أشعر بالخجل يوم ميلاد النبي
تاريخ النشر: 18th, September 2024 GMT
نحن نحتفل بميلاد النبى فى يوم غير الذى ولد فيه صلى الله عليه وسلم!..
هذا ليس رأيى ولا رأى آحاد الناس ولكن ما تقوله كتب الأزهر ذاته!
تقول كتب الأزهر التى يتم تدريسها على طلاب المرحلة الثانوية: فى ميلاد النبى رواية مشهورة وأخرى صحيحة.. فاشتهر أن ولادته عليه الصلاة والسلام فى فجر يوم الإثنين، الثانى عشر من ربيع الأول، الموافق لليوم العشرين من أبريل سنة 571م
أما الرواية الصحيحة: فقد حقق بعض العلماء المسلمين أن ولادته صلى الله عليه وسلم كانت يوم الإثنين الموافق التاسع من ربيع الأول سنة 572م.
وبحسب ما تقوله تلك الكتب يكون اليوم الصحيح لميلاد النبى صلى الله عليه وسلم هو اليوم الخميس وليس الأحد الفائت.
وهكذا اختلفنا فى كل شىء حتى فى يوم ميلاد نبينا، وبعيدًا عن هذا الخلاف والاختلاف، ففى ذكرى ميلاد النبى صلى الله عليه وسلم، كل عام، يفيض قلبى حزنًا وخجلاً..
ومبعث خجلى أننى أتخيل- مجرد تخيل- أنه صلى الله عليه وسلم يعيش بيننا الآن، وأتساءل: ماذا سيقول عنا عندما يرى المسلمين يقتل بعضهم بعضًا ويكفر بعضهم بعضًا؟.. وعندما يرى بلاد المسلمين ممزقة مشتتة، وفى ذيل بلاد العالم، وتعيش عالة على ما تنتجه عقول ومصانع ومزارع غيرها؟..
ماذا سيقول عندما يرى أخلاق المسلمين حاليًا..
ويرى سلوكياتنا فى الشارع وتعاملاتنا فى البيع والشراء والاقتضاء.. وعندما يطالع معدلات جرائم القتل والسرقة والغش والنصب والزنا فى مجتمعنا الإسلامى، وعندما يرى جرائمنا الأسرية وقضايا محاكم الأسرة؟..
ماذا سيقول عندما يشاهد أفلامنا ومسلسلاتنا ومسرحياتنا ويسمع أغانينا، ويرى ما يحدث فى مقاهينا و«كافيهاتنا»، وعندما يطالع ما نبثه على التيك توك والفيس بوك وأخواتهما من السوشيال ميديا.
ماذا سيقول عندما يقرأ كتب تراثنا، ويطالع كتبنا الحديثة وقصصنا ورواياتنا..
ماذا سيقول عندما يسمع شيوخنا وفتاويهم وعندما يشاهد برامجنا التليفزيونية ويقرأ المكتوب فى صحفنا، ويشاهد مواكب ومكاتب المسئولين ويشاهد متسولى الشوارع؟
ماذا سيقول عندما يسمعنا نقول على المغنين والممثلين ولاعبى الكرة نجومًا، وأما العلماء فلا ألقاب لهم ولا هم يُعرفون؟..
ماذا سيقول عندما يرى القاتل نتنياهو يذبح مئات الآلاف من الفلسطينيين فى غزة على مدى يقارب العام بينما أكثر من 2 مليار مسلم يكتفون بالصمت، وبحصر الضحايا يوميًا، وينتظرون من مصر وحدها أن تسعى لإنهاء نلك المجزرة!
ماذا سيقول النبى صلى الله عليه وسلم عندما يرى كل ذلك منا؟.. المؤكد أنه لن يكون سعيدًا ولهذا أشعر بالخجل منه صلى الله عليه وسلم كلما جاءت ذكرى ميلاده.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كلمات العلماء المسلمين اليوم الخميس عليه الصلاة والسلام صلى الله علیه وسلم عندما یرى
إقرأ أيضاً:
العطاء المبرور
د. سليمان بن خليفة المعمري
يقال إنَّ العطاء هو أقصر الطرق لحصول المرء على السعادة والرضا النفسي، وقد جاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ أنه قال: "ما من يوم يُصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقاً خلفاً ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا" (رواه البخاري)، وقد حضَّ الإسلام أتباعه على العطاء والإنفاق الحسن يقول الله عز وجل "وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ۚ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا" (المزمل: 20).
