جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-02@09:49:15 GMT

الجريمة مُزيفة.. والعقاب حقيقي!

تاريخ النشر: 18th, September 2024 GMT

الجريمة مُزيفة.. والعقاب حقيقي!

 

معاوية الرواحي

 

إلى أي درجة كبشر نذهب في الدفاع عن موقفنا، وعن أخطائنا؟ تقدم التجربة العامة لجميع البشر في هذا الكوكب العجيب شكلًا متشابهًا من التجارب عندما يتعلق الأمر بالخطأ! ابتداءً من الموقف الواضح السهل. سين، يخطئ في حق صاد، يعتذر سين، يوضح أسبابه، ويتعهد بعدم تكراره، يطرح فكرة التعويض، ويوضحُ مسار الطريق الذي يصنع الطمأنينة في الطرف صاد.

وانتهت الحكاية، وأخذت شكلها البسيط، والذي قد يتعقد ويأتي بصورة مغايرة.

سين يُخطئ في حق صاد، يبتكر صاد مختلف الأعذار، يأتي بهيئة معتذر لكنه حقًا لا يعتذر، وكأنه يقول لصاد، هذا أقصى ما لدي، تصرَّف واقبل حدود كبريائي التي تسمح لي بالاعتذار. لقد جئت (لأخبرك فقط) أنني سامحت نفسي على خطئي، وأنني أخطأت لأنني قررت ذلك، أما أنت فلا تلمني (أنا لا أُلام) وعليك أن تقبل هذا الوضع، فكرة أن يكون لصاد موقف مضاد تعني بالضرورة أنَّ أصبح فجأة مخطئا، وتتعقد المسألة كلما ذهب سين إلى تبرير الخطأ ولوم ردة الفعل وكأنه خطأ جديد في حد ذاته، وهكذا تفسد العلاقات بين الناس للأبد، طرفٌ يقول: "لقد اعتذرت، ما به هذا!" والطرف الثاني يقول: "هل حقًا يظن أنه اعتذر، ما به هذا" وفي غياهب الغموض، تصنع العداوات، وتفسد الصداقات ونتعلم كبشر تجارب الحياة المختلفة، وقد نكون مكان سين، أو نكون مكان صاد، ومن التجربتين سوف نتعلم.

عندما تخرج الأشياء عن كونها تحدث بين شخصين، إلى حدوثها في محيطٍ عامٍ كبير، هُنا يكون الكون طرفًا ثالثًا في الخصومة بين طرفين، الكون ممثلًا بالمجتمع، أو بالجنس البشري كاملًا، ممثلًا بعائلة، أو قبيلة، أو قرية، أو مدينة، أو جهة عمل، أو مؤسسة دراسية. يحدث الخطأ علنًا، يعلم عنه الجميع. طالبٌ يخطئ في حق معلمه، أو معلمٌ يخطئ في حق طالبه، يعتذر من أدرك خطأه، ويتقبل الطرف الثاني الخطأ، وتنشأ حكاية اجتماعية حقيقية: الفلانان قاما بحل الخلاف بينهما. زميلا العمل حلَّا الخلاف بينهما؟ ماذا حدث؟ أخطأ فلان، وأدرك خطأه واعتذر. ماذا فعل الطرف الثاني؟ قبل الاعتذار، وكما يقولون: سقط الحطب من سماء الكون وأصبح رمادا.

هل التعاملات البشرية تكون بهذه السهولة؟ ليت وألف ليت، وإلّا كُنَّا سنعيش حقًا في المدينة الفاضلة التي يحلم بها الفلاسفة والرومانسيون. عندما يكون المجتمع طرفًا ثالثًا في الخصومة بين طرفين، عائلتين، هُنا تبدأ حروب السرديات، والسرديات المضادة. سلوك شائع يقوم به الناس، وقد يقوم به الفرد الذي لم يحسم ملف خصومة معلَّقة. سردية الابن الضال، سردية الزوج المقصر، سردية الموظف الساخط، سردية جهة العَمل الظالمة، سردية السجَّان المخالف للقانون، سردية الخصم هو الذي بدأ. هُنا يأخذ صراع السرديات شكلا اجتماعيًا لا يخلو من الافتراء، والقبح، والمكابرة، والظلم؛ بل والصراع وتحطيم المصداقية، وقد يتجاوز ذلك إلى ما يتحول إلى معركة بقاء، نهاياتها مروَّعة في حالات كلها بدأت من خلاف عائلي تحول إلى مهرجان مسلح بين قبيلتين، والسبب في ذلك؟ صناعة السرديات التي تكفي لحرف مسار التاريخ المصغر لفردٍ أو عائلة، أو قبيلة!

صناعةُ السرديات سلوكٌ نفعله كأفراد، ونساق وراءه كأعضاء في جماعة، قد يفعله قائد جماعة يدير مصالحها، وقد يفعله فردٌ تجاه جماعة تنصل من مبادئها الجمعية. العالم مليء بالسرديات السياسية، ونحن أيضا لا نخلو من تصديق أحدها بشكلٍ ما أو بآخر. تُسمى السردية بذلك لأنها من شؤون السرد، من شؤون صناعة الحدث الخيالي، وهذا الحدث يأتي مع تفسيراته، هذا ما يحدث في العالم الكبير والمعقد، ماذا عن عالمنا الصغير؟ ألا نتقبل أحيانا صناعة سرديات صغيرة ترفع عنا الحرج الاجتماعي؟

تُقَصِّر في شأن حيوانٍ أليفٍ فيموت؟ تصنع سرديةً أنَّ كلاب الجيران قد هاجمته! يبدو كل ذلك بريئا أليس كذلك؟ نعم، حتى اجتماع جمعية الجيران، وتجدُ أحد جيرانك يلطمك بسرديتك، في حضور الجار صاحب الكلاب، وهنا تتعقد الأشياء، وتجد خصمًا شرسًا سيحاربك دائما، وتخسر جارَك لأنه أمام عينيه لا يراك إنسانا تدافع عن قطةً نسيت وضع الطعام لها، أو نسيت فتح الباب لها فماتت في الشمس، خطأ قد يحدث لأي إنسان، أنت هُنا جارٌ شانئ، يخترع الإشاعات، وكسبت دون أن تدري عداوة فقط لأن السردية التي أردت منها أن ترفع عنك حرج كونك مربي حيوانات أليفة رديء، أصبحت جارا رديئا كذابًا ولديه جار صاحب كلاب يكره رؤيته لأنه أشاع عنه أنه مربي كلاب غير مسؤول، وبهذه الطريقة، رميت اللوم على غيرك وأنت لا تعرف حجم المصائب التي صنعتها لنفسك ولصورتك الاجتماعية.

