المرأة اليمنية تحيي المناسبة بالمجالس الدينية وحلقات الذكر في البيوت والمساجد والاجتماعات النسوية

الثورة / رجاء عاطف – أمل الجندي

ذكرى المولد النبوي الشريف، مناسبة عظيمة يقدسها كل اليمنيين ويحتفلون بها ويعظمونها أيما تعظيم، كيف لا وهي ذكرى مولد خير البرية وخير من وطأ الثرى سيد الخلق أجمعين منذ أن خلق الله الأرض حتى يرثها.

. هكذا بدأت أمة الإله حجر – ناشطة ثقافية وتربوية، حديثها عن إحياء ذكرى مولد رسول الله في المجالس النسائية، حيث أشارت إلى أن من عادة النساء في بلدنا الحبيب أنهى يقُمن بالاحتفال بمولد سيد البشرية في كل أيام السنة وليس في شهر ربيع فقط بل يقام في كل مناسبة فيها فرح واستبشار.
وأضافت أنه حينما يكون لدى العائلة أي مناسبة (عرس أو مولود جديد) يحتفلون بالمولد وتأتي النشادة ويجهز لها مكان خاص بها مميز غير كل الحاضرات وتسمى تلك النشادة سيدتنا تقديرا لها على ما تقوم به من إحياء مولد رسول الله صلوات الله عليه وآله وتنشد الأناشيد وتذكر سيرته العطرة.
مجالس نسوية
تواصل أمة الإله حجر حديثها قائلة: إن مجالس النساء في بلادنا تكون معطرة بذكر رسول الله صلوات الله عليه وآله طوال أيام السنة …أما في شهر ربيع فالمناسبة تكون اكبر وأعظم، فنساء اليمن يفتحن المجالس للنساء خاصة في شهر ربيع، فمن عليها نذر أو نية بأن يصلح الله أولادها أو يقضي حاجة في نفسها تأتي بالنشادة وتدعو نساء الحي وأقاربها لحضور المجلس وهذا المولد النبوي ترش فيه العطور والعود والبخور وماء الورد، ليعبق المجلس بالذكر الحكيم والصلاة على رسول الله صلوات الله عليه وآله طوال المجلس مع ذكر سيرته العطرة .
وقالت حجر: إن تفاعل النساء اليمنيات العظيمات في إقامة المولد النبوي الشريف في ازدياد والجميع يتسابق وذلك لقداسة وعظمة هذه المناسبة فتتزين المجالس النسائية لاستقبال يوم المولد النبوي ومن لديها القدرة تقوم بتوزيع الحلوى والمسابح والبخور أو تقديم بعض الهدايا الرمزية لضيفات هذه المجالس لأنهن يعتبرن ضيفات رسول الله وقد جئن ولبين الدعوة محبة وقربة لرسول الله صلوات الله عليه وآله .
قدوة حسنة
ومن جانبها أوضحت أمة الرحمن محمد الحاكم – ناشطة ثقافية أنه بعد غياب طويل وممنهج من عملاء أمريكا لشخصية عظيمة وقدوة حسنة بشهادة كتاب الله تعالى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِـمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا)، ظهر من جديد سيد الأولين والآخرين إلى محبيه، من قال عنهم ومدحهم بأنهم أهل الإيمان والحكمة، ظهر من جديد هذا النور الإلهي لصنع المتغيرات العظيمة التي أرادها الله لعباده المتقين، ظهر دين رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم وتجسد ذلك في بلادنا اليمن قولا وعملا.
