(نجـــــــوم في الحــــرب)
سلسلة حوارات يجريها:
محمــد جمــال قنـــدول
الكاتب الصحفي والمحلل السياسي حسن إسماعيل لـ(الكرامة):
السياسة عند برمة (مسالة معايش).. وهذا ما كان يفعله ايام الانقاذ (….)
لم يعُـــد هنالك حزبٌ اسمه (الأمــــــة القومي)..
كل قـــراءات عثمان ميرغني مضطـــربة وفاشـــلة
(90%) من قيــــادات الأحزاب أدوات بيد المطابخ الخارجية.

.
حسرتي على النخب التي يشتريها المتمرد بأرخص الأثمان
(تقـــــزُم) ولدت من رحم الميليشيا وخُصبت بماء الخيانة
هذا هو السبب الذي اشعل الحـــــرب (….)
(….) هذا ما قلتــــه للصادق المهدي
مطلوب الحسم سواء كان عسكريا او عبر تفاوض ينهي التمرد..
ربما وضعتهم الأقدار في قلب النيران، أو جعلتهم يبتعدون عنها بأجسادهم بعد اندلاع الحرب، ولكنّ قلوبهم وعقولهم ظلت معلقةً بالوطن ومسار المعركة الميدانية، يقاتلون أو يفكرون ويخططون ويبدعون مساندين للقوات المسلحة.
ووسط كل هذا اللهيب والدمار والمصير المجهول لبلاد أحرقها التآمر، التقيتهم بمرارات الحزن والوجع والقلق على وطن يخافون أن يضيع.
ثقتي في أُسطورة الإنسان السوداني الذي واجه الظروف في أعتى درجات قسوتها جعلني استمع لحكاياتهم مع يوميات الحرب وطريقة تعاملهم مع تفاصيل اندلاعها منذ البداية، حيث كان التداعي معهم في هذه المساحة التي تتفقد أحوال نجوم في “السياسة، والفن، والأدب والرياضة”، فكانت حصيلةً من الاعترافات بين الأمل والرجاء ومحاولات الإبحار في دروبٍ ومساراتٍ جديدة.
وضيف مساحتنا لهذا اليوم هو الكاتب الصحفي والمحلل السياسي حسن إسماعيل، الذي كان قد توقع كارثةً كبيرةً في البلاد بسبب ما سُمي بـ(الثورة) في 2019:
أين كنت حينما اندلعت الحرب؟
كنت خارج السودان في تركيا التي وصلتها في نوفمبر 2020 بعد مؤامرة التغيير في أبريل 2019، بعد أن مكثت عامًا في السودان ، وكانت فترة مراقبة للأوضاع، وشعرتُ بأنّ البلاد مقبلةٌ على كارثة فغادرت مع أسرتي.
متى كانت آخر مرةٍ زرت فيها السودان؟
غادرت في نوفمبر 2020 وللأسف لم أعُد، وكان من المفترض أن أعود في أغسطس الماضي تلبيةً لدعوةٍ من القيادات بمجلس السيادة ولكني لظروف لم أصل وربما أزور السودان خلال الشهر المقبل.
لماذا غادرت البلاد بشكل نهائي؟
لم اغادر بشكل نهائي ولدينا موعدًا في العودة قريبًا بإذن الله تعالى، ولكن أي شخص قريب من تتبع الأخبار بالبلد كان يستشعر بأنّها مقبلةٌ على كارثة تحت لافتة ما يسمى بـ”الثورة”، وهذه النبوءة ليست جديدةً، حيث إنني من 2013 عندما غادرت معسكر المعارضة كنت أقول إنّ المعارضة هذه إذا استلمت الأوضاع بالبلاد ستسلمنا لكارثة ولن يستطيعوا حتى توفير الكهرباء لمكاتبهم بالقصر الجمهوري وهذا ما حدث، ومن خلال متابعتي للتشكيل الهجين في 2019 كنت على يقينٍ تام بأنّ الوطن على مستواه الأمني والسياسي ومستقبله وحاضره مُقبلٌ على انفجارٍ ضخم وكارثةٍ كبيرة وتشظ، وكل هذا مكتوبٌ وموثقٌ وحتى ذكرته في حوار مع الأخ بكري المدني.
كيف تلقيت نبأ اندلاع الحرب بالسودان؟
نحن في فبراير 2023 كنا نسجل في حلقاتٍ نحذر فيها من كارثة الاشتباك العسكري، وذلك من خلال تتبعنا للحشد الذي كان يقوم به المتمرد “حميدتي”، وكذلك من خلال الخطابات التي كان يوجهها عبد الرحيم دقلو خاصةً من قاعة الصداقة ويهدد فيها أعضاء مجلس السيادة كنا متوقعين حدوث انفجارٍ في أي لحظة، ولدينا حلقةً مسجلةً نقدم فيها النصائح للمتمرد “حميدتي” بأنّ النار التي هو مقبلٌ على إشعالها لن تتجاوز ثيابه، وستشتعل في ثيابه، والأيام التي سبقت اندلاع التمرد خاصةً بعد تدشين التمرد باحتلال مطار مروي، كنا نتابع بالأخبار ولا نخلد للنوم الى أن سمعنا مباشرةً الاشتباك الذي حدث بالمدينة الرياضية بعد دقائق من اندلاعه.
