شبكة اخبار العراق:
2024-09-19@18:37:31 GMT

مقالة إخوان الصَّفا: القائل والعاقل

تاريخ النشر: 19th, September 2024 GMT

مقالة إخوان الصَّفا: القائل والعاقل

آخر تحديث: 19 شتنبر 2024 - 9:39 صبقلم: رشيد الخيّون تضاعفت الأقوال المسموعة على مدار الساعة، والقلة ممَن يخضعها لعقله، كي يميز الغث مِن السَّمين، وبقدر ما نفعت التكنولوجيا، الفكر النير، خدمت الجهل، لأنها تُدار بيد الإنسان، إذا كانت يد عاقل أو يد جاهلٍ، وبهذا تُعد منارة عقلٍ، أو مفرخة جهلٍ، حسب إدارتها.

تجد أطباء العلاج بطرد «الجن» لهم جمهورهم الغفير، وهؤلاء خدمتهم التكنولوجيا بمواقع وفضائيات، بينما قبل ألف عام قيل: «مِن بركة المعتزلة أنَّ صبيانهم لا يخافون الجن»(التَّنوخي، نشوار المحاضرة)، لأنهم أخضعوا القول للعقل، واليوم تتهافت الملايين على الهذيان، يُقدمه الوعاظ بعبارة «ورد في رواياتنا»، وآلاف الأقوال تنسب لأئمة وعلماء كذباً. وقف إخوان الصَّفا(الرّابع الهجريّ) إزاء الظَّاهرة، وكأنهم عاشوا عصر وسائط التواصل اليوم، وما يغرف لها مِن أقاويل ليست على أساس، فأكدوا حكم العاقل لا القائل: «الإنسان قادر على أنْ يقولَ خلافَ ما يعلم، ولكنْ لا يقدر أنْ يعلمَ خلافَ ما يعقل، وذلك أنه يمكنه أنْ يقول: زيدٌ قائمٌ قاعدٌ، في حال واحد، ولكنْ لا يمكنه أنْ يعلم ذلك، لأنَّ عَقله يُنكرُه عليه. فما كان هذا هكذا. فلا ينبغي أنْ ينزلَ بالحكمِ على قولِ القائلين، ولكنْ على حكمِ العقولِ»(الرّسالة 13 من القسم الرّياضي). لاحظ إخوان الصَّفا ما يمارسه القصاصون، وهو يجوبون الطُّرقات لبيع الهذيان، فدخلت أطنان منه إلى الأديان والمذاهب. لذا قالوا في رؤوس الجهل: «إنَّ قوماً من القصَّاصين وأهل الجدل، يتصدرون المجالسّ، ويتكلّمون في الآراء والمذاهب، ويناقضون بعضهم بعضاً، وهم غير عالمين بماهيتها، فضلاً عن معرفتهم بحقائقها، وأحكامها، وحدودها، فيسمع قولهم العوام، ويحكمون بأحكامهم»(الرسالة الأولى في الآراء والديانات). شاهدتُ أحد الوعاظ، يتهم «الفيسبوك» بالكذاب، لأنَّه أحرجه بنشر جهالاته في الأقوال، وهو نفسه لا يتحرج مِن نشر غير المعقول فيه. إنها منصةٌ هائلهٌ في نقل القول، بلا خضوع لغربلة، فمن يقول زيدٌ قائمٌ وقاعدٌ في الوقت نفسه، يفسره للعوام بالكرامة، لأنّ العقول مرهونة عند مَن يقلدونه، في الدُّنيا والدِّين، وقد أشير إلى قصاصٍ صاحب منبر: «وكان مِن مشاهير الوعاظ، الذين يحسنون الهيمنة على شعور العوام»(الخاقانيّ، شعراء الغري). فالعوام هم ضالة القصاصين، جمهور غفير لا يعرف اليمين مِن اليسار إلا بتقليد، ليس صعباً على القصاص إقناعهم بتأخير غروب الشَّمس أو شروقها بكرامة مِن الكرامات، فما هو حجم مصلحة هؤلاء إبقاء الجمهور جاهلاً؟ فالإنسان «لا يحتاج في الجهل إلى أكثر من ترك التعلم»(الجاحظ، البيان والتبيين)، والتَّعليم عندما توجهه منابر القصاصين، يُحقق ما نرى ونسمع مِن فضائع. ما حذر منه إخوان الصّفا، قبل ألف عام، يمارس مِن على أرقى اختراع اليوم، حتَّى صار الجهلُ صناعةً، والهذيان يحل محل العلم، ولا يهم التّحقيق، مع أنّ «كلَّ كلام على غير أصل، هذيان لا تحقيق له»(الرَّسالة الأولى في الآراء والدِّيانات). نأتي بمثالٍ تطبيقي، على ما نبه إليه إخوان الصَّفا، في القائل والعاقل، وهو ما تُحارب ضد تنفيذه الأمهات اليوم، يقول فقهاء: «لا يجوز وطء الزَّوجة قبل إكمال تسع سنين»، فيجوز العقد للرضيعة، فهل يُحكم بهذا القول، مع أنه ليس مِن بنات العقل؟! محال يقبله عاقل، وبالتالي يكون هذياناً، الهذيان القاصد هتك الطّفولة، باسم الدِّين. فطوبى لإخوان الصّفا تركوا حِجَّةً فلسفيَّة، نجادل بها غرائب زماننا. مثّلَ إخوان الصّفا في تمييزهم بين القائل والعاقل نهضةً في قياس زمانهم، سرعان ما خفتت، وظلت رسائلهم جذوةً يُستضاء بها، عند المميز بين النُّور والظّلمة، أمّا الآخرون، «ممَن يسمع قولهم العوام ويحكمون بأحكامهم» فأبو الطَّيب(قُتل: 354 هجريَّة) يقول: «وما انتفاع أخي الدُّنيا بناظره/ إذا استوت عنده الأنوارُ والظُّلمُ»(العُرف الطَّيب).