وقالت الحاكم إن جئت إلى الاقتداء، فأهل اليمن أول من اقتدى برسول الله في جهاده وتضحياته وعطائه وصبره وعنفوانه.. اليمنيون عندما يحيون هذا المولد العظيم، فإنهم قد أحيوه أولا في مواقفهم التي زلزلت قوى الشرك والطاغوت بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة استهدفت عمق قلب العدو فجعلته يتراجع آلاف الخطوات إلى الوراء.
استقبال ضيوف رسول الله
وأكدت الحاكم أن المرأة اليمنية تُعد الداعم الأول والسند الحقيقي، بل تعتبر جبهة للتصدي لقوى الكفر والطاغوت، ونشاهد ذلك – حسب أمة الرحمن محمد الحاكم – في عدة مجالات واهمها إحياء هذه الذكرى العظيمة، فكل عام نرى تواجدها يزداد أكثر من الأعوام السابقة وتزداد بذلك استبصارا وتنويرا ويقينا أنها في طريق يرضاه الله ويحبه.. تقول: نشاهد الفتيات الصغار وهن يستبشرن بهذه المناسبة وأصبح الحال يتكلم عن نفسه بلبس القبعات والفساتين والأشياء ذات اللون الأخضر الذي يدلل على هذه المناسبة ونرى الفرح باد على وجوه الصغار، ولا ننسى أن هناك من الإحسان وتذكر الفقراء الجزء الكبير وكل هذا اقتداء بسيد المناسبة عليه وآله افضل الصلاة والتسليم.
أقدس مناسبة
فيما قالت أنيسة زايد – ناشطة ثقافية: إن أرض اليمن تشهد أعظم وأقدس مناسبة على وجه الأرض مناسبة لا مثيل لها تعلن فيها نساء اليمن تجديد الولاء لمن أنار له الكون مشرقا ومغربا محمد صلى الله عليه وآله وسلم محبة وإعزازا وتقديسا وتعظيما وتوقيرا لطبيب القلوب وروح الأرواح محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم.
وتابعت زايد : تحيي اليمنيات هذه المناسبة عرفانا بالنعمة وشكرا لله وامتثالا لأمر الله عندما قال: ((قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون))، وأضافت أن الفرح بمولده صلى الله عليه وآله وسلم له مظاهر عديدة عند أهل اليمن خاصة حيث تكاد لا تمر من شارع أو محل أو مول أو منزل إلا وكلٌ يعبَّر عن حبه للمصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، منهم من يعلق اللوحات القماشية الخضراء والبيضاء ومنهم من يعلق المصابيح الخضراء بطرق إبداعية وتشكيلة رائعة مكتوبة باسم محمد يتلألأ ليلا لينير الظلمة ويبهج ويسر الناظرين، فترتفع الأصوات بالصلاة على محمد وآله ويهتف الكل صغارا وكبارا بـ (لبيك يا رسول الله).
مظاهر الفرح
وأكدت أنيسه على أن الشعب اليمني العظيم تميز بالاحتفال بهذه المناسبة بطريقة استثنائية حتى أنهم أقاموا المسابقات والندوات وأعمال البر والإحسان للمستضعفين وكان للمرأة دور كبير جدا في هذا المجال، وكذلك الزيارات الميدانية لأسر الشهداء والجرحى والمرابطين اقتداء بسيد المناسبة وعظمته، من قال فيه الله ((لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة))، خاصة ونحن نعيش مظلومية أهل غزة في صبرهم وثباتهم مقابل إجرام الكيان الصهيوني تجاه الأطفال والنساء والوحشية الرهيبة لإبادة شعب كامل لم يشهد التاريخ لها مثيلاً.