ماذا كان شعورك في تلك اللحظة؟
الخوف على البلاد باعتبار أنّ الأيدي الخارجية كانت واضحة بتحرك “حميدتي” عبر العتاد، والخطط والسلاح، وقبل يومين من التاريخ الذي تمرد به-كونه يفكر (يضرب) مطار مروي والأبيض- والانتشار المهول لقواته يشعر الناس بأنّ البلاد تمضي في اتجاهين: أن تسقط في يد التمرد لا قدر الله، واتجاه آخر: ستحصل مقاومة من قبل القوات المسلحة والشعب تدحر التمرد ولكن بأثمانٍ غالية في الأنفس، والأرواح والبنية التحتية، والقلق كان في الاتجاه.
هل توقعت اندلاع الحرب؟
نعم توقعنا اندلاع الحرب وأي شخص كان يتابع يرى مؤشر الأحداث يوضح أنّ “حميدتي” أصبح لا يطيق صبرًا بأن يحصل على الامتيازات التي وفرها له “الإطاري” عُنوةً من قبل مجلس السيادة والجيش، ولكن الموضوع كان توقع أبعد من هذا باعتبار أنّ المساومة السياسية التي شكلت “الهجين” الذي حكم السودان في 2819 ، أي شخص عاقل واعي يعرف أنّ نهاية هذه المساومة هو ما جرى: القوى المدنية لا تريد خوض الانتخابات، وقوة شبه عسكرية تم تسليحها وتوفير المال لها، وحكومة عبد الله حمدوك تتطلع لأن ترث السودان، وكل المؤشرات ليس توقعًا وإنما يقينًا بأنّ البلاد مقبلة على كارثةٍ كبيرةٍ نتاجًا لسوء المعادلة السياسية.
كيف تقرأ الراهن السياسي على ضوء المتغيرات الجديدة؟
في الحقيقة الأفق الرؤية فيه محدودة وقصيرة، باعتبار أنّ الأيدي المتدخلة في السودان كثيرة وأي جهة لديها أطماعها “دول الجوار الإفريقي، ودول الجوار العربي”، حتى على مستوى المجتمع الدولي دول “الترويكا”، وعلى مستوى الدوائر بالولايات المتحدة، كثافة هذه الأيادي تجعل من التنبؤ والقراءة أمرٌ صعبٌ جدًا، لكن يؤكد لنا بأنّه ما من طريقة سُوى دحر هذه المؤامرة ببعديها “الداخلي والخارجي”، وتطلعاتنا كلها تصب في هذا الاتجاه هزيمة التمرد والمؤامرة الدولية التي أُعدت لتفكيك الدولة السودانية، وهو ما يحتاج لمزيدٍ من الجهد للجبهة الداخلية تعبئةً وتوعيةً ومزيدًا من العمل العسكري على مستوى الجيش والمستنفرين، بالانتصار على الأرض تتحدد ملامح المشهد السياسي والراهن.
هذه الحرب مختلفة عن سابقاتها؟
مختلفة باعتبار أنّ المؤامرة من 55 كان تحاول أن تورث السودان من أطرافه بواسطة الحركة الشعبية تارةً والحلو تارةً أخرى وبواسطة عبد الواحد محمد نور مرةً ثالثة، ولكن هذه المرة محاولة النيل من الدولة السودانية من قلب مركزها والعُدة التي أُعدت كبيرة والعتاد الذي جُهز ضخم جدًا، وبالتالي هي حرب مختلفة لأنّ أهدافها مختلفة خاصةً أنّ هنالك فترة من الفترات كان الهدف إضعاف السودان، ولكنّ هذه المرة تفكيكه وذلك واضحٌ من خلال الحشد المستمر والجسر الجوي المستمر الذي يمد المتمردين عبر تشاد وليبيا وبواسطة حكومة أبوظبي.
الناس مغبونة؟
مغبونة ولكن الغبن (لازم) يقوده وعي، وذلك عبر الفرز الواعي للمواقف والحيثيات، و,(أنا هسين عندما أرى شخص في المجتمع السوداني كنجم ورمز ولسه الأمور مختلطة ويقول ليك أنا ما بحرض عليه أو بشجع وكأنه الجيش السوداني ابتدأ الحرب) ، الجيش سنة كاملة بدافع عن مقاره ولم يتحرك خارج مقاره، وحركة الطيران السوداني الآن هي حركة لمنع “التشوين” الذي يأتي من تشاد وليبيا وتدمير مخازن المتمردين وعتادهم والقوات المسلحة تقوم بواجباتها، ولا يمكن عمل صيغة تساوي بين الجاني والمتعدي وبين الذي يقوم والطرف الذي يقوم بواجباته الدستورية والأمنية ولدينا مشكلة مسموعة ومعروفة (الصورة ما واضحة) ، وهذا يؤدي لغبن في كل الاتجاهات، ونحن محتاجون نضيء مصابيح التنوير لنا وللآخرين، وتحرير العقول من الأوهام والشائعات، وصحي الناس مغبونة من الخسائر والجراح التي وقعت عليها، ولكن الغبن دون وعي وطاقة معرفة تكون بلا نتائج.
