تتلاقى أصالة الماضي مع إشراقة الحاضر في جنبات مدن سلطنة عمان، حيث كانت محطة برنامج "رحلة" أحد برامج منصة الجزيرة 360، والذي بدأت حلقاته بجولة في مدينتين من مدن السلطنة، إضافة إلى رحلة برية في الدولة الخليجية.

وتحفز المدن العمانية الساحرة كافة الحواس وتبقيها على أهبة الاستعداد للاستمتاع بمزيج فريد من الخبرات يجمع جمال الطبيعة بعراقة التراث.

وفي 3 حلقات يمكن متابعتها كاملة من خلال روابطها على المنصة "رحلة برية"، "مسقط"، "مدينة صور" يكتشف الرحالان قاسم الحتو "ابن حتوتة" وسمية جمال بلقيس سحر مدينتي مسقط وصور وعمق الحياة البرية العمانية، في رحلة تخاطب الحواس وتأسر القلوب.

ويعتمد البرنامج على فكرة مبتكرة تجمع بين المغامرة والاكتشاف، حيث يستخدم الرحالان زهرا خاصا يمثل كل وجه منه إحدى الحواس الخمس إضافة إلى القلب.

وبرمية الزهر تتحدد الحاسة التي سيكتشفان من خلالها جانبا من جوانب المدينة، حيث يمنح هذا الأسلوب الفريد المشاهد تجربة غنية ومتعددة الأبعاد تتيح له استكشاف مكان الرحلة من زوايا مختلفة ومثيرة.

وشملت زيارة مسقط عاصمة السلطنة الساحرة جولة في سوق مطرح العريق، حيث تمتزج روائح اللبان والبخور العماني لتشكل سيمفونية عطرية تداعب حاسة الشم، في حين يكون مدخل اكتشاف المدينة عبر حاسة التذوق من خلال القهوة العمانية الأصيلة، في حين يستمتع البصر بمشاهدة تشكيلة منوعة من الخناجر التقليدية، كل منها يمثل مدينة مختلفة ويحكي قصة فريدة عن تراث عُمان الغني.

مشهد بانورامي

ومن قلعة مطرح القديمة -التي يعود تاريخها إلى عام 1507- يمكن رؤية مشهد بانورامي خلاب للمدينة من جميع الجهات، ومن ذلك كورنيش مسقط الجميل وسوقها النابض بالحياة، ليمنح ذلك نظرة شاملة على مزيج التراث والحداثة في العاصمة العمانية.

وتضمنت جولة مدينة صور -وهي إحدى أقدم المدن العمانية وأكثرها شهرة في صناعة السفن- سوق صور القديم، حيث استمع ابن حتوتة إلى قصص الحرفيين عن فن صناعة السفن العمانية ومراحلها المختلفة.

كما زارت سمية بلقيس مرفأ الصيادين في المدينة، وتعرفت على حياة البحارة العمانيين وتقاليدهم العريقة، ورافقت أحد الصيادين في رحلة صيد شاركت فيها لحظات من حياته اليومية، في تجربة إنسانية هي إحدى سمات البرنامج المميزة.

وتضمنت جولة صور كذلك زيارة محمية رأس الجنز لمشاهدة السلاحف في موطنها الطبيعي، ومنارة العيجة وهي أحد أهم المعالم البحرية في عُمان، والتي بناها البرتغاليون وتحولت مع مرور الوقت إلى مرشد للسفن، إضافة إلى مشاركة العمانيين إحدى ألعابهم الشعبية الممتعة.

ولمتابعة الحلقة كامله يمكنكم مشاهدتها على هذا الرابط

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات

إقرأ أيضاً:

من الرمال إلى السيليكون.. رحلة عُمان نحو مستقبل ذكي ومستدام

 

د. سعيد الدرمكي

تسير سلطنة عُمان بخطى واثقة نحو التحول من ماضي الاقتصاد الريعي إلى مستقبل الاقتصاد المعرفي، انطلاقًا من رؤية "عُمان 2040" التي تهدف إلى بناء دولة حديثة ترتكز على الاستدامة، والتكنولوجيا، وتنمية الإنسان.

