لماذا عليك زيارة أردبيل الإيرانية خلال الصيف؟
تاريخ النشر: 18th, September 2024 GMT
أردبيل – ما إن ينتهي شهر يونيو/حزيران من كل عام حتى تغطي قبة حرارية مناطق شاسعة من جغرافيا إيران تتراوح خلالها الحرارة بين 40 و50 درجة مئوية، فيحزم الكثير من مواطني العاصمة طهران والمحافظات الجنوبية والشرقية والمركزية أمتعهم نحو شمالي غربي البلاد حيث الأجواء المعتدلة.
وفي أحد أيام أغسطس/آب 2024، حيث بلغت درجات الحرارة ذروتها في طهران، انطلقنا باتجاه الحدود الإيرانية الأذربيجانية، حيث محافظة أردبيل المعروفة بأجوائها المعتدلة صيفا، إذ يندر تزامن هطول الأمطار الخفيفة والمناخ المعتدل نهارا والبارد ليلا في منطقة أخرى من إيران في هذا الموسم.
وبينما كان مقياس الحرارة يشير إلى 32 درجة صباحا في طهران، لا يجد الزائر لمدينة أردبيل حاجة إلى تشغيل أجهزة التبريد خلال ساعات الظهيرة، أما خلال ساعات الليل فيحتاج المرء لإغلاق النوافذ وبطانية خفيفة لكي ينام، إذ تنخفض الحرارة إلى نحو 9 درجات.
تمثال للشيخ صفي الدين في مدينة أردبيل (الجزيرة) معالم أثريةوبعد تناول وجبة الغذاء وأخذ قسط من الراحة، كان لا بد من جولة داخل المدينة التي تجمع بين الطبيعة الخلابة والمعالم الأثرية الضاربة في جذور التاريخ والأكلات الشعبية، مما جعلها عاصمة السياحة للدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي (إيكو) عام 2023، التي تضم إيران وباكستان وتركيا.
كانت بقعة الشيخ صفي الدين -الأكثر شهرة بمدينة أردبيل والمدرجة على قائمة التراث العالمي منذ عام 2010- وجهتنا الأولى، وهي عبارة عن مجمع أثري ضخم، يحتضن ضريح الشيخ صفي الدين الأردبيلي (1252-1334م) مؤسس طريقة الصفوية، وعددا آخر من زعماء السلالة الصفوية التي تأسست لاحقا، بما فيهم مرقد الشاه إسماعيل صفوي، والشاه طهماسب الأول.
ومرقد الشيخ صفي الدين، الذي تحوّل بعد وفاته إلى خانقاه للطريقة الصفوية، عبارة عن برج دائري تعلوه قبة مزينة بالرخام الفارسي الأزرق، ليبقى شاهدا على الفن المعماري الإيراني القديم، إلى جانب مقر الإقامة الملكي والمكاتب الإدارية والجامع والمشفى والمدرسة والمكتبة، فضلا عن عدد من المتاحف التي تحتوي على السجاد والنقوش والمنحوتات والخط والأواني الفخارية وتلك المرصعة بالذهب والفضة.
السكان المحليون يستعرضون منسوجاتهم اليدوية في غابة فندقلو (الجزيرة) سوق تاريخيوبمجرد أن يخرج الزائر من بقعة الشيخ صفي الدين، يدخل السوق التاريخي لمدينة أردبيل المشتق اسمها من "آردويل" قديما، وتعني "المدينة المقدسة"، ويقول أصحاب المحال التجارية إن سوق "بازار قديم" ضارب بجذوره في عمق التاريخ الممتد إلى العهد السلجوقي (1037-1194م)، والسلالة الزندية (1750-1794م)، وكذلك الحقبة الصفوية (1501-1736م).
ويتميز السوق المسقوف بأقواسه وقبابه التي تجعله قبلة للسياح لما يتمتع به طرازه المعماري التقليدي من قيمة فنية، فضلا عن أنه يمثل القلب التجاري النابض للمدينة، ويمكّن أصحاب الصناعات اليدوية والمنتوجات الجلدية والتحف الفنية من عرض بضاعتهم وبأسعار مناسبة جدا مقارنة مع العاصمة طهران.
