اليمن يكشف عن الصاروخ الذي قصم ظهر “إسرائيل”: الدلالات والرسائل
تاريخ النشر: 19th, September 2024 GMT
يمانيون – متابعات
اليمن يدخل بكلّ جدارة نادي الدول المالكة والمصنعة للصواريخ “الفرط صوتية”. ليس الأمر دعائياً ولا مبالغاً فيه، بل التجارب والعمليات المتكررة في البحر والبر تؤكد هذه الحقيقة، آخرها عملية المولد النبوي التي استهدفت العمق الاستراتيجي الإسرائيلي.
قبل تسعة أيام فقط من العملية، توقفت الكثير من وسائل الإعلام والمحللين والخبراء بالتحليل والنقاش للمعادلة التي أطلقها قائد الثورة اليمنية السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، وتوعد فيها بأنّ “الأعداء سيفاجَأون في البر كما تفاجَأوا بالبحر بتقنيات جديدة غير مسبوقة في التاريخ، تساعد على التنكيل بهم بجبروت الله وبأسه”، وكان ذلك الوعيد خلال كلمة أسبوعية مطلع الشهر الجاري، دشّن فيها الفعاليات التحضيرية للمولد النبوي، وأطل فيها -كما هي العادة في كلماته الأسبوعية -على مستجدات فلسطين وجبهات المساندة.
لقد كان توقيت التدشين ذلك بمنزلة التحضير لهذه العملية. وجاء فجر المولد النبوي الشريف لإطلاقها بصاروخ فرط صوتي ذي تقنيات جديدة، تجاوز كل منظومات الدفاع والحماية بعدما طوى مسافة 2040 كيلومتراً من البر اليمني إلى البر الفلسطيني المحتل وفي عمق الكيان كاسراً كل العوائق والتوازنات.
هذه العملية التاريخية برغم أهميتها ليست رداً على “عدوان الحديدة”، كما أعلن قائد الثورة والقوات المسلحة، إنما جاءت ضمن “المرحلة الخامسة” من التصعيد ضد العدو الإسرائيلي، إسناداً لغزة، وهذه هي العملية الثانية على يافا “تل أبيب”، قلب الكيان، على أن المعادلة لا تزال مفتوحة على مرحلة حافلة بمفاجآت لا يمكن التكهّن بكيفيتها وتكتيكاتها، وهذا ما ألمح إليه السيد عبد الملك في خطابه أمام ملايين اليمنيين المحتفلين بالمولد بأن “القادم أعظم”.
أبرز الرسائل والدلالات لعملية المولد النبوي
-التنسيق العالي المستوى بين المقاومة الفلسطينية والقوات اليمنية بشكل خاص، وبين اليمن ومحور الجهاد والمقاومة بشكل عام.
– القدرة على الوصول إلى عمق الكيان واستهداف أي هدف خلال وقت قياسي قبل أن تقوم أنظمة الاعتراض والتشويش من مقامها.
– دخول القوات المسلحة اليمنية نادي القوات المصنعة للصواريخ الفرط صوتية القادرة على تجاوز العوائق الجغرافية والتقنية داخل فلسطين وخارجها.
– ترجمة عملية لمعادلة المفاجآت البرية وفاتحة لعمليات أعظم.
– العملية بمنزلة عينة تعطي مؤشراً عن طبيعة الرد القادم على عدوان الحديدة.
– عملية المولد ثبتت معادلة “يافا غير آمنة” بدليل أن صاروخاً واحداً أدخل الكيان في حالة رعب، وأجبر أكثر من مليوني مغتصب على الهروب إلى الملاجئ.
– إنهاء زمن منظومات الاعتراض الأميركية والإسرائيلية، كما انتهى زمن حاملات الطائرات.
ما يعزز الرسالة والدلالة الأخيرة أن هذه العملية جاءت من ناحية التوقيت بعد إذلال حاملات الطائرات والطائرة المسيرة الأميركية، والتوقيت الأهم أن هذه العمليات والتطورات تأتي على أعتاب الذكرى السنوية الأولى لمعركة طوفان الأقصى.
مساء الاثنين، كشف الإعلام الحربي اليمني اسم الصاروخ الفرط صوتي (فلسطين 2)، وهو صاروخ عالي السرعة والدقة بعيد المدى ولدية القدرة الكبيرة على المناورة. هذا الصاروخ الجديد والمتطور هشم الردع الإسرائيلي، وأدخل العدو والمتعاطفين معه في دوامة من الفرضيات، والحالة النفسية المؤرقة والمرعبة، والرعب الأكبر من القادم الأعظم.
