أحمد يحيى الديلمي
أول مرة بعد مُضي أربعة عقود من الزمن وجدت نفسي عاجزاً عن وصف الموقف المهيب يوم الأحد الماضي في ميدان السبعين وكل الميادين في المحافظات المحررة، الحقيقة أنه حدث غير مسبوق في التاريخ الإسلامي، بدّد كل الأهواء والنزغات الشيطانية التي ظلت تُردد لفترة من الزمن بأن الاحتفال بمولد النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم بدعة، فجاءت المهرجانات اليمنية المهيبة لتؤكد أن المناسبة يجب أن تُخلّد في الذاكرة الإنسانية باعتبارها إحتفاءً بسيد الخلق البشير النذير محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وكانت المفاجأة الأكبر أن الاحتفاء بالمناسبة سبقهُ فعل عملي أكد عمق الارتباط بالرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم واتباع منهجه القويم في أهم آليات ذلك المنهج والمتمثلة في إعلاء راية الجهاد ضد أعداء الأمة والدين، فلقد مثّل صاروخ ” فلسطين 2 ” هزة عظيمة، خلقت إرباكاً وذعراً لدى دولة الكيان الصهيوني وأنصاره في بقية العالم لهذه الدولة وبعد عقود من الزمن بهذا الصاروخ الميمون يمني المنشأ والانتماء، ألغى إلى الأبد فكرة الأمن المُطلق لدولة الكيان الصهيوني ما ترسخ في أذهان العرب حول هذا المفهوم، فعرفنا جميعاً أن مثل هذا الكلام لم يكُن سوى وهم عمقه ذُل وهوان الأنظمة العربية العميلة وقادتها أصحاب الإرادات المهزوزة الذين جعلوا من إسرائيل هالة ومنطقة مُحرمة لا يُمكن الاقتراب منها، فأسقط بالفعل وبشكل عملي أسطورة الجيش الذي لا يُقهر، وأنهى المنظومة الغربية الاعتراضية التي كانت إسرائيل تتباهى بها وتتحدث عن القبة الحديدية، فلا الحديد نفع ولا الصواريخ تصدّت ولا البشر سلموا الكارثة .
وكما قال أحد المحللين من دول المغرب العربي وهو صحفي عروبي أعرفه جيداً: لقد سدد العرب الأقحاح في اليمن ضربة قوية للمشروع الصهيوأمريكي، فأعادوا إلى نفوسنا الأمل وفتحوا الطريق إلى كل عربي ينتمي إلى العروبة وإلى الدين، لكي يُسهم بما استطاع في دعم مواصلة المشوار وتمكين أنصار الله الميامين من توجيه الضربات المحمدية مصحوبة بالصرخات العلوية إلى عمق هذا العدو المتغطرس والمتجبر، ويضيف نفس الصحفي: لقد أكد إخوانُنا وأصلُنا في اليمن أن العروبة والإسلام حصن واقٍ يتجاوز قدرة القُبب الحديدية والمنظومات الصاروخية الذكية، وأضافوا في احتفالاتهم المهيبة والمهرجانات غير المسبوقة أنهم سيظلون محور الفعل وأنهم يجددون سيرة أجدادهم العظماء من الأنصار الذين آووا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورفعوا راية الإسلام، فكان الحضور الكبير الحاشد لليمنيين في عدة ساحات فعلاً نوعياً أثلج صدورنا وأكد أن اليمن ستظل دائماً محور ارتكاز العقيدة وأن القيادة في اليمن تترجم عملياً القرآن العظيم والنهج المحمدي .
فإلى هذا الشعب المبارك الميمون وإلى قائده العظيم السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي نزف أسمى آيات التهاني والتبريكات بهذه المناسبة ونبارك لهم هذا التطور النوعي الذي أذهل الأعداء والأصدقاء معاً، ونقول لهم نحن معكم وإلى جانبكم في كل خطواتكم الميمونة .
* ماذا يُريد هؤلاء ؟!!
قائد إصلاحي كبير ظهر في قناة الحدث الأكبر خلال النشرة اليومية التي تطل علينا هذا القناة المشبوهة بها في الساعة السابعة من كل ليلة، كان هذا القائد يتحدث عن الحوثيين بحسب وصفه، فسأله المذيع عن دور ما يسمونها بالشرعية في التصدي لأي عدوان صهيوني ولماذا لم تبادر هذه الشرعية إلى شجب ما حدث في الحديدة ورفع مذكرة استنكار إلى مجلس الأمن لكي تؤكد شرعيتها؟ أجاب بأسلوب سمج وحقد تاريخي: موقف الشرعية معروف والحوثة إنما يريدون إدخال اليمن واليمنيين في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
“اللهم لا شماتة هذا الإصلاحي العفن الذي طالما مدّ لحافه أمام المساجد لأخذ التبرعات باسم فلسطين، فنهبوا حلي النساء ومدخرات الأطفال ومقتنيات الرجال، كل ذلك باسم فلسطين زوراً وبهتاناً، فحينما كان خالد مشعل – رئيس حركة حماس الأسبق في زيارة لصنعاء سألناه عن المبالغ التي تسلموها من الإصلاح، فأجاب بالنفي “أي لا شيء” والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو: أين ذهبت تلك الأموال الطائلة والحلي النفيسة؟! لا شك أنها تحولت إلى مدخرات خاصة أو مبانٍ فارهة في حدة والحوبان، فعلاً أنهم نهبوا هذه الأموال واستخدموا هذا الاسم العظيم والأموال المقدسة من أجل الحصول على أموال مدنسة، من هو الذي يبحث عن المكسب بأي طريقة وبأي أسلوب مهما بلغ في القذارة؟! إنها أعمال مزرية تدل على حقارة هؤلاء الناس واستعدادهم أن يتاجروا بأي شيء حتى بالمبادئ والقيم.
