أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية؛ أن اجتزاء الكلمات من سياقها لتحويل معناها عمَّا سيقت له بغرض التشويه؛ افتراءٌ وتدليس ينافي الأمانة وقواعد العلم.

الجامع الأزهر يواصل اختبارات مركز إعداد وتطوير معلمي القرآن الكريم رئيس جامعة الأزهر يشيد بجهود مركز الاستشارات الهندسية بقنا

وقال المركز أن لا تفهم جملة من الكلام إلا بوصلها بما قبلها وما بعدها، لما فيه من ربط للكلام بغاية المتحدث منه، وبيان لمُجمله، ونفي للاحتمالات والظنون غير المرادة، وهذه قاعدة عامة في فهم النصوص العربية ذات النسيج اللغوي المتماسك، وإذا كان كلام الله المُعجِز -الذي لا يضاهيه في البلاغة كلامٌ- إذا اقتطع من سياقه لم يدل على مراد الحكيم الخبير منه، فإن احتياج ما هو دونه من الكلام لفهمِه في ضوء السياق أولى.

وأكد المركز أن معرفةُ سِياقِ كلامِ المتحدث في نصٍّ معين، وفي سياقات سابقةٍ من نُصوص أخرى، مُعبرةٍ عن فكره وعِلمه؛ تَمنعُ حَمْلَ بعض عباراته -المجتزأة من سياقها- على غير المُراد منها، ومعلومٌ أن اجتزاء الكلمات من سياقها لتحويل معناها عما سِيقت له؛ افتراءٌ وتدليسٌ ينافي الأمانة وقواعد العلم.

وأوضح المركز أن خلال كلمة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب - شيخ الأزهر، في احتفالية المولد النبوي الشريف 1446هـ، تحدث عن الأخلاقِ الكاملة لصاحب الرسالة ﷺ، والعلاقة بينها وبين خاتميّة رسالته وعالميّتها، وسِعَتها للعالَمين جميعًا: إنسًا وجِنًّا، كائنًا وجمادًا، زمانًا ومكانًا؛ بينما جاءت الرسالات السَّابقة محدودةً بأقوامٍ بعينِهم وفي زمانٍ مُعيَّن ومكانٍ محدَّد لا تتجاوزه لآخَر.

وتابع المركز أن هذا بلا شك تقرير لِعظم شأن هذه الرسالة وصاحبها ﷺ؛ لا للخصائص المذكورة في ذاتها؛ بل للأدلة الواردة في هذا الشأن والحاكمة بالأفضلية، -وتلك منزلة أعلى في التفضيل- والمعنى أنه لا يُعتَمد على الخصائص بل على التفضيل الإلـٰهي، وهو المقصود من الاستثناء المُقتَطع من كلمة الإمام، حين قال: «اللهمَّ إلا اتباعًا لما يَرِدُ من الشَّرع الكريمِ في هذا الشَّأن»، مشيرًا بهذا الاستثناء إلى ما ورد من الأدلة المعلومة للعامّة والخاصة، والتي منها، قوله سبحانه وتعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤمِنُونَ بِاللهِ} [آل عمران: 11]، وقوله تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة: 48]، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ». [أخرجه مسلم]، وعن أبي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِﷺ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ». [أخرجه مسلم]