كيف قرأ الصهاينة عملية المولد؟
كما أجبرت العمليات اليمنية البحرية أميركا وبريطانيا على إعادة النظر في منظوماتهم وقطعهم البحرية، واكتشفوا أنها قديمة عفا عليها الزمن وعالية الكلفة، وأن تطويرها يستغرق سنوات للتعامل مع الأسلحة الجديدة والقليلة الكلفة من الطائرات المسيرة والصواريخ الفرط صوتية.
إن كيان العدو نفسه معني بمراجعة وتقييم أداء طبقات الدفاع ومنظوماته الاعتراض وردعه المتآكل. وفي هذا السياق، أفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية بأن “سلاح الجو الإسرائيلي فتح تحقيقاً في أداء منظومات دفاعه الجوي في التصدي لصاروخ أرض -أرض أطلق من اليمن وسقط وسط إسرائيل”، وأن من سمّوهم “الحوثيين نجحوا ثلاث مرات في عمليات لقصف العمق الإسرائيلي”، في إشارة إلى هذه العملية وقبلها طائرة يافا وصاروخ إيلات.
صحيفة “جيروزاليم بوست” تحدثت هي الأخرى عن أنه لا بد من “تغيير المعادلة وإيجاد طريقة للردع”، وهذا يعكس قناعة عميقة بتآكل الردع.
كما أن التأثيرات المباشرة التي أحدثتها العملية شلت حركة القطارات ومطار اللد “مطار بن غوريون”، وأجبرت أكثر من مليوني صهيوني على الهروب جموحاً إلى الملاجئ، كما أن التحقيقات الجارية عن أسباب فشل الاعتراض والردع سيكون لها تداعيات سياسية وأمنية في واقع صهيوني منقسم أفقياً وعمودياً على المستوى الداخلي، وربما يزيد من حدة الانقسام، ويعمق حالة تراجع ثقة المغتصبين بحكومة نتنياهو وعسكرها وقواتها وأنظمتها الاعتراضية في حمايتهم.
أمام هذا التحول، والعملية الاستثنائية في الوسيلة والهدف والتوقيت، خرج المجرم نتنياهو مهدداً اليمن بـ”دفع ثمن باهظ” مقابل هذه العملية، غير مدرك بأن من دخل في مستنقع اليمن لن يخرج منتصراً، وأنه إن ارتكب أي حماقة باتجاه اليمن، فإن الرد سيصل بشكل أسرع إلى عمق الكيان، قبل أن تصل طائراته إلى أجواء اليمن، وسيفتح على الكيان أبواب جهنم، وعليه أن يقرأ التجربة والتاريخ المعاصر، ويستفيد من تجارب من اعتدوا على اليمن في العشرية القريبة الماضية، وكيف أصبحوا يُعيِّرون الأميركيين بهزيمتهم في البحر.
المفاعيل الاستراتيجية بعد عام من طوفان الأقصى
لن نقرأ مفاعيل عملية المولد بعين يمنية، إنما سنحاول قراءتها بعيون الفلسطينيين أنفسهم باعتبارهم رأس الحربة في المواجهة.
وضمن هذا الإطار، بعث السنوار رسالة خاصة إلى السيد عبد الملك بارك فيها العملية التاريخية بوصول صواريخ اليمن إلى عمق الكيان واختراق منظوماته، واعتبر أن ذلك يؤسس لما بعد، تماماً كما رأى أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام أن العملية “تشكل نقلة نوعية سيكون لها مفاعيل مهمة في مسار ومآلات معركة طوفان الأقصى”، فيما تعتقد حركة الجهاد الإسلامي أن “الضربة الصاروخية اليمنية فاقمت أزمات العدو وأظهرت ضعفه”، وتشاطرهم في ذلك الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي رأت أن “العملية الصاروخية اليمنية تعزيز لمعادلة الردع وكشف جديد لهشاشة الكيان الصهيوني وزيف منظومته الأمنية”.
في الخلاصة، فإن الرسالة الاستراتيجية للعدو الإسرائيلي، كما يرى القيادي ماهر الطاهر، أنه “إذا نجح العدو في تأمين الحدود القريبة”، في إشارة إلى مصر والأردن إلى حد ما، فإن “الحدود البعيدة من اليمن والعراق” ومن الحدود اللبنانية دخلت معركة مواجهة مباشرة مع العدو الإسرائيلي لقرابة عام، وهذا تحول استراتيجي كبير وعميق لم يكن العدو الصهيوني يتوقعه.
