لجريدة عمان:
2025-01-27@17:08:51 GMT

(الرياض).. بعد أربعة عقود!

تاريخ النشر: 18th, September 2024 GMT

في عام 1983م، زرتُ (الرياض)، ضمن وفد شبابي طلابي، مشارك بمهرجان الشباب العربي السادس، وكنت يومها، أسير بخطى واثقة، على درب الشعر الطويل، واضعا قدما على طريق القصيدة، والثانية على خشبة المسرح، فوفّرت لي (الرياض) فرصة وضع الخطوتين على جادّة واحدة، عندما تعذّر على أحد الممثلين مرافقة الوفد، فوجد الناقد علي مزاحم عباس المشرف على العرض نفسه في موقف صعب، فعرض عليّ الانضمام لفريق المسرحية التي عنوانها (ليلة ممطرة)؛ لأحلّ محلّ ذلك الممثل، وبعد تدريبات قليلة، استطعت الاندماج مع الفريق، وجرى تدارك الموقف، الذي ظلّ محفورا في منطقة عزيزة بذاكرتي التي لن تنس حضورنا، في تلك الزيارة، الحفل الغنائي الكبير الذي نظّمته جمعية (الثقافة والفنون) بمناسبة المهرجان، وقد أقيم الحفل في ملعب كبير، وغصّ بالجمهور الذي لم يعتد على مثل هذه الحفلات، وكان متعطّشا، كما لمسنا، لمثلها، وملنا طربا مع فنّان العرب محمد عبده عندما شارك في الحفل وغنّى عددا من أغانيه التي كان الجمهور يردّدها قبله، ومن بينها «أبعاد» و«من بادي الوقت» واختتم الحفل الفنان الراحل طلال مدّاح الذي كان يومها قادما من لندن، وحين قال عريف الحفل: جاء من لندن.

. فضجّ الجمهور بالتصفيق الذي بلغ مسامع طلال مدّاح وكان ينتظر دوره في كواليس المسرح، فحمل عوده ودخل المسرح، فازداد صخب الجمهور، وهنا طلب عريف الحفل من الفنان الكبير الانتظار قليلا ريثما يقدّمه، ويذكر اسمه على أقل تقدير!

وهذا دليل على شغف الجمهور السعودي بالفن والفنانين، وهو شغف لمسناه بوضوح في لقاءاتنا مع الشباب السعودي، في تلك الزيارة والزيارات اللاحقة، ومن بينها مشاركتنا في مهرجان (الجنادرية) عام 2013م، وقد لاحظت هذا الشغف في الحفل الذي أحياه المطرب سعدون جابر، وعازف العود المعروف نصير شمة ضمن فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب بدورته التي أقيمت في أكتوبر 2021م، فقد وصلتني دعوة من هيئة الأدب والنشر والترجمة بوزارة الثقافة السعودية، أتاحت لي مجدّدا زيارة الرياض التي يقول فيها الشاعر الراحل غازي القصيبي:

وفاتنة أنت مثل الرياض

ترقّ ملامحها في المطر..

وفي آخر الليل

يأتي المخاض

وأحلم أنا امتزجنا

فصرتُ الرياض

وفي تلك الزيارة لاحظت الصورة الجديدة التي ظهرت عليها العاصمة السعودية، بعد التغييرات الشاملة التي أحدثتها القيادات الشابّة التي تسلّمت زمام الأمور، وقد جعلني الدكتور ممدوح الشمّري الذي له أكثر من عشرين كتابا في شتى جوانب الثقافة السعودية أتلمّس الكثير من الأمور التي تتعلّق بالنقلات التي تشهدها المملكة على كافة الأصعدة، ومن أبرزها الاجتماعية، والاقتصادية والثقافية.

