النظام الإيراني يضغط على شركات يتهمها بخرق قانون الحجاب الإجباري
تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT
نص: إرشاد عليجاني تابِع إعلان اقرأ المزيد
منتصف شهر تموز/يوليو، بدأت السلطات في الضغط على الشركات الناشئة بعد أن نشرت وسائل إعلامية موالية لقوات الأمن الإيرانية صورا وفيديوهات من داخل هذه الشركات نرى فيها موظفاتها بدون الحجاب الإجباري.
وطالب الإعلام المحافظ بمسائلة الشركات عن سلوك موظفاتها "غير الإسلامي".
واستهدفت قوات الأمن في 23 تموز/يوليو شركة "ديجي كالا" التي تشبه شركة "أمازون". أقفل الأمن أبواب الشركة لمدة أسبوعين، مع منع الموظفين من الذهاب إلى العمل قبل أن يقدموا اعتذارات رسمية ويتعهدوا بطبيق قواعد اللبس في المؤسسة. وأتى القرار بعد أن تداولت صور من داخل الشركة على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر فيها موظفات برؤوس عارية. فيما بقى موقع "ديجي كالا" شغالا طيلة هذه المدة.
وبعد عدة أيام في 30 تموز/يوليو، أعلنت الحكومة الإيرانية أنها ستجبر شركة "أزکي" للتأمين على تعليق عملياتها لغاية غير محددة إثر نشر صور موظفاتها بدون حجاب.
الفيديو الإعلاني لشركة "أزكي" الذي تسبب في تعليق عملياتهاووقعت حادثة ثالثة مماثلة في الأول من آب/أغسطس. وكان الهدف هذه المرة هو "طاقجة"، وهو تطبيق شهير له متجر لبيع الكتب على الإنترنت حيث يمكن للإيرانيين شراء الكتب الإلكترونية وقراءتها. ومرة أخرى، تم تداول صورة لموظفات الشركة تظهر أن معظمهن لم يكن يرتدين الحجاب.
شميلة (اسم مستعار) موظفة مخضرمة في شركة ناشئة، روت لفريق التحرير مدى الضغط الذي تتعرض له المؤسسة.
بالنسبة لشخص لا يعرف إيران جيدا، يمكن ألا يستوعب مدى أهمية هذه الشركات والتطبيقات هنا. المجتمع الإيراني مهووس بالتكنولوجيا، هناك شركة ناشئة وتطبيق لأي خدمة ممكنة.
حتى بالرغم من غياب شركات أجنبية في إيران، هناك شركات إيرانية متعددة. مثلا لا توجد خدمة "أوبر" للتاكسي هنا، لكن هناك شركة "سناب". لدى "أوبر" 5 ملايين سائق حول العامل و"سناب" لديها حوالي 4،5 ملايين سائق فقط في إيران.
لا يوجد هنا "إي باي" لكن لدينا "ديفار"، لا يوجد "أمازون" لكن هناك "ديجي كالا". كل واحدة من هذه المؤسسات الإيرانية تتمتع بأكثر من ستين مليون مستخدم. هذه الأرقام هائلة وهذه الشركات تحقق مبيعات ضخمة.
في مكاتبنا، الجو مماثل لما يحدث في الشارع الإيراني، أغلب النساء يرفضن ارتداء الحجاب في مكان العمل على غرار الإيرانيات اللاتي يرفضن إرتداءه في المطاعم أو الفضاء العام. أغلب الموظفين يناصرون حركة "مرأة، حياة، حرية" والاحتجاجات المصاحبة لها وعبروا عن تضامنهم معها.
بالرغم من ذلك، يبقى الضغط على شركة ما أسهل من قمع ملايين النساء في الشارع واحدة واحدة.
تكفي بضع رسائل تهديد لكي تغلق شركة أبوابها لأيام قليلة. فالمؤسسات القابضة للشركات الصغيرة تفضل إخماد الحريق ومواصلة العمل كما لم يحدث شيء، والبعض الآخر يكون مقربا من السلطات المحافظة الإيرانية. لكننا نحن العاملون لسنا مثلهم.
"من المؤكد أن هذه الملاحقات ستدفع النساء للهجرة إلى الخارج"
قدمت شركة "ديجي كالا" اعتذارا رسميا مؤخرا، وعلمت بأنهم أعلنوا عن قواعد لباس إلزامية عبر الإيميل تخص الموظفات هناك، وهو سيناريو مرعب.
من المؤكد أن هذه الملاحقات ستدفع العاملين وخصوصا النساء منهم إلى الهجرة إلى الخارج.
