عزلة نتنياهو وخيار الحرب الإقليمية
تاريخ النشر: 18th, September 2024 GMT
ما حدث يوم الثلاثاء الماضي لكثيرين من منسوبي حزب الله في لبنان وسوريا عبر انفجار مفاجئ لأجهزة اتصال محمولة من طراز قديم (البيجر) راح ضحيته جرحى بالمئات من عناصر الحزب؛ يعتبر مدخلًا لمرحلة جديدة باتجاه حرب إقليمية محتملة جدًا، لاسيما بعد نفي وزارة الدفاع الأمريكية في الولايات المتحدة علمها بتلك العملية السيبرانية الخطيرة لإسرائيل، وورود أنباء عن أن الحكومة الإسرائيلية لم تبلغ أصلًا الولايات المتحدة بهذه العملية، بحسب ما أورد موقع «أكسيوس» الإخباري الأمريكي.
بطبيعة الحال هذا التطور الجديد قد يدفع حزب الله إلى تحرك هجومي سريع ضد إسرائيل، خصوصًا وأن الأخيرة وضعت قواتها على الحدود اللبنانية شمال إسرائيل على أهبة استعداد أقصى لهكذا احتمال.
ومن الواضح جدًا أن نتنياهو يقرأ الكثير من الرسائل الإقليمية، ويستثمرها في اتجاه تطور الحرب على نحو تصعيدي بات يدرك معه تمامًا أنه المخرج الوحيد للمأزق الذي وضع نفسه فيه منذ بداية ردود الفعل العسكرية الإسرائيلية على عملية طوفان الأقصى. فقيادات الحكومة الإسرائيلية التي يهيمن عليها اليمين الديني المتطرف تدفع نتنياهو باتجاه الحرب في الشمال، وهو أيضا لم يعد أمامه سوى التصعيد نحو الحرب على حزب الله؛ لأنه أدرك أن الحزب بات اليوم مدركًا أكثر من أي وقت مضى؛ إلى أي مدى كشفت له مفاعيل هذه الحرب عن عدم تحمله لأعباء تفوق طاقته، بل تفوق طاقة دول الإقليم جميعها؛ نظرًا لأن الجميع يدرك الإعلان الواضح للولايات المتحدة التزامها بالدفاع عن إسرائيل متى ما دخلت إيران في حرب كبيرة مع الأولى.
جملة من المعطيات الإقليمية والدولية باتت اليوم تسمح لنتنياهو باستثمار اللحظة الإقليمية والدولية الراهنة من أجل الدفع باتجاه الحرب الواسعة.
فبعد مرور أكثر من شهر ونصف على اغتيال اسماعيل هنية في طهران، وصمت إيران عن الرد الذي توعدت به، ثم بعد عملية مصياف التي قامت فيها اسرائيل قبل أيام بضرب مخبأ سري لصنع الصواريخ الإيرانية في الأراضي السورية؛ يأتي هذا التطور الخطير للهجوم السيبراني الإسرائيلي على الأجهزة المحمولة للآلاف من عناصر حزب الله، كما لو أنه استثمار في تلك الرسائل الإقليمية والدولية التي بدت أكثر من واضحة بالنسبة لنتنياهو.
دوليًا يأتي قرب الانتخابات الأمريكية الوشيكة كموعد مثالي لساعة الصفر التي طالما ظل ينتظرها نتنياهو، فيما هو الآن ينتظر ردود فعل حزب الله، أو حتى إيران لكي تنطلق شرارة الحرب المحتملة في المنطقة.
فبعد انشغال الإدارة الأمريكية بحدث الانتخابات الكبير، لا أحد اليوم في وسعه كبح نتنياهو وحكومته المتطرفة عن جماحها باتجاه إشعال حرب إقليمية في المنطقة، ولعل الخلاف بين قادة الأجهزة الأمنية في إسرائيل، الذي بلغ درجات حادة مع نتنياهو، من ناحية، والأنباء التي تشير إلى نية نتنياهو إقالة وزير دفاعه جالانت ورئيس هيئة الأركان هرسي هاليفي؛ كلها مؤشرات تصب في اتجاه التصعيد.
وإذا كانت تظاهرات الشعب الإسرائيلي الداعية إلى استكمال الصفقة التي عرضتها الولايات المتحدة من أجل عودة الأسرى والمخطوفين الإسرائيليين في سجون حماس بقطاع غزة (وهي تظاهرات بلغ عدد المتظاهرين فيها مئات الآلاف) لم تحل دون مضي بنيامين نتنياهو وفريق حكومته المتطرفة نحو تصعيد الأمور مع إيران وحزب الله باتجاه الحرب الواسعة، فإن كل المؤشرات الإقليمية والدولية تنبئ بانفجار حرب في المنطقة.
