الرياضة واحدة من الصناعات الهامة الآن فى العالم، إذ بلغ حجم إيراداتها وعوائدها من الناتج العالمى 800 مليار دولار، وتمثل أحد فروع الاستثمار الحديث وأحد عناصر الجذب السياحى، كما أنها تشكل أحد مكونات القوة الناعمة للدول، وكثير من الدول تتنافس بشراسة لاستضافة وتنظيم الأحداث الرياضية الكبرى مثل دورات الألعاب الأوليمبية، وتنظيم نهائيات كأس العالم وغيرها من البطولات الرياضية المختلفة لجنى ثمار عديدة منها الاقتصادية والسياسية أو السياحية والثقافية والمعنوية، كما تابعنا قبل عامين عندما استضافت الشقيقة قطر تنظيم نهائيات كأس العالم على أرضها، وأحسنت تنظيم هذه المسابقة على شتى المستويات، وتحولت إلى وجهة لجذب عشاق الساحرة المستديرة من كل دول العالم إلى أرضها، وتابع مئات الملايين حول العالم أحداث هذه البطولة على مدار شهر كامل من الدوحة، والأهم أن قطر حققت مكاسب سياسية ومعنوية هائلة من وراء تنظيم هذا الحدث، وأكثر من كل ما أنفقته من أموال على المنشآت الرياضية والبنية الأساسية التى أعدتها لهذا الحدث العالمى.
الحقيقة أن مصر تمتلك كل عناصر ومقومات النجاح والتفوق فى المجال الرياضى على المستوى الإفريقى، والمنافسة على المستوى الدولى، لأسباب كثيرة يأتى على رأسها البنية الأساسية التى تمتلكها مصر فى شتى المجالات الرياضية وتتفوق بها على الدول الإفريقية، وأيضًا التاريخ والخبرات الكبيرة والتعداد السكانى الكبير ومشاركاتها الدولية قبل مائة عام فى الدورات الأوليمبية بداية من أوليمبياد ستوكهولم عام 1912 كأول دولة غير أوروبية تشارك في الأوليمبياد، وأيضًا فى أولمبياد 1920 فى الألعاب الفردية وفريق كرة قدم، كما شاركت مصر فى نهائيات كأس العالم عام 1934 التى نظمتها إيطاليا، وكان مخصصاً لقارتى إفريقيا وآسيا مقعد واحد، واستطاعت مصر الفوز به من خلال التصفيات فى القارتين.. هذا التاريخ الرائد والكبير على المستوى الدولى سابقًا، يكشف عن خلل فى المنظومة الرياضية، خاصة بعد النتائج المخيبة للآمال فى أوليمبياد باريس الأخيرة، رغم سفر بعثة كبيرة تضم 164 لاعبًا فى 22 رياضة، ولم تحقق سوى ثلاث ميدليات، تضع مصر فى المركز 52 عالميًا والخامس إفريقيًا والثالث عربيًا، وبلغ حجم الإنفاق على هذه البعثة، ملياراً و250 مليون جنيه فى أمر يشكل إهدار مال عام بسبب سوء النتائج.
التراجع المصرى فى المجال الرياضى، يكشف عن خلل إدارى فى هذه المنظومة، وإذا توقفنا أمام قطاع مثل كرة القدم، سوف نكتشف حجم الخلل والفوضى الإدارية وسوء النتائج بسبب غياب القانون واللوائح المنظمة للعبة، فى مواجهة التعليمات والتوجيهات والمجالات، وتشكيل لجان لا تعمل ولا تنتج ولا تتحرك إلا بالتوجيهات، رغم تقاضيها ملايين الجنيهات، واختيار مدربين فشلة لا يضيفون للكرة المصرية شيئاً ويتقاضون أيضًا عشرات الملايين ومشاركات وهمية تكلف الدولة الملايين، وغيرها من الفوضى الإدارية التى تنتج دورى محلياً باهتاً يعج بالمشاكل التنظيمية والتحكيمية والإدارية.. ولا يجب القياس على النجاح الذى يحققه الأهلى إفريقيًا ودوليًا، لأننا نعلم أنه ناتج عن نظام إدارى جيد وصارم، ويتصادم كثيرًا مع فوضى وتوجيهات وزارة الرياضة واتحاد كرة القدم الضعيف والمغيب، وإذا أردنا القياس والمقارنة، فلننظر إلى دولة المغرب التى صنعت بنية أساسية لكرة القدم الحديثة والمتقدمة، وأنتجت مئات اللاعبين المحترفين فى أوروبا والدول العربية، ويشكلون ثروة كروية واقتصادية وفرقاً قومية مغربية تنافس عالميًا.. الأمر يدعونا إلى المراجعة فى بداية الموسم الكروى، واحترام وتفعيل القوانين واللوائح والأخذ بالنظم الناجحة فى هذا المجال.
