الأمم المتحدة:
جددت الأمم المتحدة التأكيد على ضرورة وقف إطلاق النار في السودان، ودعت الأطراف كافة إلى الالتزام بتعهداتها بموجب قانون حقوق الإنسان الدولي والقانون الدولي الإنساني.

وعقد مجلس الأمن الدولي جلسة بعد ظهر الأربعاء، بتوقيت نيويورك لبحث الوضع في السودان، استمع خلالها إلى إحاطتين من مساعدة الأمين العام لشؤون أفريقيا مارثا بوبي، والقائمة بأعمال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية جويس مسويا.



وتستمر الحرب في السودان منذ 17 شهرا، مع تفاقم الوضع الإنساني بشكل مقلق، ولا تلوح في الأفق أي بوادر لنهاية قريبة. وقالت مارثا بوبي إن الأمين العام للأمم المتحدة ظل يدعو الأطراف باستمرار إلى تهدئة الوضع في الفاشر وتجنيب المدنيين المزيد من المعاناة، وحذر من العواقب الوخيمة لهذا التصعيد.

وأشارت إلى القرار رقم 2736 الذي اعتمده مجلس الأمن في حزيران/يونيو الماضي، والذي دعا قوات الدعم السريع إلى وقف حصار الفاشر ووقف القتال على الفور. "ومع ذلك، فشلت جهود منع المزيد من التصعيد العسكري في الفاشر. ولا يزال مئات الآلاف من المدنيين محاصرين في المدينة ويواجهون خطر العنف الجماعي".

وأضافت أن المبعوث الشخصي للأمين العام للسودان، السيد رمطان لعمامرة ظل على تواصل مباشر مع الأطراف المتحاربة، بما في ذلك من خلال المحادثات التي جرت في جنيف في تموز/يوليو، ودعم جهود الوساطة التي تبذلها الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وسويسرا في آب/أغسطس. كما انخرط السيد لعمامرة مؤخرا مع السلطات السودانية خلال زيارة إلى بورتسودان في أواخر آب/أغسطس برفقة نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، السيدة أمينة محمد.

مساعدة الأمين العام لشؤون أفريقيا، مارثا بوبي تقدم إحاطة لمجلس الأمن بشأن الوضع في السودان.UN Photo/Loey Felipe مساعدة الأمين العام لشؤون أفريقيا، مارثا بوبي تقدم إحاطة لمجلس الأمن بشأن الوضع في السودان.

التزام أممي بالعمل على إنهاء الصراع
وقالت مارثا بوبي إن رمطان لعمامرة سيواصل تنسيق جهود الوساطة الدولية في السودان لتعزيز الحوار بهدف إنهاء الحرب، مع إحراز تقدم تدريجي في القضايا الرئيسية مثل وقف الأعمال العدائية وحماية المدنيين والوصول إلى المساعدات الإنسانية.

وأكدت مساعدة الأمين العام لشؤون أفريقيا التزام الأمم المتحدة بالعمل مع جميع أصحاب المصلحة المعنيين للمساعدة في إنهاء الصراع.

وحثت أعضاء مجلس الأمن على استخدام نفوذهم الجماعي للمساعدة في حماية السكان المحاصرين في مناطق القتال، وقالت إن اجتماعات الجمعية العامة المقبلة تمثل فرصة إضافية للدول الأعضاء والأمم المتحدة على حد سواء لمضاعفة الجهود من أجل حل هذه المأساة.

مواطنو الفاشر تحت القصف والحصار
القائمة بأعمال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية جويس مسويا أفادت بتصاعد حدة القتال على نطاق واسع في الفاشر ومحيطها منذ نهاية الأسبوع الماضي، مشيرة إلى أن المنطقة شهدت قصفا مدفعيا وجويا عنيفا ومستمرا مما عرض المدنيين، وخاصة النساء والأطفال، للخطر. كما تعرضت المواقع المدنية والبنية الأساسية بما فيها المستشفيات ومخيمات النازحين داخليا للقصف.

وأشارت إلى ما وصفتها بـ "التهديدات المتعددة" التي تشكلها المعارك الدائرة في الفاشر على حياة مئات الآلاف من الناس، بمن فيهم أكثر من 700 ألف نازح داخلي في الفاشر والمناطق المجاورة.

وقالت جويس مسويا إن أطراف النزاع لا تبذل أي جهود لحماية المرافق الصحية أو المدنيين الذين تستضيفهم هذه المرافق. كما تتعرض المستشفيات والمرافق الصحية للقصف المتكرر، مما يجعلها غير صالحة للعمل. ومن بين المستشفيات الثلاثة الرئيسية في الفاشر، لا يعمل سوى مستشفى واحد، بصورة جزئية.