واليوم بعد (41) سنة، أعود إليها ضمن وفد الجمعية العمانية للمسرح الذي يتألف من ثلاثين عضوا، وقد أرسلته الجمعية ضمن توجّه دأبت عليه إدارتها الحالية، لحضور فعاليات المهرجانات المسرحية العربية، فأتيحت لنا فرصة حضور فعاليات مهرجان المسرح الخليجي بدورته 14، الذي احتضنته الرياض بعد توقّف دام (10) سنوات، وهو المهرجان الذي تعرّفت إليه للمرة الأولى في (مسقط) قبل ربع قرن، عندما احتضنت (مسقط) دورته السادسة، عام 1999م، يومها تواصل معي د. عوني كرّومي -رحمه الله- وقال: إنني في (مسقط)، أحلّ ضيفا على المهرجان، فأسرعت إلى لقائه، فوفّر لي فرصة حضور بعض عروضه المشاركة ومن بينها العرض العماني (عائد من الزمن الآتي) الذي قدّمته فرقة مسرح (فنانو مجان) وهو من تأليف وإخراج د. عبدالكريم جواد، وقد حصل العرض على جائزة أفضل إخراج (د. عبدالكريم جواد) وأفضل ممثلة (فخرية خميس)، ونال الفنان الراحل خالد الوهيبي جائزة أفضل ممثل دور ثان، والجميل في الأمر أنّ الفنانة فخرية خميس، والدكتور عبدالكريم جواد حلّا ضيفين على المهرجان بدورته التي اختتمت الثلاثاء الماضي، وهذا يعطي مؤشّرا إلى التواصل بين الأجيال، وهي سنّة حميدة، اتّبعها المهرجان منذ انطلاقته الأولى في الكويت عام 1988م، وفي لقائي بهما، بعد ربع قرن، لاحظت الكمّ الكبير من المتغيرات التي حصلت في الحراك المسرحي الخليجي، فهناك مياه جديدة مرّت تحت الجسر، هذه المياه تتمثّل في الدماء الشابة التي تقود اليوم الحراك المسرحي الخليجي، لذا، جمعت العروض بين قوّة الموهبة، وتوفّر الخبرة، وهذه ميزة حافظ عليها المهرجان منذ دوراته الأولى إلى اليوم، والأهمّ هي النقلة الواسعة التي يشهدها المسرح السعودي مقارنة بالسنوات السابقة من حيث تعدّد الأنشطة المسرحية، والمهرجانات، والعروض، والورش التدريبية، والبعثات الدراسية، بعد توفر الدعم اللازم لاستمرار هذه الأنشطة، ليزدان المشهد الخليجي العام جمالا.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ة التی

إقرأ أيضاً:

"تشيكوف".. (165) عامًا من الحضور

"الشمس لا تشرق في اليوم مرتين.. والحياة لا تعطي مرتين، فلتتشبث بقوة ببقايا حياتك وتنقذها".. هكذا قال الأديب الروسي الكبير "أنطون تشيكوف"، والملقب بـ "أبو القصة القصيرة"، والذي تمر في (29) من يناير الجاري الذكرى الـ (165) لميلاده.

ولد "تشيكوف" في 29 يناير 1860م فى مدينة "تاجانروج" جنوب روسيا، وكان الثالث من بين ستة أطفال لعائلة تعمل فى بيع المواد الغذائية، وكان والده متعصبًا دينيًا وطاغية فى تربيته لهم، حيث عاش "تشيكوف" طفولًة كئيبة وقاتمة لدرجة أنه وصفها يومًا بالقول: "فى طفولتى، لم تكن لى طفولة"!

في مرحلة الصبا، عمل "تشيكوف" مساعدًا بدوام جزئى فى عمل. وفي الخامسة عشرة من عمره، تخلى عنه والده المفلس وعاش بمفرده لمدة ثلاث سنوات أثناء إنهاء الدراسة فى صالة الألعاب الرياضية الكلاسيكية فى مسقط رأسه.

حصل على منحة دراسية فى كلية الطب بجامعة موسكو عام 1879م، وتخرج فيها عام 1884م، حيث مارس الطب العام لمدة عشر سنوات تقريبًا، ومن اقواله الشهيرة: "الطب زوجتي، والكتابة عشيقتي".

