يمانيون – متابعات
اليمن يدخل بكلّ جدارة نادي الدول المالكة والمصنعة للصواريخ “الفرط صوتية”. ليس الأمر دعائياً ولا مبالغاً فيه، بل التجارب والعمليات المتكررة في البحر والبر تؤكد هذه الحقيقة، آخرها عملية المولد النبوي التي استهدفت العمق الاستراتيجي الإسرائيلي.

قبل تسعة أيام فقط من العملية، توقفت الكثير من وسائل الإعلام والمحللين والخبراء بالتحليل والنقاش للمعادلة التي أطلقها قائد الثورة اليمنية السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، وتوعد فيها بأنّ “الأعداء سيفاجَأون في البر كما تفاجَأوا بالبحر بتقنيات جديدة غير مسبوقة في التاريخ، تساعد على التنكيل بهم بجبروت الله وبأسه”، وكان ذلك الوعيد خلال كلمة أسبوعية مطلع الشهر الجاري، دشّن فيها الفعاليات التحضيرية للمولد النبوي، وأطل فيها -كما هي العادة في كلماته الأسبوعية -على مستجدات فلسطين وجبهات المساندة.

لقد كان توقيت التدشين ذلك بمنزلة التحضير لهذه العملية. وجاء فجر المولد النبوي الشريف لإطلاقها بصاروخ فرط صوتي ذي تقنيات جديدة، تجاوز كل منظومات الدفاع والحماية بعدما طوى مسافة 2040 كيلومتراً من البر اليمني إلى البر الفلسطيني المحتل وفي عمق الكيان كاسراً كل العوائق والتوازنات.

هذه العملية التاريخية برغم أهميتها ليست رداً على “عدوان الحديدة”، كما أعلن قائد الثورة والقوات المسلحة، إنما جاءت ضمن “المرحلة الخامسة” من التصعيد ضد العدو الإسرائيلي، إسناداً لغزة، وهذه هي العملية الثانية على يافا “تل أبيب”، قلب الكيان، على أن المعادلة لا تزال مفتوحة على مرحلة حافلة بمفاجآت لا يمكن التكهّن بكيفيتها وتكتيكاتها، وهذا ما ألمح إليه السيد عبد الملك في خطابه أمام ملايين اليمنيين المحتفلين بالمولد بأن “القادم أعظم”.

أبرز الرسائل والدلالات لعملية المولد النبوي
-التنسيق العالي المستوى بين المقاومة الفلسطينية والقوات اليمنية بشكل خاص، وبين اليمن ومحور الجهاد والمقاومة بشكل عام.
– القدرة على الوصول إلى عمق الكيان واستهداف أي هدف خلال وقت قياسي قبل أن تقوم أنظمة الاعتراض والتشويش من مقامها.

– دخول القوات المسلحة اليمنية نادي القوات المصنعة للصواريخ الفرط صوتية القادرة على تجاوز العوائق الجغرافية والتقنية داخل فلسطين وخارجها.

– ترجمة عملية لمعادلة المفاجآت البرية وفاتحة لعمليات أعظم.

– العملية بمنزلة عينة تعطي مؤشراً عن طبيعة الرد القادم على عدوان الحديدة.

– عملية المولد ثبتت معادلة “يافا غير آمنة” بدليل أن صاروخاً واحداً أدخل الكيان في حالة رعب، وأجبر أكثر من مليوني مغتصب على الهروب إلى الملاجئ.

– إنهاء زمن منظومات الاعتراض الأميركية والإسرائيلية، كما انتهى زمن حاملات الطائرات.

ما يعزز الرسالة والدلالة الأخيرة أن هذه العملية جاءت من ناحية التوقيت بعد إذلال حاملات الطائرات والطائرة المسيرة الأميركية، والتوقيت الأهم أن هذه العمليات والتطورات تأتي على أعتاب الذكرى السنوية الأولى لمعركة طوفان الأقصى.