وزادت بالقول: إن هذه المناسبة تعطينا كثير من الدروس والعبر لتكون مرآة تتجسد في واقعنا، ونحن بحاجة اليوم أن نظهر عظمة هذه المناسبة بكل قوة وفي جميع بقاع الأرض تصديا لقوى الشر والطغيان وخصوصا لما يتعرض له رسول الله والمقدسات الإسلامية من اغتصابات وانتهاكات وحرق للمصحف الشريف، كما نحتاج إلى إظهار رسول الله وصاحب هذه المناسبة، بما يليق بعظمته تصديا لما يظهره الأعداء من إساءات يستنقصون من مكانة محمد صلى الله عليه وآله في القلوب.. وإظهار المحبة له فيه إغاظة لأعداء الله وأجر كبير، واعتبره الله عملاً صالحاً ((ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عملاً صالحاً)).
تفاعل سنوي مميز
من جانبها تقول تهاني شماخ – ناشطة ثقافية: يعتبر إحياء هذه المناسبة مهم جدا لكل فئات المجتمع في تأثيرها على الروح الإيمانية والطاقة التنويرية في نفوس الناس جميعا، حيث أصبح المجتمع النسائي يزيد من انتشار النور الإلهي في أعماق نفوس الحاضرات، مما يعزز حالة الارتباط الحقيقي بالحبيب المصطفى واتخاذه قدوة حسنة تتبع في كل المجالات الإنسانية العبادية والمعاملاتية والسلوكيات الحسنة والأخلاقيات الفاضلة بل يزداد الوعي والبصيرة والتأثر الفعلي بحياة وحركة سيد الخلق ومحاولة تجسيدها في واقع حياة كل من تحضر المجالس النسوية وتستمع لزكاء واستقامة ذلك النور تلك الرحمة المهداة للعالمين من الله.. فالاستزادة بالهدى والاقتداء من سيرته العطرة يوصل إلى مستوى إيماني وأخلاقي عالٍ وتغرس كثير من القيم الفاضلة في النفوس.
وأوصت شماخ بالحضور لهذه المجالس كونها تؤثر فعليا وعمليا في نظام الحياة والروح المعنوية للوصول للارتقاء الإيماني والأخلاقي والمبدئي والقيمي وهذا يجعل الحياة أكثر نورا وسكينة وطمأنينة وسعادة ورضا..
تفاعل قوي
وعن التفاعل بهذه المناسبة، أكدت شماخ أن التفاعل قوي ممتاز وكل سنة يكون أوسع وأفضل من السنة السابقة، بل إن هذا العام أصبح في كل حارة أكثر من 5 مجالس للمولد النبوي، بالإضافة إلى فعاليات في كل المدارس للبنات وكل فصل يقيم إذاعة خاصة ليوم محدد وأصبح كل فصل وكل مجلس يحاول أن يبدع ويتميز في الأنشطة التي تقام لإحياء هذه المناسبة، وهذه نعمة عظيمة حتى نتعرف على من نحبه ونقتدي به من هو معلمنا ومرشدنا وهادينا معرفة حقيقية، معرفة تجعلنا وتجعل أبناءنا وبناتنا أكثر تعلقا وحبا وإعجابا وتطلعا بالنموذج الأرقى والأسمى.
بركة الانتصارات بمولده
وتوافقها الرأي أمة الوهاب السبسب – تربوية وناشطة ثقافية، في أن التفاعل في المجالس النسائية كبير ومستمر، في الاحتفالات وإقامة المولد النبوي الشريف وتعظيم صاحبها عليه أفضل الصلاة والسلام، وهذه المجالس في تزايد مستمر كل عام لما لهذه الذكرى والمناسبة من فضل عظيم وأهمية كبيرة لأننا نحيا بجهاده وثباته وصبره، وأيضا نحيا بأخلاقه العظيمة وعزته وكرامته ونحيا بكرمه وإحسانه نحيا بوحدتنا لأنه يجمعنا، نحيا بعظيمه ونفوز ونفلح، نحيا بإحياء مولده لنغيظ أعداءه ونحيا بالانتصارات ببركة مولده والارتباط به ونحيا بإصلاح واقعنا بالعبودية أو بالعودة إليه..

