نشرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" تحليلا يفيد بأنه بينما لا تزال إسرائيل في غزة ليس لديها خيارات جيدة في لبنان، لكنها قد تغزوه على أي حال.

وأوضح كاتب التحليل لازار بيرمان أن الجيش الإسرائيلي والجبهة الداخلية مرهقان، والهجوم العسكري ضد حزب الله لن يهزم هذا الحزب، لكن نجاح عملية أجهزة الاستدعاء (البيجر) يمكن أن يوفر وسيلة لخروج إسرائيل.

وأضاف أنه حتى قبل انفجار مئات أجهزة الاستدعاء على مقاتلي حزب الله أمس الثلاثاء كان من المرجح بشكل متزايد حدوث تصعيد كبير بين إسرائيل وحزب الله.

لكن إذا قرر نتنياهو بالفعل أخذ زمام المبادرة ضد حزب الله فليس هناك ما يضمن أنه سيحقق النتيجة المرجوة، وعلاوة على ذلك فإنه سيجعل من غير المرجح أن تحقق إسرائيل أهدافها الحربية الثلاثة الأخرى: الإطاحة بحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وإطلاق سراح الرهائن، وضمان عدم تهديد إسرائيل من غزة في المستقبل في الجنوب.

خيارات إسرائيل بالشمال

وعن خيارات إسرائيل لشن حملة عسكرية في لبنان، قال بيرمان إنه بإمكانها تنفيذ هجوم جوي، إما ضد الدولة اللبنانية أو استهداف حزب الله فقط.

وأشار إلى أن مهاجمة البنية التحتية للدولة اللبنانية ستمثل استمرارا للنهج الإسرائيلي التقليدي تجاه الأعداء من غير الدول، والضغط على الجهات الفاعلة الحكومية لكبح جماح المليشيات داخل حدودها، فقد تم استخدام هذا النهج بشكل فعال ضد مصر والأردن لوقف هجمات الفدائيين الفلسطينيين من أراضيهما في الخمسينيات والستينيات، وحتى سحب النظام السوري قواته في عام 2005 سعت إسرائيل أيضا إلى استخدام سوريا (أقوى لاعب في لبنان) لوقف هجمات منظمة التحرير الفلسطينية، ثم حزب الله على شمال إسرائيل والجيش الإسرائيلي.

لكن هذا النهج -حسب بيرمان- يفترض إما أن الدولة اللبنانية الضعيفة ستعمل على كبح جماح حزب الله، أو أن الانتقادات العلنية ستجبر حزب الله على الموافقة على وقف إطلاق النار، لكن هذا النهج قد فشل في الماضي، وبالنظر إلى الخلل الوظيفي والانهيار الاقتصادي في لبنان فمن غير المرجح أن ينجح اليوم.

الطائرات والمدفعية

وفي الوقت نفسه، فإن الحملة ضد حزب الله نفسه التي تستخدم الطائرات والمدفعية ستكون استمرارا لـ3 عقود من العمليات العسكرية الإسرائيلية غير الحاسمة، فقد اعتمدت إسرائيل على القوة الجوية، في محاولة لردع حزب الله وحماس عن مهاجمتها بدلا من البحث عن نصر حاسم على الأرض، وأكد هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول مدى فشل هذا النهج.

وبدلا من ذلك -يقول الكاتب- يمكن لإسرائيل أن تتبنى في الشمال النهج الحالي الذي تبنته في غزة عن طريق إغراق لبنان بالقوات البرية، ثم اقتلاع حزب الله ببطء من القرى والأنفاق أثناء البحث عن مخزونات الأسلحة.

لكن الجيش الإسرائيلي لم ينته من المهمة ضد حماس الأصغر بكثير، وتمكن من الاحتفاظ بأعداد كبيرة من جنود الاحتياط لبضعة أشهر فقط، قبل أن يتضعضع صبرهم.

وتابع بيرمان أن حربا أطول وأكثر فتكا في لبنان مع قوة احتياطية وجبهة داخلية متعبتين لن تؤدي إلا إلى زيادة الإحباط المتزايد بشأن إدارة الصراع منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، كما ستجلب شهورا من الهجمات الصاروخية على مجتمع مرهق مع عشرات الآلاف من النازحين الداخليين والاقتصاد الراكد وأفراد الأسر في حالة حرب لمدة عام تقريبا.

وعلاوة على ذلك، فإن إعادة الجيش الإسرائيلي إلى جنوب لبنان لأشهر -إن لم يكن لسنوات- توفر فرصة لحزب الله لاستنزاف جيش الاحتلال التقليدي حتى يهرب.