انصب اهتمام "تشيكوف" في معظم أعماله الإبداعية، بصورة واضحة، على الإنسان وحريته وكرامته وحاجاته المادية والروحية، وقد تنوعت كتاباته بين المسرح، والقصة القصيرة، فكتب أكثر من (400) قصة قصيرة، و(70) قصة متوسطة، وقد ابتكر أسلوبًا مميزًا لسرد القصص تزامنًا مع حركة الواقعية فى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. ومن أبرز قصصه: الرِهان- حياتي- ثلاث سنوات- مبارزة- فانكا- إلى جدي العزيز.

وعلى صعيد المسرح، كان لـ "تشيكوف" إعجاب خاص بـ "وليم شكسبير" وخصوصًا مسرحية "هاملت"، وله العديد من المسرحيات القصيرة والطويلة التى ترجمت إلى غالبية اللغات العالمية، من أبرزها مسرحيات: النورس- بستان الكرز- العم فانيا- الأخوات الثلاث.

وقد تعلم الكثير من كتّاب المسرح المعاصرين حول العالم من "تشيكوف" كيفية استخدام المزاج العام للقصة، والتفاصيل الدقيقة الظاهرة، وتجمد الأحداث الخارجية في القصة، وذلك لإبراز النفسية الداخلية للشخصيات.

ارتبط اسمه بمبدأ درامي في الكتابة المسرحية خصوصًا عُرف بـ " بندقية تشيكوف" ومعناه عدم استخدام الكاتب لأي "تفصيلة" لا تخدم النص، كأن يتم الإشارة إلى وجود "بندقية على الحائط" بينما لم يتم استخدامها في أي فصل من فصول المسرحية.

وعلى ذكر هذا المبدأ الدرامي، فإن "تشيكوف" قد استخدم "البندقية" في أولى مسرحياته الطويلة "إيفانوف"، حيث بدات المسرحية بإطلاق نار بينما البطل يجلس في حديقة منزله يقرأ كتابًا ويستمع للموسيقى، إذ دخل عليه أحد أقربائه شاهرًا البندقية في وجهه، ثم اتضح أنها كانت مجرد مزحة، وفي نهاية المسرحية، يتعرض البطل لهجوم قاسٍ من صديق له اتهمه بالانتهازية والجبن، وهو ما لم يتحمله البطل فاندفع خارجًا إلى غرفة خلفية، حيث التقط مسدسه وانتحر برصاصة فى رأسه لينهى المسرحية بصوت طلق نارى كما بدأت.

يذكر أن "تشيكوف" قد توفي في سن الرابعة والأربعين بداء السُل عام 1904م.

مقالات مشابهة

  • "تشيكوف".. (165) عامًا من الحضور
  • وفاة ضابط وإصابة أربعة جنود آخرين بإنقلاب طقم عسكري في تعز
  • بميدان الجنادرية التاريخي بمدينة الرياض.. انطلاق مهرجان خادم الحرمين الشريفين للهجن 2025 غدًا
  • أمير الرياض يحضر الحفل السنوي لكؤوس المؤسس وخادم الحرمين للخيل
  • أمير منطقة الرياض يحضر الحفل السنوي الكبير على كأس المؤسس وكأسي خادم الحرمين للخيل
  • أمير الرياض يحضر الحفل السنوي الكبير على كأس المؤسس وكأسي خادم الحرمين للخيل
  • بعد الخسارة الثقيلة.. استقطاع 25% من عقود لاعبي القوة الجوية
  • ليلة فنانة العرب أحلام.. احتفاء بالألبوم الجديد ضمن فعاليات موسم الرياض
  • فى أولى حفلاتها عقب "الطلاق"..رنا سماحة تخطف الأنظار بحفل جماهيري كبير
  • عادل الضوى يكتب: محصلة مواقف ورؤى ومعارك على امتداد أربعة عقود خاضها «عبدالرحيم على»