الهجمات القاتلة بتفجير أجهزة الاتصالات من طراز "بيجر" التي تستعمل داخل حزب الله، ليست الأولى من نوعها التي ينفذها الموساد، ما يميزها فقط أنها كانت واسعة النطاق وعشوائية.   فجهاز الموساد الإسرائيلي كان قد اغتال يحيى عياش القيادي في كتائب عز الدين القسام والخبير بصناعة المتفجرات والمشهور بلقب "المهندس" بنفس الطريقة في 5 كانون الثاني 1996.



كتب الناشط الإسرائيلي والعضو في حزب الليكود ألكسندر نيبومنياشي في عام 2016 تفاصيل عن عملية اغتيال عياش مشيرا في موضوع بعنوان "اتصال الموت"، إلى أن القيادي ومدرب مقاتلي حماس يحيى عياش، تمت تصفيته " بمساعدة شحنة صغيرة مثبتة بأناقة في هاتف صديقه الخلوي".   رواية نيبومنياشي عن اغتيال يحي عياش تقول إن هاتف منزل صديقه أسامة حيث كان يختبئ "تبين أنه معطل في ذلك الصباح. حدث كل شيء كما هو مخطط له. اعتاد عياش تلقي اتصال هاتفي من والده في الصباح. كان غير قادر على الوصول إلى هاتف عادي، اتصل الأب برقم الصديق، مع العلم أن ابنه كان في مكان قريب. سلم أسامة الهاتف إلى يحيى وغادر الغرفة، بعد أن تمكن فقط من سماع بداية المحادثة. في اللحظة التالية، تم التعرف على صوت عياش من قبل مشغلي جهاز الأمن العام (الشاباك) الذين استمعوا إليه، وانفجرت العبوة الناسفة، وبحسب بعض الروايات، بمساعدة طائرة من دون طيار".

وكتب نيبومنياشي عن خلفيات عملية الاغتيال قائلا: "من غير المعروف كيف تواصل الإسرائيليون مع مقاول البناء الناجح كامل حمد، عم أسامة وصاحب العمل، الذي لجأ عياش إلى منزله في بيت لاهيا شمال غزة هذه المرة. كما أنه من غير الواضح كيف أجبر على تنفيذ المهمة. وفقا لبعض التقارير، تكلف مليون دولار وجواز سفر مزور وتأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة".   وعن الهاتف الخلوي الذي استعمل في الاغتيال، يقول السياسي والناشط الإسرائيلي إنه "جهاز ألفا من موتورولا. كان الهاتف بغطاء مفصلي من أحدث صيحات الموضة في ذلك الوقت، يزن حوالي 350 غراما. وبالتالي فإن 15 غراما من المتفجرات البلاستيكية المكونة من مسحوق (أر دي إكس) المتفجر زرعت بعناية وكانت غير محسوسة عمليا. لهذا السبب ربما لم يدرك كامل (عم أسامة) أن الهاتف كان مفخخا، معتقدا أنه يحتوي فقط على شريحة تنصت مضمنة فيه. في اليوم السابق، استعار لفترة وجيزة هاتفا من ابن أخيه، ثم أعاده، وطلب منه الاحتفاظ به".

ووصف السياسي الإسرائيلي عياش بأنه كان "حصل على تعليم عال ولديه ذكاء أعلى من معظم أقرانه، تم تكليفه بتخطيط وتنظيم الهجمات الإرهابية. بدأ يتخصص في صنع القنابل محلية الصنع. وساعده في ذلك أنه درس في كلية الهندسة الكهربائية في جامعة بير زيت.. كمتفجرات، قرر استخدام مادة بيروكسيد الأسيتون التي تم الحصول عليها من المواد الكيميائية المنزلية، وغالبا ما يطلق عليها اسم "أم الشيطان" لعدم استقرارها الشديد وسهولة قابليتها للاشتعال".   وذكر نيبومنياشي أن عياش كان يختبئ "بمهارة من الجيش الإسرائيلي، وغالبا ما غير أماكن الإقامة الليلية، وكان متنكرا. كان العشرات من الأشخاص في حماس مشغولين بخدمته فحسب، ونقله من مكان إلى آخر، وتوفير الطعام وكل ما هو ضروري. في كل مكان جديد، كان ينتظره منزل جاهز، مجهز بالكامل لمواصلة أنشطته القاتلة".

وعن مسؤولية إسرائيل عن عملية الاغتيال يقول: "رسميا، لم تعترف إسرائيل أبدا بمشاركتها في القضاء على الإرهابي. ومع ذلك، بعد عشر سنوات، كشف مسؤولون سابقون في الشاباك (جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي) عن بعض التفاصيل في المقابلات، مؤكدين بشكل غير مباشر أن تدمير أحد أكثر الإرهابيين دموية كان نتيجة لعملية قاموا بها". (روسيا اليوم)  

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

تفجيرات أجهزة “البيجر” في لبنان: لعبة مخابرات أم خطأ كارثي؟

سبتمبر 18, 2024آخر تحديث: سبتمبر 18, 2024

المستقلة/- في تطور دراماتيكي أثار جدلاً واسعاً، انفجرت يوم أمس في أنحاء لبنان أجهزة اتصال راديوية من نوع “بيجر”، مما أدى إلى مقتل 9 أشخاص وإصابة نحو 3000 آخرين. هذه التفجيرات أثارت موجة من التساؤلات والاتهامات المتبادلة، وسط تقارير أمنية تشير إلى تورط “الموساد” الإسرائيلي في زرع متفجرات داخل أجهزة بيجر استوردها “حزب الله” قبل أشهر.

