب انتصارات حققها الجيش خلال الأيام الماضية بفك الحصار عن قيادة الجيش وسلاح الإشارة، واستعادة السيطرة على معظم مدينة بحري شمالي الخرطوم ومدينة أم روابه بولاية شمال كردفان.
ويخوض الجيش و"الدعم السريع" منذ منتصف أبريل/ نيسان 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 14 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين الأشخاص إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.