الحسرة على وماذا؟
الحسرة على النخب وهذه المجموعات الرخيصة التي أصبحت سلعة يشتريها عبد الرحيم دقلو بأرخص الأثمان، الحسرة على الأحزاب السياسية الصدئة التي اكتشفها الناس بأنهم مجرد سوس، والحسرات كثيرة جدًا على الجوار.
“تقــــدم” هذه المجموعة هل استنفدت كل فرصها فى البقاء؟
هي “تقــــــــــزم” في الحقيقة، ولدت ميتةً لأنها ولدت من رحم التمرد وخُصبت بماء الخيانة والعمالة، وخرجت جنينًا مشوهًا وميتًا، وبالتالي الحديث عن “تقدم” يعني الحديث عن التمرد بل بصورةٍ أسوأ، باعتبار أنّ التمرد يقاتل في القضايا المتوهمة لديهم ولكن( ما معقول) قوى مدنية وتصطف خلف قوى متمردة عسكريًا وتوقع معها مصفوفة سياسية تتجاهل كل المعايير والسقوف الإنسانية.
حزب (الأمة القومي) صدم السودانيين بموقفه في الحرب؟
أنا من 2002 فقتُ وتفأجاتُ بأنّ الوضع في حزب الأمة هكذا، وكنا نقول للسيد الصادق إذا لم تُبنى المؤسسات سيُدار الحزب بالأسرة وسيؤول الصراع الأسري، وعلى الشعب السوداني أن يتجاوز هذه الأحزاب والأوهام ويقف على حقيقة إنه ما عندنا ما يسمى بالأحزاب، والتي أصبح عبد الرحيم ينظف بها حذاءه.
البلاد افتقدت العقلاء (الترابي، والمهدي ونقد) وآخرين؟
نسبيًا اتفق معك، ولكن في الحقيقة إنّ الذي نحن فيه حصاد فشل كل المجموعة السياسية من لدن الاستقلال ليومنا هذا ولا أستثني أحدًا، بنينا أحزابًا هشةً وضعيفة وكانت عُرضةً للاختراق، وكنا أقرب دائمًا على مستوى قياداتنا الحزبية للمغانم الشخصية من التجرد لصالح الوطن، وللأسف الآن 90% من الأحزاب والقيادات أدوات في يد المطابخ الخارجية.
هل تتوقع حسم هذه الحرب عسكريًا أم بالتفاوض؟
هنالك من يستخدم كلمة “تفاوض” استخداما مُبهما، والتفاوض الذي يقود لإنهاء التمرد مرحبًا به، ولكن الذي يعود بالدعم كقوى مزدوجة وموازية للجيش (دا تفاوض يعيد إنتاج الأزمة)، والحسم هو الحاسم سواءً كان عسكريًا أو تفاوضًا يقود لإنهاء التمرد.
صراعات حزب الأمة القومي بين الطموحات الشخصية والروافع الأُسرية، هل هي سبب الأزمة الآن فى الكيان العتيق؟
بالمعايير العلمية التي توصف بالأحزاب ما عاد هنالك حزب اسمه “الأمة القومي”، وهنالك أُسرة فقط ومنقسمة، والانقسام متخلف وليس على فكرة وإنما انقسام لمصالح أولاد زوجة محددة من الجانب الآخر، أما الحزب الذي يهتم بمشاكل الجماهير غير موجود.
وماذا عن قيادات الحزب برئاسة بُرمة؟
بُرمة مسألة السياسة بالنسبة له مسألة معايش يقتات منها ويسترزق منها مثل ما كان يفعل أيام الإنقاذ حينما كان يسلم تقاريرًا شهريةً لمكتب بكري حسن صالح عن الاجتماعات داخل حزب الأمة، والآن غير سيدًا بسيد وأصبح يعمل تحت إمرة عبد الرحيم.
عثمان ميرغني أدلى بإفاداتٍ تجرم “قحت” حول اشتراكها فى الحرب، ولكن يرى البعض بأنّ عثمان يراوغ؟
عثمان من الإعلاميين الذين لديهم موثوقيةً عالية بالمصادر الغربية، وليس لديه اهتمام بمؤشرات الحركة الداخلية، ولهذا قراءاته كلها (مضطربة وفاشلة).
من أشعل الحرب؟ الاتهامات متبادلة، “تقدم” تتهم “الإسلاميين”، و”تقدم” نفسها متهمة من الجميع؟
أشعل الحرب “الاتفاق الإطاري”، لأنّ “حميدتي” تحرك في 15 أبريل ليحوذ الامتيازات التي وفرها له “الإطاري”، ومن يقف خلف “الإطاري” “الرباعية وقحت”.

