أثارت التفجيرات المتزامنة فى أجهزة الاتصال اللاسلكية، المعروفة بـ«البيجر»، الخاصة بأعضاء فى «حزب الله» اللبنانى، أمس الأول، ردود فعل واسعة حول كيفية تنفيذ هذه التفجيرات عن طريق وسائل تكنولوجية متقدمة، استُخدمت فيها هجمات متطورة، ضمن هجمات «سلاسل الإمداد السيبرانية»، ما أسفر عن مقتل قرابة 9 أشخاص، وإصابة ما يقرب من ثلاثة آلاف آخرين، فى كل من لبنان وسوريا، فى حادث أعاد للأذهان كيفية اغتيال القيادى السابق فى حركة حماس، يحيى عياش، عام 1996، عن طريق زرع قنبلة فى هاتفه المحمول.

وتحدث خبير أمن المعلومات، المهندس محمد عبدالفتاح، لـ«الوطن»، عن التطور النوعى فى الهجمات السيبرانية المتقدمة، قائلاً إن تفجير أجهزة الاتصال «البيجر» حدث عن طريق هجمات سيبرانية، تُعرف بهجمات «سلاسل الإمداد طويلة الأمد»، ومن المحتمل أن يكون اختراق أجهزة «البيجر» قد حدث بعد الانتهاء من عملية تصنيع هذه الأجهزة، وتم تفخيخها بكبسولات يمكن تفجيرها عن بُعد.

وأضاف أنه من المفترض أن جهاز «البيجر» أكثر أماناً من أجهزة الاتصالات الحديثة، كما أنه من الأجهزة القديمة التى تُستخدم فى إرسال إشعارات لحاملها، لكن عمليات الاختراق تحدث بشكل كبير من الحرفية والتقنية العالية التى يمكن من خلالها تفجير أجهزة الاتصال، مثلما حدث فى عملية اغتيال القيادى فى حركة حماس، يحيى عياش، عام 1996، وتم استخدام هاتف محمول فى العملية، التى شكلت فى وقتها تطوراً كبيراً فى هجمات الأمن السيبرانى.

وأضاف «عبدالفتاح» أن احتمالية انتقال هجمات الأمن السيبرانى إلى أجهزة اتصال لا سلكية أخرى أمر سهل، لكن ينبغى على الشركات المستوردة للهواتف المحمولة وأجهزة الاتصال التعامل مع شركات ذات ثقة كبيرة، تحافظ على سمعتها المهنية، وكذلك الحال بالنسبة للشركة المصنعة، التى تحمل اسماً وتاريخاً كبيراً لا يمكن التفريط فيه، وبالتالى تكون أكثر حرصاً على سلامة وأمان عملائها.

وتابع أنه ينبغى أن تحظى البنية التحتية للدول بدرجة كبيرة من الأمان، لأن البنية التحتية تضم جميع المقومات الأساسية للدولة، من كهرباء وماء وغاز وأجهزة اتصال، وغيرها من الأمور المهمة، التى تؤثر بشكل مباشر على الدولة، وبالتالى فإن الأضرار التى قد تحدث فى البنية التحتية، عن طريق الهجمات السيبرانية، تكون مزدوجة، بحيث إنها تشكل ضرراً على البيئة المحيطة بالأشخاص المتلقين للخدمة، كما تؤدى إلى ضرر شخصى للإنسان نفسه متلقى الخدمة بشكل مباشر.

من جانبه، أكد خبير أمن المعلومات، المهندس محمد الحارثى، أن جهاز «البيجر» من المفروض أنه انتهى استخدامه حالياً، ويُستخدم فى الاتصال اللاسلكى، ويوجد جزء آخر من هذه الأجهزة يعمل بواسطة طريقة صد تنازلى، عن طريق اتصال الديجيتال، باستقبال إشعارات مثل الرسائل النصية، ويُستخدم هذا الجهاز أحياناً كوسيلة للتغطية خارج تغطية الهواتف أو شبكات الاتصالات العادية، كما يُستخدم عن طريق شبكة اتصالات تتمكن من الاتصال بالأجهزة اللاسلكية.

وأضاف «الحارثى»، لـ«الوطن»، أنه من تحليل الفيديوهات الخاصة بالتفجيرات التى حدثت فى لبنان وسوريا، يشير إلى أن التفجير تم عن طريق «كبسولات» زُرعت داخل الجهاز، وليس كما يقال عن تفجير البطارية، وأوضح أن هذا التفجير يشير إلى عملية اختراق للأجهزة بعد مراحل التصنيع، فى المرحلة من شحن تلك الصفقة حتى تسليمها إلى «حزب الله» فى لبنان.

