دوامة أزمات حضرموت: الصراع يتصاعد… ولا ينفجر
تاريخ النشر: 19th, September 2024 GMT
الجديد برس:
يشهد الوضع في حضرموت، كبرى المحافظات اليمنية، منذ منتصف العام الحالي، توتراً يزداد تعقيداً مع مرور الأيام ليصل أحياناً إلى الحراجة، من دون أن تتمكّن القوى السياسية الفاعلة، سواء المحلية أو الإقليمية، من الوصول إلى تسويات ترضي أطرافه المختلفة.
وترفع الأطراف المحلية مطالب خدماتية وإنمائية، غير أن الهبّة المجتمعية والقبلية تستبطن صراعاً خفياً على موارد المحافظة الغنية بالنفط والمعادن والثروة البحرية، فضلاً عن موقعها الاستراتيجي، وخصوصاً بالنسبة إلى الرياض.
وكما في كل القضايا في المحافظات التي تخضع لسلطة التحالف السعودي – الإماراتي، فإن الطرفين المتخاصمين بشكل دائم وأساسي، هما الطرفان اللذان قادا الحرب على اليمن، أي السعودية والإمارات، وهما مختلفان منذ سنوات على تقسيم الغنيمة، ويديران الخصومة بينهما عبر الوكلاء المحليين.
وعمد «حلف قبائل حضرموت»، بالتعاون مع قوى محلية أخرى، في الأشهر الأخيرة، إلى تنظيم عدد من الاحتجاجات الشعبية في مدن المحافظة، للمطالبة بتحقيق العدالة في توزيع الثروات والتمثيل السياسي، وإيقاف ما تعتبره تلك القوى استغلالاً للموارد.
وكان من أبرز أشكال التصعيد، تهديد قبائل حضرموت بإغلاق المنشآت النفطية في حال عدم استجابة الحكومة لمطالبها، وهو ما يُعدّ من أخطر الإجراءات، بالنظر إلى أن النفط يشكل مصدراً حيوياً للدخل القومي.
والسبت الماضي، بدأ «حلف قبائل حضرموت» تنفيذ تهديداته المتكرّرة للسلطات بعد انقضاء المهل التي أُعطيت لما يسمى «الشرعية»؛ وعليه، احتجزت نقاط تابعة للحلف عدداً من القاطرات الناقلة للنفط، لمنع تغذية محطات الكهرباء بالديزل المخصّص لتشغيلها، ما تسبّب بحلول ظلام دامس في حضرموت. كما كشفت وسائل إعلام محلية عن وثيقة مرسلة إلى مدير شركة «بترومسيلة» وقائد المنطقة العسكرية الثانية ورئيس مركز العمليات المشتركة ووكيل أول محافظة حضرموت، تُظهر أن 6 قاطرات لتموين محطات الكهرباء محتجزة من قبل «قبائل حضرموت» منذ 16 يوماً.
ومنذ البداية، رُفعت الشعارات المطلبية من قبل العديد من المكوّنات القبلية في المحافظة، ضد تردّي الأوضاع المعيشية، والخدمات، وتدهور التعليم، والانقطاعات المتكرّرة للكهرباء، وسوء رؤية السلطة المحلية في مواجهة التحديات ومعالجتها، وهي قضايا تجمع عليها كل الفئات الحزبية والقبلية والشعبية، وتعتبرها العامل الذي يحرّك الشارع الحضرمي.
وأرسلت القوى المحلية والقبلية، وعلى رأسها «حلف قبائل حضرموت» و«مؤتمر حضرموت الجامع»، تحذيراً إلى السلطة المحلية في المحافظة، في 13 تموز الماضي، من عدم تنفيذ عدد من المطالب، تحت طائلة اتخاذ «إجراءات مؤلمة تبدأ ولن تنتهي إلا برفع الظلم».
وتطوّر الموقف عند هذه القوى التي أضافت مطالب جديدة من مثل إيجاد معالجات وحلول مع ممثلي المعلمين، وإنهاء حرمان الطلاب من حقّهم في التعليم، والكشف بشفافية عن إيرادات حضرموت، وأوجه إنفاقها، وإنهاء حالة التفرّد بالسلطة، والعمل بالتوافق في اتخاذ القرارات كافةً.