المصدر: شبكة اخبار العراق

إقرأ أيضاً:

مكتب الصرف يقول إن العجز التجاري ارتفع بـ1,1% خلال السبعة أشهر الأولى من عام 2024

أفاد مكتب الصرف بأن العجز التجاري ارتفع بنسبة 1,1 في المائة، خلال الشهور السبعة الأولى من سنة 2024، ليبلغ 169 مليار درهم، مقابل 167,15 مليار درهم قبل سنة.

وأوضح المكتب، في نشرته المتعلقة بالمؤشرات الشهرية للمبادلات الخارجية، أن هذا التطور يشمل ارتفاع الواردات من السلع بنسبة 3,7 في المائة إلى 431,45 مليار درهم، مع ارتفاع الصادرات بنسبة 5,5 في المائة إلى 262,44 مليار درهم، مضيفا أن معدل التغطية كسب 1 نقطة ليبلغ 60,8 في المائة.

وفي التفاصيل، شمل نمو الواردات ارتفاع منتجات التجهيز المصنعة بنسبة 9,1 في المائة إلى 101,08 مليار درهم، والمنتجات نصف المصنعة بنسبة 8,6 في المائة إلى 94,61 مليار درهم، ومنتجات الاستهلاك المصنعة بنسبة 3,6 في المائة إلى 96,07 مليار درهم، فضلا عن انخفاض المنتجات الخام (ناقص 8,5 في المائة إلى 18,76 مليار درهم) والمنتجات الطاقية (ناقص 4,1 في المائة إلى 66,81 مليار درهم).

وبالموازاة مع ذلك، أشار المكتب إلى أن صادرات قطاع الطيران ارتفعت بنسبة 20,3 في المائة إلى 15,34 مليار درهم، أي أعلى ارتفاع، متقدمة على الفوسفاط ومشتقاته (زائد 14,1 في المائة إلى 46,16 مليار درهم، وقطاع السيارات (زائد 8,5 في المائة إلى 92,75 مليار درهم).

وفي المقابل، تراجعت صادرات « النسيج والجلد » و »الصناعات الأخرى » و »الإلكترونيك والكهرباء »، و »الفلاحة والصناعة الغذائية »، على التوالي، بـ2,1 في المائة إلى 27,94 مليار درهم، و3,3 في المائة إلى 15,82 مليار درهم، و2,6 في المائة إلى 10,18 مليار درهم، و0,9 في المائة إلى 51,13 مليار درهم.

كلمات دلالية مكتب الصرف، العجز التجاري

مقالات مشابهة

  • ماذا يعني فوز «إخوان» الأردن في الانتخابات؟
  • ترامب يقول إنه "من المحتمل" أن يلتقي الرئيس الأوكراني الأسبوع المقبل
  • مكتب الصرف يقول إن العجز التجاري ارتفع بـ1,1% خلال السبعة أشهر الأولى من عام 2024
  • ماليزيا تتهم إخوانياً في فضيحة اعتداءات جنسية على أطفال
  • “غروندبرغ” يقول إنه أجرى مناقشة بناءه وصريحة مع المسؤولين في طهران حول اليمن
  • مالي: مسلحون يهاجمون مقرا للقوات المسلحة في العاصمة والجيش يقول إن الأمور تحت السيطرة