وأشارت مسويا إلى إعلان المجاعة في مخيم زمزم، في آب/أغسطس، إضافة إلى 13 منطقة أخرى تم تصنيفها على أنها معرضة لخطر المجاعة. وذكّرت بما أفادت به منظمة أطباء بلا حدود، في شباط/فبراير الماضي، بأن طفلا واحدا يموت في مخيم زمزم كل ساعتين.

وقالت إن أحدث عمليات الفحص التي أجرتها منظمة أطباء بلا حدود ووزارة الصحة، خلال الفترة بين 1 و5 أيلول/سبتمبر، تشير إلى أن الوضع يزداد سوءا. حيث "يعاني حوالي 34 في المائة من الأطفال من سوء التغذية، 10 في المائة منهم يعانون من سوء التغذية الشديد".

جويس ميسويا، وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسقة الإغاثة الطارئة بالإنابة، تقدم إحاطة لمجلس الأمن بشأن الوضع في السودان.UN Photo/Loey Felipe جويس ميسويا، وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسقة الإغاثة الطارئة بالإنابة، تقدم إحاطة لمجلس الأمن بشأن الوضع في السودان.

عقبات أمام توصيل الإغاثة
وقالت القائمة بأعمال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية إن الوضع يزداد تعقيدا بسبب العقبات التي تجعل توصيل الإغاثة الإنسانية أمرا مستحيلا. فمنذ شهر أيار/مايو، أصبحت الطرق المؤدية إلى معسكر زمزم والفاشر غير سالكة بسبب القتال الدائر حول المدينة، ومؤخرا بسبب الأضرار الناجمة عن الأمطار الغزيرة والفيضانات، مشيرة إلى أن محاولات الأمم المتحدة المتكررة للوصول إلى المنطقة لم تكلل بالنجاح.

ومضت قائلة: "لكننا لم نستسلم بعد. نأمل أنه مع انحسار مياه الفيضانات في الأسابيع المقبلة، سنكون قادرين على البدء في نقل الإمدادات إلى الفاشر والمناطق الأخرى المعرضة لخطر المجاعة".

وقالت إن الوضع في الفاشر ينطبق على الوضع في مختلف أنحاء السودان، مشيرة إلى أن مناطق الخرطوم وسنار والجزيرة لا تزال تعاني من الدمار بسبب العنف المستمر. وقد نزح أكثر من ثمانية ملايين شخص من ديارهم الآن، وفر أكثر من مليوني شخص عبر الحدود.

وأعربت المسؤولة الأممية عن قلق عميق إزاء حالة الوصول الإنساني في مختلف أنحاء البلاد. ووصفت إعادة فتح معبر أدري من تشاد بأنها "خطوة مهمة". حتى الآن عبرت أكثر من مائة شاحنة الحدود محملة بالإمدادات لنحو 300 ألف شخص في غرب ووسط وجنوب دارفور.

ثلاثة أمور مطلوبة بشدة
وقالت جويس مسويا إن الكثير من الناس فقدوا حياتهم بالفعل في هذا "الصراع العبثي". وحذرت من أن الكثير من الناس سيموتون ما لم يتخذ مجلس الأمن والمجتمع الدولي ككل إجراءات حاسمة:

أولا، المطالبة بأن تمتثل الأطراف لالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الأمن. يتعين على الأطراف الامتناع عن استهداف المدنيين والأصول المدنية والمرافق الأساسية مثل المستشفيات.

ثانيا، لا ينبغي للعالم أن يتسامح مع الفظائع التي شهدناها في غرب دارفور أو أن تتكرر في الفاشر.

ثالثا، دعوة المانحين إلى توفير الموارد الضرورية لمعالجة هذه الأزمة غير المسبوقة. فحتى 17 أيلول/سبتمبر، بلغ تمويل النداء الإنساني 1.3 مليار دولار – أي أقل من 50 في المائة من المبلغ المطلوب وهو 2.7 مليار دولار.

واختتمت جويس مسويا حديثها بدعوة مجلس الأمن إلى التحرك من أجل معالجة الوضع في السودان، مشيرة إلى أن الاجتماعات المتعددة رفيعة المستوى بشأن السودان، والمزمع عقدها خلال اجتماعات الجمعية العامة ستوفر فرصة لا يمكن تفويتها لإنهاء هذا الصراع، وإظهار تضامننا مع شعب السودان.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الأمین العام للشؤون الإنسانیة الأمم المتحدة مشیرة إلى أن فی الفاشر أکثر من

إقرأ أيضاً:

وصفوها بـالنعوش الطائرة.. الأنتنوف تعمّق جراح السودانيين

الخرطوم- عمّق حادث تحطم الطائرة العسكرية من طراز "الأنتنوف" التابعة لسلاح الجو السوداني من جراح البلد الذي يعاني ويلات الحرب، ولا سيما بعد سقوطها في منطقة مأهولة بالسكان بمدينة أم درمان مخلّفة عشرات القتلى من القيادات العسكرية والمدنيين.