الآية الكريمة تؤكد على أنّ الأجر العظيم والخير العميم إنما هو فيما يسديه الإنسان من عطاء ومعروف وإحسان للآخرين، وأنّ ما يقدمه من زكاة وصدقات هو في حقيقته يقدمه لنفسه ويدخره لآخرته عند رب كريم لا تضيع عنده الودائع؛ بل يجازي المحسنين بالإحسان إحسانا ويكافئ بالمعروف أجرا كبيرا وغفرانا.
ولقد كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وهو القدوة والأسوة لأتباع هذا الدين الحنيف ينفق في سبيل الله إنفاق من لا يخشى الفقر، وكان صلى الله عليه وسلم مثالا في الجود والكرم فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:" كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان أجود بالخير من الريح المرسلة"، وقد تربى الصحابة الكرام رضوان الله عليهم في مدرسة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا الخلق النبيل واعتادوا هذا النهج الكريم فكانوا يسارعون في الخيرات وينفقون أموالهم في وجوه البر سرا وجهرا، فها هو الصديق رضي الله عنه ينفق جميع أمواله لتجهيز جيش المسلمين لغزوة تبوك، ويتبرع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بنصف ماله، ويضرب الصحابي الجليل عثمان بن عفان المثل والأسوة في البذل والسخاء فقد "جاء إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بألفِ دينارٍ في كُمِّه –حينَ جهز جيشَ العسرةِ– فنثَرها في حِجرِه، فرأيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يُقلِّبُها في حِجرِه، ويقولُ: ما ضَرَّ عثمانَ ما عمِل بعدَ اليَومِ، مرتينِ"( رواه الترمذي).
وقد سار المسلمون على هذه السيرة الحسنة فتصدقوا بفضول أموالهم وأوقفوا الكثير من الأوقاف في وجوه الخير، وأعانوا كل محتاج ووقفوا مع كل مغرم أو معوز مستلهمين الوصايا الربانية الكريمة في هذا الشأن ومستحضرين عقبى ما يقدمونه من عون إنساني مستذكرين حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"(أخرجه مسلم)، والواقع أنّ انتشار ثقافة العطاء في المجتمع وسيادة روح التعاون بين أفراده من شأنه أن يسهم في رفاهية وخير المجتمع، فبالإضافة إلى ما يحصده المعطي من بركة ونماء في حاله وماله جزاء ما يقدمه من صدقات وتبرعات فإنّ العطاء يذهب السخائم من قلوب الفقراء والمعدمين تجاه الأغنياء والموسرين ويزرع المحبة والألفة بين أفراد المجتمع المسلم، ويسهم في تجاوز تحديات وصعوبات الحياة والوصول إلى الاستقرار المنشود.
إلا إنّه وحتى يكون العطاء مبرورا مشكورا محققا لمقاصده النبيلة وأهدافه وغاياته الإنسانية السامية فإنه يجب أن يخلو من كل ما من شأنه المس بكرامة الإنسان واهدار ماء وجهه أو الإساءة إليه عبر ما قد يمارسه البعض من تصوير ونشر وابتذال عبر وسائل التواصل الاجتماعي حينما يقدمون أية معونة أو مساعدة لمتضرر أو محتاج، مما قد يجرح مشاعره ويؤذي نفسيته، فيصبح عطاءً مقرونا بالمن والأذى وصدق الله العظيم حيث قال في محكم كتابه العزيز: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ "( البقرة، 264)، فعلى المتصدق أو المعطي أن يحترم آدمية الإنسان الذي يتصدق عليه وأن يعلم أن ما يعطيه له من مال إنما هو من مال الله الذي استخلفه فيه وأنه هو أحوج لأجر العطاء والصدقة من الشخص المتصدق عليه، وعليه أن ينفق برضا نفس وطيب خاطر وأن يتوخى كل ما من شأنه احباط العمل وذهاب أجر العطاء، ولله در الشاعر حين قال:
إن التصَدُّقَ إسعادٌ لِمَنْ حُرِموا
أهلُ السَّخاءِ إذا ما احْتجْتهُمْ بانوا
داوي عَليْلكَ بالمِسْكين ِتطعِمُهُ
البَذلُ يُنجيكَ مِنْ سُقم ٍ وَنِيرانُ
يا مُنفِقا ً خلفا ً أُعْطِيتَ مَنزِلة ً
يا مُمْسِكا ًتلفا ًتلقى وَخُسْرانُ
لا تخذِلنَّ لآتٍ رادَ مَسْألة ً
جَلَّ الذي ساقهُ كافاكَ إحْسانُ