شمال سوريا- في إطار سعيها لتعزيز السيطرة الأمنية ومواجهة التهديدات بمناطق سيطرتها في دير الزور، شرعت قوات "سوريا الديمقراطية" (قسد) في بناء سلسلة من أبراج المراقبة على طول الجانب النهري الذي يفصل مناطق سيطرتها عن قوات النظام السوري والمليشيات الموالية له.

ويمتد المشروع من منطقة "جديد عكيدات" وصولاً إلى "الباغوز" قرب الحدود مع العراق، ويهدف إلى تعزيز الأمن في ظل التوترات المستمرة والهجمات المتكررة من قبل قوات النظام والمليشيات الإيرانية وقوات العشائر، حيث يمثل هذا المشروع جزءا من جهود "قسد" لمواجهة الاضطرابات الأمنية والهجمات العسكرية بالمنطقة.

وقال مصدر خاص من داخل "قسد" للجزيرة نت -فضّل عدم الكشف عن هويته- إن المنطقة شهدت خلال العام الماضي مواجهات واشتباكات مستمرة، شنتها قوات النظام والعشائر من مناطق سيطرتها بمدينة الميادين والقورية والعشارة وصبيخان، مستهدفة مناطق سيطرة "قسد" في بلدات ذيبان والشعيطات والبصيرة وسويدان جزيرة.

وشدد المصدر على أن بناء الأبراج "يُعد ضرورة أمنية وعسكرية ملحة" مشيرًا إلى أنها ستساعد على رصد أية تحركات ضد المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الديمقراطية، حيث تعتبر المنطقة النهرية نقطة رئيسية للتسلل وتهريب المواد المخدرة، مما جعل بناء الأبراج أمرًا حتميًا وفقًا لمقترح من قوات التحالف الدولي.

تمويل ومراقبة

أُقر مشروع بناء أبراج المراقبة في دير الزور بعد دراسة من قبل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، حيث تم الاتفاق على بناء 150 برجًا، يبلغ ارتفاع كل منها 9 أمتار، ويضم غرفتين للاستراحة وقبوًا، مع ساحة محاطة بسور إسمنتي، بمساحة تصل إلى ألف متر مربع لكل برج، أي بواقع برج واحد كل كيلومتر.

وتولت "قسد" مسؤولية بناء هذه الأبراج، إلى جانب الإشراف على الحراسة والمراقبة. ووفقًا لمصدر بمكتب الإنشاءات العسكرية التابع للقوات تحدث للجزيرة نت، فإنه تم تسليم المشروع إلى الإنشاءات العسكرية التي أشرفت على تنفيذه بالتعاون مع عدد من المقاولين المحليين. وقُدرت تكاليف بناء البرج الواحد بحوالي 70 ألف دولار.

تكلفة بناء البرج الواحد تقدر بحوالي 70 ألف دولار (الجزيرة)

وأوضح المهندس المدني فادي السلامة للجزيرة نت أن الأساسات هي العنصر الأهم في بناء هذه الأبراج، خاصة أن المنطقة قريبة من نهر الفرات، ويجب تعزيز الأساسات لضمان استقرار الأبراج، مشيرا إلى أن التكلفة الإجمالية قد لا تكون متناسبة مع نوعية العمل الذي استخدمت فيه أقل التكاليف.

من جهة أخرى، أكد مصدر خاص من التحالف الدولي للجزيرة نت أن التحالف يدعم المشروع ماديًا، بالإضافة إلى وعده بتقديم دعم استخباراتي، واستخدام الطيران إذا لزم الأمر لحماية المنطقة من أية هجمات محتملة، بينما تتولى قوات الدفاع الذاتي التابعة لقوات "قسد" مهمة الحراسة وتأمين الأبراج والمراقبة.

الاستعدادات والتكنولوجيا

ومع تواصل إنشاء الأبراج، ووصول التجهيزات لمنطقة ذيبان، قامت قوات الدفاع الذاتي التابعة لـ"قسد" باختبار قدرة الأبراج من خلال إطلاق قذائف "آر بي جي" ومضادات للطيران على كل برج يتم الانتهاء منه، بهدف تجربة مدى متانتها أمام الهجمات والضربات.