تعتبر شركة “غولد أبولو” التايوانية، المصنعة لأجهزة “البيجر”، في قلب هذا الجدل بعد أن أشار تقرير أمني لبناني إلى أن “حزب الله” طلب تزويده بـ5000 جهاز بيجر منها. ومع تصاعد الضجة، خرج مؤسس الشركة، هسو تشينج كوانغ، في تصريح صادم نفى فيه مسؤولية شركته عن تصنيع الأجهزة المتفجرة، مؤكداً: “شركة غولد أبولو لم تصنع الأجهزة المستخدمة في التفجيرات التي وقعت في لبنان.”

لكن النفي الصادر عن الشركة لم يكن كافياً لتهدئة الجدل. فقد أظهرت تحليلات الصور التي أجرتها وكالة “رويترز” أن الملصقات والخلفيات المطبوعة على بقايا الأجهزة المتفجرة تتطابق مع تلك التي تنتجها “غولد أبولو”، مما يطرح أسئلة أكثر من الإجابات حول مدى تورط الشركة، سواء كان ذلك بطريقة مباشرة أو من خلال عمليات نقل غير مشروعة.

“الموساد” في دائرة الاتهام

التصعيد في الأزمة أخذ منعطفاً أكثر خطورة عندما أشار مصدر أمني لبناني رفيع المستوى إلى أن “الموساد” الإسرائيلي قد يكون وراء تفجير أجهزة البيجر، من خلال زرع متفجرات داخلها قبل وصولها إلى “حزب الله”. هذا الادعاء يعزز الاعتقاد بأن تفجيرات الأمس قد تكون جزءاً من لعبة مخابراتية معقدة، حيث يتم استخدام التكنولوجيا العادية كسلاح ضد تنظيمات مسلحة مثل “حزب الله”.

“حزب الله” واستراتيجية الاتصالات المشبوهة

إذا صحت هذه التقارير، فإن هذا الحدث يثير علامات استفهام كبيرة حول كيفية وقوع “حزب الله” في هذا الفخ القاتل. لماذا تم الاعتماد على أجهزة اتصال راديوية “بيجر”، وهي تقنية قديمة نسبياً، في وقت تتوفر فيه تقنيات اتصالات أكثر تقدماً وأماناً؟ وما الذي جعل “حزب الله” هدفاً لتفجير متزامن بهذا الحجم عبر أجهزة متفجرة من نوع “بيجر”؟ هل كانت هناك إشارات تحذيرية تم تجاهلها؟ أم أن العملية كانت محكمة لدرجة أن أحداً لم يشك في الأمر؟

مأساة إنسانية وسؤال عن المسؤولية

فيما يجري النقاش حول المسؤولين الحقيقيين عن التفجيرات، فإن حقيقة وقوع 9 قتلى وآلاف الجرحى تبقى المأساة الأكبر. هذه التفجيرات وضعت المواطنين الأبرياء في مرمى الأحداث السياسية والأمنية المتشابكة، مما يعيد فتح النقاش حول استغلال التكنولوجيا والاتصالات في النزاعات العسكرية والاستخباراتية.

في ظل هذا الجدل، يبقى السؤال الأهم: من يتحمل المسؤولية عن هذه التفجيرات؟ هل ستبقى الاتهامات محصورة بين “حزب الله” و”الموساد”؟ أم أن القضية ستتطور لتكشف عن شبكة أوسع من التلاعب والتجسس؟

مقالات مشابهة

  • أسامة السعيد: التصعيد الإسرائيلي على الجبهة اللبنانية بات واضحًا
  • أشهر عملية اغتيال نفذها الموساد عبر الهاتف
  • الموساد نفذها خوفًا من اكتشاف حزب الله الأمر: عن أجهزة "البيجر" التي كانت ورقة خفية في يد إسرائيل
  • مختص يوضح مدى خطورة الهواتف بعد تفجير بيجر حزب الله
  • تفاصيل عملية "البيجر": الموساد الإسرائيلي يستهدف حزب الله بانفجارات مدمرة
  • 5 آلاف جهاز مع حزب الله.. رويترز تكشف طريقة اختراق الموساد لـ"بيجر"
  • تفجيرات أجهزة “البيجر” في لبنان: لعبة مخابرات أم خطأ كارثي؟
  • القتال انتقل إلى مرحلة جديدة: تفجيرات بيجر حزب الله نفذها الموساد.. هذا ما كشفته مصادر
  • عملية مشتركة للموساد والجيش الإسرائيلي وراء تفجيرات البيجر في لبنان