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

مدير مكتب الهيئة العامة للأوقاف بمحافظة صنعاء العلامة عبدالله عامر لـ”الثورة “: الأوقاف ليست ملكية عامة.. وندعو المنتفعين لتسوية أوضاعهم قبل الإجراءات القانونية القادمة

أوقاف صنعاء.. أرقام صادمة وحقائق تُكشف لأول مرة أكثر من 200 شخصية نافذة صدرت بحقهم أحكام قضائية بسبب التعدي على الأوقاف  6 مليارات ريال مديونيات موثقة على المنتفعين. والمبالغ الفعلية قد تصل إلى عشرات المليارات! رفع القيمة الإيجارية ستتم وفقاً للقيمة العقارية الحقيقية.. وهناك خطة تقسيط لتخفيف الأعباء عن المنتفعين.

 

الثورة : ماجد حميد الكحلاني

تشهد محافظة صنعاء تحولات جذرية في ملف الأوقاف، مع جهود مكثفة لاستعادة الممتلكات الوقفية المهدورة وحمايتها من الإهمال والتعديات التي استمرت لعقود. الأرقام التي يكشفها العلامة عبدالله ناصر عامر، مدير مكتب الهيئة العامة للأوقاف بالمحافظة، تضع صورة واضحة لحجم الاختلالات التي تراكمت على مدى السنوات الماضية، والتحديات التي تواجه إصلاح هذا القطاع وإدارته وفق معايير حديثة تضمن استدامته.

في صنعاء وحدها، 7 آلاف مسجد، لكن العائدات المسجلة لا تصل إلا إلى 100 مسجد فقط، بينما تتجاوز مديونيات الأوقاف المسجلة 6 مليارات ريال، مع توقعات بارتفاعها إلى عشرات المليارات بعد استكمال مشروع الحصر الشامل. المشروع الذي وثّق حتى الآن أكثر من 30 ألف منتفع وألف و200 موقع وقفي في أربع مديريات فقط، يكشف عمق الخلل الإداري السابق، وأهمية الإصلاحات التي تُنفذ لاستعادة هذه الموارد.

لكن السؤال الأهم: أين كانت تذهب هذه العائدات؟ وما مصير الأوقاف المهملة؟ وكيف سيتم استرداد الأموال المهدورة؟ وما الإجراءات المتخذة ضد الجهات التي تستغل الأراضي الوقفية دون وجه حق؟

كل هذه التساؤلات وأكثر، نناقشها في هذا الحوار الخاص لـ”الثورة”، حيث نكشف تفاصيل ذلك والتحولات النوعية التي يشهدها قطاع الأوقاف في صنعاء، ومستقبله كرافد تنموي يعزز استدامة الوقف، ويوجه عائداته لخدمة المجتمع وفق رؤية حديثة ومنظمة.. فإلى الخلاصة:

*بداية، حدثونا عن أبرز الإنجازات التي تحققت خلال الفترة الماضية؟

-بفضل الله تعالى، تمكنّا خلال الفترة الماضية من تحقيق قفزات نوعية في استكمال البناء المؤسسي لمكتب الهيئة في المحافظة، حيث تم الانتقال إلى مبنى أكثر اتساعًا ومناسبًا من الناحية الإدارية والموقع الجغرافي. كما تم استكمال الهيكلة المؤسسية للمكتب على مستوى الفروع في المديريات، وهو ما عزز من كفاءة العمل وسرّع من وتيرة الإنجازات.

عند تولينا مهام إدارة المكتب، كانت معظم الفروع في حالة شلل شبه تام، باستثناء بعض المديريات القريبة من العاصمة صنعاء، فعملنا على إعادة تفعيلها بالكامل، بل وتطويرها من خلال تعميم النظام الإداري الموحد الذي أعدته الهيئة، خاصة فيما يتعلق بإجراءات العقود والتأجير، ما جعل المعاملات أكثر تنظيماً وسلاسة.

اليوم، يستطيع المواطن متابعة معاملته من المديرية نفسها دون الحاجة للذهاب إلى الإدارة العامة، وذلك في إطار توجه الهيئة لتحويل العمل من النظام المركزي إلى نظام لامركزي، حيث أصبح الفرع في المديرية هو الممثل الرئيسي للهيئة في جميع أعمالها، من إدارة الأوقاف إلى تحصيل الإيرادات وحمايتها.