ووسط أجواء حزينة، ووريت بولاية الخرطوم، الأربعاء، جثامين 46 من ضحايا حادث سقوط الطائرة، وتقدّم المشيعين والي ولاية الخرطوم أحمد عثمان حمزة، ورئيس هيئة أركان الجيش السوداني الفريق أول محمد عثمان الحسين وقيادات عسكرية رفيعة.

وأعاد حادث سقوط الطائرة العسكرية الأحدث في منطقة الإسكان بأم درمان بعد دقائق من إقلاعها من قاعدة وادي سيدنا العسكرية، إلى الأذهان حوادث مماثلة أثارت الجدل حول أسباب تكرار سقوط الطائرات العسكرية ومدى جاهزية الأسطول الجوي العسكري السوداني وخضوعه لإجراءات الصيانة المعتمدة لضمان سلامة العمليات الجوية.

قِدَم وتهالك

وعزا الضابط السابق في القوات الجوية السودانية حسن مجذوب، في حديث للجزيرة نت، أسباب سقوط الطائرات العسكرية لقِدم وتهالك الطائرات.

وأشار إلى أن القوات الجوية تقوم بالدور الأكبر في الحرب، وأن تسليح الطيران ومنظومات الدفاع الجوي عملية مرهقة للدولة وتحتاج للكثير من الأموال.

إعلان

لكن الخبير الأمني العميد جمال الشهيد قال للجزيرة نت، إن سقوط الطائرات أمر طبيعي يمكن أن يحدث في كل دول العالم، ونوّه لعدة أسباب لذلك منها الأسباب الفنية المتعلقة بأعطال عدم الصيانة، أو بسبب سوء الأحوال الجوية، أو بسبب ضربها من العدو الجوي المعادي، بجانب الشحن الزائد وأسباب أخرى تتعلق بكفاءة وتناغم طاقم قيادة الطائرة.

وأكد أن "الحظر الأميركي منع في فترة من الفترات حتى وصول قطع غيار الطائرات للسودان وكان له أثر كبير". وقال إن هذا الحظر لم يأت من فراغ "وإنما لحرص واشنطن على السيطرة على كل خيوط اللعبة وإيصال السودان للقوى الصفرية ليكون بلا قدرة في مواجهة الطرف الآخر الذي يُنفذ السياسة الأميركية".

وأقرّ الشهيد بأثر كثرة استهلاك الطائرات وقِدمها في السودان؛ حيث تعمل بعض الطائرات منذ 50 عاما وتتم صيانتها في كل فترة لمنحها عمرا إضافيا، لكنه أشار إلى أن السبب الحقيقي لسقوط الطائرة "يتضح من الرادار أو من الصندوق الأسود الذي يسجل أدق التفاصيل".

تحطم طائرة عسكرية سودانية من طراز "أنتنوف" في منطقة امدرمان مما أسفر عن وفاة خمسة أطفال وعدد من الضباط من كبار الرتب في الجيش السوداني كانت قد اقلعت الطائرة من قاعدة وادي سيدنا، حيث كانت تحمل مجموعة من الضباط سقطت فوق مناطق سكنية pic.twitter.com/oX2S3Gu6sn

— اخبار السودان (@sudanakhbar) February 25, 2025

الطائرة المنكوبة

وقال اللواء المتقاعد بالجيش السوداني أسامة محمد أحمد عبد السلام، إن طائرة "الأنتنوف 32" التي سقطت مساء الثلاثاء بسبب عطل فني كانت في رحلة عادية من وادي سيدنا إلى بورتسودان وعلى متنها عدد من ضباط القوات المسلحة.

"وقد همّ الطيار بالعودة للمطار ولكن قدر الله النافذ شاء ألا يتمكن من ذلك فسقطت في منطقة الإسكان ليزداد وجع الوطن وقواته المسلحة بفقد خيرة أبنائه".

إعلان

وأوضح للجزيرة نت أن السيرة الذاتية للطائرة "الأنتنوف 32 (إن-32)" تقول إن أول طائرة منها صنعت في 9 يوليو/تموز 1976، وقد صنعت منها 361 طائرة، ويبلغ سعر الطائرة الواحدة منها 12-15 مليون دولار.