مساء الاثنين، كشف الإعلام الحربي اليمني اسم الصاروخ الفرط صوتي (فلسطين 2)، وهو صاروخ عالي السرعة والدقة بعيد المدى ولدية القدرة الكبيرة على المناورة. هذا الصاروخ الجديد والمتطور هشم الردع الإسرائيلي، وأدخل العدو والمتعاطفين معه في دوامة من الفرضيات، والحالة النفسية المؤرقة والمرعبة، والرعب الأكبر من القادم الأعظم.

كيف قرأ الصهاينة عملية المولد؟
كما أجبرت العمليات اليمنية البحرية أميركا وبريطانيا على إعادة النظر في منظوماتهم وقطعهم البحرية، واكتشفوا أنها قديمة عفا عليها الزمن وعالية الكلفة، وأن تطويرها يستغرق سنوات للتعامل مع الأسلحة الجديدة والقليلة الكلفة من الطائرات المسيرة والصواريخ الفرط صوتية.
إن كيان العدو نفسه معني بمراجعة وتقييم أداء طبقات الدفاع ومنظوماته الاعتراض وردعه المتآكل. وفي هذا السياق، أفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية بأن “سلاح الجو الإسرائيلي فتح تحقيقاً في أداء منظومات دفاعه الجوي في التصدي لصاروخ أرض -أرض أطلق من اليمن وسقط وسط إسرائيل”، وأن من سمّوهم “الحوثيين نجحوا ثلاث مرات في عمليات لقصف العمق الإسرائيلي”، في إشارة إلى هذه العملية وقبلها طائرة يافا وصاروخ إيلات.

صحيفة “جيروزاليم بوست” تحدثت هي الأخرى عن أنه لا بد من “تغيير المعادلة وإيجاد طريقة للردع”، وهذا يعكس قناعة عميقة بتآكل الردع.

كما أن التأثيرات المباشرة التي أحدثتها العملية شلت حركة القطارات ومطار اللد “مطار بن غوريون”، وأجبرت أكثر من مليوني صهيوني على الهروب جموحاً إلى الملاجئ، كما أن التحقيقات الجارية عن أسباب فشل الاعتراض والردع سيكون لها تداعيات سياسية وأمنية في واقع صهيوني منقسم أفقياً وعمودياً على المستوى الداخلي، وربما يزيد من حدة الانقسام، ويعمق حالة تراجع ثقة المغتصبين بحكومة نتنياهو وعسكرها وقواتها وأنظمتها الاعتراضية في حمايتهم.

أمام هذا التحول، والعملية الاستثنائية في الوسيلة والهدف والتوقيت، خرج المجرم نتنياهو مهدداً اليمن بـ”دفع ثمن باهظ” مقابل هذه العملية، غير مدرك بأن من دخل في مستنقع اليمن لن يخرج منتصراً، وأنه إن ارتكب أي حماقة باتجاه اليمن، فإن الرد سيصل بشكل أسرع إلى عمق الكيان، قبل أن تصل طائراته إلى أجواء اليمن، وسيفتح على الكيان أبواب جهنم، وعليه أن يقرأ التجربة والتاريخ المعاصر، ويستفيد من تجارب من اعتدوا على اليمن في العشرية القريبة الماضية، وكيف أصبحوا يُعيِّرون الأميركيين بهزيمتهم في البحر.

المفاعيل الاستراتيجية بعد عام من طوفان الأقصى
لن نقرأ مفاعيل عملية المولد بعين يمنية، إنما سنحاول قراءتها بعيون الفلسطينيين أنفسهم باعتبارهم رأس الحربة في المواجهة.
وضمن هذا الإطار، بعث السنوار رسالة خاصة إلى السيد عبد الملك بارك فيها العملية التاريخية بوصول صواريخ اليمن إلى عمق الكيان واختراق منظوماته، واعتبر أن ذلك يؤسس لما بعد، تماماً كما رأى أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام أن العملية “تشكل نقلة نوعية سيكون لها مفاعيل مهمة في مسار ومآلات معركة طوفان الأقصى”، فيما تعتقد حركة الجهاد الإسلامي أن “الضربة الصاروخية اليمنية فاقمت أزمات العدو وأظهرت ضعفه”، وتشاطرهم في ذلك الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي رأت أن “العملية الصاروخية اليمنية تعزيز لمعادلة الردع وكشف جديد لهشاشة الكيان الصهيوني وزيف منظومته الأمنية”.