وأكد أن احتمالية انتقال تفجير عن بُعد إلى أجهزة اتصال أخرى أصبح أمراً أكثر سهولة، وهو ما يستوجب على الدول أن توفر وسائل أمان كبيرة للحماية من الهجمات المتطورة للأمن السيبرانى، وهذا بدأ الاهتمام به بالفعل، وأوضح أن جهاز «البيجر» هو جهاز اتصال إلكترونى لا سلكى صغير ومحمول، اخترعه المهندس الكندى ألفريد جروس عام 1949.

ويُسمى أيضاً جهاز النداء اللاسلكى، يمكن استخدامه للتواصل داخل المؤسسات، أو ضمن مجموعات ومنظومات مختلفة، ويعمل ببطاريات قابلة للشحن، ويستقبل رسائل مكتوبة واتصالات وإشارات صوتية وضوئية، وتُستخدم أجهزة «البيجر»، وتُسمى أيضاً أجهزة «البليب»، للتواصل مع الزبائن فى المطاعم والمقاهى وفى المستشفيات والمراكز التجارية الكبيرة، أو فى أى مؤسسة تريد تسيير منظومة جماعية والتواصل معها بسهولة، وكانت تُستخدم أيضاً فى التواصل بين الأشخاص قبل ظهور الهواتف المحمولة.

وتعمل أجهزة «البيجر» ببطاريات الليثيوم، التى يمكنها العمل لأيام متواصلة، وتم تطوير النسخ الأولى من هذه الأجهزة فى خمسينات وستينات القرن العشرين، وشاع استخدامها مع نهاية الثمانينات وبداية التسعينات من القرن نفسه، قبل انتشار الهواتف المحمولة، وفى الأصل كانت منظومة أجهزة «البيجر» تعمل عبر موجات اتصال لا سلكية، يتم إرسالها من هوائيات متخصصة.

ومع التطور التكنولوجى بدأت تستوعب تقنيات التواصل المتطورة، مثل التطبيقات الذكية، وتقنيتى «البلوتوث والواى فاى»، ويعمل جهاز «البيجر» باستقبال موجات وإشارات من جهاز إرسال، يحولها إلى رموز مكتوبة أو صوتية أو حركات اهتزاز، تخبر حامل الجهاز بأن رسالة وصلته، وبلغ عدد مستخدمى «البيجر» فى أواسط تسعينات القرن الماضى أكثر من 61 مليون شخص حول العالم، وتراجع هذا العدد إلى نحو 6 ملايين شخص فى عام 2016.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: إسرائيل حزب الله لبنان الاحتلال البيجر بيروت أجهزة الاتصال عن طریق

إقرأ أيضاً:

خبراء: رغبة ترامب في توسيع اتفاقات أبراهام قد تفضي لوقف إطلاق نار بغزة

رغم سياسة كسب الوقت التي يمارسها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منذ بداية الحرب فإن عملية انتقال السلطة في الولايات المتحدة قد تفضي لاتفاق وقف إطلاق نار في قطاع غزة، برأي خبراء.

فقد حاولت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- من خلال الفيديو الذي نشرته للأسير الإسرائيلي الأميركي عيدان ألكسندر، إيصال رسالة إلى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بأن الحل في غزة لن يكون إلا من خلال بوابة الأسرى، كما يقول المحلل السياسي سعيد زياد.

وخلال مشاركته في الوقفة التحليلية "مسار الأحداث"، قال زياد إن المقاومة حاولت أيضا من خلال رسالة هذا الأسير تأكيد قدرتها على الاحتفاظ بالأسرى وسط الحرب وأنهم لن يخرجوا من القطاع أحياء إلا بصفقة.

وتمثل رسالة الأسير الجديدة -برأي الخبير في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين- "تحريكا لملف تبادل الأسرى الذي ظل راكدا طيلة الشهرين الماضيين بسبب الحرب في لبنان لأنها سوف تحرك الشارع الإسرائيلي ضد نتنياهو، لأن ذوي الأسرى أصبحوا يعتقدون أن الاتفاق الذي حدث في لبنان يمكن تكراره في غزة".

معوقات لاتفاق

لكن جبارين يقول إن ثمة معوقات أمام تكرار سيناريو لبنان في غزة أولها أن مفاهيم الأمن القومي الإسرائيلي تختلف في الشمال عنها في الجنوب، وثانيها أن التوصل لصفقة في غزة كامتداد لصفقة لبنان ينسف فكرة فصل الساحات التي تحدث عنها نتنياهو واعتبرها واحدة من منجزات حربه ضد حزب الله.

إلى جانب ذلك، فإن نتنياهو وإن كان لم يحقق النصر المطلق في غزة، فإنه يحاول الحصول على التصرف المطلق في القطاع بعد الحرب ومن ثم فإن حديثه عن السعي لصفقة تبادل قد لا يتجاوز كونه مسكّنا للشارع الإسرائيلي، من وجهة نظر جبارين.