لعبة السرديات في العلاقات سلاحٌ خطر للغاية، وعندما يكون المجتمع طرفا ثالثا فيها، فهنا منشأ حروب. السردية البريئة التي تتمنى بها أن يخفف عنك اللوم، تصنع لك عداوة عنيفة وأنت لا تدري، والسردية المحكمة قد ترفع عنك عداوةً أخرى. جارك السكران، يخطئ فيصدم سيارتك، هل أنت ملزم أن تقول الحقيقة؟ جارك جاء، واعتذر، وصوت الاصطدام ليلا والجيران الذين أطلوا برؤوسهم من النوافذ عرفوا بالحادث، لم يعرفوا بتفاصيله. هل ستذهب وتفضحهم عند الجميع؟ سيخترع هو سردية أنَّ السيارة تعطلت، وأنت ستؤيد هذه السردية من باب الستر، وانتهى الكلام، من يهتم بصناعة نمائم اجتماعية من مكافح تالفة قادت لحادث بين جارين كلاهما تفاهم مع بعضه البعض، هكذا تُخمد التأويلات، والإشاعات، ويحدث الستر! وقد يحدث الموقف الغبي بتضاد السرديات فيعلم عقلٌ فضولي أنَّه ثمة خطبٌ بين الجارين، ولذلك يسمع أحدهما أشاعة أن جارًا حاول دهس جارٍ آخر، لا تصب بالدهشة أن الذي فعل ذلك إنسان بريء للغاية شعر أن تضارب السرديات بين الجارين معناه خطب جلل، وأكمل بخياله الباقي، وانتقلت حكاية الجار السكران الذي قام بإصلاح سيارة جاره إلى جارٍ يضمر الضغينة للجيران، وعندما تسير الإشاعة في تخوم القرية الصغيرة، يضرب الفرد الأخماس في الأسداس عن حب الناس للإشاعات! بعض الإشاعات ليست مبتكرة لأنها مستهدفة في حد ذاتها، بعضها نتيجة سرديات غير محكمة، وهذه نتائج التلاعب بالسرديات أمام العقول المُمحَّصة.

السردية الأخيرة التي بها عنوان هذا المقال، ما يحدث عندما يتم لصق تهمة اجتماعية بإنسان يتلقاها بصدر رحب، ربما ليدافع عن شخص آخر. نعرف كيف يدافع الإنسان عن نفسه بصناعة سردية تؤذي إنسانًا آخر، فما بالك لو كان هذا الشخص الآخر يساهم في صناعة هذه السردية، لأنه يبرِّئ ظالمه بشكل ما أو بآخر، الجريمة مُزيفة، والعقاب حقيقي، وثمّة شيء بنا كبشر يجعلنا نجتمع على عقاب شخص قررت الظروف أن سرديةً ما يجب أن تنسج بشأنه، الفتاة التي تلصق القسوة في أبيها، بينما الحقيقة أنها في حالة غضب قفزت عليه بسكين فضربها، أو العكس صحيح، الأب الذي صنع سردية الطفلة الضالة، والحقيقة أنه في حالةِ سكر هجم عليها بسلاح فضربته! هُنا تصنع السرديات المزيفة بإتقانٍ، وتقدم القرابين لأفواه الناس التي تحب أن تنهش هذه الأخبار، والعلوم، وما يمكن تداوله من أحكام عن حياة الآخرين الخاصَّة.

ما هدفي من هذا المقال عزيزي القارئ؟

هدفي أن أسلط الضوء على كائن سردي يتكاثر في العقول كالفيروس، أن تفسيرك وعذرك الذي يبدو لك بسيطًا ولا ينتقلُ، له نسخة أخرى في نسختك الجمعية في أذهان الآخرين. إن لم تستطع أن تحكم السرديات البيضاء، البريئة، كحكاية الجارين، قد تجد نفسك ظالمًا أو مظلومًا، ظالمًا في سردية تبتكرها أمام طرف أضعف منك، تصنع جريمة مزيفة عقوبتها حقيقية، أو مظلوما لأن السرديات تلاحقك من قبل طرف غاشمٍ لن يعترف أنه أخطأ، يحتاج إلى قربان يفسر ما حدث، قربان يفسر ردات فعله غير المنطقية، وهكذا تنتهي الحياة الاجتماعية لإنسان، بسبب سردية، وبسبب الطبيعة البشرية، فإن لم تكن قادرا على عيش حياة السرديات، والسرديات المضادة، عليك أن تدرك لماذا الصدق رغم صعوبته منجاة، هذه إحدى ملامح النجاة بالصدق، الذي رغم صعوبته، لا يصنع نسخا مزيفة عديدة من سرديات التأويل، أو إكمال النموذج الغائب، الوضوح حياة صعبة، الأصعب منها أن تكون شبحًا يصنع في سرد الغرباء وخيالهم، هذه حقا حياة لا تُطاق!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

دار الأوبرا.. مسارح القاهرة التي لا تنام

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

منذ أن قرر الخديوي إسماعيل في عام 1869 إنشاء دار للأوبرا لتكون منارة للفن، وحتى افتتاح الأوبرا الحديثة عام 1988، ظلت مصر رائدة في تقديم الفنون الرفيعة إلى العالم العربي. وحتى الآن يقف كيان الأوبرا المصرية شامخا، وشاهدا على مسيرة طويلة من الإبداع الفني. 

