الأزهر للفتوى: اجتزاء كلمات الإمام الأكبر عن تفضيل بعض الأنبياء تدليس
تاريخ النشر: 18th, September 2024 GMT
أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية؛ أن اجتزاء الكلمات من سياقها لتحويل معناها عمَّا سيقت له بغرض التشويه؛ افتراءٌ وتدليس ينافي الأمانة وقواعد العلم.
وقال المركز أن لا تفهم جملة من الكلام إلا بوصلها بما قبلها وما بعدها، لما فيه من ربط للكلام بغاية المتحدث منه، وبيان لمُجمله، ونفي للاحتمالات والظنون غير المرادة، وهذه قاعدة عامة في فهم النصوص العربية ذات النسيج اللغوي المتماسك، وإذا كان كلام الله المُعجِز -الذي لا يضاهيه في البلاغة كلامٌ- إذا اقتطع من سياقه لم يدل على مراد الحكيم الخبير منه، فإن احتياج ما هو دونه من الكلام لفهمِه في ضوء السياق أولى.
وأكد المركز أن معرفةُ سِياقِ كلامِ المتحدث في نصٍّ معين، وفي سياقات سابقةٍ من نُصوص أخرى، مُعبرةٍ عن فكره وعِلمه؛ تَمنعُ حَمْلَ بعض عباراته -المجتزأة من سياقها- على غير المُراد منها، ومعلومٌ أن اجتزاء الكلمات من سياقها لتحويل معناها عما سِيقت له؛ افتراءٌ وتدليسٌ ينافي الأمانة وقواعد العلم.
وأوضح المركز أن خلال كلمة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب - شيخ الأزهر، في احتفالية المولد النبوي الشريف 1446هـ، تحدث عن الأخلاقِ الكاملة لصاحب الرسالة ﷺ، والعلاقة بينها وبين خاتميّة رسالته وعالميّتها، وسِعَتها للعالَمين جميعًا: إنسًا وجِنًّا، كائنًا وجمادًا، زمانًا ومكانًا؛ بينما جاءت الرسالات السَّابقة محدودةً بأقوامٍ بعينِهم وفي زمانٍ مُعيَّن ومكانٍ محدَّد لا تتجاوزه لآخَر.
وتابع المركز أن هذا بلا شك تقرير لِعظم شأن هذه الرسالة وصاحبها ﷺ؛ لا للخصائص المذكورة في ذاتها؛ بل للأدلة الواردة في هذا الشأن والحاكمة بالأفضلية، -وتلك منزلة أعلى في التفضيل- والمعنى أنه لا يُعتَمد على الخصائص بل على التفضيل الإلـٰهي، وهو المقصود من الاستثناء المُقتَطع من كلمة الإمام، حين قال: «اللهمَّ إلا اتباعًا لما يَرِدُ من الشَّرع الكريمِ في هذا الشَّأن»، مشيرًا بهذا الاستثناء إلى ما ورد من الأدلة المعلومة للعامّة والخاصة، والتي منها، قوله سبحانه وتعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤمِنُونَ بِاللهِ} [آل عمران: 11]، وقوله تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة: 48]، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ». [أخرجه مسلم]، وعن أبي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِﷺ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ». [أخرجه مسلم]
وتابع المركز: بيد أن الإمام الأكبر نوه إلى أن تفضيل الرسالات -التي نزلت على الأنبياء في أزمانهم- بعضها على بعض، والأنبياء بعضهم على بعض، لا ينبغي أن يكون محل خلاف وتنازع، أو مبني على رأي عارٍ عن دليل، بأن يُفتح باب المفاضلة فيه للعامّة؛ لما في ذلك من خطر كبير على المجتمعات واستقرارها وشواهد التاريخ تؤكد ذلك؛ بل الأصل فيه تفويض الأمر لله سبحانه وتعالى والتسليم والإيمان بما نزّله؛ عملًا بالأدلة الواردة في هذا الشأن، والمذكورة في كلمة الإمام، والتي منها قول الله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} [البقرة: 253]، وقوله أيضًا: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْض} [الإسراء: 55]، وقول سيدنا رسول الله ﷺ: «لَا تُخَيِّروني مِن بينِ الأنبياءِ»[أخرجه البخاري]، وفي لفظٍ آخَر: «لَا تُخَيِّرُوا بيْنَ الأنْبِياءِ» [متفق عليه]، وقوله ﷺ: «لَا تُخَيِّرُونِي علَى مُوسَى» [متفق عليه]، وقوله لما جاءه رجل من أصحابه، فقال: يا محمَّد! يا سَيِّدَنا وابنَ سَيِّدِنا، ويا خيرَنا وابن خيرِنا: «مَا أُحِبُّ أنْ تَرفَعوني فوقَ مَنزلتي الَّتي أنزلنيها اللهُ» [أخرجه أحمد في مسنده]، وهي منزلةُ النُّبُوّة والرِّسَالةِ.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المركز الإمام الأكبر أنبياء الله الأزهر الأزهر للفتوى المرکز أن
إقرأ أيضاً:
الإمام «العطار» السادس عشر للأزهر.. رئيس التحرير الأول في مصر
يتحدث التركية والإنجليزية فقد عاش ثلاثة عشر عامًا في أوروبا ودمشق والقدس وتركيا، وعاش في يوغسلافيا خمس سنوات يحصل العلم الحديث بما فيها الفنون الهندسية والميكانيكا، كان خبيرًا بعلم الصيدلية والأعشاب ورث ذلك عن جده وأبيه، وهو رئيس التحرير الأول الأزهري مؤسس صحيفة الوقائع المصرية مولانا الإمام الأكبر الشيخ حسن العطار صاحب مقولة: «إن بلادنا لا بد أن تتغير أحوالُها ويتجدَّدَ بها من المعارف ما ليس فيها».