التوغل البري المحدود

والخيار الأخير هو توغل بري محدود لإنشاء نوع من المنطقة العازلة في جنوب لبنان، وقد طرح قائد القيادة الشمالية أوري غوردين هذه الفكرة وفقا لـ"إسرائيل اليوم"، مشيرا إلى هروب المدنيين اللبنانيين ومقاتلي حزب الله من الحدود، كما يمكن أن يكون التوغل بمثابة ورقة مساومة لإجبار الحزب على الموافقة على حل دبلوماسي.

ومع ذلك -وفقا لبيرمان- لم تكن المناطق العازلة فعالة بشكل خاص بالنسبة لإسرائيل، إذ من المرجح أن تنتهي أي عملية لا تلحق أضرارا بالغة بحزب الله وتجبره على إعادة الانتشار بعيدا عن الحدود باتفاق آخر لوقف إطلاق النار كما فعلت في الماضي.

وتابع بيرمان أن إسرائيل تجد نفسها الآن في مأزق من صنعها، فقد أهملت لسنوات قواتها البرية واشترت نظرية النصر من الجو إلى جانب التقنيات الدفاعية مثل القبة الحديدية والأسوار بمليارات الدولارات، وسمح هذا النهج لحماس وحزب الله بالنمو من مجموعة من الخلايا الصغيرة إلى جيش قادر على غزو إسرائيل وإغلاق جبهتها الداخلية.

حربان معقدتان بوقت واحد

كما أن هذا النهج يحد من خيارات إسرائيل اليوم، فقد أدى التوافر المحدود للتشكيلات الأرضية إلى إبطاء العملية في غزة، مما يجعل إسرائيل مضطرة لخوض حربين معقدتين في وقت واحد.

ونقل بيرمان عن المنظّر العسكري عيران أورتال القول إنه اعتبارا من سبتمبر/أيلول الجاري لا يوجد خيار واقعي لتحقيق نصر حاسم على حزب الله، وإن التفوق العسكري الكامل الذي تمتع به الجيش الإسرائيلي لمدة 3 عقود كان يتآكل، وإن حماس وحزب الله يمتلكان الآن قدرات مرتبطة بجيوش الدولة.

كما نقل عن رئيس الأركان الإسرائيلي السابق أفيف كوخافي قوله إن التحدي الذي سيواجهه الجيش الإسرائيلي ضد حزب الله وحماس هو أن مسلحيهما يوجدون في قلب المناطق الحضرية بطريقة لامركزية، مما يجعل من الصعب جدا تحديد موقعهم وتدميرهم، في حين يسمح لهم بمهاجمة الجبهة الداخلية الإسرائيلية بشكل فعال مع مرور الوقت.

ودعا كوخافي إلى زيادة فتك القوات البرية وتحسين الترابط بين الطيارين والمشاة والدبابات والطائرات المسيرة، وأجهزة استشعار أفضل في ساحة المعركة لتحديد موقع العدو أولا.

وحث أورتال على أن تستغل إسرائيل وقتها وتطور قدراتها حتى تتمكن من خوض حرب حاسمة، قائلا "إذا ذهبنا إلى لبنان الآن فسيتعين علينا القيام بذلك مرة أخرى في غضون عامين آخرين، من الأفضل عدم القيام بذلك مرتين".

إنقاذ حماس

وأشار الكاتب إلى أن معضلة إسرائيل في الشمال أصبحت أكثر إزعاجا مع وتيرة حملتها في غزة، فبعد 11 شهرا من 7 أكتوبر/تشرين الأول تظل الحقيقة أن حماس لا تزال قادرة على استعادة قطاع غزة وإعادة بناء جيشها كلما انسحبت إسرائيل.

وإذا قررت إسرائيل القيام بعملية برية ضد حزب الله فإن التوصل إلى اتفاق أو خطوة حاسمة ضد حماس يصبح أقل احتمالا مع نقل المزيد من القوات إلى الشمال.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجیش الإسرائیلی ضد حزب الله هذا النهج فی لبنان فی غزة

إقرأ أيضاً:

نعيم قاسم: إسرائيل خرقت الاتفاق 3 آلاف مرة وتهدف لتغيير القواعد

قال الأمين العام لحزب الله اللبناني نعيم قاسم -اليوم الإثنين- إن الاعتداء الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت أمس يفتقد لأي مبرر حتى ولو كان وهميا، وهو عبارة عن اعتداء سياسي يهدف لتغيير القواعد والضغط على لبنان.

