لجريدة عمان:
2025-01-05@05:00:27 GMT

نحو أعمال تجارية أكثر أخلاقية

تاريخ النشر: 18th, September 2024 GMT

منذ بدء الإبادة، ونحن نجد أنفسنا في أعمالنا شاعرين بالخزي والذنب. نراقب أجسادنا التي تنهض من النوم، تذهب للعمل، تؤدي -وللمفاجأة- مهامها بمهارة، في انفصال مفزع بين الهم الداخلي وبين أدائية الجسد وهو يمضي منجزًا، تُسيره عاداته.

ولكن إذا لم نسائل في هذه الأوقات كيف نغير العالم، فإننا على الأغلب سنفشل في تغييره إلى الأبد.

ونحن غالبًا سنفشل مع كل محاولاتنا. ولكن أي خيار لدينا سوى أن نأمل، ونحاول، ونجاهد، لا أريد أن أقول بما استطعنا إليه سبيلًا، لأننا نستطيع أكثر، ولكن بما هو أضعف الإيمان.

في تفاوضنا المعلن وغير المعلن مع مديرينا نطلب شيئا بسيطًا: عدم التعامل مع أي شركة أو طرفٍ متورط بدعم إسرائيل أو يسوغ أفعالها بأي شكل.

لا أعرف كيف هو الأمر بالنسبة للآخرين، بالنسبة لي فالتحدي هو أدبي غالبًا. أعني تطهير الأبحاث والمستندات والاستراتيجيات التي أعمل عليها من المعارف التي ينتجها الشمال.

دعوني أضرب مثالًا بسيطًا حدث اليوم. في أعمال التسويق والترويج للعلامات التجارية، تجد نفسك أمام نتاج ضخم من الأوراق العلمية، الكتب المتخصصة، دراسات الحالة التي تضرب المثل بأشهر العلامات التجارية (التي أرفض حتى أن أبث فيها الحياة بذكرها هنا)، وكيف نجحت في أن تصل للناس، تتوسع وتكبر، وتجعل من نفسها مضرب المثل في كيف تُجرى الأعمال. في نقاش مع زميلي، كان رأيه أنه لا ضرر من أن نتعلم منها، أن نستفيد من دروس الشركات العريقة، مع التشديد على الواجب الأخلاقي بمقاطعتها. لكن هذا يغفل النقطة الأساسية التي أسعى لتأكيدها. لماذا نُريد أن نتعلم منها؟ لنكون مثلها؟ لنستديم هذا الوضع المزري؟ لنُعيد تكرار المأساة بأيد بنية هذه المرة؟

ما أرفضه في الحقيقة هو الشرط الأول لوجود هذه الشركات، أرفض باعثها الأساسي (مراكمة الثروة كهدف أول)، وأرفض المنهجية التي جعلت منها عريقة ومتوسعة وقوية. حيث لا يجدر بأي عمل تجاري أن يكون بهذا التمكن والقوة. إن كنّا سندرسها، فيتوجب علينا دراستها بهدف معرفة ما لا يجب فعله، لا ما يجب فعله.

لا تعني المقاطعة التوقف عن الاستهلاك فحسب، بل مساءلة الظروف والأنظمة التي تسمح بوجود شركات متمكنة لهذا الحد، ومستغلة، ومعدومة القيم - بالمعنى الحقيقي، لا بالمعنى التافه لتطوير الرؤية، والقيم عند إنشاء المشروعات، القيم التي لا تعني شيئا على الواقع، ولا تضمن الالتزام الأخلاقي لمنشئيها ومدبري أمرها.

ولا تقتصر المقاطعة على الاستهلاك المادي، الاستهلاك الثقافي، والاستهلاك المعرفي مُستهدف أيضًا.

يكفي انبهار بكيف نُخطط وفق الطرق المنهجية، ونجتهد في صياغة أهداف «ذكية» محددة، قابلة للتتبع، والتقييم، والقياس، ومضاعفة الربح، وتشويش الأذهان، والانتصار للمنهج الرصين، واستصغار الحس الإنساني أمام الأرقام والمعادلات التي يدعى أنها لا تكذب ولا تُحابي.

لنهدأ قليلًا.

ماذا نريد فعلًا؟ نحن في عُمان.. ماذا نريد؟ إن الأمور كما هي عليه فعلًا تسير باتجاه مضاعفة الهوة بين أولئك الذي يجاهدون لإيجاد عمل، أي عمل على الإطلاق، يتحملون الاستغلال، والتهديد بالفصل والتسريح؛ من أجل أن يدفعوا إيجاراتهم الشهرية، ومن لديهم -في الجهة المقابلة- وظائف مرموقة في شركات النفط والغاز، بتأمين صحي يكاد أن يكفل لهم حتى تلميع أسنانهم إذا ما أرادوا، واشتراكات أندية تضمن أن يُرفهوا عن أنفسهم كل نهاية أسبوع، وامتيازات لأن يعلموا أولادهم في مدارس خاصة. لنهدأ قليلًا ونسائل: ماذا نريد؟ ولماذا يكون خيالنا محدودًا لدرجة أن نُسلم بأن ثمة طريقة وحيدة لإدارة الأعمال، المتاجرة، أو التسويق!

