جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-16@12:45:54 GMT

أقسى العمليات في تاريخ "حزب الله"

تاريخ النشر: 18th, September 2024 GMT

أقسى العمليات في تاريخ 'حزب الله'

 

 

محمد فواز

بصمتٍ، وبدون صوت انفجار مزلزل، تحوَّلت بيروت إلى مشهد ما بعد انفجار مرفأ 4 أغسطس الشهير. عجّت المستشفيات بالمصابين الذين تجاوز عددهم 4 آلاف حالة، موزعين على مختلف الأراضي اللبنانية، بالإضافة إلى آخرين في سوريا، جلهم من حزب الله وبيئته الحاضنة.

كما أصبح معروفًا، انفجرت إحدى إصدارات أجهزة الـpagers التي يستخدمها حزب الله.

هذه الأجهزة اللاسلكية، التي كانت تُستخدم على نطاق واسع قبل ظهور الهواتف المحمولة، لجأ إليها حزب الله في هذه المعركة هربًا من وسائل الاتصال التقليدية، وصعوبة الوصول السلكي للمتواجدين خارج الخدمة أو على الأرض، خاصة في المهام ذات الطابع المدني والشعبي والاحتياطي. انفجرت هذه الأجهزة في توقيت متزامن، مما أحدث أضرارًا جسيمة على مستويات متعددة.

في الحدث ونوعية المستهدفين:

حتى الآن من غير الواضح تأثير هذه الضربة عسكريا على حزب الله. الأكيد أن الضربة طالت أصحاب المهام الأمنية والتنظيمية المدنية وعناصر خارج خدمتها يلعب الجهاز دور في استدعائها وبالتالي كانت العناصر المذكورة في فترة "مدنيتها"، مما ساهم في الانتشار الواسع لمقاطع الفيديو نظرًا لوجود حاملي هذه الأجهزة بين الناس، خاصة في الضاحية الجنوبية لبيروت. وبالتالي فإن الضربة بما هو معروف عنها هي أمنية، شعبية، نفسية، إدارية، واتصالية إذا صح التعبير مع ترك الباب مفتوحا على حجم تأثير الضربة العسكري. اتساع قاعدة المستهدفين يضع حزب الله تحت ضغط شديد، أولًا لأن أحد أنظمة اتصالاته قد انفجر بالكامل، مما أدى إلى تحييد -مؤقتًا وربما لا- جزء مهم من هيكله البشري والتقني الذي يلعب دورًا حيويًا في كافة القطاعات بما فيها ضبط الشارع وتفاعله مع الحزب وتوجيهاته والتلبية عند الحاجة لمستويات مختلفة في الحزب. هذا يفرض على حزب الله عبئًا إضافيًا يتمثل في استبدال نظام الاتصالات وحامليه بسرعة فائقة وتعبئة الفراغات التي حدثت بشريا انطلاقا من الجبهة وصولا الى الشوارع، خصوصًا في ظل احتمالية اندلاع حرب واسعة في أي لحظة. إن إصابة 4000 شخص من حزب الله تضعه أمام تحدٍ كبير في استيعاب الشارع، حيث تضررت نحو 4000 عائلة نفسيًا وجسديًا، ومنهم من يعمل في مهام شبه مدنية، بعيدًا عن الجبهات ومخاطرها المتوقعة. هذا يضع الحزب أمام مهمة حساسة تتمثل في استيعاب البيئة الحاضنة وتعزيز معاني الإيمان والمقاومة التي يقوم عليها. العلاقة بين حزب الله وجمهوره يمكن تلخيصها بعقد أمني دنيوي-أخروي، يكسب من خلاله الحزب ثقة الجمهور. بعد اغتيال شكر في عمق الضاحية، وترجيح الخبراء أن تكون شحنة الأجهزة مفخخة نظرًا لقوة الانفجارات التي تبدو أقوى بكثير من مجرد انفجار بطارية، قد تهتز ثقة الجمهور في الأمان الذي يوفره الحزب. وهذا يضع على عاتق حزب الله ضرورة استعادة هذه الثقة بسرعة.

في سيناريوهات المستقبل:

سرعان ما طُرح سؤال حول احتمالية أن تكون هذه العملية مقدمة لتوسيع الحرب. إلا أن عدم قيام إسرائيل بعملية واسعة مباشرة بعد هذه الضربة يشير إلى أن هذه العملية كانت مقصودة بذاتها، وتهدف إلى ضرب جانب من نظام الاتصالات داخل حزب الله، واعطاب جزء مهم من عناصره وزعزعة الثقة في أمنه الداخلي وداخل مجتمعه. الأهم من ذلك هو دفع الحزب للقيام بردة فعل واسعة، تسوّقها إسرائيل في المجتمع الدولي وتبرر أفعالها من بعدها مهما كانت.

