يشهد الشرق الأوسط تصعيدًا ملحوظًا في النزاع، مع تصاعد التوترات بين إسرائيل و"حزب الله"، وانعكاسات هذا التصعيد على المستوى الإقليمي.

المحلل السياسي عمرو حسين يعكس الأبعاد الاستراتيجية للهجوم السيبراني الإسرائيلي على "حزب الله"، بينما يقدم المحلل الفلسطيني فراس ياغي رؤية حول تطور الأوضاع، متوقعًا تحول الصراع إلى حرب شاملة تستدعي تفاعلًا دوليًا معقدًا.

 


توسيع الحرب على جبهة الشمال

أكد المحلل والباحث السياسي عمرو حسين أن الهجوم السيبراني الأخير الذي نفذته إسرائيل على "حزب الله"، من خلال تفجير هواتف البيجر التابعة للحزب، يُعد رسالة صريحة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يسعى لتوسيع دائرة الحرب خاصة في جبهة الشمال.

وأضاف حسين في تصريحات خاصة لـ «الفجر»، أن هذا الهجوم يعكس قرار نتنياهو، الذي اتخذ قبل أيام، بضرورة التصعيد مع "حزب الله" بعد أن وصلت عملياته العسكرية في غزة إلى نقطة مسدودة. وأشار إلى أن نتنياهو حاول تحقيق انتصار من خلال السيطرة على محور فيلادلفيا ومعبر رفح، لكنه فشل في تفكيك "حماس"، ما دفعه للبحث عن جبهة جديدة لتعويض هذا الفشل.

وأوضح عمرو حسين أن نتنياهو يعاني من تراجع شعبيته بسبب فشله في استعادة الأسرى الإسرائيليين أحياء أو التوصل إلى صفقة تبادل مرضية. ويرى حسين أن نتنياهو يحاول الآن فتح جبهة حرب طويلة في لبنان على غرار الحرب في غزة، في محاولة للبقاء في السلطة، وتجنب محاكمته على الإخفاقات التي رافقت صد هجوم السابع من أكتوبر الماضي.

حرب شاملة 


أفاد المحلل السياسي الفلسطيني فراس ياغي أن إسرائيل تقترب من حرب شاملة، بينما يسعى الجيش الإسرائيلي إلى إبقاء النزاع محدودًا، بحيث لا يتجاوز عدة أيام أو أسبوعين، يعقبه تسويات سياسية تشمل مناطق الشمال والجنوب.

وأضاف ياغي في تصريحات خاصة لـ «الفجر»، أن الهدف من هذه الاستراتيجية هو إنهاء حرب الاستنزاف التي لا يستطيع الجيش الإسرائيلي تحملها على المدى الطويل.

وأشار ياغي إلى أن الجيش يحاول توريط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اتخاذ قرار التصعيد، وهو ما حدث بالفعل في لبنان اليوم. لكن ياغي يرى أن نتنياهو الذي وصفه بـ "المخادع والماكر" سيسعى لتحويل هذا التصعيد إلى حرب إقليمية شاملة تشمل الولايات المتحدة، محققًا بذلك حلمه في توجيه ضربة عسكرية لإيران.

وأوضح ياغي أن نتنياهو حصل على "الضوء الأخضر" من الدولة العميقة الأمريكية، التي باتت ترى إيران حليفًا عسكريًا لروسيا وشريكًا اقتصاديًا قويًا للصين، وبالتالي هناك ضرورة لتوجيه ضربة لها بعد أن أصبحت مصدرًا للأسلحة التي تمد روسيا في حربها ضد أوكرانيا.

لفت إلى أن روسيا والصين تدركان هذه المعادلة، ولذلك تطالبان إيران بعدم الانجرار وراء خطط نتنياهو. ومع ذلك، فإن الوضع على الأرض يشير إلى حرب شاملة غير معلنة، خاصة بعد التصعيد في لبنان.

واختتم المحلل السياسي الفلسطيني قائلًا: "أتوقع أن تتغير المعادلات قريبًا، وسيكون الرد من محور المقاومة موجعًا وقويًا، يشمل جبهات متعددة، ليكون رسالة واضحة للولايات المتحدة قبل إسرائيل. إما التوصل إلى صفقة تبادل أسرى وانسحاب كامل من غزة، أو الدخول في حرب استنزافية لن تنتهي".