وكان أول إعلان رسمي عنها في معرض باريس للطيران في مايو/أيار 1977 واسمها الرمزي لدى حلف الناتو هو "كلاين". وفي يوليو/تموز 1976 قام النموذج الأولي من "أنتونوف إن-32" برحلته الأولى.

تحطم طائرة سودانية ونجاة وزير الزراعة قبل سنوات (الجزيرة) قبر متحرك

وقال اللواء أسامة عبد السلام إن الطائرة التي سقطت هي ضمن أسطول القوات الجوية السودانية، ولا تزال تعمل وأكملت 50 عاما من الخدمة وحُقّ لها التقاعد إذا ما أعملنا وطبقنا معايير السلامة الجوية، وفقا لتعبيره.

ورغم ذلك، ظلت الطائرة المنكوبة تجوب سماء السودان ويجازف طيارو القوات الجوية السودانية بالطيران بها رغم علمهم أنهم معرضون في أية لحظة لفقدان حياتهم.

ووصف اللواء عبد السلام الطائرة بأنها "قبرٌ متحرك"، ومع ذلك لا يتردد الطيارون بشجاعة نادرة في تنفيذ المهام المطلوبة منهم بقدر عال من المجازفة.

واعتبر أن وجود مثل هذه الطائرة ضمن أسطول القوات المسلحة حتى الآن "يفند مزاعم البعض بأن 80% من ميزانية الدولة السودانية تذهب للقوات المسلحة. فلو كانت هناك ميزانية بهذا الحجم لخرجت مثل هذه الطائرات عن الخدمة في وقت مبكر" برأيه.

وأشار إلى أن القوات المسلحة هي درع الوطن وسياجه المتين ولابد من تأمين الكلفة المالية العالية لتكون قادرة قوية وذات كفاءة رادعة ومتسلحة بأحدث الأسلحة والمعدات والمركبات والطائرات.

"نعوش طائرة"

وبجانب القبور المتحركة، أطلق البعض في الأوساط الشعبية والصحفية على طائرات "الأنتنوف" القديمة؛ لسقوطها المتكرر العديد من التسميات منها "النعوش الطائرة"، في إشارة إلى أنها الأكثر سقوطا في سماء السودان.

إعلان

ورصدت الجزيرة نت سقوط عشرات الطائرات من الأجواء السودانية خلال العقدين الأخيرين ولا سيما في جنوب البلاد وغربها وشرقها؛ حيث شهدت مدن نيالا، والفاشر، والأبيض، والجنينة، والقضارف، وكسلا، وبورتسودان، والخرطوم نفسها، حوادث مختلفة لسقوط طائرات عسكرية ومدنية.

ولقيت قيادات عسكرية وسياسية وتنفيذية ودستورية رفيعة مصرعها في حوادث طائرات بولايات ومطارات السودان المختلفة، كان أبرزهم النائب الأول الأسبق لرئيس الجمهورية الفريق الزبير محمد صالح، إثر تحطم طائرة "أنتنوف" في فبراير/شباط 1998.

وأودى حادث طائرة الثلاثاء الماضي بحياة 46 شخصا بعضهم مدنيون وأغلبهم من العسكريين، ومنهم اللواءان البارزان بالجيش السوداني بحر أحمد بحر، وأبو القاسم علي. بينما يتوقع مراقبون استمرار حوادث الطيران ما دامت تستخدَم الطائرات القديمة في هذا البلد.

مقالات مشابهة

  • وصفوها بـالنعوش الطائرة.. الأنتنوف تعمّق جراح السودانيين
  • المفوض السامي للأمم المتحدة: أزمة حقوق إنسان مدمرة في السودان ودعوة أممية إلى تحرك عاجل لإنقاذ البلاد
  • خدمة جديدة لإنهاء إجراءات السفر من مكة دون الحاجة للذهاب للمطار
  • محافظ الغربية: لا تهاون مع بيع الألعاب النارية.. وإجراءات حاسمة لحماية المواطنين
  • الأمم المتحدة: الصراع المستمر حول مناطق في السودان حوّل أجزاء من البلاد إلى جحيم
  • موسكو تبحث مع مبعوث الأمم المتحدة تطورات الوضع في سوريا
  • بعد تشكيل حكومة منافسة.. مخاوف في مجلس الأمن من تفكك السودان
  • مخاوف في مجلس الأمن من تفكيك وتقسيم السودان وأمريكا تحذر من بيئة الإرهاب
  • السودان يحدد شروطاً لوقف اطلاق النار والحوار مع الدعم السريع..تفاصيل رسائل ساخنة للحكومة داخل”مجلس الأمن
  • جلسة بمجلس الأمن تطالب بإنهاء سريع للصراع في السودان