كما تتميز المطاعم المنتشرة في السوق الكبير بأكلات شعبية لعل أشهرها: باسترما بولو، وآش دوغ، وآش ميوه (حساء الفواكه)، وطبق الكباب التقليدي، وخشيل، وساج قورما. وتحتوي أغلب الأكلات الشعبية على الأرز واللحم، مع اختلاف في طريقة الطهي والتحضير.
يبلغ الحد الأقصى للارتفاع في غابة فندقلو 1850 مترا (الجزيرة) غابة فَندُقلُووصبيحة اليوم الثاني، انطلقنا باتجاه بلدة "نمين" الواقعة على بعد 30 كيلومترا شمال أردبيل، حيث غابة فندقلو التي تستمد اسمها من شجرة البندق، والتي تنمو فيها بكثرة مقارنة بالأنواع الأخرى من الأشجار التي تغطي نحو 80 هكتارا من المرج الأخضر الموزع على السهول والتلال والوديان.
وتتصل غابة فندقلو بغابات هيركاني الاستوائية الممتدة على طول بحر قزوين، والمدرجة على قائمة التراث العالمي منذ 2019.
وعند اختيارنا تلة مرتفعة على مقربة من المجمع الترفيهي، مكثنا فيها عدة ساعات والتقينا بعدد من السكان المحليين، الذين قال بعضهم إن "مراعي هذه الغابة تبدو خلال فصل الربيع جنة فريدة من نوعها، لاسيما عندما ترتدي عروس الأرض زيها الأبيض نتيجة نمو زهرة البابونج، التي تطغى على خضرة الأرض ابتداء من مطلع مايو/أيار حتى نهاية يونيو/حزيران من كل عام".
الضباب والغيوم يحجبان الرؤية في قمم الجبال شمالي غربي إيران (الجزيرة)وتتوسط مساحة الغابة بحيرة "مشه سويي" للمياه المعدنية، وتعرف بخواصها العلاجية مثل ينابيع مدينتي سرعين ومشكين شهر الشهيرة؛ إذ يقصدها السياح والمصابون ببعض الأمراض الجلدية للعلاج الطبيعي.
وفي اليوم الثالث من رحلتنا إلى محافظة أردبيل، قررنا تناول الفطور في قرية حيران الشهيرة الواقعة في منحدر بهذا الاسم على الطريق الجبلي الواصل بين مدينتي أردبيل وآستارا المطلة على بحر قزوين، فانطلقنا في وقت مبكر حتى توقفنا عند الساعة التاسعة صباحا في محطة التلفريك.
ورغم أن السماء كانت صافية في أردبيل، فإن الغيوم اشتدت تدريجيا مع صعودنا المنطقة الجبلية حتى غطت كتلة ضباب كثيفة المنطقة خلال دقائق، وانخفظت درجات الحرارة في الصيف وهطلت الأمطار، فوجدنا في التلفريك مفرا للاستمتاع بالأجواء المعتدلة على قمة الجبال الشاهقة، حيث نسيم رطب آت من بحر قزوين يمتزج بالأجواء الباردة، لكن الضباب والغيوم يكادان أن يحجبا الرؤية بالكامل، مما حدا بنا إلى العودة للمناطق الأقل ارتفاعا حيث حقول الأرز الخضراء التي تبهر أنظار السائحين.
القرويون احتموا داخل خيامهم من الأمطار القوية (الجزيرة) ينابيع الجنةوعبر طريق حيران الجبلي المتعرج، واصلنا الطريق ظهرا باتجاه مدينة "سرعين" المعروفة بينابيع المياه الساخنة والغنية بالعناصر المعدنية، مما يجعلها قبلة للسياحة العلاجية، علاوة على أجوائها العذبة خلال الصيف.
واللافت في مدينة سرعين أن شوارعها الرئيسية تحتوي على العديد من الفنادق المجهزة بمسابح عامة وخاصة معبئة بالمياه المعدنية لجذب السياح، كما أن المدينة تعتبر قطبا زراعيا شمالي غربي إيران بسبب خصوبة أراضيها.
