سواليف:
2024-12-18@22:47:40 GMT

لماذا أسقطتَ البندقية!

تاريخ النشر: 19th, September 2024 GMT

لماذا أسقطتَ #البندقية!

أيمن يوسف أبولبن

(جئتكم يا سيادة الرئيس وبندقيّة الثّائر في يدي، وفي يدي الأخرى غصن الزّيتون، فلا تُسقطوا الغصن الأخضر من يدي). كانت هذه، خاتمة كلمة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974، وما لا يعرفه الكثيرون أن كاتب هذه الكلمة هو الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش.

كتب محمود درويش، في ذات الخطاب (إن الجانب الذى يقف فيه حامل السلاح هو الذى يميز بين الثائر والإرهابى، فمن يقف فى جانب قضية عادلة، ومن يقاتل من أجل حرية وطنه واستقلاله ضد الغزو والاحتلال والاستعمار، لا يمكن أن تنطبق عليه بأى شكل من الأشكال صفة إرهابى).

مقالات ذات صلة قراءة من الزاوية الحرجة  للإنتخابات 2024/09/18

ساعد هذا الخطاب التاريخي في تكريس صورة “أبو عمار القائد”، رغم محدودية ثقافته، وعدم إتقانه للّغة العربية وضعف لغته الانجليزية، وضبابية تاريخه النضالي، فكان أن ازداد نفوذه داخل الفصائل الفلسطينية، ومنظمة التحرير الفلسطينية، وأصبح الزعيم الأوحد، الذي يمسك بزمام السلطة، والخزينة، والاعلام، والسياسة الداخلية والخارجية، وقد استغل كل تلك السلطات، لخدمة مشروع “تحصيل ما يمكن تحصيله”، مقابل التنازل عن ثوابت الميثاق الفلسطيني، وعلى رأس تلك التنازلات، التنازل عن حق العودة، والقدس، الاعتراف بدولة الاحتلال، ونبذ المقاومة الشرعية، والتخلّي عن سيادة الدولة (لا حدود ولا مطار ولا ميناء ولا جيش)، بل والتخابر لمصلحة جيش الاحتلال!

لقد طالب عرفات المجتمع الدولي ألاّ يُسقط غصن الزيتون من يده، ولكنه قام طوعاً بإلقاء بندقيته وتحويل القضية الفلسطينية من مشروعٍ للتحرير، إلى مشروعٍ للسلطة والزعامة، مما دعا كاتب تلك الكلمات نفسه “محمود درويش” إلى أن يُعبّر عن أساه الداخلي، في قصيدته الشهيرة (لماذا تركتَ الحصانَ وحيداً!).

في عام 1988 تم اغتيال أبو جهاد خليل الوزير ، المسؤؤول الأول عن قيادة الانتفاضة الشعبية الأولى التي انطلقت قبل ذلك بعام، وفي شهر يناير 1991، تم اغتيال أبو إياد صلاح خلف، صاحب العبارة الشهيرة “أخشى ما أخشاه أن تصبح الخيانة وجهة نظر!”، وفي خريف ذلك العام، توجهت منظمة التحرير تحت قيادة أبو عمار وشريكه أبو مازن -الذي خطى على خطاه بعد ذلك-، إلى مؤتمر مدريد للسلام، الذي اعترفت فيه منظمة التحرير باسرائيل، بعد أن أصبحت الظروف الموضوعية مواتية لاعلان الثورة على النضال المُسلّح، وتصفية مشروع الثورة الفلسطينية!

هذا التسلسل الزمني لا يحدث سوى في أفلام هوليوود أو بوليوود!

تصفية الزعماء الرافضين لفكر الاستسلام والقبول بالشروط االأمريكية الاسرائيلية، كان يجري بوتيرة متصاعدة منذ نشوء دولة الاحتلال، وحده أبو عمار وخليفته أبو مازن، بقيا سالمين إلى حين تحقيق حلمهما وحلم اسرائيل، كان حلمهما كرسي السلطة ولقب رئيس دولة، و كان حلم اسرائيل أكبر من ذلك بكثير، وقف العمليات العسكرية، والتخلّص من الضغوطات الدولية بإعطاء الفلسطينيين دولة على الورق، يكون ولاؤها وتبعيتها لدولة الاحتلال، نَمِرٌ على ورق!

خشية أبو إياد من أن تتحوّل الخيانة إلى وجهة نظر، تحقّقت بصورةٍ أبشعَ من ذلك بكثير، حين أصبحت الخيانة “رؤية وطنية” بينما الثورة “إضرارٌ بالمصالح الوطنيّة!”.
تناقض آخر لا نراه سوى في الأفلام، بين حركة ثورية اتخذت من الكفاح المسلح ميثاقاً لها، ثم تحوّلت قيادتها “الأوليغارشيا الحاكمة” إلى مجلس بلدي، يخدمُ غاصبيه!

محمود عباس كان أول من اخترق الصف الفلسطيني بإجراء لقاءات – تحوّلت فيما بعد إلى مفاوضات – مع قوى اسرائيلية في سبعينيات القرن الماضي، بحجة الانفتاح على اليساريين المؤمنين بحقوق الفلسطينيين، وشجّعه على ذلك أبو عمار نفسه.
وقد ساهمت هذه اللقاءات في تبلور الأفكار حول إتفاق يرضي الطرفين، تم تتويجه باتفاقية أوسلو سيئة الذكر، التي هندسها أبو مازن وأشرف على الفريق المُفاوض فيها. تلا ذلك ما يُعرف بتفاهم عبّاس – بيلين 1995، الذي يُعدّ الحروف الأولى لصفقة القرن التي يجري الحديث عنها مؤخراً.