وإذا كانت منظومات من ثلاث طبقات قد فشلت في الكشف والاعتراض أمام صاروخ يمني أحادي، فكيف ستتعامل مع عمليات متزامنة بعشرات ومئات الصواريخ والمسيرات من محور الجهاد والمقاومة؟ وبالتالي، فإن أي تهديد أو استنفار إسرائيلي في جغرافيا ضيقة (فلسطين المحتلة) لن يكون أكثر فاعلية وتأثيراً من الاستنفار الأميركي في البر والبحر، وعليه من الآن أن يحسب ألف حساب لـ”القادم الأعظم”.
———————————————————————
الميادين – علي ظافر
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: هذه العملیة عمق الکیان
إقرأ أيضاً:
نتنياهو: “إسرائيل” ستتحرك بقوة ضد الحوثيين
يمن مونيتور/ قسم الأخبار
قال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأحد إن “إسرائيل” ستواصل التحرك ضد جماعة الحوثي في اليمن، متهما إياها بتهديد الملاحة العالمية والنظام الدولي.
وأضاف في بيان مصور، بثّه مكتبه، بعد يوم من سقوط صاروخ أطلق من اليمن على منطقة تل أبيب مما تسبب في عدد من الإصابات الطفيفة، “مثلما تحركنا بقوة ضد الأذرع الإرهابية لمحور الشر الإيراني، فسوف نتحرك بقوة أيضا ضد الحوثيين”.
يأتي ذلك وسط حديث مسؤولين أمنيين إسرائيليين أمس السبت عن استعداد تل أبيب لشن هجوم آخر في اليمن، يتضمن مشاركة دول أخرى، وذلك بعد فشل منظومتها الدفاعية في التصدي أمس السبت لصاروخ باليستي آخر أُطلق من اليمن وسقط في تل أبيب مخلفا 30 مصابا وأضرارا بعشرات الشقق في المنطقة.
وقالت صحيفة معاريف الإسرائيلية إن سلاح الجو الإسرائيلي يستعد للرد على الهجمات التي شنتها جماعة الحوثي خلال الأيام الأخيرة، لكنها تواجه صعوبة في جمع معلومات استخباراتية تمكّنها من الوصول إلى مستودعات صواريخ الحوثيين في اليمن.
وأضافت الصحيفة في تقرير أن شعبة الاستخبارات بجيش الاحتلال الإسرائيلي تركّز نشاطها على رصد مجموعة من الأهداف العسكرية والإستراتيجية للحوثيين في اليمن.
وقالت إن “الجيش الإسرائيلي والمؤسسة الأمنية يعترفان بأن مشكلة محاربة منظمة إرهابية مثل الحوثيين معقدة بشكل خاص، بسبب صعوبة جمع معلومات استخباراتية عن رؤساء القبائل على رأس المنظمة، وكذلك صعوبة الوصول إلى مستودعات الصواريخ، وعدم الاكتفاء بقصف المنشآت في الموانئ وبراميل الوقود”.
وأوضحت الصحيفة أن الصاروخ الذي فشلت “إسرائيل” في اعتراضه السبت، وسقط في تل أبيب (وسط)، هو من طراز مطور لصاروخ “خيبر” إيراني الصنع، وقالت إنه تم خفض كمية المادة المتفجرة في رأس الصاروخ، مقابل إضافة المزيد من الوقود الصلب لتحسن مدى طيران وسرعة الصاروخ مباشرة، بعد خروجه من الغلاف الجوي.
وفي وقت سابق اليوم قال سلاح الجو الإسرائيلي، في نتائج تحقيق بشأن فشله في اعتراض الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون، إن الصاروخ سقط في تل أبيب بسبب خلل في الصاروخ الإعتراضي، وليس في منظومة الدفاع الجوي نفسها، وفق القناة الـ12 الإسرائيلية الخاصة.
وقال سلاح الجو الإسرائيلي إن “المخاوف من أن يكون الصاروخ الحوثي مزودا برأس حربي قادر على المناورة جرى استبعادها”، وذلك بعدما برزت مخاوف بأن الرأس الحربي للصاروخ كان رأسا حربيا مناورا، أي أن محركها يغير المسار، ما يجعل مهمة كشفه واعتراضه صعبة، وفق المصدر ذاته.
لكن وفق التحقيق الأخير، فإن خللا حدث في صاروخ “حيتس (آرو/السهم)” الذي تم إطلاقه لاعتراض الصاروخ الباليتسي في الطبقة العليا فوق الغلاف الجوي، حسب القناة الـ12.
لماذا يشكل الحوثيون تحدياً لم تواجهه المخابرات الإسرائيلية من قبل؟.. صحيفة عبرية تجيب