المشهد الإسرائيلي على جبهتها الشمالية أصبح أكثر وضوحًا. إسرائيل تعتبر أن الوضع في غزة في حالة ركود، حيث لا تستطيع حسم المعركة أو استعادة الأسرى أو فرض اتفاق بالقوة. هذا يشكل ضغطًا عليها لإتمام صفقة -لن تكون في صالحها- لذلك ترفض فكرة الصفقة من أساسها، ولهذا تدرك أن غزة ستبقى على حالها حتى حين. نتيجة لذلك، تحوّل التركيز الإسرائيلي إلى الجبهة الشمالية، في محاولة لتحويل الأنظار عن غزة حتى يحدث تطور ما، مع السعي لتحقيق إنجاز في الشمال يعيد الاستقرار للسكان ويحقق أكبر ضرر عسكري ممكن لحزب الله، ما يمهد لأفضل صفقة ممكنة لاحقًا- بحسب وجهة النظر الإسرائيلية.

إسرائيل حتى الآن لا تريد إعلان حرب واسعة ضد حزب الله، ولا يوجد إجماع داخلي عليها، بل هناك معارضة أمريكية وتردد عسكري وسياسي داخلي. ذلك يعود إلى أن الضربات الحالية تحقق أهدافًا لإسرائيل بكلفة أقل، مقارنة بعملية برية على سبيل المثال، حيث سيكون حزب الله أكثر حرية وفعالية. لذلك، تتبنى إسرائيل، المختذلة اليوم في نتنياهو، سياسة توسيع الضربات بشكل تدريجي، لتحقيق أهداف استراتيجية عبر سلسلة من الضربات المحددة، على غرار نقاط تُسجل في مباراة ملاكمة.

إضافةً إلى ذلك، فإن إسرائيل من خلال هذه العمليات تزيد الضغط على حزب الله للرد برفع وتيرة المعركة أو فتحها. من منظور الغرب المتغافل عن تصرفات إسرائيل، هذا التصعيد سيعزز التلاحم الداخلي الإسرائيلي والدعم الغربي لها، مما يهيئ لنتنياهو الظروف المثلى لخوض معركة مع حزب الله تحت ذريعة 'الدفاع عن النفس' وفقًا لروايتهم.

اليوم، يواجه حزب الله سؤالًا خطيرًا: إلى متى يمكنه تحمل تراكم الضربات التي توسعت بشريًا وأمنيًا وشعبيًا وعسكريًا إلى درجة لم تكن متوقعة؟ ومع ذلك، من المرجح أن يستمر الحزب في سياسة الاحتواء، رغم أنه قد يضطر لتوجيه ضربة أقوى من تلك التي قام بها ردًا على اغتيال شكر، إلا إذا قرر تقليل أهمية الهجوم الذي تعرض له لتفادي التصعيد.

فوق كل ذلك، يدرك حزب الله أن الصمود والاستمرار يمثلان أهم سلاح في مواجهة السياسات الإسرائيلية، التي تهدف بشكل أساسي إلى دفع الخصوم نحو الاستسلام. هذه الثقافة، التي يحرص الحزب وجماعات المقاومة على ترسيخها شعبيًا وعسكريًا، تُعد السلاح الاستراتيجي الأهم في معركتهم ضد الضغوط الإسرائيلية المتصاعدة.

** باحث لبناني

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أمرٌ أساسي.. هذا ما خسره شارع حزب الله

تحركات طريق مطار رفيق الحريري الدولي التي بدأها "حزب الله" خلال الأيام الماضية وآخرها نهار أمس السبت، قد لا تمهد إلا لصداماتٍ خطيرة يمكن أن تساهم في تفاقم الوضع الأمنيّ.    
عندما يُقال ذلك، فإنَّ الأمر لا يعني أنَّ الحزب سيمهد لتلك التوترات باعتبار أنَّ الإنجرار وراء هذا الأمر سيؤدي إلى انفلات الشارع وبالتالي التصادم مع الجيش. عملياً، المسألة هذه لا يريدها الحزب تنظيمياً لكن ما الذي يساهم في تأجيج الوضع هو أمرٌ آخر ويرتبط بـ"طوابير تخريبية" قد تؤدي إلى تشويه تحركات الحزب ونقلها من مكانٍ إلى آخر.   الفرضية هذه مطروحة بشدّة إن سلمنا جدلاً بأنّ هناك من يسعى للتخريب وتضييع بوصلة تحركات "حزب الله" كما يقول جمهوره، لكن ما الذي يضمن عدم حصول هذا التخريب؟ وما الذي يُمكن أن يساهم في جعل الحزب بمنأى عن تصادم مع الجيش؟


لا تُخفي أوساط مقربة من "حزب الله" قلقها مما قد يحصلُ لاحقاً على صعيد شارع الحزب، ذلك أن ما خسره بالدرجة الأولى هو "التوجيه" لاسيما بعد اغتيال أمين عام "حزب الله" الشهيد السيد حسن نصرالله. هنا، يقول مصدر سياسيّ لـ"لبنان24" إنَّ "نصرالله كان الموجه الأول والأساس للجمهور، وما يجري هو أنَّ الحزبيين والمناصرين كانوا يلتزمون بما يقوله نصرالله باعتباره المرشد الأعلى لهم من خلال الكاريزما والتأثير. أما الآن، فمن سيضبط شارع حزب الله ومن هي الجهة التي لديها القدرة على التأثير؟".


