salihyousif34@gmail.com

قد يتسأل البعض عن عدم اكتراث الكيزان بمعاناة السودانيين خلال فترة حكم المخلوع البشير واثناء حربهم العبثية الحالية. حيث قاموا بقتل وسحل وتعذيب الالاف من المواطنين خلال فترة حكمهم ولم يالوا جهدا في التضييق عليهم وسن السياسات التي تجعل حياتهم جحيما وغيرها من الممارسات المعروفة للكيزان.

كم يمكن ملاحظة تعطشهم لسفك دماء الأبرياء كلما سنحت لهم الفرصة وتشجيعهم اللامحدود لاستمرار هذه الحرب مقابل تجاهلهم التام لمعاناة ضحايا الحرب بل واستثمار تلك المعاناة لجني مزيد من الاموال من خلال زيادة رسوم وجبايات استخراج الأوراق الثبوتية ببورتكيزان وسفاراتها بالخارج وسرقة الإغاثات والاعانات التي ترسلها بعض المنظمات والدول.

للاجابة على سؤال المقال الرئيسي يجب الرجوع لافكار جماعة الاخوان المسلمين والتي استقى منها الكيزان الاطار الفكري العام لنهجهم حيث يقوم فكرهم على مفهومين اساسين طرحهما حسن البنا وقام بتطويرهما سيد قطب واضاف تفاصيل لهما بكتابه "معالم في الطريق" الا وهما مفهومي "العزلة الشعورية" و"تكفير المجتمع".

لكي تحقق الجماعة الاصولية العزلة الشعورية تقوم بفرض سياج حديدي على أعضائها يعزلهم عن التأثيرات الفكرية والثقافية والسلوكية لمجتمعاتهم لضمان ولائهم والتزامهم بمفاهيم ومصطلحات الإسلام السياسي.

تعتمد "العزلة الشعورية" أساسًا على الشعور بالاستعلاء الإيماني والتمييز الديني، حيث ترى الجماعة نفسها مختارة من قبل الله، وتعتبر المجتمعات المحيطة بها مجتمعات جاهلية عدو "لجماعتهم المؤمنة".

تستند أسس "العزلة الشعورية" إلى توظيف الخطاب الديني لعزل جماعة الاخوان عن مجتمعها وذلك بتصوير العلاقة وكانها صراع بين معسكر المؤمنين الذي تمثله جماعتهم ومعسكر مضاد يمثله مجتمعهم الكافر.

تهدف "العزلة الشعورية" لمقاطعة العادات والتقاليد والتوجهات الفكرية السائدة في المجتمع، حيث يتم الطعن في هذه الممارسات وفي إيمان من يتبعها، بهدف التكيف مع الجماعة التي تزعم انها تسعى لبناء مجتمعات بديلة (مثل ادعاء اعادة صياغة المجتمع السوداني).

تستخدم تيارات الإسلام السياسي "العزلة الشعورية" كأداة أساسية ووسيلة فعالة في المراحل الأولى من عمليات الاستقطاب الفكري والتجنيد التنظيمي للأفراد الجدد، بعد إعدادهم نفسياً وفكرياً لعزلهم عن محيطهم الاجتماعي ودفعهم لمواجهته بالعنف والقوة لاحقًا. وقد اعتمدت بعض التيارات الأصولية على هذا المفهوم كأساس لبناء ما تسميه جيل التمكين. وهي مرحلة اولية تسبق مرحلة اعلان الجهاد على كل فئات المجتمع والتي تمظهرت جليا في استخدام العنف ضد كل أفراد المجتمع سواء كانوا طلابا بالجامعات او معارضين سياسيين اثناء حكم المخلوع وحملات اشانة السمعة والكذب والتضليل ضد مخالفيهم ممن يعلرضون هذه الحرب.

وقد تبنت الكثير من الجماعات فكرة "العزلة الشعورية" والتي اصبحت جزءًا مهما في الفكر والحركة والتنظيم للجماعات الأصولية مثل جماعة "التكفير والهجرة" و"الجماعة الإسلامية" و تنظيمات "القاعدة" و"داعش"، و"الطليعة المقاتلة" في سوريا، و"الجماعة الإسلامية للدعوة والقتال" في الجزائر، و"الجماعة الليبية المقاتلة"، وغيرها من التنظيمات المسلحة.

اما فيما يخص مفهوم التكفير عند سيد قطب فهو يعتبر أن المجتمعات المعاصرة عادت إلى حالة "الجاهلية" والتي جوزت الجماعات الأصولية الجهاد ضدها وقتالها. فوفقًا لقطب هذه المجتمعات لا تحكم بشريعة الله، وبالتالي فإنها خرجت عن الإسلام حتى لو كان أفرادها يعلنون إيمانهم ظاهريًا.
يري سيد قطب أن الحكم بغير ما أنزل الله، واتباع القوانين الوضعية بدلاً من الشريعة الإسلامية، يمثل خروجًا عن الدين، وهذا يعني تكفير المجتمع ككل، سواء حكامه أو حتى العامة إذا قبلوا بهذا النظام.