وتابع المركز: بيد أن الإمام الأكبر نوه إلى أن تفضيل الرسالات -التي نزلت على الأنبياء في أزمانهم- بعضها على بعض، والأنبياء بعضهم على بعض، لا ينبغي أن يكون محل خلاف وتنازع، أو مبني على رأي عارٍ عن دليل، بأن يُفتح باب المفاضلة فيه للعامّة؛ لما في ذلك من خطر كبير على المجتمعات واستقرارها وشواهد التاريخ تؤكد ذلك؛ بل الأصل فيه تفويض الأمر لله سبحانه وتعالى والتسليم والإيمان بما نزّله؛ عملًا بالأدلة الواردة في هذا الشأن، والمذكورة في كلمة الإمام، والتي منها قول الله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} [البقرة: 253]، وقوله أيضًا: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْض} [الإسراء: 55]، وقول سيدنا رسول الله ﷺ: «لَا تُخَيِّروني مِن بينِ الأنبياءِ»[أخرجه البخاري]، وفي لفظٍ آخَر: «لَا تُخَيِّرُوا بيْنَ الأنْبِياءِ» [متفق عليه]، وقوله ﷺ: «لَا تُخَيِّرُونِي علَى مُوسَى» [متفق عليه]، وقوله لما جاءه رجل من أصحابه، فقال: يا محمَّد! يا سَيِّدَنا وابنَ سَيِّدِنا، ويا خيرَنا وابن خيرِنا: «مَا أُحِبُّ أنْ تَرفَعوني فوقَ مَنزلتي الَّتي أنزلنيها اللهُ» [أخرجه أحمد في مسنده]، وهي منزلةُ النُّبُوّة والرِّسَالةِ.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: المركز الإمام الأكبر أنبياء الله الأزهر الأزهر للفتوى المرکز أن

إقرأ أيضاً:

كلمة «شيخ الأزهر» تثير الجدل في مصر.. وهذا ردّه!

أصدر مركز “الأزهر” العالمي للفتوى الإلكترونية في مصر، بيانا حول حالة الجدل التي أثيرت عقب كلمة “شيخ الأزهر أحمد الطيب”، التي ألقاها خلال احتفالية المولد النبوي.

وقال البيان: “حول حديث فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر عن تفضيل بعض أنبياء الله على بعض، مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية يؤكد أن اجتزاء الكلمات من سياقها لتحويل معناها عما سيقت له بغرض التشويه؛ افتراء وتدليس ينافي الأمانة وقواعد العلم”.

وتابع: “لا تفهم جملة من الكلام إلا بوصلها بما قبلها وما بعدها، لما فيه من ربط للكلام بغاية المتحدث منه، وبيان لمجمله، ونفي للاحتمالات والظنون غير المرادة، وهذه قاعدة عامة في فهم النصوص العربية ذات النسيج اللغوي المتماسك، وإذا كان كلام الله المعجز -الذي لا يضاهيه في البلاغة كلام- إذا اقتطع من سياقه لم يدل على مراد الحكيم الخبير منه، فإن احتياج ما هو دونه من الكلام لفهمه في ضوء السياق أولى”.

وأضاف الأزهر للفتوى: “معرفة سياق كلام المتحدث في نص معين، وفي سياقات سابقة من نصوص أخرى، معبرة عن فكره وعلمه؛ تمنع حمل بعض عباراته-المجتزأة من سياقها- على غير المراد منها، ومعلوم أن اجتزاء الكلمات من سياقها لتحويل معناها عما سيقت له؛ افتراء وتدليس ينافي الأمانة وقواعد العلم”.

وتابع: “خلال كلمة فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب – شيخ الأزهر، في احتفالية المولد النبوي الشريف 1446 هجريا، تحدث عن الأخلاق الكاملة لصاحب الرسالة ﷺ، والعلاقة بينها وبين خاتمية رسالته وعالميتها، وسعتها للعالمين جميعا: إنسا وجنا، كائنا وجمادا، زمانا ومكانا؛ بينما جاءت الرسالات السابقة محدودة بأقوام بعينهم وفي زمان معين ومكان محدد لا تتجاوزه لآخر”.

وأضاف البيان: “وهذا بلا شك تقرير لعظم شأن هذه الرسالة وصاحبها لا للخصائص المذكورة في ذاتها؛ بل للأدلة الواردة في هذا الشأن والحاكمة بالأفضلية، -وتلك منزلة أعلى في التفضيل- والمعنى أنه لا يعتمد على الخصائص بل على التفضيل الإلهي، وهو المقصود من الاستثناء المقتطع من كلمة فضيلة الإمام، حين قال: “اللهم إلا اتباعا لما يرد من الشرع الكريم في هذا الشأن”، مشيرا بهذا الاستثناء إلى ما ورد من الأدلة المعلومة للعامة والخاصة، والتي منها، قوله سبحانه وتعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} [آل عمران: 11]، وقوله تعالى: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه} [المائدة: 48]، وعن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «فضلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون». [أخرجه مسلم]، وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله: “أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع”.

