لجريدة عمان:
2024-09-19@13:25:30 GMT

عزلة نتنياهو وخيار الحرب الإقليمية

تاريخ النشر: 18th, September 2024 GMT

ما حدث يوم الثلاثاء الماضي لكثيرين من منسوبي حزب الله في لبنان وسوريا عبر انفجار مفاجئ لأجهزة اتصال محمولة من طراز قديم (البيجر) راح ضحيته جرحى بالمئات من عناصر الحزب؛ يعتبر مدخلًا لمرحلة جديدة باتجاه حرب إقليمية محتملة جدًا، لاسيما بعد نفي وزارة الدفاع الأمريكية في الولايات المتحدة علمها بتلك العملية السيبرانية الخطيرة لإسرائيل، وورود أنباء عن أن الحكومة الإسرائيلية لم تبلغ أصلًا الولايات المتحدة بهذه العملية، بحسب ما أورد موقع «أكسيوس» الإخباري الأمريكي.

بطبيعة الحال هذا التطور الجديد قد يدفع حزب الله إلى تحرك هجومي سريع ضد إسرائيل، خصوصًا وأن الأخيرة وضعت قواتها على الحدود اللبنانية شمال إسرائيل على أهبة استعداد أقصى لهكذا احتمال.

ومن الواضح جدًا أن نتنياهو يقرأ الكثير من الرسائل الإقليمية، ويستثمرها في اتجاه تطور الحرب على نحو تصعيدي بات يدرك معه تمامًا أنه المخرج الوحيد للمأزق الذي وضع نفسه فيه منذ بداية ردود الفعل العسكرية الإسرائيلية على عملية طوفان الأقصى. فقيادات الحكومة الإسرائيلية التي يهيمن عليها اليمين الديني المتطرف تدفع نتنياهو باتجاه الحرب في الشمال، وهو أيضا لم يعد أمامه سوى التصعيد نحو الحرب على حزب الله؛ لأنه أدرك أن الحزب بات اليوم مدركًا أكثر من أي وقت مضى؛ إلى أي مدى كشفت له مفاعيل هذه الحرب عن عدم تحمله لأعباء تفوق طاقته، بل تفوق طاقة دول الإقليم جميعها؛ نظرًا لأن الجميع يدرك الإعلان الواضح للولايات المتحدة التزامها بالدفاع عن إسرائيل متى ما دخلت إيران في حرب كبيرة مع الأولى.

جملة من المعطيات الإقليمية والدولية باتت اليوم تسمح لنتنياهو باستثمار اللحظة الإقليمية والدولية الراهنة من أجل الدفع باتجاه الحرب الواسعة.

فبعد مرور أكثر من شهر ونصف على اغتيال اسماعيل هنية في طهران، وصمت إيران عن الرد الذي توعدت به، ثم بعد عملية مصياف التي قامت فيها اسرائيل قبل أيام بضرب مخبأ سري لصنع الصواريخ الإيرانية في الأراضي السورية؛ يأتي هذا التطور الخطير للهجوم السيبراني الإسرائيلي على الأجهزة المحمولة للآلاف من عناصر حزب الله، كما لو أنه استثمار في تلك الرسائل الإقليمية والدولية التي بدت أكثر من واضحة بالنسبة لنتنياهو.

دوليًا يأتي قرب الانتخابات الأمريكية الوشيكة كموعد مثالي لساعة الصفر التي طالما ظل ينتظرها نتنياهو، فيما هو الآن ينتظر ردود فعل حزب الله، أو حتى إيران لكي تنطلق شرارة الحرب المحتملة في المنطقة.

فبعد انشغال الإدارة الأمريكية بحدث الانتخابات الكبير، لا أحد اليوم في وسعه كبح نتنياهو وحكومته المتطرفة عن جماحها باتجاه إشعال حرب إقليمية في المنطقة، ولعل الخلاف بين قادة الأجهزة الأمنية في إسرائيل، الذي بلغ درجات حادة مع نتنياهو، من ناحية، والأنباء التي تشير إلى نية نتنياهو إقالة وزير دفاعه جالانت ورئيس هيئة الأركان هرسي هاليفي؛ كلها مؤشرات تصب في اتجاه التصعيد.

وإذا كانت تظاهرات الشعب الإسرائيلي الداعية إلى استكمال الصفقة التي عرضتها الولايات المتحدة من أجل عودة الأسرى والمخطوفين الإسرائيليين في سجون حماس بقطاع غزة (وهي تظاهرات بلغ عدد المتظاهرين فيها مئات الآلاف) لم تحل دون مضي بنيامين نتنياهو وفريق حكومته المتطرفة نحو تصعيد الأمور مع إيران وحزب الله باتجاه الحرب الواسعة، فإن كل المؤشرات الإقليمية والدولية تنبئ بانفجار حرب في المنطقة.

