باحث سياسي: اغتيال علاء الدين نظمي لاكتشافه سرا عن تمويل الجماعات الإرهابية
تاريخ النشر: 19th, September 2024 GMT
علق أحمد كامل بحيري، الباحث بمركز الأهرام للدراسات، على واقعة اغتيال الدبلوماسي المصري علاء الدين نظمي في جنيف، بعد 25 عاما من وقوعها.
وقال بحيري، في الفترة ما بين 1992 حتى 1995 كان أيمن الظواهري لديه حق اللجوء إلى سويسرا، أي في نفس توقيت حادث الاغتيال، ويمكن أن يكون عدم تبني «الظواهري» وجماعة الجهاد هذا الأمر، لعدم تشكيل ضرر على تواجده في سويسرا وكذا تواجد بعض العناصر المطلوبة لمصر في الدنمارك وسويسرا ولندن.
وأضاف بحيري، خلال مداخلة مع الإعلامي كمال ماضي، ببرنامج «ملف اليوم»، المذاع على فضائية «القاهرة الإخبارية»، أن هناك 30 اسما من العناصر التي كانت مطلوبة من العدالة بمصر، لاتهامها في عمليات اغتيال وتفجيرات حصلت على حق اللجوء.
وتابع: «مصر خلال 1992 حتى 1995 كان بها حالة من الموجة الشديدة للغاية من الإرهاب في الداخل، وبدأت في مخاطبة الدول الأوروبية لمنع استضافة بعض المتهمين المطلوبين للدولة، وهذا ما أعقبه في نهاية 1995 مؤتمر شرم الشيخ الشهير الخاص بمكافحة الإرهاب، والذي فتح هذا الأمر أن القاهرة بدأت تتحرك في جمع بعض المعلومات التي تؤكد وجهة نظرها بأن هذه العناصر والمؤسسات التي تعمل داخل بعض الدول الأوروبية تمول تنظيمات إرهابية تساند في العمليات الإرهابية بالداخل المصري».
الملحق التجاري كان جزء من الملف الذي يعمل عليهوواصل: «من وجهة نظري وتحليلي، أن الملحق التجاري كان جزء من الملف الذي يعمل عليه، وهو محالة تتبع المؤسسات الاقتصادية التي تمول بعض التنظيمات والعناصر الإرهابية التي تنفذ بعض العمليات في الداخل المصري، وجزء من التحقيقات في 2003 بارتباط شخص سوري منضم عبر صورة التقطت بواسطة المخابرات الأمريكية، ولديه جمعية في البوسنة والهرسك تحت مسمى مؤسسة البر والإحسان، ولديه حساب في بنك التقوى الذي يرأسه يوسف ندا».
واستكمل: «جزء من جمع هذه الأمور هي جمع مواد اقتصادية لشبكة اتصال ما بين عناصر تدعم بعض العناصر الإرهابية لتنفيذ عمليات إرهابية، يمكن أن يكون الملحق التجاري قد وجد بعض التفاصيل التي تربط أو ترسم الصورة بشكل أوضح ما بين عناصر مطلوبة وبعض المؤسسات الاقتصادية سواء للإخوان أو عناصر متهمة بعملية إرهابية من جنسيات أخرى بمصر، فكان هناك قرارًا بتصفية الملحق التجاري».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: القاهرة الإخبارية برنامج ملف اليوم مركز الأهرام للدراسات الملحق التجاری
إقرأ أيضاً:
الهُوِيَّة الوطنية.. رسوخ وثبات
د. محمد بن خلفان العاصمي
تُمثِّل الهُوِيَّة الوطنية بمفهومها البسيط السمات والخصائص التي تميز كل أمة عن غيرها، وتترجم هذه الهُوِيَّة بالانتماء، وهو ما يُمثِّل أهمية بالغة في تقدم الأمم وازدهارها وتطورها، وبدون هذه الهُوِيَّة المميزة تفقد كل أُمَّة معنى وجودها واستقرارها ويصبح حالها والعدم سيان، وترتكز الهُوِيَّة الوطنية لأي أمة على ثوابت تقوم عليها وتستمد منها عوامل الاستمرارية والقوة والاستقرار، وبفقدان هذه العوامل تذوب الأمة وتنصر وتختفي، وفي التاريخ شواهد كثيرة لأمم كانت حضارات عريقة ولكنها انتهت عندما فقدت هُوِيَّتها والتي هي مصدر قوتها.
والهُوِيَّة الوطنية تتشكل من خلال العديد من العناصر مجتمعة، وينبغي الحرص على تقوية هذه العناصر وجعلها غير قابلة للمساس، ويجب ألّا يتم التعامل معها كحالات ومكونات عادية، بل يلزم وضعها في مكانتها الخاصة الحقيقية، وهذه العناصر عندما يتم التعامل معها وفق المنظور السابق فهي تشكل قوة الأمم وهُوِيَّتها ومصدر وجودها واستمراريتها، وهي عناصر مشتركة في أي أمة على مر التاريخ، فلا تقوم الأمم إلا بوجودها ولا تنتهي إلّا بزوالها وفقدان قوتها ورمزيتها ومعناها الأساسي.