كانت الأوبرا الخديوية هي الحلم الذي اشتعل بنيران الفجر. ففي نهايات القرن التاسع عشر، قرر الخديو إسماعيل الاحتفال بافتتاح قناة السويس، لم يكتفِ بالمراسم التقليدية، بل أراد أن يُهدي العالم تحفة فنية تضاهي كبريات دور الأوبرا الأوروبية. فكلّف المهندسين الإيطاليين "أفوسكاني و"روسي" ببناء دار للأوبرا وسط القاهرة في ميدان الأزبكية. وبالفعل، تم تشييدها خلال ستة أشهر فقط، مستخدمين أجود الأخشاب والزخارف الفخمة. وكان من المفترض أن تُفتتح الأوبرا بعرض "عايدة" للموسيقار الإيطالي فيردي، المستوحى من التاريخ المصري، لكن بسبب الحرب الفرنسية الألمانية تعذّر شحن الملابس والديكورات، فتم استبدالها بأوبرا "ريجوليتو".

وظلت الأوبرا الخديوية منارة ثقافية لأكثر من قرن، حتى جاء فجر 28 أكتوبر 1971، حين اندلعت النيران في المبنى، لتحوله إلى رماد وتُطوى صفحة من تاريخ الفنون في مصر. لكن، لم يكن احتراق الأوبرا نهاية الحلم، بل كان بداية لصرح جديد يعكس روح العصر ومع تزايد الحاجة إلى مركز ثقافي يليق بمكانة مصر، جاء التعاون المصري الياباني ليُثمر عن دار الأوبرا المصرية الحالية، التي شُيدت على أرض الجزيرة بالقاهرة، بمنحة من الحكومة اليابانية فبدأ البناء عام 1985، واستغرق 34 شهرًا، ليتم افتتاحها رسميا في 10 أكتوبر 1988. جاء التصميم المعماري مستوحى من الطراز الإسلامي الحديث، ليعكس التقاء الحداثة بالتقاليد العريقة. ومنذ افتتاحها، أصبحت الأوبرا منصة للإبداع، تحتضن الفنون العالمية والمصرية، وتفتح أبوابها أمام العروض الراقية من مختلف الثقافات.

 من ريجوليتو إلى "عايدة".. أشهر الفرق تكتب تاريخها على مسارح الأوبرا المصرية

 

تضم دار الأوبرا المصرية عدة مسارح، لكل منها طابعه الفريد، لتناسب مختلف الفنون والعروض. فهناك المسرح الكبير الذي يتسع لـ 1086 مشاهدا، وهو المسرح الرئيسي الذي تُقدم عليه عروض الأوبرا العالمية، عروض الباليه، الحفلات السيمفونية، والعروض الموسيقية الضخمة كما يضم منطقة للأوركسترا تتسع لـ 144 عازفًا.

أمّا المسرح الصغير فتبلغ سعته 360 مشاهدا، يستضيف حفلات موسيقى الحجرة، الموسيقى العربية، الندوات الثقافية، والصالونات الأدبية. في حين يشمل مسرح النافورة أحدث المسارح التي أُنشئت بعد جائحة كوفيد-19، في الهواء الطلق، ويتسع لـ 2000 مشاهد، ويستضيف الحفلات الغنائية والمهرجانات الكبرى بينما يتميز المسرح المكشوف بطابع شرقي جذاب، ويتسع لـ 600 مشاهد، ويُخصص لعروض الجاز، الموسيقى الخفيفة، والمسرح الغنائي. وإلى جانب ذلك يوجد مسرح الجمهورية الذي شُيّد عام 1912، ويقع بجوار قصر عابدين، وكان في الأصل دارًا للسينما قبل أن يتحول إلى مسرح يقدم الحفلات الغنائية والعروض الدرامية.

وفي الواقع، لم يكن دور الأوبرا مقتصرا على العاصمة فقط، بل امتد إلى محافظات أخرى، لترسيخ الثقافة والفنون في كل أنحاء مصر. فهناك أوبرا الإسكندرية (مسرح سيد درويش) الذي بُني عام 1921 بتصميم مستوحى من أوبرا فيينا ومسرح أوديون بباريس، وأعيد ترميمه عام 2004 ليكون مركزًا للإبداع السكندري. ودار أوبرا دمنهور التي تعّد تحفة معمارية بُنيت في عهد الملك فؤاد الأول عام 1930، وكانت تُعرف بـ "تياترو فاروق"، ثم تحولت إلى مركز ثقافي رائد في الوجه البحري.

ولم تكتفِ دار الأوبرا بتقديم العروض فقط، بل حرصت على توثيق تاريخها من خلال متحف يروي قصة الأوبرا الخديوية، عبر صور ووثائق نادرة، بالإضافة إلى جناح خاص يعرض مسيرة الأوبرا الجديدة منذ افتتاحها. كما يضم المبنى قاعة "صلاح طاهر" للفنون التشكيلية، التي تُعد مساحة للإبداع الفني المعاصر. فمنذ إنشائها وحتى اليوم، تظل دار الأوبرا المصرية رمزًا للحضارة والفن الراقي، تربط بين تراث الأجداد وطموح الأجيال الجديدة. هنا، يلتقي الشرق بالغرب، وتتلاقى الألحان مع الإيقاعات، لترسم لوحة ثقافية نابضة بالحياة، تليق بمصر وتاريخها العريق.

 

حفلات وعروض

شهدت مسارح دار الأوبرا المصرية تقديم العديد من الحفلات حيث بدأت من خلالها  فرق جديدة تظهر على الساحة، مثل فرقة الشيخ سعيد الدسوقي، التي قدمت عروضًا متنوعة في عام 1886، بالإضافة إلى فرق إسبانية. وفي العام التالي، استمرت العروض مع الشيخ الدسوقي بدر، كما قدمت فرقة قرداحي موسمًا حافلًا في مارس 1887. وخلال هذه الفترة، بدأت الفرق الأوروبية الشهيرة تعود إلى القاهرة، ومن أبرزها فرقة الأوبريت "بوني وزوكينو".

وفي عام 1888، زارت القاهرة النجمة الفرنسية الشهيرة سارة برنار، حيث قدمت عروضًا مسرحية مميزة استمرت لشهر كامل. وكانت هذه الزيارة بمثابة نقطة تحول، حيث أعادت للأوبرا زخمها السابق. وفي عام 1889، شهدت الدار عودة فرق الأوبرا الأوروبية، حيث قدمت الفرقة اليونانية "كاراياني" موسمًا حافلًا خلال شهري مارس وأبريل.