في المقابل، يقول المسؤول السابق في الخارجية الأميركية توماس وورك، إن هناك إمكانية لإجراء نقاش كان مستحيلا قبل أسبوعين، مشيرا إلى أن متغيرات حدثت بعد وقف إطلاق النار في لبنان.

وأشار وورك إلى أن الولايات المتحدة ترى أن حماس قبلت ببعض بالأمور التي كانت ترفضها في السابق ومنها بقاء القوات الإسرائيلية في محور فيلادلفيا مما يعني أن بعض العقبات الكبيرة قد تفككت في اللحظة الراهنة.

والأهم من ذلك، برأي وورك، "أن نتنياهو لم يحصل على الورقة البيضاء التي كان يعتقد أنه سيحصل عليها من ترامب مما جعله مستعدا بالفعل للقبول بصفقة في غزة".

وقال المتحدث إن الخلاف الجدي حاليا هو بشأن ما سيكون عليه شكل الحكومة في اليوم التالي للحرب، لأن كلا الطرفين له نظرة مختلفة لهذا الأمر، مشيرا إلى أن نتنياهو يريد حكما فلسطينيا بعيدا عن حماس والسلطة الفلسطينية، بينما حماس لا تريد الخروج من المشهد.

حماس تبحث عن الحل

لكن زياد رد على هذا الكلام بقوله إن تقديرات الولايات بشأن قبول حماس ببقاء قوات الاحتلال في فيلادلفيا "خاطئة وفاشلة وتعكس عدم فهم الولايات المتحدة للمقاومة الفلسطينية، التي لا يمكنها القبول ببقاء الاحتلال في هذا المحور".

وفيما يتعلق بموقف حماس من الحكم بعد الحرب، قال زياد إن حماس ليست معنية بالحكم وإنما بأن يكون هذا الحكم فلسطينيا، مشيرا إلى أنها "تجري مفاوضات في القاهرة الآن لكي تقطع الحديث أمام من يحاولون رسم اليوم التالي للحرب بأن تجعله وطنيا خالصا حتى لو لم تكن هي مشاركة فيه".

وختم زياد بالقول إن حماس "تحاول حل المسألة الفلسطينية وتوحيد المشهد داخل غزة، وهي أيضا تنطر لتبدل الحكومات الأميركية والإسرائيلية لأنه غالبا ما يفضي لصفقات كما حدث في مرات سابقة".

وعلى عكس الرأيين السابقين، يعتقد جبارين أن إسرائيل تحاول فرض واقع جديد تماما في غزة سياسيا وجغرافيا وديمغرافيا من خلال بقائها في محوري نتساريم وفيلادلفيا وشمال القطاع، مشيرا إلى أن نتنياهو "قد ينسحب مقابل إيجاد لجنة دولية لإدارة القطاع وفق معاييره هو التي تصب في فتح الشرق الأوسط أمامه".

غير أن وورك يرى أن ترامب يضغط حاليا باتجاه التوصل لصفقة تجعله قادرا على مواصلة العمل على توسيع "اتفاقات أبراهام" بمجرد دخوله للبيت الأبيض.

وختم بالقول إن المسؤولين في إدارة جو بايدن يتواصلون مع مجموعة ترامب ومع قادة إسرائيل والرئيس الفلسطيني محمود عباس فيما يمكن وصفه بـ"رقصة الكراسي"، معربا عن اعتقاده بأن التوصل لحل في غزة ممكن في الوقت الراهن.

مقالات مشابهة

  • وزير الدفاع يشهد مشروع مراكز القيادة الاستراتيجي التعبوي لهيئة الإمداد والتموين
  • "أسياد" تستعرض الخدمات اللوجستية لتعزيز سلاسل الإمداد ضمن "معرض عُمان للمنتجات الغذائية"
  • أول ظهور لـ السفير الإيراني في لبنان منذ إصابته في تفجيرات البيجر| صور
  • صور.. أول ظهور علني لسفير إيران لدى لبنان بعد "إصابة البيجر"
  • سقوط 3 لصوص سرقوا جهاز لاب توب وحقيبة أموال
  • البحث العلمي تعلن تفاصيل ورشة العمل الختامية لخارطة طريق الميتافيرس
  • مبارك يستقبل رئيس جهاز الاتصال و مدير عام القوة متعددة الجنسيات بشرم الشيخ
  • محافظ جنوب سيناء يستقبل رئيس جهاز الاتصال و مدير عام القوة متعددة الجنسيات
  • خبراء: رغبة ترامب في توسيع اتفاقات أبراهام قد تفضي لوقف إطلاق نار بغزة
  • كارثة على الطريق السريع.. قطع الغيار «المضروبة» أقصر طريق إلى الموت