أكدت لنا شميلة أن ضغط السلطات الإيرانية لا يستهدف ملابس النساء فحسب. في 6 آب/أغسطس نشر موقع "صابرين نيوز" المقرب من قوات الأمن الإيرانية فيديو يظهر عملية اعتقال ثریا رضایي مديرة برمجة شركة ناشئة في مكتبها. وكانت رضايي قد انتقدت قانون الحجاب الإجباري وتضامنت علنا مع حركة "مرأة، حياة، حرية" وسخرت من رئيس الشرطة الإيرانية أحمد رضا رادان على حسابها على وسائل التواصل الاجتماعي.
ثریا رضایی مهوار، مدیر توسعه کسب و کار #مایکت بازداشت شد. صابرین نیوز با انتشار ویدیوی بالا صحنههایی از بازداشت مدیر توسعه کسب و کار مایکت را نمایش داد.
گفته میشود #ثریا_رضایی روز سهشنبه در محل کار خود به علت گذاشتن تصاویر بی حجاب از خودش بازداشت شده است. pic.twitter.com/fErzFWaJRL
لكن خبر اعتقالها اتخذ مسارا جديدا عندما اتهمتها وسائل إعلامية مقربة من قوات الأمن الإيرانية، على غرار وكالة فارس للأخبار، بالتجسس لصالح "دول معادية"، وليست رضايي الأولى التي تعرضت لهذه الاتهامات.
وتواصل شميلة قائلة:
تم اتهامنا بالعمل مع الموساد أو وكالة المخابرات المركزية وهي اتهامات شديدة الخطورة. أظن أنهم يحاولون التحكم في الشركات المدرة للربح بالضغط على مديريها لكي يبيعوها لقوات الأمن بسعر بخس، أو بالاستيلاء عليها وتنصيب واحد منهم على رأسها. وهي فكرة كارثية، إذ إنه في بلد مهددة أجهزته العمومية بالانقراض جراء الفساد، تبقى الشركات الناشئة والتطبيقات هي العامل الاقتصادي الوحيد الشغال بشكل فعلي.
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: بيئة إيران حقوق المرأة دين بيئة
إقرأ أيضاً:
بين التحذير والوعيد.. إلى أين تتجه العلاقات الأميركية الإيرانية؟
طهران- شهدت العلاقات الأميركية الإيرانية تصعيدا جديدا الأيام الأخيرة، حيث حذرت إيران أمس الثلاثاء من أي عمل عسكري ضدها بعد تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بقصفها مؤكدة أنها سترد بشكل حاسم.
ووجّه الحرس الثوري الإيراني في بيان تحذيرا لمن وصفهم بالأعداء من "ارتكاب أي أخطاء في الحسابات أو أوهام شريرة تجاه الأراضي الإيرانية".
ويأتي هذا التصعيد في وقت حساس بالنسبة للملف النووي الإيراني، حيث أشار علي لاريجاني مستشار مرشد الثورة -في تصريحات له يوم الاثنين- إلى تداعيات أي تحرك أميركي ضد البرنامج النووي. وقال في مقابلة مع التلفزيون الرسمي إن "أي خطأ أميركي تجاه النووي الإيراني سيجبرنا على اتخاذ مسارات أخرى، وقد يضطرنا تحت ضغط الشعب إلى تصنيع سلاح نووي".
???? كبير مستشاري قائد الثورة الإسلامية علي لاريجاني:
????إذا قصفت أمریکا أو إسرائیل إيران بذريعة برنامجها النووي، فستُجبر إيران على التوجه نحو إنتاج القنبلة الذرية
????إسرائیل لا تملك القدرة وحدها على مواجهتنا وكانت دائما أداة بيد واشنطن في المنطقة pic.twitter.com/ge1K0eFKLk
— إيران بالعربية (@iraninarabic_ir) March 31, 2025
وتمثل التصريحات الأخيرة تطورا جديدا في السجال بين واشنطن وطهران، وسط ظروف إقليمية ودولية معقدة، حيث يبقى الوضع محط ترقب في ظل استمرار الضغوط السياسية والاقتصادية على إيران. وتستمر الأطراف الدولية في محاولة احتواء هذه التوترات، بينما تبقى الأسئلة مفتوحة حول ما إذا كانت التصعيدات الحالية ستؤدي إلى إجراءات أكبر أو ما إذا كانت ستفتح المجال أمام فرص دبلوماسية جديدة.