وتابع البيان: “بيد أن فضيلة الإمام الأكبر نوه إلى أن تفضيل الرسالات -التي نزلت على الأنبياء في أزمانهم- بعضها على بعض، والأنبياء بعضهم على بعض، لا ينبغي أن يكون محل خلاف وتنازع، أو مبني على رأي عار عن دليل، بأن يفتح باب المفاضلة فيه للعامة؛ لما في ذلك من خطر كبير على المجتمعات واستقرارها وشواهد التاريخ تؤكد ذلك؛ بل الأصل فيه تفويض الأمر لله سبحانه وتعالى والتسليم والإيمان بما نزله؛ عملا بالأدلة الواردة في هذا الشأن، والمذكورة في كلمة فضيلة الإمام، والتي منها قول الله تعالى: {تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات} [البقرة: 253]، وقوله أيضا: {ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض} [الإسراء: 55]، وقول سيدنا رسول الله ﷺ: “لا تخيروني من بين الأنبياء” [أخرجه البخاري]، وفي لفظ آخر: “لا تخيروا بين الأنبياء” [متفق عليه]، وقوله: “لا تخيروني على موسى” [متفق عليه]، وقوله لما جاءه رجل من أصحابه، فقال: يا محمد! يا سيدنا وابن سيدنا، ويا خيرنا وابن خيرنا: “ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلنيها الله” [أخرجه أحمد في مسنده]، وهي منزلة النبوة والرسالة”.

هذا أثارت كلمة شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، جدلا واسعا على وسائل التواصل الاجتماعي في مصر، بعد حديثه عن المفاضلة بين الرسالات السماوية والأنبياء، وعدم تأكيده على مكانة وعظم رسالة الإسلام وسيدنا محمد، على سائر الرسل والأنبياء، وذهب البعض إلى اتهامات وصفت بالمتطرفة.

وقال شيخ الأزهر، في كلمته باحتفالية ذكرى المولد النبوي الشريف، إن “المفاضلة بين الرسالات الإلهية أمرها متروك إلى الله سبحانه وتعالى، ولا يجوز لنا نحن المؤمنين بهذه الرسالات أن نفاضل من عند أنفسنا ونحكم بأن رسالة أفضل من رسالة، أو نبيا أفضل من نبي، اللهم إلا اتباعا لما يرد من الشرع الكريم في هذا الشأن”.

واستشهد بالآية الكريمة: “تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض، منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات”، وقوله: “ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض”، وتابع: “غير أن هذه المفاضلة لا تجوز من عامة المؤمنين بأن ينشئو من عند أنفسهم مفاضلة بين نبي ونبي، أو بين رسالة ورسالة”، كما أشار إلى الحديث النبوي: “لا تخيروني من بين الأنبياء” و”لا تخيروني على موسى”، و”لا تفضلوا بين أنبياء الله”.

مقالات مشابهة

  • «الأزهر للفتوى الإلأكترونية»: كلمة شيخ الأزهر عن تفضيل الأنبياء ليست مجالا للجدل الشعبي
  • من هن مرضعات النبي ﷺ وإِخوته في الرَّضاع وحواضنه؟ الأزهر للفتوى يجيب
  • كلمة «شيخ الأزهر» تثير الجدل في مصر.. وهذا ردّه!
  • الأزهر الشريف يرد على اجتزاء تصريحات الإمام الأكبر حول المفاضلة بين الأنبياء
  • الأزهر يرد على حالة الجدل المثارة بشأن كلمة الطيب باحتفالية مولد النبي
  • "الأزهر للفتوي" يحسم الجدل حول كلمة الإمام الأكبر في احتفالية المولد النبوي
  • إقبالٌ كبيرٌ على المجلسِ الحديثيِّ لقراءةِ كتاب (بداية السول في تفضيل الرسول)
  • محافظ جاوا الإندونيسية: نقدر عناية الإمام الأكبر بطلابنا الدارسين في قلعة الوسطية والاعتدال
  • وحدة الرسالة الإلهية.. شيخ الأزهر يؤكد عدم جواز المفاضلة بين الأنبياء