يقول الفيلسوف وعالم الرياضيات الألماني غوتفريد لايبنتز "لا يوجد شيئان مختلفان ومنفصلان، يشتركان مع بعضهما بالخصائص والصفات نفسها"؛ فالهُوِيَّة بعواملها وعناصرها هي تمييز شيء عن شيء وأمة عن غيرها رغم تشابه المقارنات، وعندما نذهب بالحديث عن هذه العناصر سوف نرى معنى هذا القول؛ حيث تمثل اللغة والتاريخ أحد أهم عناصر الهُوِيَّة الوطنية، ويشكلان معًا البعد الثقافي في هُوِيَّة كل أمة، ومع الدين تشكل هذه العناصر حجر الأساس لهُوِيَّة المجتمع والإنسان، فلا انتماء موحد لأمة إلّا إذا كان لها تاريخ عميق ترتكز عليه وتستمد إرثها منه ولا هُوِيَّة دون لغة واحدة ترسخ الانتماء الوطني ودين يجمع مكونات الأمة.
ويأتي العنصر السياسي والاقتصادي كأحد مكونات الهُوِيَّة الوطنية؛ حيث تقوم هذه العناصر بمثابة المحرك الأساسي لتحقيق التنمية المستدامة وخلق الاستقرار والازدهار الذي يرسخ الانتماء ويعزز عناصر الأمن ومبادئه والأمان بكل مجالاته، والأمم التي تنجح في خلق استقرار سياسي واقتصادي تنجح في ترسيخ مفهوم الانتماء والولاء للوطن وتعزز من الشعور بالوحدة الوطنية والمصير المشترك والشراكة الفعلية في رسم هذا المصير والتفاعل مع التغييرات المستقبلية والتخطيط الاستراتيجي الذي يجعل من المستقبل مصدر قوة للأجيال وضمان استمرارية التنمية وتحقيق الأهداف المرسومة.
ويأتي الموقع الجغرافي كأحد عناصر الهُوِيَّة الوطنية لما له من أهمية في نواح متعددة، فالموقع الجغرافي يؤدي دورًا مهمًا في نوع وشكل التحالفات الإقليمية والدولية، وهو عامل أساسي في نوع النشاط الاقتصادي الممارس والدور السياسي الذي تلعبه الدول، ومن خلاله تتشكل العلاقات وتتنوع. ومن خلاله يمكن الاستفادة من عناصر القوة التي يوفرها وعن طريقها تتبلور عوامل القوة الناعمة التي تجعل من الفرد والمجتمع أكثر قدرة على استشعار قيمة الوطن وما يوفره له من قدرات وإمكانات وفرص، وهو ما يعزز جوانب الانتماء والارتباط، فالأرض التي يولد بها الإنسان تظل راسخة في ذاته مهما ابتعد عنها، وهي عنصر من عناصر تشكيل شخصيته وسماته.
وتمثل الحقوق والواجبات أحد عناصر الهُوِيَّة الوطنية المهمة، فالإنسان اجتماعي بطبعه كما قال ابن خلدون، وهو متفاعل مع غيره من البشر ومع مكونات بيئته، وحتى يكون هذا التفاعل وفق إطار وسياق متناغم لا بد من حفظ الحقوق والواجبات والتي من خلالها تتشكل حدود الحريات، فإدراك الفرد لواجباته هو الأساس في بناء مجتمعات حضارية متطورة، ومن مبادئ حفظ الحقوق والإقرار بالواجبات يكون الانتماء ويتعزز الولاء، فالدول التي يكون فيها المجتمع حافظًا لحقوق الفرد ويكون الفرد عالمًا بواجباته وحدود حريته الخاصة وتقاطعها مع الحرية العامة لا تتنازع أفراده تيارات الفتنة والشقاق والصراعات التي تعصف بالمجتمعات والدول التي تغيب عنها قيم العدالة والمساواة والحرية.
وفي مجتمعنا والحمد لله تتكامل هذه العناصر جميعها لتشكل هُوِيَّتنا الوطنية التي ميزتنا عبر الزمان، هذه الهُوِيَّة التي جعلت من سلطنة عُمان دولة حضارية يشهد لها القاصي والداني، هذه الهُوِيَّة التي ترتكز على تاريخ عريق وتراث ثقافي وتمكن سياسي ومقومات اقتصادية ومنظومة رصينة من القوانين والتشريعات التي حفظت الحقوق والواجبات، ولذلك لا بد من الحفاظ عليها وترسيخها لدى الأجيال لتتوارثها وتنقلها إلى الأجيال القادمة، ولهذا فمسؤولية غرس قيم الهُوِيَّة الوطنية، واجبة على المؤسسات المعنية وخاصة مؤسسات المجتمع المدني، ومؤسسات التعليم بكل أنواعها.
ولأن هذه الهُوِيَّة بُنِيَت على أساس الاحترام والتقدير والتوقير، فإن احترام الكبير جزء رئيسي من الهُوِيَّة الوطنية، والكبير هنا كل من يمثل قمة الهرم في البناء الاجتماعي وبناء الدولة من أب وشيخ كبير وعالم وحاكم. وإذا كان احترام كل كبير هو جزء من هُوِيَّتنا فكيف إذا كان هذا الكبير هو رأس الدولة، فهُنا يكون هذا الاحترام أوجب الواجبات وأول الأولويات، وما نشاهده من بعض المُغرَّر بهم لا يمُت إلى هُوِيَّتنا الوطنية بصلة، ولا إلى أخلاق مجتمعنا، الذي يرفض كل ذلك وينبُذ من يتجاوز هذه الحدود ولا يقبله، وهذا أمر طبيعي في مجتمع عُرف عنه رسوخ المبادئ والقيم والأخلاق الحميدة.
لا ريب أن ذات الحاكم مُصانة لأنه يمثل هرم هذا البناء، وهو من يحفظ وحدة الوطن وأمنه، وهو الرمز الذي تسير على نهجه الأمة، وهو العنصر الرئيس في تشكيل هُوِيَّة وطنية تتكامل معها باقي العناصر.