200 شخصية نافذة متورطة

شهدت محافظة صنعاء تعديات واسعة على الأوقاف، فما حجم هذه المشكلة، وكيف يتم التعامل معها؟

التعدي على الأوقاف من أخطر التحديات التي واجهناها، وكانت صنعاء من أكثر المحافظات تضرراً، حيث استُغلت الأعيان الوقفية بطرق غير قانونية عبر التزوير والنفوذ والتسويات المشبوهة. في أقل من عام، صدرت أحكام قضائية ضد أكثر من 200 شخصية نافذة متورطة، لكن هذا لا يمثل سوى جزء من المتورطين، إذ أن القضية أكبر وتشمل شبكات منظمة من السماسرة والمزورين وأصحاب المصالح الذين استغلوا ثغرات الماضي للاستيلاء على مساحات وقفية شاسعة.

الإجراءات المتخذة لاستعادة الأوقاف

مع تزايد التعديات، ما الإجراءات التي اتخذتموها للحد من ذلك؟ وهل القانون وحده يكفي لمعالجة هذه التجاوزات؟

لم يعد التعدي على الأوقاف ممكناً كما في السابق، فقد كثفنا جهودنا بالتنسيق مع الجهات العدلية والأمنية لاستعادة الممتلكات الوقفية ومحاسبة المخالفين. لكن القانون وحده لا يكفي، فهناك مفاهيم مغلوطة راسخة لدى البعض، حيث يعتبرون الأوقاف ملكيات شخصية يمكن التصرف بها بحرية، متجاهلين أنها أموال موقوفة لله تعالى لصالح خدمة المجتمع. لذا، نعمل على محورين أساسيين: الأول قانوني، من خلال إجراءات صارمة تضمن عدم التلاعب بالأوقاف، والثاني توعوي، من خلال برامج إرشادية تعزز الوعي بأهمية الحفاظ على الأوقاف واستثمارها في الأوجه التي خصصت لها. ونؤمن أن حماية الأوقاف ليست مسؤولية الهيئة فقط، بل مسؤولية مجتمعية تتطلب وعياً وتعاوناً من الجميع.

حصر أكثر من 30 ألف منتفع

ما مدى التقدم في تنفيذ مشروع الحصر الشامل في صنعاء؟ وهل يمثل تحولاً مقارنة بالمحاولات السابقة؟

هذا المشروع هو خطوة استراتيجية لتصحيح وضع الأوقاف وحمايتها. انطلقت المرحلة الأولى في أربع مديريات رئيسية، وخلال خمسة أشهر فقط، تم حصر أكثر من 30 ألف منتفع، لكن العمل لم ينتهِ، إذ أن المشروع الآن في مرحلة أكثر دقة تشمل التحقق الهندسي وربط البيانات بخارطة رقمية تفاعلية، مما يضمن تنظيم الأوقاف وتوثيقها بشفافية. خلافاً للمحاولات السابقة التي بقيت ورقية وغير فعالة، يعتمد هذا المشروع على نظام إلكتروني موحد يتيح تتبع الأوقاف وإدارة العقود بكفاءة عالية، مما يعزز حمايتها واستدامتها وفق الضوابط الشرعية والقانونية.

تشكيل لجان مراجعة

ما أبرز التحديات التي تواجه تنفيذ المشروع، وما مدى تعاون الجهات المختلفة في دعمه؟

التحديات كثيرة، أبرزها الكم الهائل من البيانات الوقفية، والتغيرات العمرانية التي غيرت معالم الأراضي الوقفية، حيث تحولت بعض الأراضي الزراعية إلى أحياء سكنية، مما استدعى جهوداً مضاعفة لتحديد حدود الأوقاف الأصلية وإثبات ملكيتها.

تم تشكيل لجان مراجعة على مستوى المديريات والإدارة العامة لضمان التدقيق المستمر، والاستعانة بمهندسين متخصصين وعدول محليين وخبراء في الخرائط القديمة والجوية، إلى جانب الدعم الحكومي والمجتمعي الذي سهل عمليات المسح والتوثيق.