#عراقجي: حسب معلوماتنا فإن الولايات المتحدة تسلمت ردنا واطلعت عليه pic.twitter.com/BAoKtNvSD8
— قناة الجزيرة (@AJArabic) March 31, 2025
إعلان باب للتفاوضقال المحلل السياسي مصطفى فقيهي إن تصريحات لاريجاني، إلى جانب تصاعد التهديدات المتبادلة بين إيران وأميركا، تمثل جزءا من أحجية المفاوضات والاتفاق، وهي خطوة تهدف إلى تقليل التنازلات المقدمة، كما يمكن تفسير مسألة نشر قاذفات "بي2" (B2) في قاعدة دييغو غارسيا في أرخبيل تشاغوس ضمن هذا الإطار.
وتابع في حديثه للجزيرة نت أنه في الأساس، الشعار الذي ترفعه إدارة ترامب هو "السلام من خلال القوة" أي تحقيق الاتفاق عبر ممارسة الضغط والتهديدات الموثوقة.
وأضاف أنه يمكن أيضا تفسير تصريحات لاريجاني في سياق تبني نهج مماثل أو مواجهته. ورغم ذلك، فقد ترك كل من لاريجاني والبيت الأبيض باب التفاوض مفتوحا، حيث تحدث لاريجاني، وللمرة الأولى، عن التعاون الاقتصادي مع الولايات المتحدة.
ومن ناحية أخرى، وفق فقيهي، قد تعكس هذه التهديدات أجواء متوترة وأزمة محتملة. وبهذا المعنى، يبدو أن لاريجاني قد أعلن موقفه الحاسم منذ البداية، مما يحدد معالم المرحلة المقبلة، لكن مثل هذا التهديد قد يكون أيضا "مجازفة" توفر مبررا لشن هجوم على إيران.
ومع ذلك، يبدو أن هناك تباينا في المواقف داخل كل من إيران والولايات المتحدة. ففي واشنطن، يتحدث مستشار الرئيس للأمن القومي مايكل والتز عن اتفاق خاص، بينما يشير ستيف فيتكاف (مكلف واشنطن بالعلاقات الدبلوماسية مع إيران) إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق مرن شبيه بالاتفاق النووي السابق.
أما في طهران، فقد عبر كل من وزير الخارجية وممثل المرشد الأعلى عن مواقف معارضة لتصريحات لاريجاني، وفقا للمتحدث.
وختم بالقول إن الوضع حساس، بشكل عام، وأي سوء تقدير قد يخرج الأمور عن السيطرة، ولكن إذا سارت الأحداث بشكل طبيعي ولم يتم التوصل إلى اتفاق، فمن غير المرجح أن نشهد -بحلول شهر مهر (سبتمبر-أكتوبر)- أزمة بحجم حرب بحرية محتملة.
#ترمب يهدد إيران: التوصل إلى اتفاق نووي أو التعرض لقصف لا مثيل له#شبكاتpic.twitter.com/JmSAcTCLEz
— قناة الجزيرة (@AJArabic) March 31, 2025
إعلان استبعاد الحربأوضح رئيس تحرير صحيفة الوفاق الحكومية مختار حداد أنه عندما يتم تهديد إيران من الطبيعي أن ترد. وبالنسبة لمستقبل التطورات، استطرد أن هذا يعود إلى السلوك الأميركي، وأن إيران "أثبتت من خلال عمليتي الوعد الصادق الأولى والثانية، وبعد اغتيال الفريق الحاج قاسم سليماني أنه عندما يتم إجراء أي عملية تستهدف الجمهورية الإسلامية بأي شكل من الأشكال فإنها ترد".
وفي السياق، اعتبر حداد، في حديثه للجزيرة نت، أن هذه المستجدات توصل رسالة بأن الحوار إذا تم فسيكون غير مباشر وحول إحياء الاتفاق النووي فقط ولا يوجد حوار حول أي قضايا أخرى مثل قدرات إيران الدفاعية والقضايا الإقليمية، وكذلك فالحوار لن يتم تحت الضغط والتهديد وفرض عقوبات، وبالتالي هذا يوضح أن مستقبل الأزمة يعود إلى السلوك الأميركي.
ويعتقد المتحدث ذاته أن دول المنطقة لا تقبل بأن يستهدف الأميركان الأمن والاستقرار في المنطقة، معتبرا أن التصريحات الإيرانية الأخيرة ليست رسائل دبلوماسية فقط بل هي تحذير للأميركان. وعليه، استبعد حداد المواجهة العسكرية في المدى القصير.