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: اسرائيل اسرائيل غزة حزب الله لبنان

إقرأ أيضاً:

فضيحة الشاباك تكشف هشاشة نتنياهو: من يحكم إسرائيل حقا؟

أعلن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال 24 ساعة فقط عن ترشيح إيلي شرفيت لتولي رئاسة جهاز الأمن الداخلي "الشاباك" قبل أن يتراجع سريعًا عن قراره، وهو ما يعكس حالة التخبط وغياب الاتساق في قراراته.

وجاء في تقرير لصحيفة "كاونتر بانش" أن هذه الحادثة تعكس حالة التخبط في قرارات نتنياهو، وتؤكد الانطباع السائد بأن القرارات على أعلى المستويات تُتخذ بعشوائية ودون رؤية استراتيجية واضحة.

وذكر التقرير أن هذا التراجع المفاجئ يمثل دليلًا إضافيًا على هشاشة موقع نتنياهو في الحكم، وسهولة تأثره بضغوط متعددة، ليس فقط من شركائه المتطرفين في الائتلاف الحاكم، بل أيضًا من قوى خارجية وحكومات أجنبية، وحتى من زوجته سارة، وذلك حسب ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية.

وأوضح أن حالة الفوضى في عملية اتخاذ القرار تعكس انعدام الثقة العميق الذي يشعر به الإسرائيليون تجاه قيادتهم السياسية، وقد أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة أن شريحة واسعة من المواطنين فقدت الثقة بالحكومة مع تنامي المطالب بإجراء انتخابات مبكرة أو استقالة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.


وهذا التراجع في الثقة يعزى إلى فشل نتنياهو في منع هجمات السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، إضافة إلى عجزه عن تحقيق أهداف الحرب التي تحولت إلى حملة دموية واسعة النطاق ضد غزة.

وأشار التقرير إلى أن المسألة تتجاوز هذه الإخفاقات العسكرية، مشيرا إلى أن جزءًا كبيرًا من الإسرائيليين يعتبرون أن نتنياهو لم يعد يتصرف انطلاقًا من المصلحة الوطنية، بل يسعى بكل الوسائل إلى التشبث بالسلطة، ولو على حساب وحدة المجتمع الإسرائيلي. 

وأوضح ان "استعداد نتنياهو للمضي في عمليات عسكرية أودت بحياة أكثر من 15 ألف طفل وآلاف المدنيين في غزة لا يبدو منفصلًا عن محاولاته كسب المزيد من الوقت في الحكم".

ورأى أن فضيحة "الشاباك" الأخيرة تمثّل أوضح دليل حتى الآن على عمق الفساد وسوء التقدير الذي بات يطبع أداء نتنياهو، وأنه لطالما اتسمت السياسة الإسرائيلية بعدم الاستقرار، ونادرًا ما تدوم التحالفات السياسية طويلًا، ولا تعتبر الانقسامات التي تشهدها حكومة نتنياهو استثناءً بل امتدادًا لتاريخ سياسي مضطرب.

وأشار إلى أن التصاعد المتواصل في حدة التوتر بين المؤسسة العسكرية والحكومة يُعد انعكاسًا لاتجاه أوسع تسعى من خلاله قوى اليمين إلى بسط سيطرتها على مؤسسات الدولة كافة، بما في ذلك الجيش، الذي كان يُنظر إليه تقليديًا كمؤسسة محايدة وبعيدة عن التجاذبات السياسية. لكن هجمات السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، والحرب الفاشلة التي أعقبتها – وكلاهما يخضع حاليًا لتحقيقات موسعة – قد نسفا التوازن الهش الذي مكّن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وتحالفه اليميني من الاستمرار في الحكم دون انفجار شعبي واسع النطاق.

وذكر أن للضغط الشعبي الإسرائيلي دورا حاسما في هذا التوازن؛ فقد أجبرت موجة الغضب الجماهيري نتنياهو في نيسان/ أبريل 2023 على إعادة وزير الحرب السابق يوآف غالانت إلى منصبه بعد عزله. لكن خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية من الحرب الممتدة على جبهات غزة ولبنان وسوريا، استغل نتنياهو حالة الطوارئ كأداة لتكميم الأصوات المعارضة وقمع الاحتجاجات وتجاهل الدعوات لإنهاء الحرب والبحث عن تسوية دبلوماسية.

وذكرت الصحيفة أن نتنياهو حوّل الحرب إلى منصة لتمرير أجندته السياسية الداخلية التي فشل في فرضها خلال السنوات السابقة غير أن أزمة "الشاباك" تُعد تطورًا نوعيًا وخطيرًا.