كما لم تكن العروض مقتصرة على الفرق الأوروبية فقط، بل استمرت الجمعيات والهيئات الخيرية في تقديم حفلاتها، إلى جانب الفرق العربية مثل فرقة محمود رفقي وعبده الحامولي والشيخ الدسوقي بدر. وشهد عام 1890 ظهور الفرقة الإنجليزية "فانتوش توماس هولدن"، والتي قدمت عشر حفلات مميزة. وفي نفس العام، جاءت الفرقة الإيطالية الشهيرة "إليونورا دوز" لتقدم مجموعة من الروائع المسرحية، من بينها "أنطونيو وكليوباترا"، و"غادة الكاميليا"، و"فيدورا"، و"أوديت"، و"زوجة كلاوديو". وفي أبريل 1890، نظمت فرقة "ديلير" موسمًا فرنسيًا للأوبرا والأوبريت، حيث قدمت أعمالًا إيطالية شهيرة مثل "عايدة"، و"تروفاتوري"، و"ريجوليتو"، و"حلاق إشبيلية"، و"كارمن". وخلال عامي 1891 و1892، نظمت فرقة "أولمان" موسمًا استثنائيًا امتد لسبعين حفلة، ثم تلاه موسم آخر بنفس الزخم. لكن في نهايته، تم إلغاء خمس حفلات حدادًا على وفاة الخديو توفيق.

 

القرن العشرين.. الانتعاش الكبير

مع اقتراب نهاية القرن التاسع عشر، كانت الأوبرا تحتفي بكبار المؤلفين مثل فيردي وفاجنر. فقدمت أوبرا "فولستاف" لفيردي، والتي كان قد ألفها عام 1893 وهو في الثمانين من عمره. كما تميز موسم 1899 بتقديم أعمال فاجنر مثل "لهونجرين"، و"الفالكوره"، و"تريستان وإيزولده"، التي عرضت لأول مرة في القاهرة.

وفي عام 1900، قدمت فرقة الإنجليزي موريس باندمان عشر حفلات أوبريت تضمنت عروضًا شهيرة مثل "سيجال"، و"كريستوفر كولومبوس الصغير"، و"فلورادورا"، و"فتاة الجيشة". ومع حلول عام 1901، شهدت الأوبرا حدثًا مؤثرًا، حيث توفي المؤلف الإيطالي جوزيبي فيردي عن عمر ناهز 88 عامًا. وأقيمت له حفلة تأبين ضخمة في دار الأوبرا، حيث تم تقديم أوبرا "ريجوليتو"، التي كانت بداية تعاونه مع أوبرا القاهرة.

كما شهدت الأوبرا المصرية ميلاد عهد جديد مع المؤلف الإيطالي جياكومو بوتشيني، حيث قُدمت رائعته "توسكا" في عام 1901، بعد عام واحد فقط من عرضها الأول في إيطاليا. كما تم تقديم أوبرا "لابوهيم"، التي حققت نجاحًا كبيرًا. وقد زار بوتشيني مصر بنفسه خلال هذه الفترة، حيث حضر بعض عروض أعماله في مسرح زيزينيا بالإسكندرية، وكذلك في القاهرة.

وكانت هناك محاولات للتجديد في برامج الأوبرا، حيث تم تقديم أوبرا "هينزل وجريتل" من موسيقى هومبردينك، وكذلك "إيفيجينا في توريد" للمؤلف جلوك. وقدمت فرقة باروش موسمًا ضخمًا اشتمل على ستين حفلة من الأعمال الإيطالية والفرنسية، بالإضافة إلى روائع فاجنر مثل "تريستان وإيزولده"، و"تانهويزر"، و"سالومي" للمؤلف الألماني ريتشارد شتراوس.

 

مبدعون على مسارح دار الأوبرا المصرية

 

عبر عقود، شهدت دار الأوبرا المصرية ومسارحها وقاعاتها عدد لا يُحصى من المبدعين في جميع ألوان الفن، ليس فقط المصريين، ولكن العرب كذلك. والذين حققوا شهرة واسعة في مجالات الغناء، والتمثيل، والتلحي، وبالطبع، قيادة الأوركسترا. 

استطاعت الأوبرا -منذ افتتاحها- تقديم الدعم للمبدعين في مختلف المجالات الفنية، من موسيقى وغناء ورقص وأداء تمثيلي. لعبت دورًا محوريًا في اكتشاف وصقل المواهب، ووفرت منصة رفيعة المستوى لتقديم العروض الفنية الراقية. ولم تقتصر الأوبرا على تقديم العروض الفنية فحسب، بل أصبحت مصنعًا للمواهب الفنية. فمن خلال معاهدها الموسيقية وورش العمل المتخصصة، استطاعت الأوبرا توفير تدريب أكاديمي على أعلى مستوى. يتلقى طلاب معهد الكونسرفتوار ومعهد الباليه التابعين لدار الأوبرا تعليمًا موسيقيًا وأكاديميًا شاملًا، مما يجعلهم مستعدين لمواجهة التحديات الفنية محليًا وعالميًا.

ولم يكن الأمر مقتصرًا على الموسيقيين والمطربين فقط، بل ساهمت دار الأوبرا المصرية في تقديم مجموعة من راقصي الباليه الذين حصدوا شهرة عالمية. من خلال عروض فرقة باليه القاهرة، استطاعت دار الأوبرا تصدير الفن المصري إلى العالم، مبرزة مواهب عديدة تألقت في كبريات المسارح الدولية. فرقة باليه القاهرة التي تأسست في أوائل الستينيات تطورت بشكل ملحوظ تحت رعاية دار الأوبرا، وقدمت عروضًا شهيرة مثل "بحيرة البجع" و"كسارة البندق".

وفي مجال الغناء الأوبرالي، شهدت دار الأوبرا المصرية بروز العديد من المطربين الأوبراليين الذين أصبحوا سفراء للفن المصري في الخارج. من بينهم السوبرانو فاطمة سعيد، التي قدمت عروضًا مبهرة في دور الأوبرا الأوروبية. تميزت بصوتها القوي وأدائها التعبيري، مما جعلها تحصد جوائز دولية مرموقة. كذلك قدم التينور المصري رجاء فؤاد عروضًا في دور الأوبرا الكبرى حول العالم، ليكون مثالًا آخر على تأثير دار الأوبرا في صقل المواهب.