حفظ الله مصر
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: إهدار مال عام صواريخ الرياضة واحدة الصناعات الهامة فروع الاستثمار الناتج العالمي
إقرأ أيضاً:
وعدت يا "عيد"
ها هو عيد الفطر المبارك وقد هلت أيامه علينا، بعد أن أعاننا الله على صيام وقيام شهر رمضان المبارك، تقبل الله منا جميعا صالح الأعمال والطاعات، وأعاده علينا بالخير والبركة والأمان.
فى الأسبوع الأخير والأيام القليلة قبل العيد لاحظنا حركة كبيرة فى الأسواق سواء فى محال الملابس الجاهزة وذلك لشراء ملابس العيد، وفى محال الحلويات لشراء لوازم الاحتفال بالعيد من كعك وبسكويت وخلافه.
حالة الاستغلال والجشع التى أصابت التجار خلال هذه الايام لا تجد من يضع لها حدا، والحجة أن السوق عرض وطلب، ومن يرد البضاعة فليتحمل ثمنها أو يتركها لمشتر آخر، وهو ما أدى إلى مزيد من "الابتزاز" لجيوب المواطنين، الذين أصبح الكثيرون منهم غير قادرين على الوفاء باحتياجاتهم، الأمر الذى يضطرهم للبحث عن البدائل الأوفر والأرخص..
ويرتبط عيد الفطر المبارك، الذى نعيش أيامه، فى التقاليد المصرية بعمل الكعك بكل أنواعه، بالإضافة إلى شراء ملابس للأطفال الصغار، وشراء مستلزمات الاحتفال بالعيد، وهى عادات توارثتها الأجيال عاما بعد عام، وبدونها يفقد الناس إحساسهم ببهجة العيد وفرحة قدومه.
هذه العادات والتقاليد أصبحت مكلفة للغاية، خاصة أن الشهر الفضيل أيضا تتزايد فيه المصروفات بشكل مضاعف، فهو شهر التزاور والتواصل مع الأهل والأصدقاء، وبالتالي فإن هناك إجراءات تقشفية فرضت نفسها هذا العام، على معظم الأسر، ومنها الاستغناء عن بعض الأنواع من الأطعمة مرتفعة الثمن، وتقليل العزومات، أو تقليل أعداد المدعوين..
الأسعار التى قفزت قفزات سريعة خلال أيام الشهر الفضيل، فى معظم السلع الأساسية وخاصة اللحوم والدواجن، كان لها أثر بالغ فى التخطيط لاستقبال العيد، وعلى سبيل المثال كعك العيد الذى تضاعف سعره هذا العام وحتى الأصناف العادية منه، لم تقدم كثير من الأسر على شراء كميات كبيرة منه، كما كان يحدث فى السابق، ولكن تم تقليل الكميات بقدر المستطاع، حتى أن البعض اكتفى بكميات بسيطة للغاية حتى لا يحرم أطفاله منها، والبعض لجأ إلى تصنيعه فى المنزل توفيرا للنفقات، أما بالنسبة للملابس فتلك مشكلة أخرى، حيث بلغت أسعارها حتى فى المناطق الشعبية أرقاما مبالغا فيها.
الملاحظ هذا العام هو تزايد الحركة على بائعي ملابس "البالة" المنتشرة فى بعض الشوارع وخاصة فى منطقة وكالة البلح والشوارع المحيطة فى شارع الجلاء ومنطقة الإسعاف، وكذا فى كثير من شوارع المناطق الشعبية، وذلك نظرا لوجود فرق واضح فى الأسعار مقارنة بمحلات الملابس الجاهزة، والتى تعرض قطعا من الملابس يتجاوز متوسط سعرها الالف جنيه، وهو رقم كبير بالنسبة لمعظم الأسر.
أما بالنسبة لأماكن المتنزهات التى يمكن أن ترتادها الأسر بسيطة الحال والشباب، فأصبحت قليلة ولا تكفي تلك الأعداد التى تتدفق من الأحياء الشعبية باتجاه منطقة وسط البلد مثلا، وبالتالي تكتظ الشوارع بشكل كبير، ويقضي الشباب كل وقته فى التنقل من شارع لآخر، مع تفريغ طاقة اللعب واللهو فى الشارع، وهو ما ينتج عنه أحيانا سلوكيات غير حضارية.
حتى الكباري الممتدة بطول نهر النيل استغلها أصحاب الكافيهات فى وضع الكراسي واستقبال الزبائن، غير عابئين بحق الناس الطبيعي فى التجول دون تضييق عليهم، الأمر الذى يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، والتوسع لعمل متنزهات وحدائق عامة بأسعار رمزية فى كل الأحياء السكنية أو قريبا منها، وكل عام وأنتم بخير.