وكل التحليلات الاستراتيجية تدل بوضوح على أن خيار نتنياهو هو خيار وحيد باتجاه حرب إقليمية تخلط الأوراق وتكون سبباً في خروجه من المأزق الذي سينتظره - حال لم يشعل حربًا في المنطقة.
إن الاستعصاء الذي وضع فيه نتنياهو اسرائيل وجعل من خلافه مع قادة المؤسسة الأمنية هناك يبلغ تلك الحدة؛ هو في تقديرنا يجسد التناقض الرئيس الذي بات كاشفًا بوضوح عن أن مصلحة أمن اسرائيل -كما يعكسها حرص قادة أجهزة الأمن والجيش في اسرائيل- باتت في جهة، فيما باتت المصلحة الخاصة لنتنياهو وفريق حكومته من اليمين المتطرف في جهة أخرى.
ربما تشهد الأيام والأسابيع المقبلة تطورات غير مسبوقة باتجاه حرب واسعة نتيجة لتداعيات غير متوقعة جراء سياسة حافة الهاوية التي تتورط فيها حكومة نتنياهو وتدفعها للعبث بأمن إسرائيل وأمن المنطقة جميعًا؛ حرصًا على مكاسب شخصية ضيقة لنتنياهو والمجموعة المتطرفة من قادة اليمين الديني في حكومته.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الإقلیمیة والدولیة فی المنطقة حزب الله
إقرأ أيضاً:
حزب الله: ندين الهجوم الذي تعرضت له قوات يونيفيل في محيط مطار رفيق الحريري
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أدان حزب الله الهجوم الذي تعرضت له قوات يونيفيل في محيط مطار رفيق الحريري الدولي، اليوم الأحد، حسبما أفادت قناة "القاهرة الإخبارية".
وأفادت "اليونيفيل"، في بيان رسمي، بأن موكبًا تابعًا لها تعرض، مساء الجمعة، لهجوم عنيف أثناء توجهه إلى مطار بيروت، حيث أُضرمت النيران في إحدى المركبات، ما أدى إلى إصابة نائب قائد القوة المنتهية ولايته، الذي كان في طريقه إلى بلاده بعد انتهاء مهمته.
ودعت القوة الأممية السلطات اللبنانية إلى فتح تحقيق شامل وفوري، وتقديم جميع المسؤولين عن الهجوم إلى العدالة، مشددة على أن "مثل هذه الاعتداءات تعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، وقد تصل إلى جرائم حرب".
وأعربت الأمم المتحدة عن إدانتها الشديدة للهجوم، محذرة من أن مثل هذه الحوادث تهدد سلامة موظفيها الذين يعملون للحفاظ على استقرار لبنان.
وأكد الجيش اللبناني، في بيان رسمي، رفضه لأي اعتداء على "اليونيفيل"، مشيرًا إلى أن قائد الجيش بالنيابة، اللواء الركن حسان عودة، أبلغ قائد القوات الأممية أن الجيش سيتخذ جميع الإجراءات اللازمة لتوقيف المعتدين وتقديمهم إلى العدالة.
ووعد الرئيس اللبناني، جوزيف عون، السبت، بمحاسبة المسؤولين عن الهجوم الذي استهدف موكب قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، والذي أسفر عن إصابة ضابطين، أحدهما نائب قائد القوة.
وجاء في بيان نشرته الرئاسة عبر منصة "إكس"، أن عون "أدان الاعتداء، وأكد أن المعتدين سينالون عقابهم"، مشددًا على أن "القوى الأمنية لن تتهاون مع أي جهة تحاول زعزعة الاستقرار والسلم الأهلي في البلاد".
وعقد السلطات اللبنانية اجتماعًا طارئًا أمس السبت لمناقشة تداعيات الهجوم، وسط توجيهات من وزير الداخلية والبلديات، العميد أحمد الحجار، للأجهزة الأمنية بتحديد هوية المعتدين وتوقيفهم وإحالتهم إلى القضاء المختص، وفق ما أفادت "الوكالة الوطنية للإعلام".
وزار الحجار الضابطين المصابين، وبينهما نائب قائد "اليونيفيل"، في المستشفى، مؤكدًا "رفض الحكومة اللبنانية لهذا الاعتداء الذي يعد جريمة بحق قوات حفظ السلام".