رحلة الأمان إلى ربوع عُمان (2)
تاريخ النشر: 18th, September 2024 GMT
عبدالرحمن محمود المحمود **
ما بين الرحلة الأولى في عام 1975 وإلى الرحلة الأخيرة في مطلع هذا العام 2024 تطورت عُمان تطورًا كبيرًا، وبمقاييس الشعوب والأمم فإن نصف قرن تعتبر فترة قصيرة جداً، والحديث عن مراحل التغيير يطول كثيرًا لأنه سوف يرصد شتى مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية.
ومن العسير تلخيص كل هذا في مقالات مهما طالت وتعددت، بل هي بحاجة إلى كتب توثق كل ذلك، وحسب علمي فقد قامت مؤسسات مختصة بواجباتها في هذا الشأن، لكن فقط سأقف وقفة قصيرة جدًا عند القاعدة المتينة الراسخة التي أسسها مؤسس النهضة العمانية الحديثة السلطان قابوس تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وجزاه خيرًا وذلك من خلال ما استقر في ذاكرتي من لقاءات مع مسؤولين في مواقع مختلفة عبر زيارات متعددة قمت بها بدءًا من زيارتي الثانية في عام 1990.
انتهج السلطان قابوس- رحمه الله- استراتيجة طموحة للقيام بنهضة عمان بما توفر لديه من إمكانيات قامت على قواعد قوية ثابتة استلهمها من تراث وطنه الثري، أذكر منها على عجالة وباختصار شديد حسب مارواه لي من التقيت بهم:
- تطبيق القوانين على الجميع دون استثناء ولا محاباة، فمن السهل على أي حاكم أن يسن القوانين ويفصّلها حسب ما يشتهي ويريد، لكن العبرة بتطبيقها وهذا ما جعل الناس عنده سواسيه.
- التسامح حتى مع أعدائه الذين خرجوا عليه وحملوا السلاح وحاربوه، بل إنه استوعب من رضي بالسلام منهم ومنهم من وصل إلى مناصب مرموقة.
- الرحمة عنده فوق القانون، والقانون بلا قسوة أو إهانة، فقد كان دائمًا ما يوجه القيادات الأمنية بل والمدنية بحسن التعامل مع الناس حتى المخطئين منهم، فقد يكون الخطأ عن جهل بالقانون أو سهو أو سوء تقدير أو خلاف ذلك.
- بنى سياساته ومواقفه الدولية على العقل لا العاطفة، فكانت مواقف سلطنة عمان السياسية مختلفة عن مواقف باقي الدول العربية والتي كان بعض حكامها يقررون مواقف سياسية ذات حساسية كبيرة بعواطف آنية دون أي اعتبار للعواقب لا على المستوى البعيد ولا حتى القريب، وفي التاريخ المعاصر شواهد كثيرة على ذلك كلها أثبتت صحة مواقف سلطنة عمان من المشاكل الدولية مما جنبها تبعاتها الثقيلة المكلفة، وانعكس هذا حتى على المواطن العماني البسيط الذي يجد الاحترام والتقدير في كل مكان يذهب إليه بعكس مواطني بعض الدول العربية الأخرى الذين لاذنب، بل لا علم لهم بمواقف حكوماتهم.
- الحفاظ على التراث العماني من الاندثار أو التحول والتغيير، وهذا في تقديري من أعظم ما حققه السلطان الراحل بوعيه الثاقب وبصيرته المستنيرة، ولقد أسس لذلك وزارة خاصة عكف منتسبوها على جمع وتدوين وتوثيق كل تراث عمان في شتى المجالات من ما قبل التاريخ وإلى اليوم، ولقد ربطت بيني وبين بعض موظفي الوزارة علاقات ود وصداقة، وقد أهدوني مطبوعاتهم التي لا تقدر بثمن وما زلت احتفظ بها في ركن مميّز في مكتبتي الى جانب الكتاب الأول "نهضة الأعيان بحرية عُمان"، واستعنت بها في توثيق كتابي المفقود، وكذلك في دروسي لطلبتي في جامعات أوكرانيا ومركز الخليل بن أحمد الفراهيدي الازدي العماني، الذي أسسناه في جامعة كييف، لتعريف الأوكرانيين بالتراث العربي، وهذا في حد ذاته قصة أخرى سأتناولها وباختصار شديد في مقالة مقبلة.
** مدير مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي، كييف - أوكرانيا
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مشاركة ناجحة للبطل العماني حمد الوهيبي في "رالي حائل تويوتا الدولي"
حائل (السعودية)- الرؤية
أكمل البطل العُماني حمد الوهيبي مشاركته في رالي حائل تويوتا الدولي، والتي جاءت بمناسبة احتفالية مرور 20 عامًا على انطلاق هذا الرالي، والذي كان بمثابة بدء شرارة الراليات في المملكة العربية السعودية ومهد الراليات، إذ قام المنظمون بتوجيه دعوة لمجموعةٍ من أساطير رياضة المحركات في المملكة ومنطقة الشرق الأوسط، وفي طليعتهم صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان العبدالله الفيصل، رئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية، والأبطال عبد الله باخشب، أحمد الصبان، عيسى الدوسري، فرحان الغالب، حسن جميل، والبطل العُماني حمد الوهيبي.
وسبق للبطل حمد الوهيبي تحقيق إنجازات مرموقة في الراليات على مستوى العالم، أبرزها المنافسة الشرسة على لقب بطولة المجموعة “ن” في بطولة العالم للراليات عام 1999 والتي أنهاها بالمركز الثاني.
ورغم ذلك، لم يسبق لـ حمد الوهيبي المشاركة في الراليات الصحراوية الطويلة، أو ما يُعرف بـ راليات الكروس كانتري، والتي يندرج ضمنها رالي حائل تويوتا الدولي في صحراء النفود الكبير.
إلا أن حمد الوهيبي أظهر سرعةً لا يستهان بها، مع تسجيله لأسرع توقيتٍ في المرحلة التمهيدية رغم استخدامه لسيارة كان أم “مافريك أكس 3” من فئة “تشالنجر” والمركبات خفيفة الوزن مقارنةً مع سيارات ألتمايت، إلا أنه تفوق، مع ملاحته إيلكا مينور، على منافسيه.
ولكن مواجهة حمد الوهيبي لمشكلةٍ في أحد أذرع نظام التعليق أدت إلى خسارته لوقتٍ ثمين في المرحلة الأولى، إلا أنه واصل القيادة في اليوم الثاني واجتاز خط النهاية بنجاحٍ مكتسبًا خبرةً ثمينةً أشعلت بداخله الرغبة لمواصلة القيادة والتأكيد على أنه سيشارك في العديد من الراليات المقبلة.
وقال البطل العُماني حمد الوهيبي: "كان هذا الرالي ممتعًا جدًا. هذا النوع من الراليات جديد بالنسبة لي، واكتسبتُ خبرةً ثمينةً. لم نواجه أية مشاكل في اليوم الأخير، وكان بإمكاني الاستمتاع بالقيادة واجتياز خط النهاية".
وأضاف: "سبق للملاحة إيلكا مينور المشاركة في رالي داكار وفي العديد من الراليات الصحراوية، ولديها خبرة ميكانيكية ممتازة وانعكس ذلك بشكلٍ إيجابي عندما واجهنا الأعطال الميكانيكية. كان الفريق متكاملًا، ولن يكون هذا آخر رالي كروس كانتري أشارك به. أعشق هذه الرياضة، وسأواصل المشاركة إن شاء الله".,