أيضًا لا يمكننا إغفال إسهامات الأوركسترا السيمفوني المصري، الذي لعب دورًا أساسيًا في تطوير المشهد الموسيقي في مصر. بقيادة عدد من المايسترو المتميزين، قدم الأوركسترا حفلات موسيقية كلاسيكية في مختلف المسارح العالمية، وشارك في فعاليات ثقافية دولية. وقد ساهمت هذه العروض في تقديم صورة مشرقة عن الثقافة الموسيقية المصرية.

ومن بين المبدعين الذين برزوا أيضًا، نجد الموسيقية نسمة عبد العزيز التي تخصصت في العزف على آلة الماريمبا. استطاعت نسمة أن تقدم عروضًا مميزة تمزج بين الموسيقى الكلاسيكية والموسيقى الشرقية، ما جعلها واحدة من أبرز العازفات المصريات.

ولم تكتفِ دار الأوبرا بتقديم المواهب فقط، بل قدمت أيضًا إنتاجات فنية كبرى، جمعت بين الموسيقى والغناء والتمثيل، ما أتاح للفنانين المبدعين فرصة للتألق والتميز. من بين هذه العروض الأوبرالية الشهيرة "عايدة" التي لاقت نجاحًا عالميًا. كما احتضنت الأوبرا عروضًا لفرق موسيقية عالمية، ما أتاح للجمهور المصري التعرف على مختلف أنماط الفنون الراقية.

كما تقدم دار الأوبرا المصرية برامج تعليمية وورش عمل لصقل مهارات الفنانين الشباب. يشمل ذلك دورات تدريبية في الموسيقى الكلاسيكية والرقص الأوبرالي، بجانب استضافة فنانين عالميين لتقديم خبراتهم. من خلال هذه الجهود، استطاعت الأوبرا أن تكون مركزًا لنشر الثقافة الفنية وتبادل الخبرات بين الشرق والغرب.

لم تقتصر إسهامات دار الأوبرا على العاصمة فقط، بل امتدت إلى الأقاليم من خلال تقديم العروض الفنية في مختلف المحافظات المصرية. هذه الخطوة ساعدت في تحقيق العدالة الثقافية، حيث أتيحت الفرصة لجمهور واسع لمشاهدة العروض الأوبرالية والموسيقية الراقية.

ومن المشاريع المهمة التي تبنتها دار الأوبرا هو التعاون مع معاهد الموسيقى الدولية، لتوفير منح دراسية للمواهب الشابة، الأمر الذي أتاح للفنانين المصريين فرصًا مميزة لصقل مواهبهم في الخارج. كما حرصت دار الأوبرا على تنظيم مهرجانات دولية مثل مهرجان القلعة للموسيقى والغناء، والذي استضاف عددًا من الفنانين العالميين والمحليين، ليصبح ملتقى ثقافيًا يتيح للجمهور التعرف على ثقافات موسيقية متنوعة.

وتظل دار الأوبرا المصرية صرحًا ثقافيًا شامخًا، يساهم في تخريج أجيال من المبدعين في مختلف المجالات الفنية. بفضل جهودها المستمرة، تستمر في رسم ملامح المشهد الثقافي المصري والعالمي، وتقديم فنون تعكس الهوية المصرية بحرفية وإبداع.

 

أصوات لا تُنسى

موسيقار الأجيال

قد لا يعرف الكثيرون أن محمد عبد الوهاب، أحد أعظم المبدعين في تاريخ الموسيقى العربية، قضى ردحا من مشواره الفني في دار الأوبرا المصرية، حيث قدم عروضًا غنائية في مرحلة شبابه. لكنه -بالطبع- سرعان ما أصبح أحد أعظم ملحني ومطربي القرن العشرين، ولقب بـ"موسيقار الأجيال".

كان لـعبد الوهاب تأثير كبير على تطوير الأغنية العربية، فهو اول من أدخل الآلات الغربية، مثل الجيتار والساكسفون، في الموسيقى العربية، مما أحدث ثورة موسيقية. كما ساهم موسيقار الأجيال في تحديث الأغنية العربية، حيث انتقل بها من التقليدية إلى الموسيقى الحديثة مع الاحتفاظ بالأصالة.

 

حفلات كوكب الشرق

هي واحدة من أعظم المطربات في تاريخ الموسيقى العربية، إن لم تكن أعظمهن، وعلى الرغم من أنها لم تكن تابعة رسميًا لدار الأوبرا، إلا أن حفلاتها في الأوبرا المصرية كانت من أشهر الأحداث الفنية، والتي تحولت صاحبتها من ذات صوت عظيم إلى أسطورة في عالم الطرب العربي؛ بعد أن بدأت الغناء في سن صغيرة بريف مصر، حيث كانت تؤدي التواشيح الدينية مع والدها، وعند انتقالها إلى القاهرة، تبناها عدد من كبار الموسيقيين، وعلى رأسهم الشيخ أبو العلا محمد وداود حسني.

قدمت أم كلثوم أولى حفلاتها الرسمية في دار الأوبرا المصرية، التي أصبحت بعد ذلك منبرها الأساسي لتقديم حفلاتها الشهرية التي كانت تُبث على الهواء مباشرة، ويترقبها الجمهور في كل أنحاء العالم العربي. ورغم رحيلها إلا أنه لا تزال حفلاتها تبث حتى اليوم، وما زالت أغانيها تحظى بجماهيرية واسعة، وتدرس أعمالها في المعاهد الموسيقية حول العالم.

 

حفلات "العندليب"

كان "العندليب الأسمر" عبد الحليم حافظ واحدا من أعظم وأشهر المطربين في تاريخ الأغنية العربية، التحق بمعهد الموسيقى العربية، حيث تعلم العزف على العود، ثم انضم إلى فرقة الإذاعة المصرية كعازف، واكتشفه الإذاعي حافظ عبد الوهاب، الذي منحه اسمه الفني "عبد الحليم حافظ".