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: اندلاع الحرب عبد الرحیم على مستوى من خلال التی أ

إقرأ أيضاً:

دراما رمضان في السودان تحاول رصد واقع الحرب

وسط استمرار الصراع في السودان منذ قرابة عامين ونزوح كثيرين داخلياً ولجوء غيرهم لدول أخرى، حاول فنانون سودانيون تقديم أعمال درامية في شهر رمضان هذا العام ترصد واقع الأوضاع بينما يئن أبناء بلدهم تحت وطأة القتل والنهب والتشريد.
شهدت الدراما السودانية انتعاشة، تمثلت في زيادة الإنتاج، بعد أن تحررت من قيود الرقابة والسيطرة الأمنية، عقب سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير في أبريل 2019، لكنها تراجعت مرة أخرى بفعل الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، كما أدت الاشتباكات إلى تدمير أجزاء كبيرة من المسرح القومي، وتعرضت معظم دور السينما للنهب وتشتت صناع الدراما بين نازحين يقيمون بمراكز الإيواء في الداخل ولاجئين بدول الجوار.
وبجهود شخصية وإمكانات محدودة، حاول قائمون على هذه الصناعة تقديم أعمال فنية، رغم ما ينطوي عليه ذلك من صعوبات، سعياً لتجسيد واقع مرير يعيشه السودانيون، فلقيت انتقادات لاذعة من قطاع من الجمهور والنقاد، لضعف جوانبها الفنية بينما أشاد بها قطاع آخر؛ لأنها أنتجت في ظل ظروف قاسية.
وتقترب الحرب في السودان من إكمال عامها الثاني في أبريل المقبل، دون بوادر على حدوث أي تقدم نحو حل الصراع.