 ويعد جهاز "الشاباك"، الذي أسسه دافيد بن غوريون عام 1949، أحد ركائز الأمن القومي الإسرائيلي إذ تشمل مهامه "مكافحة الإرهاب"، وجمع المعلومات الاستخباراتية، وتأمين كبار المسؤولين، إلى جانب منع عمليات التجسس و"التخريب" الداخلي.

ومع الانكشاف الكبير الذي مُنيت به القدرات الاستخباراتية خلال هجمات السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، فإن أي تغيير جذري في بنية هذا الجهاز الحساس قد تكون له عواقب كارثية على استقرار "إسرائيل". 

ورغم تبعية رئيس "الشاباك" المباشرة لرئيس الوزراء، إلا أن هذا المنصب كان يُعتبر تقليديًا بمنأى عن التجاذبات السياسية، لذلك جاءت إقالة رونين بار في الثاني من آذار/ مارس لتُحدث صدمة في المجتمع الإسرائيلي فاقت في أثرها قرارات عزل رئيس الأركان هرتسي هاليفي ووزير الحرب يوآف غالانت.

واعتبر تقرير الصحيفة أن نتنياهو، بإقالته رئيس الشاباك، كسر أحد المحرمات السياسية في إسرائيل، ما عمّق من حدة الأزمة الداخلية غير المسبوقة. كما أن رئيس "الشاباك" السابق نداف أرغمان لوّح بكشف معلومات سرية، في مؤشر خطير على استعداد الجهاز للانخراط في الصراع السياسي الدائر وسط تحذيرات من انزلاق البلاد إلى حافة حرب أهلية.

وأشار إلى أن إلغاء ترشيح إيلي شرفيت – الذي كان يُفترض أن يخلف بار – يُعد أبرز مظاهر تخبط نتنياهو في إدارة الأزمة ويُعزز رواية خصومه بأنه بات عبئًا على الدولة. وقد صرّح زعيم المعارضة يائير لابيد بأن نتنياهو أصبح "تهديدًا وجوديًا على إسرائيل".


وذكرت بعض التحليلات أن تراجع نتنياهو عن ترشيح شرفيت جاء استجابة لضغوط أمريكية، لاسيما أن شرفيت سبق أن نشر مقالًا ينتقد فيه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. ومع أن هذا التراجع قد يُفهم على أنه خضوع للإملاءات الأمريكية، إلا أن هذا التفسير يعتبر تبسيطًا مفرطًا إذ أن قرارات نتنياهو تتأثر بمجموعة متشابكة من الضغوط المحلية والدولية. ويسعى نتنياهو إلى تقديم تراجعه عن تعيين شرفيت كخطوة تكتيكية محسوبة، أو كبادرة حسن نية تجاه ترامب، لضمان استمرار الدعم الأمريكي المطلق لحربه في غزة وسياسته الإقليمية عمومًا.

وفي الختام، أشار التقرير إلى أن أجندة الحرب المتواصلة التي يتبناها نتنياهو لا تستند إلى رؤية سياسية واضحة، بل تنبع من هاجس واحد: الحفاظ على تماسك تحالفه السياسي، وضمان بقائه في السلطة — لا أكثر ولا أقل.

مقالات مشابهة

  • الجيش الإسرائيلي يواصل التصعيد العسكري في طولكرم ومخيم نور شمس
  • باراك يتهم نتنياهو بقيادة إسرائيل نحو الهاوية ويطالب بتنحيته
  • فضيحة الشاباك تكشف هشاشة نتنياهو: من يحكم إسرائيل حقا؟
  • باراك يتهم نتنياهو بقيادة إسرائيل نحو الهاوية
  • إسرائيل وتركيا تفشلان بالتوصل إلى اتفاق حول منع التصعيد في سوريا
  • أخبار العالم| ترامب يلمح لانفراجة قريبة بشأن غزة.. إيران تسعى لاتفاق نووي مؤقت خلال محادثات عمان.. وفشل المحادثات بين إسرائيل وتركيا بشأن التصعيد في سوريا
  • مشروع قرار بمجلس الأمن لوقف التصعيد الإسرائيلي في سوريا
  • فشل المحادثات بين إسرائيل وتركيا بشأن التصعيد في سوريا
  • كيف تأثرت مصر برسوم ترامب الجمركية والحرب التجارية مع الصين؟.. خبراء يجيبون
  • مندوب الجزائر بمجلس الأمن: التصعيد الإسرائيلي في سوريا يفاقم الوضع الإنساني