يتم الحديث ليل نهار عن «الخصوصية العمانية» ورغم نفور أكثرنا من هذا التعبير (تحديدًا بسبب السياقات التي يُستخدم فيها المصطلح) إلا أنه قد يكون لهذه الفكرة مكان. أعني تطوير أنواع من الأعمال التجارية المراعية للإنسان والبيئة، وطرق إدارة أكثر تعاطفًا، ملتزمة سياسيًا.

عنوان مقالي الأولي -في الحقيقة- كان «نحو أعمال تجارية أكثر أنثوية»، ثم أصبح «نحو أعمال تجارية أكثر أمومية»، وأخيرًا «أكثر أخلاقية». لا يهم التعبير، ليس في هذه المرحلة على الأقل. ما يهم من أمر هو أن يواصل أفراد ودول الجنوب العالمي تذكير أنفسهم أنهم الأكثرية، وأن لهم القدرة على أن يرفضوا، وينتفضوا، ويعيدوا صياغة قوانين اللعبة. يا الله إن لم تُسهم هذه المأساة في قلب العالم، فما معنى كل هذا. ليس الأمر وكأن كل هذا يساوي «صرماية» طفل اهترأت من النزوح. لكن هو أضعف الإيمان.

نوف السعيدية كاتبة وباحثة عمانية في مجال فلسفة العلوم

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

الإفتاء توضح: لا يجوز قطع صلة الرحم ولكن يمكن دفع الأذى الناتج عنها

قال الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن قطع صلة الرحم ليس أمرًا جائزًا في الشريعة الإسلامية، ولكن يمكن في بعض الحالات اتخاذ خطوات لدفع الضرر الناتج عنها.

وخلال حلقة برنامج "مع الناس" المذاع على قناة الناس، أوضح الدكتور الورداني أن هناك حالات قد يتعين فيها دفع الضرر الذي قد تسببه صلة الرحم، خاصة إذا كانت هذه الصلة تسبب أذى نفسيًا أو معنويًا للفرد. 

وأضاف أن الإسلام يحرص على صلة الرحم ولكن دفع الأذى يبقى أولى في مثل هذه الحالات.

دفع الأذى بدلًا من قطع الرحم

أكد الدكتور عمرو الورداني أنه في حال كانت صلة الرحم تسبب أذى نفسيًا أو معنويًا، يجب التعامل مع الموقف بحذر ودفع الأذى بالقدر المناسب، ولكن يجب أن يبقى التواصل مع الأرحام جزءًا من البر والصلة.

 وبين أن الأذى النفسي يُعتبر في الشريعة أذى معتبرًا، وفي حال كان الأمر يتطلب تجنب مواقف معينة لحماية النفس أو السمعة، فإنه يمكن اتخاذ خطوات للابتعاد عن هذا الأذى دون قطع العلاقة تمامًا.

الحفاظ على صلة الرحم بطرق أخرى

وأشار إلى أنه يمكن الحفاظ على صلة الرحم عبر وسائل التواصل الحديثة مثل الهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث يُمكن تجنب الأذى مع الحفاظ على التواصل المستمر مع الأرحام.

فالمقصود من صلة الرحم هو البر بالأقارب، وليس بالضرورة أن يكون ذلك عبر اللقاءات الشخصية دائمًا.

حث النبي على صلة الرحم

وفي ختام حديثه، شدد الدكتور عمرو الورداني على ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: «لا يكفيك أن أصل من وصلك، وأن أقطع من قطعك»، مؤكدًا أن الهدف هو دفع الضرر وعدم قطع العلاقة نهائيًا، لأن صلة الرحم هي من الأعمال الصالحة التي تحث الشريعة الإسلامية عليها.

مقالات مشابهة

  • وفاة مدير شركة تجارية بحادث مروري في إب
  • شكراً وزارة الداخلية...ولكن؟!
  • طرح محال تجارية للبيع واستكمال أعمال المرافق بمدينة سوهاج الجديدة
  • كل الناس مع دمج المليشيات داخل الجيش الواحد، ولكن
  • «المسلمانى».. أعاد الحياة لـ«ماسبيرو».. ولكن هل من مزيد؟
  • المصداقية والنزاهة.. 15 ممارسة لا أخلاقية في البحث العلمي
  • عاجل | المصداقية والنزاهة.. 15 ممارسة لا أخلاقية في البحث العلمي
  • تجارية الإسماعيلية تناقش مع حماية المستهلك ضبط "الأسعار" قبل رمضان
  • الإفتاء توضح: لا يجوز قطع صلة الرحم ولكن يمكن دفع الأذى الناتج عنها
  • رئيس بوليفيا: سنحصل على فرص تجارية واقتصادية جديدة بعد انضمامها لمجموعة البريكس