وكل التحليلات الاستراتيجية تدل بوضوح على أن خيار نتنياهو هو خيار وحيد باتجاه حرب إقليمية تخلط الأوراق وتكون سبباً في خروجه من المأزق الذي سينتظره - حال لم يشعل حربًا في المنطقة.

إن الاستعصاء الذي وضع فيه نتنياهو اسرائيل وجعل من خلافه مع قادة المؤسسة الأمنية هناك يبلغ تلك الحدة؛ هو في تقديرنا يجسد التناقض الرئيس الذي بات كاشفًا بوضوح عن أن مصلحة أمن اسرائيل -كما يعكسها حرص قادة أجهزة الأمن والجيش في اسرائيل- باتت في جهة، فيما باتت المصلحة الخاصة لنتنياهو وفريق حكومته من اليمين المتطرف في جهة أخرى.

ربما تشهد الأيام والأسابيع المقبلة تطورات غير مسبوقة باتجاه حرب واسعة نتيجة لتداعيات غير متوقعة جراء سياسة حافة الهاوية التي تتورط فيها حكومة نتنياهو وتدفعها للعبث بأمن إسرائيل وأمن المنطقة جميعًا؛ حرصًا على مكاسب شخصية ضيقة لنتنياهو والمجموعة المتطرفة من قادة اليمين الديني في حكومته.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الإقلیمیة والدولیة فی المنطقة حزب الله

إقرأ أيضاً:

عشرات الصواريخ من لبنان وتفويض نتنياهو باتخاذ إجراءات ضد حزب الله

أعلن الجيش الإسرائيلي رصد 30 صاروخا أطلقت من لبنان تجاه الجليل الأعلى وهضبة الجولان السورية المحتلة، وأن قواته هاجمت منصة إطلاق ومنشآت عسكرية تابعة لحزب الله.

في غضون ذلك كشفت القناة 12 الإسرائيلية أن المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية في إسرائيل فوض رئيس الحكومة  بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت باتخاذ القرارات المتعلقة بالدفاع والهجوم ضد حزب الله، بما في ذلك القرارات التي قد تقود لحرب شاملة ضد لبنان.

وقال بيان عسكري إسرائيلي -مساء الأربعاء- إنه تم رصد نحو 20 صاروخا أطلقت من لبنان تجاه الجليل الأعلى، مشيرا إلى أنه اعترضت بعض هذه الصواريخ وسقطت أخرى في منطقة تل حاي مما أسفر عن اندلاع حريق دون وقوع إصابات.

وفي بيان ثان، قال الجيش الإسرائيلي إنه رصد إطلاق 10 صواريخ من لبنان تجاه جبل حرمون بهضبة الجولان (السورية المحتلة) وسقطت في مناطق مفتوحة.

وفي بيان عسكري ثالث، قال جيش الاحتلال إن مقاتلاته الحربية قصفت عددا من المباني العسكرية لدى وجود عناصر من حزب الله داخلها في منطقة الجبين (قضاء صور) جنوب لبنان.

وأضاف أن مقاتلاته قصفت أيضا منصة إطلاق صواريخ ومباني عسكرية لحزب الله في مروحين (قضاء صور) وحلتا (قضاء حاصبيا) وكفر كلا والعديسة (قضاء مرجعيون) وشمع (قضاء صور).

في المقابل، أعلن حزب الله -في بيانات منفصلة- أن مقاتليه قصفوا مقر كتيبة السهل في ثكنة بيت هيلل الإسرائيلية ‏بصلية من صواريخ الكاتيوشا. كما قصف بالصواريخ مرابض المدفعية الإسرائيلية في نافيه زيف قبالة الحدود الجنوبية للبنان. وقال الحزب إن الهجوم يأتي رداً على ‏الاعتداءات الإسرائيلية على القرى الجنوبية خصوصاً بلدتيْ مجدل سلم وبليدا.

يأتي ذلك عقب مقتل 32 شخصا وإصابة أكثر من 3 آلاف و200 في موجتي تفجير أجهزة اتصالات في لبنان الثلاثاء والأربعاء، واتهمت الحكومة اللبنانية وحزب الله إسرائيلَ بالوقوف خلفها، بينما تلتزم الأخيرة الصمت تجاهها.

مرحلة جديدة للحرب

وفي أحدث التطورات على الجانب الإسرائيلي، قالت القناة 12 إن المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية قرر تفويض نتنياهو وغالانت بإضافة إعادة سكان الشمال لمنازلهم إلى أهداف الحرب، وإن هذا يؤكد أنه لا يوجد خلاف في المواقف حول تحقيق هذا الهدف بين نتنياهو وغالانت.