وبعد التعرف على المعالم التاريخية والطبيعية والسياحة العلاجية بمحافظة أردبيل خلال الأيام الثلاثة الأولى من رحلتنا، كان لا بد من تجربة مغامرة مثيرة في قلب غابات ووديان مدينة مشكين شهر، التي تبعد نحو 80 كيلومترا عن أردبيل.
أطلال المنازل المتبقية من السلالة الصفوية في أدربيل (الجزيرة) الجسر المعلقكانت مجموعة "خياو تاغير دولي" السياحية في مدينة مشكين شهر ذات المناخ العذب والطبيعة الغناء وجهتنا الأخيرة؛ حيث منتزه وجسر خياو تاغير دولي الذي يعلو نهرا بهذا الاسم، ويعدّ أكبر جسر معلق في الشرق الأوسط، وفق القائمين على المشروع الذين قالوا إن طوله يبلغ 365 مترا وارتفاعه 80 مترا وعرضه متران.
والجسر جزء من حديقة خياو تاغير دولي المسماة على اسم النهر الذي يقسمها إلى جزءين، وإلى جانب البيئة الجبلية والمياه الجارية في الوديان، تزيد الإنارة لا سيما خلال ساعات الليل المشهد رونقا وبهاء.
وما على الراغب في زيارة محافظة أردبيل إلا حجز تذكرة الطائرة إلى المدينة التي تحتضن مطارا دوليا كبيرا والكثير من الفنادق، وإذا ما أراد السائح حجز غرفة ذات سريرين في فندق من أربع نجوم، فإن نفقات الإقامة لشخصين مع الطعام والمواصلات لا تزيد عن 300 دولار في اليوم الواحد، دون احتساب كلفة تذكرة الطائرة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
تفاصيل زيارة السيسي لأكاديمية الشرطة ومتابعة اختبارات كشف الهيئة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أجرى الرئيس عبد الفتاح السيسى، اليوم السبت زيارة تفقدية إلى مقر أكاديمية الشرطة، حيث كان فى استقبال الرئيس اللواء محمود توفيق وزير الداخلية وعدد من قيادات أكاديمية الشرطة ووزارة الداخلية.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن الرئيس تابع خلال الزيارة اختبارات كشف الهيئة للطلبة والطالبات المتقدمين للالتحاق بكلية الشرطة، وذلك من خلال منظومة تسجيل نتائج الاختبارات الإلكترونية، واطلع الرئيس على كافة البيانات الخاصة بكل طالب والدرجات التي تحصل عليها أثناء تأدية مراحل الاختبارات المختلفة وصولاً إلى كشف الهيئة، والتي تعكس الشفافية التامة في نتائج الاختبارات.
وقد وجه الرئيس بالاستمرار في تطبيق المعايير الموضوعية، بما يضمن انتقاء العناصر الأكثر تميزاً، مما يساهم في تعزيز جهود الارتقاء بأداء جهاز الشرطة ودوره المحوري في ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار فى البلاد، من خلال إعداد أجيال جديدة من العناصر الشرطية المميزة.
وأشار السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، إلى أن الرئيس أجرى حواراً مع أبنائه من طلبة الأكاديمية، تناول الأوضاع الداخلية والإقليمية والدولية، حيث استمع الرئيس إلى آرائهم .
وشدد الرئيس على الدور المحوري الملقى على عاتق القوات المسلحة والشرطة المدنية، موضحاً أن الأوضاع الإقليمية تستوجب تكاتف جميع أبناء الوطن لمواصلة النهوض به وحمايته من أي تهديدات، وضمان الحفاظ على مكتسباته وجنى ثمار التنمية من خلال توفير الأمن والاستقرار.
كما أشاد الرئيس بما لمسه من حرص من جانب المتقدمين الجدد على نيل شرف الانضمام إلى هيئة الشرطة لخدمة الوطن، مؤكداً على تقديره العميق للدور الجوهري لجهاز الشرطة في حماية البلاد، مُثمنًا التضحيات الكبيرة التي قدمها أبناء جهاز الشرطة وعائلاتهم على مدار الأعوام الماضية في مواجهة الإرهاب، مما يُظهر المعدن الأصيل للمواطن المصري في مواجهة التحديات