فإلى جانب تدريسه وتأليفه في العلوم العربية نجده يكتب في المنطق والفلك والطب والطبيعة والكيمياء والهندسة، كانت له مائدة رمضانية شهيرة في تاريخ علماء الأزهر يحضرها أنبغ تلاميذه: «مولانا الإمام رفاعة الطهطاوي والشيخ السادات والثائر الأزهري علي الصعيدي قائد المقاومة الشعبية ضد الغزاة الفرنسيين بأسيوط».
ومن شدة فيض علمه كانت محاضرته تمتد حتى وقت الإفطار فتكون المائدة جاهزة لتلاميذه الكثر ورؤساء الأروقة وأساتذة الأعمدة.
وصفه الطهطاوي ذات يوم بالإفطار الشهي قبل السفر لباريس، تكاد تلمس روحه وعلمه وكرمه بيدك، فالعطار عالِم جليل ذائع الصيت في مصر وسائر الأقطار العربية وأوروبا وأديب فريد، وشاعر مجيد، وكان مع ما اتصف به من حميد السجايا وطيب الخلال متواضعًا كريمًا جداً زاهدًا وجيهًا أينما توجَّه وحيثما أقام، وفي محراب علمه يجلس إمام التجديد محمد عبده طفلًا صغيرًا يستمع لتفسير القرآن العظيم برؤية معاصرة في مجال التعليم والثقافة، فكان أول من يُنبِّه الأزهريين في عصره إلى واقعهم الثقافي والتعليمي، ويُبيِّن ضرورةَ إدخالهم المواد الممنوعة كالفلسفة والأدب والجغرافيا والتاريخ والعلوم الطبيعية، كما يبيِّن ضرورة الرجوع إلى كتب الأصول وعدم الاكتفاء بالملخصات والمتون المتداولة، ويتوسَّل إلى ذلك بكل وسيلة.
يقول مبيِّنًا الفارق بين علماء عصره والعلماء الأفذاذ الذين عرَفهم العالمُ العربي قبل عصر العطار، ومحطمًا أكذوبة تحريم الدين الإسلامي لبعض العلم، وهو صاحب فكرة إرسال الطهطاوي تلميذِه الفذ في البعثة العلمية إلى فرنسا في عهد محمد علي، كما كان صاحبَ فكرة تدوين الطهطاوي لكل ما يرى وما يَعِنُّ له في أثناء رحلته مما كان ثمرته كتاب «تخليص الإبريز في تلخيص باريز».
كان صديقًا حميمًا للجبرتي المؤرِّخ حيث أسهم معه في تأليف كتابه «مظهر التقديس»، والمعروف عن الجبرتي أنه كان يَنقِم على محمد علي افتياتِه على الكيان المصري والشخصية المصرية، وإن أُعجب بنشاطه وحزمه.
يقول في ذلك: «فلو وفَّقه الله بشيء من العدالة على ما فيه من العزم والكياسة والشهامة والتدبير والمطاولة لكان أعجوبةَ زمانه وفريد أوانه».
وليس ببعيد أن تكون هذه هي حقيقة موقف العطار نفسه من محمد علي وحُكمه، لا سيما أن الرجل كان شديدَ الغيرة على المصلحة العامة، شديدَ الحرص على تشخيص الواقع المحيط به وتغييره.
اقرأ أيضاًرئيس جامعة الأزهر: التشبيه القرآني للهلال بالعرجون القديم إعجاز لغوي وبياني فريد «فيديو»
الأزهر يدين العدوان الصهيوني على غزة ويدعو لتحرك دولي عاجل
خدم السنة النبوية بجهده ووقته.. الأزهر ينعى الشيخ أبو إسحاق الحويني