ما يجري يكشف عن "أزمة تواصل"، وما جرى ليلة الجمعة خلال اعتداء شبان على سيارة "اليونيفيل" لا يكشف إلا عن وجود عناصر "تخريبية" تساهم في تشويه تحركات الحزب التي يقول إنها "سلمية". عملياً، فإن المشكلة الأساس التي تبرز هو أن من يتحرك في جمهور الحزب لا يعي تماماً الأسباب الحقيقية الكامنة وراء المشكلة التي يتحركون من أجلها، فيما الأمر الأخطر يتركز في ترويج شعارات وأقاويل غير واقعية، ما يؤجج الشارع أكثر.


مع ذلك، فإن التحركات التي حصلت تستوجب البحث أيضاً في الطريقة التي يتوجب على "حزب الله" استخدامها لحماية تحركاته، أو أقله منع حصول أي مناوشات مع الجيش والقوى الأمنية. بشكل أو بآخر، فإن المشكلة، بحسب المصادر المطلعة، تكمنُ في أن التحركات التي تحصل "فجائية" وبعيدة عن التنظيم، فيما يتبين أيضاً أنّ الدعوات إليها تأتي بناء على "الصدمات" وليس استناداً لتخطيط مُسبق يضمن ضبط الشارع ومنع انفلات الأمور كما حصل أيام الخميس والجمعة والسبت.


هنا، تقول المصادر السياسية إنَّ اللجوء إلى لعبة الشارع كما يجري سيجعل "حزب الله" في تصادم مع الأطراف الأخرى، فيما الأسباب التي تدفعه للتحرك قد تحتاج إلى معالجات دبلوماسية قبل الذهاب بعيداً باتجاه لعبة التوترات، وتضيف: "على صعيد مسألة الطائرة الإيرانية التي رفض لبنان هبوطها في مطار رفيق الحريري الدولي، فإنه كان على حزب الله أن يضمن حصول المعالجات وينتظر نتائجها ويغوض أكثر في أسبابها، وأيضاً استخدام أجهزته الاجتماعية لضبط الشارع أكثر".


بشكل أو بآخر، فإنَّ ما كشفته الأحداث الأخيرة أيضاً يظهر أمرين أساسيين، الأول وهو أن الخروج من الشارع خلال يومي الجمعة والسبت لم يحصل من خلال "مرجعية" تتكلم وتضغط، بل من خلال تصادم، ما يجعل العلاقة بين الجيش والمتظاهرين "سلبية"، وهو الأمر الذي يتوجب على الحزب معالجته فوراً لأنه سينعكس على علاقة أبناء الجنوب والمؤسسة العسكرية لاحقاً.


أما الأمر الثاني يُظهر أن استخدام حزب الله طريق المطار كورقة ضغط على الداخل اللبناني انطلاقاً من مرفق حيوي أساسي، من شأنه أنّ يخلق الكثير من الامتعاض لدى أطراف أخرى. هنا، فإن المعالجة أيضاً، وفق المصادر، ترتبط بالحزب، وتقول إن تنظيم التحركات الضاغطة هو الأساس وبالتالي يمنع حصول توترات تمهد إلى اقتتال داخلي مفاجئ ويُدخل البلاد في أزمات أمنية متراكمة.


الأمر الأكثر خطورة، وفق المصادر، يتمثل في حصول ضغط غير مطمئن تجاه عهد رئيس الجمهورية جوزاف عون وحكومة الرئيس نواف سلام ونحو الجيش أيضاً. ما يجري يعتبر خطيراً من الناحية الشعبية، وعليه فإنه من الضروري أن تعمل قيادة "حزب الله"، كما تقول المصادر، على ضبط الشارع تجاه الجيش وعدم استغلاله للتشويش على عهد عون، لأن هذا الأمر سينعكس سلباً على كل لبنان.   المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • أمرٌ أساسي.. هذا ما خسره شارع حزب الله
  • إسرائيل تتسلم شحنة القنابل التي أرسلها ترامب بعد تعليقها من بايدن
  • انتصارات كبيرة حققتها قواتنا المسلحة اليوم في معظم مسارح العمليات
  • ماذا عمّم حزب الله على عناصره؟
  • ما جديد الوضع على طريق المطار؟ هذا آخر خبر
  • هل تحاصر الحكومة شعبيا؟
  • ما هي وحدة "سابير" التي أنقذت إسرائيل من صواريخ إيران؟
  • مفتي الجمهورية يكشف أسباب وأهمية تحويل القبلة في تاريخ الإسلام.. فيديو
  • الإذاعة المصرية منارة الإعلام التي رسمت تاريخ الأمة.. تفاصيل
  • الإذاعة المصرية في يومها العالمي.. منارة الإعلام التي رسمت تاريخ الأمة