دراما رمضان وقضايا متنوعة
ومن بين الأعمال الأعلى مشاهدة هذا العام مسلسل “ديالا” الذي يعرض على موقع “يوتيوب”، وهو من بطولة أحمد الجقر، وإنتاج شركة “المزن” للإنتاج الفني. ويتناول المسلسل الذي تم تصويره بالكامل في مصر المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها معظم السودانيين في قالب كوميدي.
ويتناول مسلسل “هروب قسري” الانتهاكات التي يتعرض لها السودانيون، من قتل وهجمات إلى جانب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعانون منها جراء الحرب، وهو من إنتاج مصعب عمر وخديجة محمد، وهما من صناع المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي ومن تأليف وإخراج هيثم الأمين.

وقال عمر، المعروف على مواقع التواصل الاجتماعي باسم “زول سغيل” لـ”الشرق”، إن “المسلسل يوثق لحقبة زمنية مهمة من حياة الشعب السوداني، في إشارة إلى الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع”.
وأضاف: “نسلط الضوء على معاناة الناس من قتل ونزوح في ظل ظروف الحرب، فضلاً عن عكس الطريقة القاسية التي يهربون بها إلى دول الجوار بطرق غير شرعية”، مشيراً إلى أن إنتاج المسلسل جاء في ظل ظروف صعبة وضعف الإمكانيات ودون دعم من أي جهات، أنتجنا المسلسل بمجهود شخصي أنا وخديجة أمريكا من ترتيب اللوكيشن والمعدات وأجور الممثلين”.
وذكر أن تكاليف إنتاج المسلسل بلغت حوالي 20 ألف دولار أميركي.

تأثيرات الحرب
أما الممثل أبو بكر فيصل، فعاد خلال شهر رمضان بعد توقف سنتين بسبب الحرب عبر إنتاج “سلسلة جبريل”، وقال إن “هذا العمل كان من المفترض أن يكون مسلسلاً كاملاً، لكن للأسف وجودي خارج السودان وضيق الزمن منعني من ذلك”.
وأوضح فيصل لـ”الشرق”، أن السلسلة تشمل 15 حلقة تناقش تداعيات الحرب وآثارها وجرى تصويرها بين السودان ومدينة جدة السعودية، وتعرض على قناة “ويكاب” عبر اليوتيوب خلال رمضان.
وأكد أن للحرب تأثيرات مباشرة على الإنتاج الدرامي فهو عمل جماعي يتطلب وجود فريق متكامل في مكان واحد، لافتاً إلى أن هذا كان مستحيلاً؛ بسبب وجود صناع العمل في أماكن مختلفة جراء الحرب.
ويرى الناقد حسين علي، أن الدراما الرمضانية السودانية تحتاج إلى الكثير، مشيراً إلى أن الأفراد تطوروا كثيراً وبرز نجوم مثل محمود ميسرة السراج وإسلام المبارك ووضعوا بصمتهم في الوطن العربي، لكن المنظومة الدرامية الكاملة تحتاج إلى عمل كبير.
وقال علي لـ”الشرق”، إن أعمالاً مثل (ديالا وهروب قسري) تعاني من أخطاء فنية كبيرة، وشدد على ضرورة استفادة صناع الدراما الذين أجبرتهم الحرب إلى اللجوء خارج البلاد إلى الاستفادة من التجارب والخروج بأفكار واكتساب مهارات ومعارف جديدة لتقديم دراما حقيقية تعكس الواقع الاجتماعي خصوصاً في فترة ما بعد الحرب.
ضعف الإمكانات ونقص الأدوات
من جانبه قال الناقد هيثم الطيب، إن أغلبية الأعمال الدرامية “يمكن أن نصفها بأنها في دائرة اجتهاد ومحاولات إنتاج، هناك نقص حقيقي في أدوات العمل المختلفة، نحن نحاول فقط إنتاج دراما سودانية، وهي في الحقيقة مجرد صور مرئية متحركة هنا وهناك، الكتابة بها الخطايا الكثيرة من لغة وتناول القضايا والحوارات وفقرها الواضح في الأبعاد الأربعة في لغة السيناريو (توضيح، توصيف، تحليل، تفسير) وتكاد تكون كل الأعمال المنتجة خلال هذا الموسم متفقة في ضعفها”.
وأضاف:”نحن نفتقد مهنية في الكتابة أولاً لنصنع الصورة المرئية وعليه ما يأتي بعد ذلك يخرج بذات الضعف، لأن أساس العمل الدرامي (الكتابة بالمهنية والشكل الكامل لصناعة صورة درامية مرئية)، هل عرفت صورة درامية؟ إذن الكتابة الفقيرة في أدواتها لا تفعل ذلك والأغلبية من الإنتاج يدخل في تلك الدائرة المليئة بضعف هنا ونقص هناك”.
وذكر الطيب في مقابلة مع “الشرق” أن أغلبية الأعمال الدرامية تعاني من ضعف لغة تناول القضايا يتبع ذلك ضعف في لغة الحوارات نفسها وتوصيفها للأشياء المختلفة، مشدداً على أن “الكتابة صناعة كاملة ولها أدوات ووسائل رئيسة ومساعدة وتفاصيل متحركة ورؤية واضحة، لكن افتقدنا كل ذلك، كيف سيكون تقييمها أو وصفها بغير عبارة اجتهادات فقط، ولا زالت في نفس الاجتهادات كل عام بلا تطوير أو رؤية لرسم ملامح متميزة.. نحن نعمل على طريقة بالضرورة نكون هناك، وبالطبع هذه الطريقة العقيمة تضعنا أننا فاشلون كثيراً”.
وتابع: “لم نصل بعد لطريقة ممارسة النقاش الدرامي لقضية ما بوضعها وصفيا ثم تناولها إجرائياً، وبعد ذلك تفصيلاتها المتعددة وأشكال الصراع نفسها وتحليلية الأوضاع بشكل متحرك درامياً وليس بالطريقة التي نراها اليوم في أعمالنا تلك، وهي الطريقة التي تشبه صناعة صورة مرئية لتقارير إخبارية هنا وهناك”.