وبالتالي، فإن مفهوم التكفير عند سيد قطب لا يقتصر على الأفراد فحسب، بل يشمل أيضًا المؤسسات والحكومات التي لا تحكم بالشريعة، وهو ما يراه مبررًا للانفصال عن هذه المجتمعات ومحاربتها بهدف إقامة "الحاكمية لله"، أي النظام الذي يحكم فقط بالشريعة الإسلامية.

بالنظر لهذين المفهومين يمكننا مثلا معرفة سبب دعوة عبدالحي يوسف للتبرع لغزة التي يعتبرونها تمثل جزء من الجماعة المؤمنة وتجاهله لمعاناة اهله بالسودان باعتبارهم من معسكر الكفر ويجب ان ترق دمائهم.
كما يمكن عند اخذ هذين المفهومين بالاعتبار فهم كل ممارسات حكومة المخلوع وكل ما يدور الآن من ممارسات سئية لجماعة الكيزان لا تمت للاسلام بصلة والتي يمارسونها كما قال عمار محمد آدم كجزء من "عبادتهم للتنظيم" بعد ان نسوا الله وانساهم انفسهم.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: سید قطب

إقرأ أيضاً:

«المفتي»: الأمن في الأوطان هو المظلة التي تحفظ المقاصد الشرعية

أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الديار المصرية، أن الحديث عن علاقة الأوطان بالمقاصد الشرعية في الوقت الراهن، يعد من القضايا الأساسية التي يجب التركيز عليها خاصة مع تنامي الاتجاهات المتطرفة والنظريات الغريبة التي تبتعد عن مراد الشارع وتسيء فهم المقاصد الشرعية.

وأوضح مفتي الديار المصرية، خلال حوار مع الدكتور عاصم عبد القادر، ببرنامج "مع المفتي"، المذاع على قناة الناس، اليوم الجمع، أن الشريعة الإسلامية قامت على حفظ الكليات الضرورية مثل الدين والنفس والنسل والعقل والمال، وهذه الكليات تحتاج إلى مظلة تحميها، وهو ما تمثله الأوطان.

وقال: "إذا لم يكن هناك وطن يحفظ هذه الكليات، فلا يمكن الحفاظ عليها، لذلك يجب أن نعتبر المحافظة على الأوطان جزءًا من المقاصد الضرورية التي تتطلب اهتمامنا".

وأشار إلى أن العلماء الكبار الذين تناولوا قضية الدولة قد أكدوا على أهمية الحفاظ على الأوطان باعتبارها عنصرًا أساسيًا لتحقيق المقاصد الشرعية، من أبرزهم الإمام الطاهر ابن عاشور الذي تحدث عن الدولة كمقصد شرعي، مؤكدًا أن الدولة تمثل الأداة التي من خلالها يتم الحفاظ على هذه المقاصد الضرورية.

وأضاف مفتي الديار المصرية أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم مثالاً رائعًا على حب الوطن، حيث قال: "والله إنك لأحب بلاد الله إلى الله ولولا أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت"، لافتا إلى أن هذه الكلمات تعكس ارتباط الإنسان بوطنه، وهو ارتباط فطري وطبيعي، بعيدًا عن أي اعتبار ديني أو عرقي، خاصة إذا كان هذا الوطن يوفر الأمن والاستقرار.

كما ذكر أن الدعوات التي دعا بها الأنبياء، مثل دعاء الخليل عليه السلام "رب اجعل هذا البلد آمناً"، هي دليل على أهمية الأمن في الوطن، والذي يعد حجر الزاوية لتحقيق الاستقرار في الدنيا والقيام بفرائض الدين.

و شدد الدكتور نظير عياد، على أن الحفاظ على الأوطان ليس فقط من أجل حماية الحدود أو الموارد، بل هو جزء أساسي من تحقيق نظام يضمن الحكم بالشريعة الإسلامية ويحقق المصالح العامة للمجتمع.

مقالات مشابهة

  • لماذا سُمِّي شعبان بشهر رسول الله؟
  • لماذا سمي شعبان شهر رسول الله؟.. لـ 9 أسباب احذر الغفلة فيه وخسارته
  • ما الصلاة التي يجوز فيها ترك القبلة؟ عالم أزهري: في هذه «الصلوات فقط»
  • «المفتي»: الأمن في الأوطان هو المظلة التي تحفظ المقاصد الشرعية
  • قال لي.. يا مصطفى بقيت داعم الكيزان
  • إسرائيل تضرب أهدافًا لحزب الله.. وتقدّم شكوى ضد إيران لمواصلة تمويلها الجماعة
  • تحولت إلى وجهة سياحية عالمية.. مجلس جهة مراكش يفك العزلة على أكفاي
  • العليمي يطالب المجتمع الدولي بتبني سياسات أكثر صرامة لتجفيف مصادر تمويل الحوثيين
  • مناقشة أوضاع العمال السودانيين في ليبيا
  • الأطفال يسألون لماذا خلق الله بعضنا فقراء وبعضنا أغنياء؟ الإمام الأكبر يجيب