كذلك، ساهم الإعلام، وعبر صحيفة “الثورة”، في نشر الوعي وحث المنتفعين على تحديث بياناتهم والاستفادة من الخدمات الإلكترونية، مما أتاح لهم إجراء معاملاتهم مباشرة في المديريات دون الحاجة إلى مراجعة الإدارة العامة للمكتب.

الأوقاف ليست ملكاً لأحد، بل هي لله

هل هناك أرقام دقيقة لحجم الأوقاف بمحافظة صنعاء.. وكيف يتم التعامل مع التحديات القبلية مثل ظاهرة “الحد والبلد” في المسح والتوثيق؟

التعامل مع المساحات الوقفية الواسعة ليس بالأمر السهل، لكننا نعمل وفق منظومة دقيقة تجمع بين المسودات الوقفية القديمة والحديثة، لضمان توثيقها بشكل دقيق وحمايتها من أي استغلال غير قانوني. يتم حالياً مسح آلاف “اللبن” ورقمنه البيانات بشكل مستمر، مما يسهل تتبعها وإدارتها بكفاءة.

وكما أسلفت في بعض المناطق، هناك اعتقاد قبلي بأن الأراضي الوقفية الواقعة ضمن نطاقهم هي جزء من أراضيهم، حتى وإن كانت إدارياً تابعة لمديرية أخرى. وهذا يعقّد عملنا، خاصةً أن البعض يحاول تطبيق هذه الأعراف على الأوقاف. لكننا نؤكد أن الأوقاف ليست ملكاً لأحد، بل هي ملك لله، ولا تخضع للأعراف القبلية أو التقسيمات الإدارية المتغيرة. نواجه هذا التحدي من خلال التوثيق القانوني الدقيق، بالتوازي مع حملات التوعية والتنسيق المستمر مع الجهات العدلية والأمنية لضمان حماية الأوقاف من أي تعديات.

6 مليارات ونتوقع العشرات

ما حجم المديونيات المتراكمة لدى المستأجرين والمنتفعين، وما الخطة لاستعادتها؟

المديونيات المتراكمة ضخمة، ففي محافظة صنعاء وحدها تتجاوز 6 مليارات ريال، وفقاً للملفات الموثقة التي لا تتجاوز 3000 ملف. ومع استكمال الحصر الشامل، نتوقع أن تصل المديونية إلى عشرات المليارات. هذه الأموال ليست مجرد أرقام، بل حقوق وقفية كان يفترض أن تُستثمر لخدمة المجتمع، لذا نعمل على استعادتها عبر خطط قانونية وإلزامية، مع تقديم تسهيلات للسداد لمن يثبت إعساره، لكن دون تهاون مع المتقاعسين.

نحن أمام فرصة تاريخية، لأننا لا نصحح فقط أخطاء الماضي، بل نرسي أسساً حديثة لإدارة الأوقافـ وبمجرد اكتمال الخارطة الوقفية المعتمدة، لن يستطيع أحد تجاوزها أو التصرف في الأوقاف دون سند قانوني

تنظيم الإيجارات الوقفية

هل يمكن أن يكون تنظيم الإيجارات الوقفية مفتاحًا لاستعادة الحقوق المهدورة وتعزيز التنمية المجتمعية؟

يتم تحديد الإيجارات الوقفية وفق معايير عادلة تعتمد على موقع العقار، قيمته السوقية، وطبيعة استخدامه. العقارات الواقعة في شوارع رئيسية تختلف عن تلك الموجودة في المناطق الريفية، والهدف من هذا التقييم العادل هو تحقيق عوائد مناسبة للوقف دون إرهاق المنتفعين.