انطلق عبد الحليم حافظ على مسارح دار الأوبرا المصرية، حيث قدم أولى حفلاته هناك، لكنه واجه صعوبة في البداية بسبب اختلاف أسلوبه عن السائد آنذاك، وكان من اوائل الفنانين الذين قدموا حفلات في دار الأوبرا المصرية، ثم أصبح "العندليب الأسمر" وأحد رموز الغناء العربي.

 

عمار الشريعي 

هو أحد أبرز الموسيقيين الذين تخرجوا من دار الأوبرا المصرية. برع في التأليف الموسيقي وقدم أعمالًا خالدة في السينما والتليفزيون. مزج بين التراث الموسيقي المصري والتقنيات الموسيقية الحديثة، ما جعله من أبرز المبدعين في مجال الموسيقى التصويرية. شارك في تقديم موسيقى تصويرية لأكثر من 50 عملاً دراميًا وسينمائيًا، وكانت موسيقاه تعكس أجواء مصرية خالصة تلامس وجدان الجمهور. ومن بين أبرز أعماله، الموسيقى التصويرية لمسلسلات مثل "رأفت الهجان" و"عصفور النار".

 

محمد العزبي

كان للأوبرا دور كبير في إبراز صوته الذي قدم الأغاني الفلكلورية المصرية بأسلوب مميز. من خلال الحفلات التي قدمها في الأوبرا، انتشرت شهرته ليصبح أحد رموز الغناء الشعبي. امتاز العزبي بأدائه الحماسي وحضوره القوي على المسرح، وأدى أشهر الأغاني التراثية التي باتت جزءًا من الذاكرة الفنية المصرية مثل "الأقصر بلدنا" و"عيون بهية".

 

هاني شاكر

يُعد هاني شاكر واحدا من أبرز المطربين في العالم العربي، فهو أحد أبرز خريجي دار الأوبرا المصرية، حيث تعلم الموسيقى الكلاسيكية هناك، ثم أصبح من أهم مطربي الأغنية الرومانسية في العالم العربي، بل ولقب بـ "أمير الغناء العربي".

تميز هانى شاكر بصوته العذب وأدائه الرومانسي الطربي، فاستطاع أن يحافظ على مكانته في الساحة الفنية لأكثر من 50 عامًا، حيث جمع في أغنياته بين الأصالة والتجديد.

بدأ هاني شاكر الغناء منذ طفولته، حيث شارك في كورال الأطفال وكان يغني في الحفلات المدرسية، ودرس في معهد الموسيقى العربية، مما صقل موهبته الصوتية. وسرعان ما انطلق فنيًا في دار الأوبرا المصرية، حيث أدى أغاني لكبار المطربين مثل عبد الحليم حافظ ومحمد عبدالوهاب.

لا يزال هاني شاكر محافظًا على مكانته كأحد أعمدة الغناء العربي، فهو يستمر حتى الآن في تقديم أغانٍ جديدة بين الحين والآخر، ويحيي حفلات في دار الأوبرا المصرية ومهرجانات عربية كبرى.

 

نادية مصطفى 

نادية مصطفى هي واحدة من أبرز المطربات المصريات اللواتي حافظن على الأغنية الطربية الأصيلة، تميزت بصوت دافئ وإحساس مرهف جعلها من الأصوات التي ارتبطت بوجدان الجمهور العربي. ولا تزال تحافظ على لونها الغنائي وسط التغيرات الموسيقية الحديثة وتحافظ على هويتها الطربية.

بدأت نادية مصطفى بالغناء في دار الأوبرا المصرية، حيث كانت تقدم أغاني أم كلثوم وعبد الحليم حافظ، وسرعان ما لفتت الأنظار بسبب صوتها الطربي وإحساسها العالي، وحققت شهرة واسعة بأغانيها المميزة مثل الصلح خير ومسافات.

 

ميادة الحناوي

ميادة الحناوي هي مطربة سورية، وتُعد واحدة من أهم المطربات العربيات في العصر الذهبي للأغنية العربية، ولقبت بـ "مطربة الجيل". تميزت بصوتها القوي وأسلوبها الطربي الأصيل، وارتبط اسمها بكبار الملحنين مثل بليغ حمدي، الذي كان له دور كبير في شهرتها.

قدمت "مطربة الجيل"، العديد من الحفلات الناجحة في دار الأوبرا المصرية، وكانت انطلاقتها الفعلية من هناك، حيث كانت تحيي أمسيات طربية عديدة هناك، مما ساعد في انتشار فنها الكلاسيكي الراقي. هكذا، استطاعت أن تجمع بين الجمهور المصري والعربي بفضل أسلوبها الشرقي الأصيل وأغانيها العاطفية المؤثرة.

 

لطفي بوشناق 

يُعد المطرب التونسى لطفي بوشناق أحد أعظم الأصوات في العالم العربي، حيث لٌقب بـ "فارس الأغنية التونسية"، وهو فنان متكامل يجمع بين الغناء الطربي، التلحين، والعزف على العود. يتميز بقدرته الفائقة على أداء الموشحات، الأغاني الطربية، والأغاني الوطنية بأسلوب فريد يجمع بين الأصالة والتجديد.

كانت بداياته القوية عربيا من خلال دار الأوبرا المصرية، حيث قدم أعمالًا جمعت بين الطابع الطربي والموسيقى الحديثة، وصار رمزًا للأغنية العربية الراقية، ورفض تقديم الأغاني التجارية، وظل يحافظ على هويته الموسيقية الأصيلة رغم التغيرات التي شهدها الفن العربي، مما زاد احترام الجمهور له. كما تناولت أعماله قضايا إنسانية واجتماعية، ولٌقب بـ "صوت المقاومة"، بسبب أغانيه الوطنية المؤثرة التي تدعم القضية الفلسطينية وقضايا الأمة العربية.