كما شملت المطالب تشكيل لجنة مشتركة مع السلطة يكون فيها المجتمع شريكاً أساسياً في إدارة الموارد المالية للمحافظة وأولويات الإنفاق، والإعلان عن رؤية تنفيذية مجدولة لإصلاح الكهرباء، وإيجاد الحلول محلياً ومركزياً لإيقاف التدهور المعيشي وانهيار قيمة العملة، وإنقاذ المواطنين من المجاعة والفقر.
وشكّل افتقار المحافظة إلى الخدمات، على رغم غناها بالموارد، فشلاً ذريعاً لما يسمى «الشرعية»، الأمر الذي يوحّد الحضارمة على الأقل حول مطلب تخصيص حصة وازنة من نفط مناطقهم لرفد المشاريع الحيوية فيها. ومع ذلك، لا يمكن حصر الصراع في حضرموت بالقضايا المطلبية المحلية، بل للمحافظة أيضاً أهمية وطنية استراتيجية، على الصعيدين الوطني والإقليمي، تتمظهر في الآتي:
– تشكّل حضرموت قاعدة المشروع الانفصالي الذي يقوده «المجلس الانتقالي الجنوبي» المدعوم من الإمارات، والذي يركّز جهوده السياسية والأمنية وارتباطاته الخارجية على هدف انفصال المحافظات الجنوبية تحت مسمى «دولة الجنوب العربي». وإذ لا يستطيع «الانتقالي» بثّ الحياة في مشروعه هذا بالاكتفاء بالمحافظات الفقيرة بالموارد، أو من غير عدن كعاصمة سياسية، فإن الأهمية ذاتها تنطبق كذلك على حضرموت كمحافظة استراتيجية غنية بالنفط.
– الأزمة الحالية في المحافظة تتعلّق في جانب منها بالحلول المطروحة لإنهاء العدوان السعودي على اليمن، إذ إن التوافق على الهدنة يحكم الأطراف بالحلول المجتزأة، والتي قبلت بها صنعاء لضرورات ظرفية، منها المشاركة في جبهة إسناد غزة.
وفي حال تغيّر الظروف، فإن صنعاء ستضع على رأس أولوياتها تطبيق الاتفاقات التي كانت على وشك التوقيع عليها لولا الفيتو الأمريكي الذي يرهن تنفيذ التفاهمات بوقف جبهة الإسناد اليمنية.
وهذه النقطة بالذات مربط الفرس، والتي عندها يتفرّق الأصدقاء ويجتمع الخصوم ويتداخل المحلي بالإقليمي، وترتفع عقيرة المستفيدين من الحروب.
ومن المفارقات هنا أن «الانتقالي» يرى أن الحل الأمثل يقضي بأن يذهب ما نسبته 80% من موارد المحافظة النفطية إلى البنك المركزي في صنعاء، فيما يوافقه حزب «الإصلاح» الرأي في تلك المسألة، على رغم أنه مختلف معه، وذلك بهدف الحفاظ على «مملكته» في محافظة مأرب الغنية بالنفط أيضاً، والتي يحتكر مواردها.
وعلى أي حال، تبدو القوى السياسية المحلية في حضرموت في موقف حرج. فهي تقول إنها ترفض بشكل قاطع ترحيل الحلول إلى المستقبل أو انتظار حلول الإقليم، معتبرة أن ذلك سيزيد من تعقيد الأزمة ويؤدي إلى مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار.
لكن تلك القوى لا تستطيع في الوقت نفسه حسم الصراع، فيما جلّ ما تستطيعه السلطة تخفيف الأزمة من خلال حلول عاجلة لبعض المطالب الإنمائية الضرورية. أما جذر المشكلة فسيظل قائماً، وكلمة الفصل فيه للسعودية التي لم تقلها بعد، في انتظار الاستحقاقات الكبرى في اليمن، بينما الإشكالية بالنسبة إلى الأطراف المحلية المرتبطة بالحرب أو بالإمارات، هي إدراكها أن المملكة مستعدة لدفع الأكلاف مهما غلت، للتخلّص من المستنقع اليمني.