وأضاف قاسم أن ما يميز هذا الاعتداء على الضاحية أنه حصل بإذن من الولايات المتحدة، مطالبا الدولة اللبنانية بالتحرك الدبلوماسي واستدعاء سفراء الدول الكبرى ورفع شكاوى إلى مجلس الأمن.

وقال أيضا -في كلمة بثّت على قناة المنار التابعة لحزب الله- إن الاعتداء الإسرائيلي الجديد، يأتي "لتثبيت قواعد معينة، يعتقدون أنهم من خلالها يستطيعون الضغط على لبنان وعلى مقاومته، وأن يحققوا الأهداف التي يريدون".

ورأى قاسم أن "الدولة مسؤولة عن المتابعة بالضغط على الدولتين الراعيتين للاتفاق (أميركا وفرنسا) وكذلك على الأمم المتحدة ومجلس الأمن وقوات الطوارئ الدولية" لوقف الغارات الإسرائيلية على لبنان.

الضغط الناعم

وأضاف أمين الحزب اللبناني أن على الدولة أن تضغط، مؤكدا أن "الضغط الذي مارسته الدولة حتى الآن ناعم وبسيط، لا يرقى إلى أكثر من بعض التحركات وبعض التصريحات. وهذا أمر غير مقبول" مشددا في الوقت ذاته على أن حزبه التزم تطبيق بنود اتفاق وقف إطلاق النار، بينما خرقته إسرائيل أكثر من 3 آلاف مرة.

إعلان

وطالب قاسم الدولة اللبنانية بأن "تتحرك بشكل أكبر وبشكل يومي وبشكل متفاعل" مضيفا "استدعوا سفراء الدول الخمس الكبرى، ارفعوا شكاوى إلى مجلس الأمن، استدعوا السفيرة الأميركية دائما لأنها لا تعمل بشكل صحيح وتنحاز لإسرائيل ولا تقوم بدورها في الرعاية".

وجاءت تصريحات قاسم غداة غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية، في ثالث ضربة على المنطقة منذ سريان وقف إطلاق النار، طلب على إثرها لبنان الطرفين الضامنين للاتفاق (الولايات المتحدة وفرنسا) بإجبار إسرائيل على وقف هجماتها.

ومن جانبها، قالت إسرائيل إن الموقع الذي استهدفته أمس هو مخزن أسلحة لحزب الله يحوي "صواريخ دقيقة".

غارات إسرائيلية مستمرة

من ناحية أخرى، أفاد الجيش الاسرائيلي اليوم بأنه قصف أكثر من 50 هدفا في لبنان خلال الشهر الماضي، رغم إعلان وقف لإطلاق النار بينه وبين حزب الله في نوفمبر/تشرين الثاني الفائت.

وقال جيش الاحتلال -في بيان- إنه نفذ هذه الضربات "إثر انتهاكات لوقف إطلاق النار والتفاهمات بين إسرائيل ولبنان، شكلت تهديدا لدولة إسرائيل ومواطنيها".

ودخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني، بعد تبادل للقصف بين إسرائيل وحزب الله استمر نحو عام وتحوّل إلى مواجهة مفتوحة في سبتمبر/أيلول 2024.

ولكن إسرائيل واصلت شنّ ضربات على لبنان وأبقت على وجود عسكري في مناطق حدودية، مشددة على أنها لن تتيح لحزب الله إعادة بناء قدراته.

مقالات مشابهة

  • ‏القناة 12 الإسرائيلية نقلًا عن مصدر أمني: الجيش الإسرائيلي قتل عنصرًا من حزب الله جنوبي لبنان
  • سكاف: عدم التزام إسرائيل باتفاق وقف النار يعمل لمصلحة حزب الله
  • عدوان لا يتوقف وسلاح لا يُسلم.. لبنان بين فكّي إسرائيل و»حزب الله»
  • كسور وبقع.. حماس تتهم إسرائيل بتعذيب الأسير عبد الله البرغوثي والسعي لقتله
  • أخطر من جبهة الحرب.. لماذا تخاف إسرائيل من بيت صغير في الجنوب؟
  • حزب الله غير راض عن الحكومة: على المعنيين ردع إسرائيل
  • عون إلى الإمارات: لا خشية من سحب السلاح ولالزام إسرائيل باحترام الإتفاق
  • 3 رسائل عن قصف الضاحية.. ماذا تريد إسرائيل من لبنان؟
  • نعيم قاسم: إسرائيل خرقت الاتفاق 3 آلاف مرة وتهدف لتغيير القواعد
  • نيويورك تايمز: إسرائيل استخدمت الذكاء الاصطناعي بشكل واسع في حرب غزة