في الخلاصة، فإن الرسالة الاستراتيجية للعدو الإسرائيلي، كما يرى القيادي ماهر الطاهر، أنه “إذا نجح العدو في تأمين الحدود القريبة”، في إشارة إلى مصر والأردن إلى حد ما، فإن “الحدود البعيدة من اليمن والعراق” ومن الحدود اللبنانية دخلت معركة مواجهة مباشرة مع العدو الإسرائيلي لقرابة عام، وهذا تحول استراتيجي كبير وعميق لم يكن العدو الصهيوني يتوقعه.

وإذا كانت منظومات من ثلاث طبقات قد فشلت في الكشف والاعتراض أمام صاروخ يمني أحادي، فكيف ستتعامل مع عمليات متزامنة بعشرات ومئات الصواريخ والمسيرات من محور الجهاد والمقاومة؟ وبالتالي، فإن أي تهديد أو استنفار إسرائيلي في جغرافيا ضيقة (فلسطين المحتلة) لن يكون أكثر فاعلية وتأثيراً من الاستنفار الأميركي في البر والبحر، وعليه من الآن أن يحسب ألف حساب لـ”القادم الأعظم”.
———————————————————————
الميادين – علي ظافر

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: هذه العملیة عمق الکیان

إقرأ أيضاً:

من “الحسم الكامل” إلى التهدئة المشروطة.. الجيش الإسرائيلي يضع 4 سيناريوهات للحرب

غزة – ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت”أن الجيش الإسرائيلي رسم أربعة مسارات محتملة للحرب في وقت يتشدد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وشركاؤه في مطلبهم بـ “الحسم العسكري” الشامل.

وبحسب ما نشرته الصحيفة، السيناريو الأول يتمثل في التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم مقابل الإفراج عن جميع الأسرى، وهو خيار يتماشى مع شروط حركة الفصائل الفلسطينية، ويعتبر الجيش الإسرائيلي أنه يعد بمثابة “نصر معنوي” لها، ويستوجب انسحاب الجيش الإسرائيلي الكامل من القطاع، مع ضمانات بعدم تجدد القتال.

إلا أن القيادة الأمنية في إسرائيل ترفض هذا السيناريو في المرحلة الحالية، وترى أنه محفوف بالمخاطر السياسية والأمنية، وتعتبر أنه يشجع على تكرار نماذج عمليات مشابهة لهجوم 7 أكتوبر 2023، ويعزز ما تعتبره إسرائيل “إستراتيجية الاختطاف”.

وترى هذه التقديرات أن الاستجابة لمطالب حركة الفصائل قد تُكرّس استخدام الاختطاف كأداة ضغط إستراتيجية في المستقبل، ليس فقط لتحرير أسرى، كما كان الحال قبل 7 أكتوبر 2023، بل لفرض شروط سياسية على إسرائيل، ودفعها للتنازل كذلك عن أراض.

السيناريو الثاني يتناول إمكانية تنفيذ صفقات تبادل متدرجة على مراحل، يتخللها وقف مؤقت لإطلاق النار، على مدار أسابيع أو أشهر، على أن تُستخدم هذه الفترة لتشكيل تصور لما يسمى بـ”اليوم التالي” لحكم حركة الفصائل في غزة.

هذا السيناريو، وإن كان مفضلا لدى صناع القرار في إسرائيل، غير أن حركة الفصائل ترفضه بشدة، وتصر على ضمانات لإنهاء الحرب على غزة بموجب أي صفقة، وكذلك الانسحاب الشامل لقوات الجيش الإسرائيلي من القطاع.

أما السيناريو الثالث، فيقوم على خيار “الحسم العسكري الكامل” من خلال تعبئة واسعة لقوات الاحتياط وشن هجوم بري واسع النطاق تشارك فيه عدة فرق عسكرية للسيطرة على معظم مناطق القطاع، وتطويق مراكز تواجد السكان، وتدمير شبكات الأنفاق ومرافق المقاومة.