هذه العوائد لا تُعامل كإيرادات حكومية، بل يتم توجيهها لخدمة المجتمع وفق شروط الواقفين، مثل دعم المدارس، المستشفيات، وتمويل المساجد والمشاريع الخيرية، مما يعزز الدور التنموي للأوقاف.

التحديات المتراكمة لا تُحل بقرارات إدارية

كيف تلمسون تعاون قيادة المحافظة لضمان تنفيذ الإصلاحات؟

المحافظ المجاهد عبد الباسط الهادي لعب دوراً مشهوداً في دعم جهود استعادة الأوقاف، حيث أصدر تعميماً واضحاً لمدراء المديريات بالتعاون الكامل مع مكاتب الأوقاف، والتنسيق مع الجهات الأمنية لضبط المخالفين المعتدين على الأراضي الوقفية.. لكن التحديات المتراكمة لا تُحل بقرارات إدارية فقط، بل تحتاج إلى التزام مستمر لضمان تنفيذ هذه التوجيهات وعدم السماح بأي تجاوزات مستقبلية.

التجارب السابقة أثبتت أن الزخم الأولي وحده لا يكفي، بل يجب أن يكون الإصلاح عملية دائمة، لا مجرد حملة مؤقتة سرعان ما تخمد. فمن الضروري أن تتبنى قيادة المحافظة والجهات التنفيذية والعدلية نهجا طويل الأمد، يضمن حماية الأوقاف واستثمارها بالشكل الصحيح لتخدم المجتمع وفق مقاصد الواقفين.

توثيق الممتلكات الوقفية

ما دور المسح الشامل وأتمتة المسودات الوقفية في حماية الأوقاف واستثمارها وتنميتها؟

مثل مشروع المسح الميداني وأتمتة المسودات الوقفية خطوة وتوقيت لإنقاذ الأوقاف من الضياع وتعزيز حمايتها القانونية والإدارية، حيث يضمن توثيق الممتلكات الوقفية رسمياً في السجل العقاري والخارطة الوقفية، مما يحدّ من التجاوزات ويضمن إدارتها بشفافية ودقة.

بفضل هذه التحديثات، ستتمكن المحاكم والجهات المعنية من العمل وفق بيانات دقيقة، مما يمنع أي تصرفات غير قانونية بالأوقاف. كما لن تصدر تصاريح بناء أو تراخيص إلا بموجب عقود رسمية، ولن يتم النظر في أي قضايا دون الرجوع إلى الجهة المختصة.

التقسيط الميسر للمتعثرين

كيف يتم التعامل مع الممتنعين عن السداد أو الإبلاغ عن الأعيان الوقفية المجهولة؟

نلتزم بمراعاة أوضاع المنتفعين وفق القاعدة القرآنية: “وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ”، لذا نوفر للمتعثرين إمكانية التقسيط الميسر، وفي حالات الإعسار التام، يتم تأجيل الدفع حتى تتحسن ظروفهم المالية.

لكن في المقابل، لا يمكن التساهل مع الميسورين الذين يتهربون من دفع المستحقات دون مبرر قانوني أو شرعي، خاصة إذا كانت لديهم مديونيات متراكمة. هؤلاء ملزمون بالسداد وفق الإجراءات القانونية للحفاظ على حقوق الوقف واستدامة منفعته. أما فيما يتعلق بتصحيح الأوضاع، فإننا ندعو جميع المنتفعين الذين يشغلون عقارات أو أراضي وقفية إلى تسجيل وضعهم طوعاً، حيث تتيح لهم هذه الخطوة عدة تسهيلات، منها إمكانية السداد بالتقسيط. لكن من يتهرب من التصحيح، فسيواجه إجراءات قانونية صارمة قد تصل إلى السجن لأكثر من ثلاث سنوات، خصوصاً لمن يتصرف في الأوقاف دون وجه حق أو يخفض الإيجارات دون سند قانوني.