في سلسة وثائقية عن اتفاقية أوسلو، قال أحد المسؤولين الفلسطينيين، أنه في بداية الثمانينات حين كانت منظمة التحرير تسيطر عسكرياً على جنوب لبنان، احتاجت القوات النرويجية العاملة ضمن قوات حفظ السلام، إلى ضمان أمن جنودها، وضمان العبور الآمن من مناطق نفوذ منظمة التحرير الفلسطينية، وقد وافق أبو عمار على إعطائهم الأمان، ولكنه اشترط شرطاً غريباً، لم يدرك كنهه أحدٌ في ذلك الوقت، قال لمسؤول الخارجية النرويجي، ستأتي لحظة تاريخية لتسوية القضية الفلسطينية على طاولة المفاوضات مع الاسرائيليين، حين تحين تلك اللحظة، أريدكم أن ترعوا هذه المفاوضات وتساعدونا على إتمامها.

بعد نحو خمسة عشر عاماً، وقّعت منظمة التحرير على اتفاقية السلام برعاية النرويج.

هذا دليلٌ على رؤية القائد أبو عمار التاريخية لحل القضية الفلسطينية عن طريق التفاوض – التنازل، وهو ما حقّقه على أرض الواقع، دون مرجعية شرعية من الشعب الفلسطيني، ودون تصويت أو انتخابات أو أي صفة شرعية، سوى شرعية “القائد الرمز!”

يقول إبراهام لينكولن يمكنك أن تخدع بعض الناس لبعض الوقت، ولكن لا يمكنك ان تخدع كل الناس طوال الوقت!
لقد استطاعت هذه الزمرة الحاكمة من ترسيخ مكانتهما وزعامتها على خارطة كبار الشخصيات وأصحاب النفوذ، عن طريق استغلال نُبل ونزاهة القضية الفلسطينية، وقد تمكنوا من الوصول إلى مفاصل الحكم، واستغلال الثروات والثورات، على حساب المناضلين والفدائيين الشرفاء من شعبنا، الذين بذلوا أرواحهم خدمة للقضية الأسمى في العالم المعاصر، قضية فلسطين، على مدار عقود من الزمان.

ولكني كلي إيمان بأن التاريخ سيضع هؤلاء في مكانهم المناسب، وأن هذا الشعب الواعي قادرٌ على إدراك أن الخطوة الأولى نحو التحرير، هي التحرّر من تقديس الرموز ، وإعادة فهم التاريخ، كي نتمكن من صنع المستقبل!

أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن
13-9-2024

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: البندقية القضیة الفلسطینیة منظمة التحریر أبو عمار

إقرأ أيضاً:

تحذير.. كارثة بيئية وصحية في دير عمار

 لفتت  جمعية الأرض - لبنان، في بيان ان "مقلع دير عمار السابق الواقع في الجهة الغربيّة لجبل تربل، كما والأراضي الملاصقة له، أصبح موقعا معتمدا لحرق من نفايات المناطق المجاورة. وهذه العملية تهدد طبيعة المنطقة من خلال تلوث تربتها ومياهها وهوائها، كما تهدد صحة أهالي دير عمار والجوار من خلال تعريضهم للملوثات التي رفعت معدلات الإصابة بالسرطان إلى مستويات قياسية".

وأطلقت الجمعية في بيانها "الصرخة اليوم، متوجهة إلى السلطات القضائيّة والإداريّة والأمنية الحريصة على صحّة المواطنين وسلامة البيئة وتطبيق القوانين، ايقاف هذه المجزرة البيئيّة إحتراماً للمادة السابعة من قانون الادارة المتكاملة للنفايات الصلبة رقم ٢٠١٨/٨٠"، معتبرة ان "ما يحصل كارثة بيئة وصحية".

مقالات مشابهة

  • موقع Rue20 ينفرد بسرد تفاصيل واقعة الإرتشاء التي أسقطت طبيب تازة
  • موسكو: أوكرانيا أسقطت مرارا الفسفور الأبيض من طائرات مسيرة .. ورئيس الأركان: الحد من التسلح أصبح من الماضي
  • مسير شعبي بمديرية التحرير بالأمانة نصرة لغزة واستعداداً لمواجهة الأعداء
  • مديرية التحرير تشهد مسيراً شعبياً نصرة لغزة واستعدادًا لمواجهة الأعداء
  • صنعاء.. مسير شعبي بمديرية التحرير نصرة لغزة واستعدادا لمواجهة الأعداء
  • السفير الفلسطيني: الرئيس أبو مازن يصل مصر غدًا للمشاركة في أعمال قمة منظمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي
  • كيف أسقطت «الداخلية» إمبراطورية الكيف في أسيوط؟ (فيديو)
  • ترامب: تركيا أسقطت نظام الأسد بطريقة جيدة
  • تحذير.. كارثة بيئية وصحية في دير عمار
  • أوكرانيا تعلن إسقاط عشرات الطائرات الروسية المسيرة في هجوم ليلي