وبحسب الخطة، يتمركز 8 عناصر من قوات الدفاع الذاتي في كل برج لمدة 20 يومًا، قبل أن يتم استبدالهم بعناصر آخرين. وأوضح مصدر من داخل الدفاع الذاتي -للجزيرة نت- أن كل عنصرين يتناوبان مهمة المراقبة لمدة ساعتين، يليها فترة استراحة تبلغ 6 ساعات، ويحصلون على دعم لوجستي كل 24 ساعة لضمان استمرارية المراقبة.

ومن حيث التسليح، أضاف هذا المصدر أن الأبراج مجهزة بتكنولوجيا دفاعية تشمل اثنين من الأسلحة الرشاشة الثقيلة من طراز "بي كي سي" بالإضافة إلى أسلحة "كلاشينكوف" لكل عنصر، ومضادات للطيران من عيار 12.5، وقاذفات "آر بي جي".

كما تم تجهيز الأبراج بمناظير ليلية لتعزيز قدرة المراقبة ورصد أي تحركات مشبوهة على ضفة النهر الأخرى، إضافة إلى تسيير دوريات مراقبة بشكل مستمر على طول الأبراج، لضمان سلامة المنشآت والرد السريع على أي هجمات محتملة.

المزارعون يشتكون حرمانهم حرية العمل في أراضيهم ومصادرة أجزاء منها دون تعويض (الجزيرة) تضرر المزارعين

من ناحية أخرى، أبدى العديد من السكان المحليين استياءهم من مشروع بناء أبراج المراقبة، حيث اشتكوا من استيلاء قوات "قسد" على الأراضي الزراعية اللازمة لبناء الأبراج دون تقديم تعويضات مادية، وأوضح عدد من المزارعين أنها استولت على ما يقارب الدونم من الأرض لكل برج دون تعويض أصحابها.

كما أعرب خالد الرجا (اسم مستعار) للجزيرة نت عن غضبه من القيود المفروضة على حرية استخدام أرضه، حيث تم منعه من تشغيل محركات الري والمياه في أوقات مبكرة من الصباح أو وقت متأخر من الليل، رغم حاجة المحاصيل الزراعية لذلك من أجل السقاية، وهو ما قد يؤثر سلبًا على المحاصيل، بينما بررت قوات الدفاع الذاتي هذه القيود بحجة الإزعاج.

كما أوضح المزارع حاتم الساري للجزيرة نت، وهو أحد المتضررين من الأبراج، أن أية محاولة لانتقاد هذه الإجراءات تؤدي إلى اتهامات بالتعاون مع المليشيات الإيرانية أو النظام السوري، أو حتى مع "قوات العشائر" وهي اتهامات خطيرة تعرض الأشخاص للمساءلة الأمنية من قبل قوات "قسد".

وقد شكّل هذا الضغط الأمني حالة من التوتر بين السكان المحليين وقوات "سوريا الديمقراطية" مما يزيد من تعقيد العلاقة بين الجانبين، في ظل الحاجة لزيادة الأمن وضمانه في المنطقة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات قوات الدفاع الذاتی للجزیرة نت کل برج

إقرأ أيضاً:

مشاركون بـ «منتدى الشارقة للاستثمار»: الإمارات تبني اقتصاداً ذكياً قائماً على التقنيات الحديثة

 