المصدر: جريدة الأخبار اللبنانية
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: قبائل حضرموت فی حضرموت
إقرأ أيضاً:
تظاهرة غاضبة في عدن تندد بانقطاع الكهرباء وقبائل الصبيحة تعلن النفير ضد الانتقالي
الثورة /
شهدت مدينة عدن المحتلة امس، مظاهرات غاضبة، تنديدا بانقطاع خدمة الكهرباء بشكل كلي عن المدينة.
ورفع المحتجون شعارات وهتافات تندد بانقطاع خدمة الكهرباء وتردي الأوضاع المعيشية وانهيار العملة الوطنية.
وفي المظاهرة التي جابت الشوارع في المنصورة والشيخ عثمان ندد المحتجون بالانهيار المخيف في الأوضاع الخدمية وفي مقدمتها الكهرباء والأحوال المعيشية للمواطنين بشكل عام والتي وصلت إلى واقع متفاقم لا يحتمل.
وطالب المحتجون الذين أشعلوا النيران في إطارات السيارات التالفة وأغلقوا العديد من الشوارع برحيل مليشيا الانتقالي في الوقت الذي نددوا بسياسة الاحتلال الذي تقوده السعودية والإمارات.
وأعلنت المؤسسة العامة للكهرباء في عدن خروج محطة “بترومسيلة” عن الخدمة..
مشيرةً إلى توقف جميع محطات التوليد العاملة بالديزل في ظل عدم توفر كميات الوقود اللازمة للتشغيل. وحذرت من انطفاء كامل مرتقب في حال عدم توفير مادة المازوت بشكل عاجل، وناشدت الجهات المعنية بسرعة التحرك لتوفير الوقود وضمان استمرار الخدمة.
كما شهدت مدينة عدن أمس توترًا متصاعدًا بين قبائل الصبيحة، كبرى قبائل محافظة لحج، وميليشيا المجلس الانتقالي على خلفية استمرار احتجاز الشيخ عصام هزاع الصبيحي منذ سبتمبر الماضي، رغم صدور قرار من النيابة الجزائية في فبراير 2025 بعدم وجود مبرر قانوني لاستمرار احتجازه.
وخرج أبناء الصبيحة مؤخراً في احتجاجات أمام قصر معاشيق بمدينة عدن، للمطالبة بالإفراج الفوري عن الشيخ عصام هزاع الصبيحي، المختطف في سجون ميليشيات الانتقالي منذ سبتمبر الماضي، مؤكدين رفض قيادات في الإنتقالي الإفراج عن هزاع.
ووجه مشايخ ووجهاء الصبيحة المشاركين في الوقفة الاحتجاجية، التحذيرات بقيادات ميليشيات الإنتقالي من التلاعب بملف القضية وعدم جرهم إلى مربع العنف، مشيرين إلى أن لديهم طرق أخرى سيفرضها الواقع في حال عدم إطلاق الشيخ الصبيحي رغم صدور حكم بالإفراج عنه.
المهرة
من جهة اخرى وصلت تعزيزات عسكرية تابعة لميليشيات “درع الوطن”، المدعومة من السعودية، إلى محافظة المهرة، في خطوة أثارت انتقادات واسعة من قبل قبائل المهرة وناشطين معتبرين أن هذه التحركات تستهدف عسكرة المحافظة الآمنة والبعيدة عن مناطق الصراع.
واكدت شخصيات قبلية بارزة عن رفضها ل”عسكرة المهرة” عبر استقدام قوات ومليشيات لا مبرر لوجودها في ظل حالة الأمن والاستقرار التي تشهدها المحافظة، وأكدوا أن استمرار هذا المخطط يهدد أمن المهرة واستقرارها.
ودعا الزعيم القبلي علي سالم الحريزي، كافة قبائل وأحرار المهرة إلى التحرك العاجل لمنع عسكرة المحافظة، محذرين من المخاطر المترتبة على إدخال تشكيلات عسكرية خارجية الى المحافظة.
وانتقد ناشطون “استباحة الأرض” عبر استخدام أبناء اليمن كجنود لحماية مشاريع واستثمارات استراتيجية، مقابل أجور زهيدة