 

حسن كامي

اشتهر الفنان الراحل حسن كامي بكونه فنانًا متعدد المواهب، فهو مغني أوبرا عالمي، وممثل سينمائي ومسرحي، وإداري ثقافي، حيث بدأ مغنيًا أوبراليًا في دار الأوبرا المصرية، وقدم العديد من العروض الأوبرالية العالمية مثل "عايدة" و"كارمن"، وحقق شهرة عالمية بعد أن غنى في أكثر من 270 أوبرا عالمية في دور الأوبرا الشهيرة مثل أوبرا باريس، أوبرا فيينا، وأوبرا روما، ولٌقب بـ أول مغني أوبرا مصري عالمي. لكنه انتقل لاحقًا إلى التمثيل وشارك في العديد من الأعمال السينمائية والتليفزيونية.

لم يكتفِ هذا الرجل متعدد المواهب بالفن فقط، بل تولى إدارة دار الأوبرا المصرية لفترة، حيث ساهم في تطويرها ونشر الثقافة الأوبرالية، حيث كان يمتلك مكتبة تاريخية نادرة في وسط القاهرة، تحوي كتبًا ووثائق ثقافية نادرة، والتي أصر على الحفاظ عليها حتى آخر أيامه، رحل تاركًا خلفه إرثًا فنيًا وإنسانيًا غنيًا.

 

أنغام 

هي واحدة من أبرز المطربات المصريات في العصر الحديث، ولٌقبت بـ "صوت مصر"، وتميزت بقدرتها على المزج بين الأغنية الطربية والموسيقى الحديثة، وهي ابنة الموسيقار الكبير محمد علي سليمان، مما جعلها تنشأ في بيئة موسيقية ساعدت في صقل موهبتها.

بدأت أنغام مشوارها الغنائي في سن مبكرة جدًا، حيث قدمها والدها للجمهور من خلال حفلات دار الأوبرا المصرية، فتعلمت أصول الغناء الكلاسيكي، وغنت لكبار الفنانين مثل أم كلثوم، وعبد الحليم، ووردة الجزائرية. ثم اتجهت إلى الأغنية العصرية وبدأت تقدم أغانٍ بموسيقى حديثة تناسب الأجيال الشابة، سرعان ما لفتت الأنظار بصوتها العذب وإحساسها العالي، مما جعلها تنطلق بسرعة نحو النجومية، واصبحت من أشهر المطربات في الوطن العربي. وتعاملت مع كبار الملحنين مثل محمد الموجي، حلمي بكر، عمار الشريعي، وبليغ حمدي في بداياتها، ثم تعاونت لاحقًا مع ملحنين شباب مثل عمرو مصطفى، إيهاب عبد الواحد، وخالد عز.

 

علي الحجار

بدوره واحدا من أعظم الأصوات المصرية والعربية على الإطلاق، وأحد أبرز الفنانين الذين غنوا على مسارح الأوبرا المصرية، التي قدم فيها حفلات مميزة جعلته من الأسماء المعروفة في المشهد الفني، واستطاع المزج بين الغناء الطربي والموسيقى الحديثة، وقدم العديد من أغاني المسلسلات الناجحة.

نشأ في أسرة فنية، وكان والده الموسيقار إبراهيم الحجار، تميز بصوته القوي وإحساسه العميق، واستطاع أن يمزج بين الأغنية الطربية، الوطنية، والشعبية بأسلوب فريد جعله من رموز الفن المصري.

 

مدحت صالح

هو أحد أبرز المطربين المصريين الذين جمعوا بين الأصالة والتجديد في الأغنية العربية. يتميز بصوت قوي وإحساس مرهف، واستطاع أن يحافظ على مكانته في الساحة الفنية لأكثر من 40 عامًا. وانطلق مدحت صالح من دار الأوبرا المصرية، حيث كان يؤدي الأغاني الطربية، حيث درس الموسيقى والغناء الأصيل، ثم أصبح نجمًا في مجال الغناء المعاصر والتمثيل أيضًا. ولا يزال يحافظ على مكانته في الساحة الفنية، ويقدم حفلات متميزة، خاصة في دار الأوبرا المصرية.

 

غادة رجب

هي واحدة من أبرز المطربات المصريات، وُلدت في أسرة فنية، حيث إن والدها رضا رجب كان موسيقيًا وأحد كبار العازفين على العود، وتتميز بصوتها الطربي القوي وقدرتها الفائقة على أداء الأغاني الكلاسيكية والطربية بأسلوب عصري. بدأت مسيرتها الفنية في دار الأوبرا المصرية وهي في سن الثامنة، واشتهرت بأدائها المتميز للأغاني الطربية وأغاني أم كلثوم ونجاة، وليلى مراد، وبعد ذلك اتجهت الى الأغاني العصرية وأصدرت البوماتها الناجحة.

ورغم تركيزها على الغناء، خاضت تجربة التمثيل في بعض الأعمال مثل "السندريلا"، حيث قدمت شخصية نجاة الصغيرة. ولا تزال تقدم حفلات في دار الأوبرا المصرية والعديد من المهرجانات العربية، وجمهورها يرى أنها امتداد لجيل العمالقة، نظرًا لقوة صوتها وإحساسها العالي.

 

مروة ناجي

هي واحدة من أبرز الأصوات الطربية في مصر والوطن العربي، اشتهرت بأدائها المميز لأغاني أم كلثوم والأغاني الطربية الأصيلة. تتميز بصوت قوي وإحساس عالٍ، مما جعلها من أهم مطربات جيلها، ولٌقبت بـ "خليفة كوكب الشرق". وتُعد من أقوى الأصوات التي تخرجت من دار الأوبرا المصرية، حيث كانت واحدة من أهم نجوم فرقة الموسيقى العربية بقيادة المايسترو سليم سحاب، وتألقت في أداء الأغاني الطربية ثم شاركت في برامج مثل The Voice، ما جعلها تحظى بشهرة أوسع.

 

ياسمين علي

من أبرز الأصوات الشابة في مصر، اشتهرت بصوتها العذب وأدائها المميز للأغاني الطربية والكلاسيكية، بدأت الغناء في سن صغيرة، حيث اكتشفها المايسترو سليم سحاب، وقدّمها في حفلات دار الأوبرا المصرية ضمن كورال الأطفال. تدربت على الغناء الطربي وغنت لكبار الفنانين مثل أم كلثوم، فيروز، وعبد الحليم حافظ، ومع مرور الوقت، بدأت في تقديم حفلات منفردة وأصبحت واحدة من الأصوات المميزة في المشهد الغنائي المصري.