الشارقة (الاتحاد)
سلط خبراء ومسؤولون حكوميون، خلال جلسة بعنوان «بناء اقتصادات ذكية» خلال فعاليات الدورة السابعة من «منتدى الشارقة للاستثمار»، الضوء على سبل بناء اقتصادات ذكية ومرنة ومستدامة في ضوء التحديات التي يشهدها العالم، مؤكدين أن التحوّل نحو الاقتصاد الذكي في الإمارات يشهد تقدماً ملحوظاً بفضل الاستثمار في التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي و«البلوك تشين»، ودعم القطاع الحكومي والخاص.
كما شددوا على أهمية تطوير الكوادر البشرية وتزويدها بالمهارات اللازمة للتعامل مع هذه التقنيات، بالإضافة إلى دور القطاع المالي في دعم هذا التحوّل من خلال توفير التمويل اللازم للمشاريع المبتكرة، مما يساهم في خلق بيئة محفزة للابتكار وريادة الأعمال.
وينظم مكتب الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر (استثمر في الشارقة)، فعاليات الدورة السابعة من «منتدى الشارقة للاستثمار»، يومي 18 و19 سبتمبر في «مركز الجواهر للمناسبات والمؤتمرات» بالشارقة، تحت شعار «رؤية مستقبلية للاقتصادات الذكية».
وشهدت الجلسة مشاركة كل من الشيخ فاهم القاسمي، رئيس دائرة العلاقات الحكومية، وخالد الحريمل، الرئيس التنفيذي لمجموعة بيئة، وحسين المحمودي، المدير التنفيذي لمجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، وأحمد النقبي، الرئيس التنفيذي لمصرف الإمارات للتنمية، وأدارتها الدكتورة روعة الحاراتي، مؤسسة «كنز للاستشارات».
وفي حديثه خلال الجلسة، أكد الشيخ فاهم القاسمي أن اقتصاد الإمارات بات نموذجاً يحتذى به في الابتكار الشامل، حيث يتجاوز الأمر التقنيات الحديثة ليشمل كافة جوانب الحياة الاقتصادية، مشيراً إلى أن هذا النجاح يعود إلى الرؤية الحكيمة للحكومة في تنويع مصادر الدخل والاستثمار في القطاعات المستدامة.
وفي معرض حديثه عن دور الحكومات في التحول نحو الاقتصاد الذكي، أكد القاسمي على ضرورة أن تكون الحكومات أكثر مرونة واستجابة للتطورات التكنولوجية المتسارعة، مشيراً إلى أن الشارقة نجحت في تحديد أولوياتها والاستثمار في القطاعات المحورية، مثل الزراعة والصناعة، وذلك من خلال التعاون والتكامل مع القطاع الخاص، واستثمار النجاحات التي يتميز بها.
بدوره، أشار خالد الحريمل، الرئيس التنفيذي لمجموعة بيئة، إلى الدور الذي تلعبه المجموعة في دعم التحول نحو الاقتصاد الذكي. لافتاً إلى أن «بيئة» نجحت في تطوير حلول مبتكرة لمعالجة النفايات، حيث تمكنت من تحويل 90% من النفايات في الشارقة بعيداً عن المكبات التقليدية. كما سلط الضوء على أهمية التكنولوجيا في هذا المجال، حيث تم تزويد سيارات النفايات بكاميرات ذكية لرصد المناطق التي تحتاج إلى خدمات النظافة بشكل أكثر فاعلية، بما وفر التكاليف وضاعف جودة الخدمات.
بدوره، أشار حسين المحمودي إلى أهمية تكييف الذكاء الاصطناعي مع الثقافات المحلية، مؤكداً أن لكل مجتمع خصوصيته وتراثه، وهذه العناصر الثقافية يجب أن تكون حاضرة في عملية تطوير وتطبيق الذكاء الاصطناعي الذي يتماشى مع القيم والثقافات، ولتحقيق ذلك، لا بد من تعزيز التعاون بين القطاعات الحكومية والخاصة والأكاديمية، مع التركيز على تطوير البرامج التعليمية التي تهتم بتنمية المهارات الرقمية والإبداعية لدى الشباب.
بدوره، أشار أحمد النقبي إلى أن التحول نحو الاقتصاد الذكي يشكل محور اهتمام الإمارات، حيث تسعى إلى بناء اقتصاد مستدام قائم على المعرفة والابتكار. مشدداً على أن التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين تلعب دوراً مهماً في هذا التحول، ولكنها لا تعبر عن الاقتصاد الذكي، بل هي أدوات لدفع عجلة الاقتصادات الذكية.

مقالات مشابهة

  • 7 أبراج مواليدها هم الأكثر سعادة خلال شهر أكتوبر.. ماذا ينتظرهم؟
  • أب يثبت كاميرا مراقبة على رأس ابنته أينما تحركت.. ما السبب؟
  • غوتيريش يدعو لضبط النفس عقب انفجار أجهزة اتصالات بسوريا ولبنان
  • مشاركون بـ «منتدى الشارقة للاستثمار»: الإمارات تبني اقتصاداً ذكياً قائماً على التقنيات الحديثة
  • النظام الغذائي للنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو.. لماذا لا يأكل من طعام زملائه؟
  • أجداد أبناء دواعش محتجزين بسوريا بطالبون بإعادتهم إلى فرنسا
  • حقيقة مقتل عناصر من الحرس الثوري بسوريا جرّاء هجوم سيبراني إسرائيلي
  • شبكة حقوقية: اعتقال طبيبين سوريين بسبب انتقاداتهما للنظام
  • لماذا يعيد الأسد هيكلة الجيش السوري؟