إنها رحلة انتقال ملهمة من الاعتماد على الثروات الطبيعية كالنفط والغاز، إلى اقتصاد يقوم على الابتكار والمعرفة والتقنيات الرقمية، حيث تتحول عُمان من "الرمال" كرمز للمورد التقليدي، إلى "السيليكون" كرمز للتقنيات المتقدمة والتحول الذكي.

وفي إطار هذا التوجه الطموح نحو التحول الاقتصادي، تُجسّد رؤية "عُمان 2040" التزام السلطنة ببناء مستقبل ذكي ومتكامل، يرتكز على ثلاثة محاور رئيسية: الابتكار، والاقتصاد الرقمي، والاستدامة. وقد حدّدت الرؤية مؤشرات أداء واضحة تهدف إلى رفع مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي، وتحسين ترتيب السلطنة في مؤشرات التنافسية والابتكار، وتعزيز موقعها كمركز إقليمي للخدمات اللوجستية والتقنيات المتقدمة.

وفي هذا السياق، حققت سلطنة عُمان تقدمًا ملحوظًا في مؤشر الابتكار العالمي لعام 2024، حيث جاءت في المرتبة 74 من بين 133 دولة، بحسب تصنيف المنظمة العالمية للملكية الفكرية .(WIPO) كما احتلت المرتبة 43 في مؤشر المؤسسات، والمرتبة 66 في مؤشر رأس المال البشري والبحث، وهو ما يعكس بناء منظومة وطنية واعدة ترتكز على المعرفة والابتكار كدعائم للنمو المستدام.

تسعى سلطنة عُمان إلى تفعيل رؤية "عُمان 2040" من خلال تبني نهج ممنهج لتطوير منظومة الابتكار، يشمل دعم البنية التحتية العلمية، وتحفيز البحث العلمي وريادة الأعمال.

كما تركز على إنشاء حاضنات ومسرّعات أعمال لتحويل الأفكار إلى مشاريع قابلة للنمو. وفي إطار هذا التوجه، تعزز الحكومة الشراكات بين القطاعين العام والخاص والمؤسسات الأكاديمية لتطوير منتجات وخدمات مبتكرة تلبي متطلبات الاقتصاد المعرفي وتُعزز الاستقلالية الاقتصادية.

في الجانب البيئي، الذي يُعدّ جزءًا لا يتجزأ من رؤية المستقبل، تُمثّل الاستدامة خيارًا استراتيجيًا لعُمان، حيث تحتل الطاقة النظيفة دورًا محوريًا في مسار التحول الوطني. وقد نفّذت السلطنة مشاريع كبرى مثل محطة الدقم للطاقة الشمسية، ومشروع الرياح في ظفار، كما أطلقت منصة "هايدروم" لتطوير مشاريع الهيدروجين الأخضر، باستثمارات تتجاوز 30 مليار دولار، مما يعكس توجهًا طموحًا نحو اقتصاد منخفض الكربون.

واستنادًا إلى مؤشر الأداء البيئي العالمي لعام 2024، حققت سلطنة عُمان تقدمًا لافتًا، حيث قفزت 95 مرتبة لتصل إلى المركز 54 عالميًّا والثاني عربيًا، في مؤشر يُصدر عن جامعتَي ييل وكولومبيا. ويُجسد هذا التقدم التزام السلطنة بالاستدامة، ضمن الاستراتيجية الوطنية للحياد الصفري بحلول عام 2050، التي تهدف إلى تقليل الانبعاثات وتعزيز جودة الحياة.