حققت شهرة واسعة بعد انتشار مقاطع فيديو لها وهي تغني أغاني الطرب الأصيل بصوت قوي وإحساس مرهف. وحتى الآن تعمل على إطلاق مزيد من الأغاني الجديدة التي تناسب جمهورها من عشاق الطرب، وتجمع بين الأصالة والحداثة.

===

المايسترولم تحتضن دار الأوبرا المصرية المواهب الغنائية فقط، ولكنها أخرجت للعالم أعظم الموسيقيين، الذين نالوا شهرة عالمية، حيث تتصارع دور الأوبرا العالمية لجذبهم، ورغم ذلك يفتخرون بكونهم أبناء دار الأوبرا المصرية، ويحملون لها كل الحب والانتماء.

 

نادر عباسي

يٌعد المايسترو نادر عباسي، القائد الأساسي لأوركسترا السلام بفرنسا التي تقدم عروضا منتظمة في أوروبا ومؤخرا في مسرح شاتلية في باريس، لُقب بـ "قائد المشاعر"، حيث اشتهر نادر خلال قيادته للحفلات بقدرته على جذب الجمهور.

قاد عباسي، أوبرا "ماريا جولفين" لمينويتى بأوبرا مارسيليا عام 2006، وذلك في حضور المؤلف نفسه، ثم تلاها عدة دعوات لقيادة أوبرا "الحفل التنكري" و"عايدة" لفيردي بدار أوبرا شنغهاى في الصين.كما قاد العديد من الأوركسترات العالمية، مثل أوركسترا "راينلاند" بفالس الفيلهارمونى في ألمانيا، أوركسترا "مارسيليا" الفيلهارمونى، أوركسترا "هايدلبرج" الفيلهارمونى، أوركسترا "جنيف" للحجرة، أوركسترا "شتراوس"، أوركسترا "كونسرفتوار ميونخ"، أوركسترا "جوانا خواتو" السيمفونى وأوركسترا "لاسويس ريموند" وغيرها.

 

أحمد الصعيدي

ينتمي المايسترو الكبير أحمد الصعيدي إلى الجيل الثالث من مؤلفي الموسيقى المصريين، حيث درس الفلسفة في جامعة الإسكندرية وتخرج فيها عام 1968، ودرس بعدها في المعهد العالي الموسيقى "الكونسيرفتوار" بالقاهرة من عام 1968 إلى عام 1971 ليحصل منه على البكالوريوس بتقدير امتياز.

سافر بعدها أحمد الصعيدي إلى موسكو ليدرس التأليف الموسيقي في كونسيرفاتوار تشايكوفسكى في الفترة ما بين عامي 1973 و1947، بعدها سافر إلى فيينا ليدرس بالمدرسة العليا للموسيقي والفنون الدرامية في الفترة ما بين عامي 1976م و1984م، وقد تخرج في قسم قيادة الأوركسترا عام 1982م ومن قسم التأليف الموسيقي عام 1984م وحصل على الماجستير عام 1985م، وقد منح الجنسية النمساوية في نفس العام. وكان أول ظهور فني عالمي له بقاعة كونسرتهاوس بفيينا عام 1983م، حيث قاد الاوركسترا السلوفاكي للحجرة، وتولي منصب القائد الأساسي لأوركسترا موسيقي فيينا للحجرة في الفترة من عام 1986م حتى عام 1988.

عين أحمد الصعيدي أستاذا مساعدا في المعهد العالى الموسيقى "الكونسيرفتوار" عام 1988، تولي بعدها قيادة الأوركسترا المصري للحجرة في الفترة من عام 1989 حتى عام 1995، وتولي قيادة أوركسترا القاهرة السيمفوني في الفترة من عام 1991 حتى عام 2003.

أسس أحمد الصعيدي الورشة الدولية لقيادة الأوركسترا في القاهرة عام 2001م، وهو أيضا مؤسس ورئيس الجمعية الفيلهارمونية المصرية، وقد قاد الصعيدي أكثر من 50 أوركسترا لعديد من دول أوروبا مثل النمسا وألمانيا وبولندا ورومانيا.

 

ناير ناجي

يُعد المايسترو ناير ناجي، مؤسس وقائد كورال القاهرة الاحتفالي المكون من 120 عضوًا، حيث لمع اسمه مؤخرا في عالم الموسيقى، وعرف بين أوركسترات العالم بتقنياته الموسيقية وتفانيه في عمله. ويعد أحد العازفين البارعين لآلة البيانو، له العديد من المؤلفات الموسيقية للكورال والأوركسترا، بدأ مجال قيادة الأوبرا في عام 2003 بتقديم ثلاث أوبرات كوميدية لروسيني، ومنذ عام 2004 وهو قائد ضيف بأوركسترا القاهرة السيمفوني، ويشغل حاليًا منصب القائد الأساسي والمدير الفني لأوركسترا أوبرا القاهرة.
 

مقالات مشابهة

  • في خريطة الخرطوم مثلاً سهم الجريمة والمجرمين بينطلق من الجنوب للشمال
  • ترامب يهدد الحوثيين بـألم حقيقي.. كيف تفاعل مغردون؟
  • دار الأوبرا.. مسارح القاهرة التي لا تنام
  • (مناوي) الذي لا يتعلم الدرس
  • قرار عاجل ضد خفير فيلا بمنشأة القناطر لارتكابه هذه الجريمة
  • الشمري يشارك في قمة أمن الحدود ومكافحة الجريمة المنظمة
  • خيط الجريمة.. دليل المكالمات يقود النيابة لكشف ترزى قتل عشيقته فى الهرم
  • صمت يسرا اللوزي في “لام شمسية” يحولها إلى شريك في الجريمة
  • بالفيديو .. من هو الشيخ الذي عاتب الشرع بسبب التهميش؟ مؤيد لنظام الأسد
  • خطّة الكيان الجهنميّة .. تدمير 18 مخيّمًا بالضفة كما فعلت بمخيَّم جنين .. وما حقيقة مشاركة أجهزة السلطة بهذه الجريمة؟