100 مسجد من بين 7 آلاف

كيف يتم توثيق العائدات الوقفية وضمان وصولها للمساجد، وما آلية صرف مخصصات العاملين فيها؟

كان غياب نظام دقيق لتوثيق العائدات الوقفية أحد الأسباب الرئيسية لعدم وصول الموارد إلى مستحقيها، حيث لم يكن هناك تخصيص دقيق للمساجد. الفجوة واضحة؛ في محافظة صنعاء وحدها، يوجد أكثر من 7 آلاف مسجد، لكن العائدات المسجلة رسمياً لا تصل إلا إلى 100 مسجد فقط، مما أثر على الخدمات المقدمة للمساجد ويستدعي تنفيذ إصلاحات جوهرية. منها إطلاق الوحدة المتنقلة لتنظيف وغسل المساجد في المديريات القريبة، ونسعى للوصول إلى بقية المساجد في المديريات النائية الأخرى. كما تم اعتماد تحويل مستحقات سدنة المساجد والعاملين فيها عبر “كاك بنك” لضمان صرفها دون تأخير، مع خطة لزيادة التغطية تدريجياً بعد استعادة المزيد من الأوقاف الخارجة عن السيطرة.

تصحيح أوضاع الأوقاف

ما الإجراءات المتخذة لتنفيذ توجيهات تصحيح أوضاع الأوقاف، وما مدى التقدم في التنفيذ؟

الاجتماع الذي ترأسه الرئيس المشاط وافتتحه قائد الثورة كان نقطة تحول مهمة في التعامل مع الأوقاف المشغولة دون سند قانوني. بناءً على ذلك، تم تشكيل لجنة عليا برئاسة وزير التربية والتعليم والبحث العلمي حسن الصعدي، إضافة إلى لجان فرعية في المحافظات لضمان التنفيذ الميداني واستعادة الأوقاف وفق الأطر الشرعية والقانونية.

بدأنا بتنفيذ عدد من الإجراءات الحاسمة، شملت مخاطبة الجهات التي استغلت العقارات الوقفية دون سداد المستحقات أو تجديد العقود، إلى جانب رصد أراضٍ تم إدراجها ضمن المخططات العامة للدولة بشكل غير قانوني. القانون واضح في هذا الشأن؛ الأوقاف ليست خاضعة لقانون التملك للمصلحة العامة، ولا يجوز التصرف بها إلا بحكم قضائي وفقًا للضوابط الشرعية.

ورغم تحقيق تقدم في تنفيذ القرارات، لا تزال بعض الإجراءات قيد المتابعة، ونعمل على تسريع التنفيذ، خصوصا بعد صدور قرار مجلس الوزراء رقم 61 لسنة 1444هـ، الذي وضع آلية واضحة لاسترداد الأوقاف المنهوبة وضمان إدارتها بشكل منظم يمنع أي تجاوزات مستقبلية.

مقالات مشابهة

  • حكم العلاج بالعطور والبخور في الشرع
  • مجدي عبد الغني يرد على هجوم كهربا: “بأشفق عليه”
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • مدير مكتب الهيئة العامة للأوقاف بمحافظة صنعاء العلامة عبدالله عامر لـ”الثورة “: الأوقاف ليست ملكية عامة.. وندعو المنتفعين لتسوية أوضاعهم قبل الإجراءات القانونية القادمة
  • مناورة لمنتسبي الشؤون المالية في الداخلية ضمن برنامج “طوفان الأقصى”
  • مسارات “الثورة”.. دروس ليبية تحذر سوريا من فخ الفوضى والانتقام
  • عثمان النجار: “أي لقب تلعب عليه المولودية يتعبر مطمح للفريق وجماهيره”
  • “الوطني الاتحادي” يترأس الاجتماع الـ”20″ للجنة التنسيق البرلماني الخليجية
  • شاهد بالفيديو| حرس الثورة الإسلامية الإيرانية يكشف عن أول حاملة “طائرات مسيرة” محلية الصنع
  • أسرة العلواني و آل المبارك وآل دعيسان يَتلقَون التَعازي في فقيدتهم “خيرية”