وتدرك القيادات العسكرية الإسرائيلية، بحسب الصحيفة، أن هذا الخيار محفوف بتحديات عملياتية وسياسية، وقد يؤدي إلى سقوط عدد كبير من الجنود، فضلا عن تعريض حياة الأسرى للخطر، إلى جانب تحميل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن إدارة الشؤون المدنية في غزة، وما قد يترتب على ذلك من تداعيات دولية وقانونية.

ويتمثل السيناريو الرابع، والذي تشير التقديرات الأمنية إلى أنه الخيار الأقرب حاليا، في الاستمرار بالنهج الحالي عبر تصعيد تدريجي في العمليات العسكرية، مع إدخال محدود ومنضبط للمساعدات الإنسانية إلى مناطق محددة تحت رقابة صارمة.

يأتي ذلك فيما تواصل إسرائيل منع إدخال المساعدات إلى قطاع غزة منذ الثاني من مارس الماضي؛ ويهدف هذا السيناريو إلى زيادة الضغط على حركة الفصائل من جهة، ودفع الغزيين إلى ممارسة ضغط داخلي على الحركة، لإجبارها على القبول بصفقة تبادل أو تفكيك بنيتها العسكرية.

وتؤكد التقديرات أن الجيش الإسرائيلي يفضل إبقاء توزيع المساعدات بيد جهات خارجية أو منظمات دولية، وليس تحت مسؤوليته المباشرة، لتفادي استنزاف قواته المنتشرة ميدانيا وعدم تعريضها لمخاطر أمنية وميدانية.

ووفقا للصحيفة، يواصل الجيش الإسرائيلي إعداد خطط بديلة تحسبا لاحتمال اضطراره إلى الإشراف بنفسه على توزيع المساعدات إذا ما فشلت الجهات الدولية بذلك، لكنه يفضل تفادي هذا السيناريو قدر الإمكان.

وذكرت الصحيفة أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، أجرى سلسلة من الاجتماعات خلال الأسابيع الماضية، منذ تسلمه مهامه، أفضت إلى بلورة تقييم محدّث للوضع، بمصادقة وزير الدفاع يسرائيل كاتس.

ووفقًا للتقرير، يأخذ هذا التقييم بعين الاعتبار القيود السياسية والعسكرية المفروضة على إسرائيل في الظروف الراهنة، ويهدف إلى اشتقاق خيارات عملياتية يطرحها الجيش على الكابينيت السياسي – الأمني. وتشير الصحيفة إلى أن الجيش أعدّ ثلاث خطط عملياتية رئيسية، واحدة فقط منها تتطلب تعبئة واسعة لقوات الاحتياط.

المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • موقع “NPR”: “إسقاط 3 طائرات أمريكية خلال أسبوع يكشف تقدم اليمنيين”
  • تطور التصنيع العسكري اليمني يربك العدو
  • شاهد | صاروخ اليمن إلى شمال فلسطين يبدد المناطق الآمنة في الكيان
  • الحوثي: موقف اليمن داعم لفلسطين نموذج يحتذى به.. ويكشف عن 7 ضربات صاروخية ناجحة تجاه العمق الإسرائيلي 
  • مرغم: يجب تحرير ليبيا من “مشروع حفتر” بقوة السلاح وتشكيل “مجلس الثوار” لقيادة هذه العملية
  • المسلح “الحكار” الذي شرمل عامل نظافة بفاس يسقط في قبضة الأمن
  • من “الحسم الكامل” إلى التهدئة المشروطة.. الجيش الإسرائيلي يضع 4 سيناريوهات للحرب
  • “باليستي يمني” يوقظ مليون “مستوطن” من نومهم 
  • صاروخ يُطلق من اليمن باتجاه إسرائيل وصفارات الإنذار تدوي في الشمال
  • إعلام العدو : صاروخ يمني يستهدف للمرة الأولى شمال فلسطين المحتلة