في خطوة تعزز حضور سلطنة عُمان العالمي كمركز إقليمي للطاقة النظيفة، أبرمت السلطنة اتفاقيات استراتيجية مع هولندا وألمانيا لإنشاء أول ممر تجاري لتصدير الهيدروجين المُسال يربط ميناء الدقم بأوروبا. وتقود شركة هيدروجين عُمان (هايدروم) تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر، فيما تتولى شركة (أوكيو) تطوير البنية التحتية اللازمة للإنتاج والإسالة والتصدير في منطقة الدقم، دعمًا للطلب العالمي المتنامي على الطاقة المستدامة.

وفي انسجام مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، تنتهج السلطنة سياسات تهدف إلى تحقيق توازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة، وذلك من خلال دعم مشاريع التكنولوجيا النظيفة، وتحسين كفاءة استخدام الموارد، وإعادة التدوير، وتحلية المياه بأساليب مستدامة، بما يُعزز جودة الحياة ويحمي البيئة للأجيال القادمة.

ومع إيمان القيادة العُمانية الراسخ بأن التنمية الحقيقية تبدأ بالإنسان، جاء الشباب في قلب الأولويات الوطنية. وانطلاقًا من توجهات "رؤية عُمان 2040" والإطار الوطني لمهارات المستقبل، أُطلقت مبادرات طموحة تهدف إلى تأهيل الكفاءات الوطنية في مجالات حيوية مثل الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، والتقنيات المتقدمة، والطاقة المتجددة.

قد تعززت هذه المبادرات من خلال شراكات استراتيجية مع مؤسسات تدريبية وشركات عالمية، تُرجمَت إلى ورش عمل متخصصة، وفرص تدريب عملي، ومسارات مهنية واضحة، لبناء جيل قادر على قيادة مشاريع وطنية ذات طابع استراتيجي ومردود مستدام.

وبعد استعراض هذه الجهود المتكاملة، يتّضح أن التحول الذي تشهده سلطنة عُمان لا يُعد مجرد تحديث للقطاعات الاقتصادية، بل يمثل تحولًا ثقافيًا وفكريًا عميقًا، يعكس وعيًا جديدًا بمفهوم التنمية الشاملة والمستدامة. لقد بات جليًّا أن بناء المستقبل لا يعتمد فقط على البنية التحتية أو الموارد الطبيعية، بل يرتكز على الإنسان العُماني الواعي، المتعلم، المبتكر، والمؤمن بقدرته على صناعة التغيير.

"من الرمال نبني طموحًا... ومن السيليكون نصنع المستقبل"

هي أكثر من مجرد عبارة؛ إنها تعبير صادق عن رؤية وطن يخطو بثبات نحو الغد، مزوّدًا بإرث من الحكمة، وطموح لا ينضب، وكوادر وطنية تصنع الفرق. عُمان لا تواكب المستقبل فحسب، بل تُعيد صياغته بأيدي أبنائها.

مقالات مشابهة

  • وزارة الصحة: إصدار قانون تنظيم نقل وزراعة الأعضاء يُشكّل إحدى لبِنات المنظومة التشريعية للنظام الصحي في سلطنة عُمان
  • مسؤولون عمانيون يشيدون بكتاب سلطان «البرتغاليون في بحر عمان»
  • وزارة الإعلام تطلق أول منصة إعلامية للطفل في سلطنة عُمان
  • من الرمال إلى السيليكون.. رحلة عُمان نحو مستقبل ذكي ومستدام
  • برنامج "تطوير" من "فالي" يستكمل رحلة إلهام وتمكين الكفاءات العمانية
  • سلطنة عمان تستنكر الهجوم الذي استهدف سُياحًا بالهند
  • العلاقات العمانية الروسية.. آفاق واعدة
  • القمة الروسية العمانية.. ملفات هامة وإيجابيات متعددة
  • مصدر للمستقلة..الاتحاد العراقي يخاطب الجزيرة الإماراتي للتعاقد مع الحسين عموتة
  • معالي قيس اليوسف: العلاقات العمانية الروسية تشهد نقلة نوعية