أكتفي بما أسلفت وأُكرر الشكر والتقدير والولاء والعرفان لقائد المسيرة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، الذي أعاد الحياة إلى مجاريها وأحيا في النفوس حُب الجهاد والاستشهاد كلما كانت القضية عادلة ومُقدسة كما هو حال القضية الفلسطينية، فهنيئاً لشعبنا اليمني بهذا القائد وهنيئاً له بهذه الانتصارات العظيمة، ومن نصر إلى نصر إن شاء الله، والله من وراء القصد …
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: صلى الله علیه وآله وسلم
إقرأ أيضاً:
الإفتاء ترد على من يشكك في فضل ليلة النصف من شعبان
شهر شعبان، حرصت دار الإفتاء المصرية على ما أورده بعض المتنطعين والمشككين في فضل ليلة النصف من شعبان المباركة، والتي ورد في فضلها أحاديث كثيرة، أهمها: ما رواه الترمذي وابن ماجه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: فقدتُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات ليلة، فخرجت أطلبه، فإذا هو بالبقيع رافعٌ رأسَه إلى السماء، فقال: «يَا عَائِشَةُ، أَكُنْتِ تَخَافِينَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟» فقُلْتُ: وما بي ذلك، ولكني ظننتُ أنك أتيتَ بعضَ نسائك. فقال: «إِنَّ الله تَعَالَى يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَغْفِرُ لأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعرِ غَنَمِ كَلْبٍ».
ليلة النصف من شعبان
وروى البيهقي في "شعب الإيمان" عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا كَانَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ نَادَى مُنَادٍ: هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ، هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ، فَلَا يَسْأَلُ أَحَدٌ شَيْئًا إِلَّا أُعْطِيَ، إِلَّا زَانِيَةٌ بِفَرْجِهَا أَوْ مُشْرِكٌ».
وأمَّا ما قيل من الطعن في فضل هذه الليلة بحجة ضعف ما ورد من الأحاديث فيه؛ فالجواب عن ذلك: أن أسانيد الوارد ليست كلها ضعيفة، بل بعضها قد صحَّحه الحفاظ.
وقال العلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي" (3/ 367، ط. دار الكتب العلمية) -بعد أن ساق أحاديث ليلة النصف من شعبان-: [فهذه الأحاديث بمجموعها حجةٌ على من زعم أنه لم يثبت في فضيلة ليلة النصف من شعبان شيء] اهـ.
وقال الإمام الرائد الشيخ محمد زكي الدين إبراهيم في رسالته: "ليلة النصف من شعبان في ميزان الإنصاف العلمي" (ط. العشيرة المحمدية) -بعد أن ذكر جملة من الأحاديث الواردة في ذلك-: [ومثل هذا كله لا يقال بالرأي، كما هو معلوم عند العلماء، وهذه الأحاديث -وإن كان في بعضها ضعف أو لين- فهي مجبورة ومعتضدة بتعددها واختلاف طرقها وشواهدها، وهكذا تأخذ رتبة الحسن على الأقل، فيُؤخذ بها فيما هو أخطر من موضوعنا هذا] اهـ.
شهر شعبان المبارك
وقال الإمام أحمد بن حنبل: [إذا رُوينا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحلال والحرام والسنن والأحكام تشدَّدنا في الأسانيد، وإذا روينا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في فضائل الأعمال، وما لا يضع حكمًا ولا يرفعه تساهلنا في الأسانيد] اهـ. "الكفاية في علم الرواية" للخطيب البغدادي (ص: 134، ط. المكتبة العلمية بالمدينة المنورة).
وقال الإمام أبو عمرو بن الصلاح في "علوم الحديث" (1/ 103، ط. دار الفكر): [يجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد، ورواية ما سوى الموضوع من أنواع الأحاديث الضعيفة، من غير اهتمام ببيان ضعفها، فيما سوى صفات الله تعالى، وأحكام الشريعة من الحلال والحرام وغيرهما؛ وذلك كالمواعظ، والقصص، وفضائل الأعمال، وسائر فنون الترغيب والترهيب، وسائر ما لا تعلق له بالأحكام والعقائد، وممن روينا عنه التنصيص على التساهل في نحو ذلك: عبد الرحمن بن مهدي، وأحمد بن حنبل رضي الله عنهما] اهـ.
شهر شعبان
وقال العلامة ابن حجر الهيتمي في "الفتح المبين في شرح الأربعين" (ص: 32، ط. دار المنهاج) -عند قول الإمام النووي: وقد اتَّفق العلماء على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال-:[لأنه إن كان صحيحًا في نفس الأمر فقد أُعطي حقه من العمل به، وإلا لم يترتب على العمل به مفسدة تحليل ولا تحريم، ولا ضياع حق للغير] اهـ.