من جانبه قال نتنياهو -في بيان مقتضب- إنهم سيعيدون سكان الشمال إلى بلداتهم "بأمان" وأوضح أن إسرائيل ستضمن عودة عشرات الآلاف من سكان مناطق الحدود الشمالية، قائلا في بيان مصور "قلت ذلك من قبل، سنعيد مواطني الشمال إلى ديارهم بأمان وهذا بالضبط ما سنفعله".

في حين قال وزير دفاعه إن الحرب دخلت مرحلة جديدة أمس ينتقل مركزها إلى الحدود الشمالية التي تشهد نقل المزيد من القوات والموارد، مشيرا إلى أن الجيش يحقق إنجازات بالتعاون مع الأجهزة الأمنية الأخرى، وفق قوله.

وأضاف غالانت في تصريحات أدلى بها في قاعدة جوية "نفتح مرحلة جديدة في الحرب.. تتطلب الشجاعة والتصميم والمثابرة منا". وأضاف "مهمتنا واضحة وبسيطة، وهي إعادة مواطنينا إلى بلداتهم في الشمال".

من جهته، توعد رئيس الأركان هرتسي هاليفي حزب الله بأنه "سيدفع في كل مرحلة من مراحل الحرب ثمنا أكبر من الذي دفعه بالمرحلة السابقة" مؤكدا "لم نفعل كل قدراتنا ولدينا الكثير مما لم نستخدمه بعد ونعمل على إعداد خطط للمضي قدما".

وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية -أمس- إن الجيش قرر نقل فرقة "الكوماندوز 98" من غزة إلى الجبهة الشمالية، استعدادًا لاحتمالية توسع الحرب ضد حزب الله جنوب لبنان.

كما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مصدر مطلع قوله إن انفجارات لبنان تزامنت مع نقل إسرائيل فرقة من قطاع غزة إلى الجبهة الشمالية، في ظل التصعيد مع حزب الله وتفجير أجهزة بيجر ولاسلكي بلبنان منذ الثلاثاء أوقعت عشرات القتلى وآلاف الجرحى.

ويأتي ذلك بعد توسيع إسرائيل أهدافها المعلنة للحرب على غزة لتشمل تمكين إسرائيليين من العودة إلى مساكنهم بالشمال، في ظل الحرب المستمرة على القطاع منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

في غضون ذلك، أشار الجيش الإسرائيلي -في بيان- إلى أن القوات في الجبهة الشمالية تواصل مهامها الهجومية والدفاعية، وأنها أجرت تدريبات تحاكي مناورات في أرض "العدو" وسيناريو يتضمن عمليات إجلاء من أرض المعركة تحت إطلاق النار، وفقا للبيان.

من جهته، قال قائد المنطقة الشمالية بالجيش الإسرائيلي أوري غوردين إن المهمة باتت واضحة وهي أن الجيش ملتزم بتغيير الواقع الأمني في الجبهة الشمالية بأسرع وقت ممكن.

ومنذ 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان، منها حزب الله، مع الجيش الإسرائيلي قصفا يوميا عبر الخط الأزرق الفاصل، مما أسفر عن مئات القتلى والجرحى معظمهم بالجانب اللبناني.

وتطالب هذه الفصائل بإنهاء الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل بدعم أميركي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي مما خلف أكثر من 136 ألف شهيد وجريح فلسطينيين معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.

مقالات مشابهة

  • عشرات الصواريخ من لبنان وتفويض نتنياهو باتخاذ إجراءات ضد حزب الله
  • كاتب صحفي: نتنياهو ينقل العدوان على جنوب لبنان بعد فشله في غزة
  • كابوس نتنياهو.. هل تُدان إسرائيل بجرائم الحرب والإبادة؟
  • غانتس: نتنياهو يعرض أمن إسرائيل للخطر.. ويحذر من حرب إقليمية
  • مصادر: "الخطوات المتهورة" التي تخطط لها حكومة نتنياهو في الشمال قد تورِّط إسرائيل في مشكلة أكثر صعوبة
  • جدل بإسرائيل حول التصعيد ضد حزب الله على وقع تصريحات نتنياهو
  • محللون: إسرائيل تتجه نحو مزيد من التطرف وواشنطن وضعت كل شيء بيد نتنياهو
  • “بلومبرغ”: الصراع بشأن الميزانية في حكومة نتنياهو يكشف كيف مزقت الحرب “إسرائيل”
  • باحث إسرائيلي يكشف عن الرعب الذي تنتظره إسرائيل بسبب صمود حماس .. خياران كلاهما مر أمام نتنياهو