جواب لفكرة الحرب
ونوه إلى أن الدراما السودانية لم تقدم للعالم جواباً لفكرة الحرب القاتلة وما فيها، مشيراً إلى أنه “لا يوجد مسلسل وضع الحرب في محاصرة تقييمية كاملة وناقشها بالشكل المهني كصورة وأبعاد ورؤية، وكان يمكن للحركة الإنتاجية أن تكون قيمة دبلوماسية وتعريفية بشكل الحرب التي كانت في وطننا وتضعها كصورة وأبعاد للعالم وهذا ما كنا نطمح فيه”.
وقال:” يتحقق ذلك فقط لو كانت الأيادي التي تقوم بذلك ناجحة مهنياً وفكرياً، ولها الرؤية الراسخة في توظيف الصورة الدرامية إنسانياً ووطنياً، لكن الذي حدث إخفاق كامل”.
ويخوض الجيش السوداني حرباً ضد قوات الدعم السريع منذ أبريل 2023، بعد خلافات حول خطط لدمج الدعم السريع في القوات المسلحة في أثناء عملية سياسية للانتقال إلى حكم مدني.
وأدت الحرب إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 12 مليون سوداني، كما تسببت في واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم.

الشرق

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • فلترق كل الدماء ولكن من المستفيد؟
  • البرهاني ينفي إمكانية التفاوض مع الدعم السريع ويؤكد استمرار القتال لإنهاء التمرد
  • دراما رمضان في السودان تحاول رصد واقع الحرب
  • «مدرسة جميلة» ومربي فاضل هو «ابن» سرحتها الذي غنى بها
  • رمضان يخفف من قساوة التحديات التي يواجهها رواد الأعمال السودانيون
  • حكايات المؤسسين (4): حكاية جيش التأسيس – الحلم الذي اقترب من أن يصبح حقيقة
  • هل تلاحظون الصمت الذي ضرب على خيمة خالد سلك؟!
  • نازحات في يومهِنّ!!
  • مسؤول سوداني: النساء يمثلن 98% من الأسر التي تعاني أوضاعًا قاسية
  • صحفيون لحقوق الإنسان: فى ذكري اليوم العالمي للمرأة (8 مارس) … أوقفوا الحرب القائمة على اجساد النساء