قفزة سعودية.. ترتيب العرب على المؤشر الأممي لتطور الحكومات الإلكترونية
تاريخ النشر: 18th, September 2024 GMT
تصدرت السعودية والإمارات والبحرين قائمة الدول العربية في مؤشر الأمم المتحدة لتطوير الحكومة الإلكترونية للعام 2024، فيما جاءت الدنمارك وإستونيا وسنغافورة عل رأس التصنيف العالمي الذي يضم 193 دولة عضو في الأمم المتحدة.
ويقيس المؤشر العالمي نطاق وجودة الخدمات عبر الإنترنت، وحالة البنية التحتية للاتصالات والقدرات البشرية.
وأشار المؤشر إلى أن الدول الثماني عشرة الرائدة في التنمية الرقمية هي دول ذات دخل مرتفع.
وبالنسبة للقادة الإقليميين، أظهر التقرير تصدر جنوب إفريقيا لقارة أفريقيا، والولايات المتحدة للأميركيتين، وجاءت سنغافورة على رأس قائمة دول آسيا، وبالنسبة لأوروبا فتصدرتها الدنمارك، واحتلت أستراليا صدارة دول منطقة أوقيانوسيا.
واحتلت السعودية المركز السادس عالميا لتقفز بذلك 25 مرتبة وتصبح في قائمة أفضل 10 دول على مستوى العالم. وكانت المملكة تقدمت 12 مرتبة في عام 2022 مدعومة بالمبادرات المتخصصة بالحكومة الإلكترونية. وكذلك احتلت مدينة الرياض المركز الثالث بعد تالين ومدريد في مؤشر الخدمات الإلكترونية المحلية من بين 193 مدينة حول العالم.
ولحقت الإمارات بالسعودية لتحتل المركز الـ11 عالميا، ثم البحرين في المرتبة الـ18، وتلاهما سلطنة عمان في المركز 41، وقطر 53، والكويت 66، والمغرب 81، وتونس 87، ومصر 95.
وذكر التقرير أنه رغم الأزمات العالمية المتقاطعة والمتفاقمة في السنوات الأخيرة، فقد سارعت الدول والمناطق في جميع أنحاء العالم إلى الالتزام باستراتيجيات الحكومة الرقمية.
ويُظهر المسح أن خطوات كبيرة قد تم إحرازها في مجال الحوكمة الرقمية، مدعومة بالاستثمارات في البنية التحتية المرنة والتقنيات المتطورة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية.
ومع ذلك، يرى التقرير أنه في حين أشعل التحول الرقمي شرارة الابتكار والنمو، خاصة في القطاع الخاص، لا تزال العديد من البلدان تواجه عقبات في الاستفادة الكاملة من هذه التطورات لتعزيز الخدمات العامة والمشاركة، وهي مكونات رئيسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأوضح أنه لأول مرة، تشكل الدول الأعضاء ذات القيم المرتفعة جدًا لمؤشر تنمية الحكومة الإلكترونية (EGDI)، الحصة الأكبر، حيث تمثل 39 في المائة من إجمالي عدد البلدان التي تم تقييمها. وبشكل عام، أصبحت 71.5 في المائة من الدول الأعضاء الآن عند مستويات مرتفعة أو مرتفعة جدًا لمؤشر تنمية الحكومة الإلكترونية.
ونظرًا للتحسينات الملحوظة في تقديم الخدمات والبنية الأساسية للاتصالات، فقد زاد متوسط مؤشر تنمية الحكومة الإلكترونية العالمي بشكل عام مع انخفاض نسبة السكان المتخلفين في تطوير الحكومة الرقمية من 45.0 في المائة في عام 2022 إلى 22.4 في المائة في عام 2024، بحسب المسح.
ويرجع هذا التقدم إلى حد كبير إلى التقدم الكبير في آسيا، والتحسن المطرد في الأميركيتين، حيث انضمت المزيد من البلدان إلى مجموعة مؤشر تنمية الحكومة الإلكترونية المرتفع جدًا، وفقا للتقرير.
وفي حين حققت جميع المناطق تقدمًا في مجالات مختلفة، فيرى التقرير أن وتيرة التنمية كانت غير متساوية ولا تزال التفاوتات الإقليمية قائمة.
وأوضح التقرير أن أوروبا هي الرائدة في مجال تطوير الحكومة الإلكترونية، لكن آسيا تتقدم بسرعة أكبر من المناطق الأربع الأخرى، حيث تتمتع 53% من البلدان في المنطقة بقيم مرتفعة للغاية لمؤشر تنمية الحكومة الإلكترونية.
وفي أفريقيا، انتقلت موريشيوس وجنوب أفريقيا إلى مجموعة البلدان ذات القيم المرتفعة لمؤشر تنمية الحكومة الإلكترونية، ما يمثل المرة الأولى التي تصل فيها بلدان من هذه المنطقة إلى أعلى مستوى. ومع ذلك، فإن مستويات مؤشر تنمية الحكومة الإلكترونية في معظم البلدان الأفريقية أقل من المتوسط العالمي.وأشار التقرير إلى أنه لا تزال هناك تفاوتات كبيرة في البنية الأساسية الرقمية، والاتصال، والمهارات الرقمية، واستعداد الحكومة الإلكترونية داخل المنطقة.
وتتميز أوقيانوسيا بتباين كبير في التنمية الرقمية مع بقاء أستراليا ونيوزيلندا في صدارة المنطقة والعالم، في حين لا تزال الدول الجزرية الصغيرة النامية تواجه تحديات كبيرة في التقدم الرقمي، بحسب التقرير.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی المائة
إقرأ أيضاً:
أوكرانيا والدرس الذي على العرب تعلمه قبل فوات الأوان
ليست السياسة إلا ترجمة لموازين القوى، ومن لا يملك القوة لا يملك القدرة على فرض موقف أو الحفاظ على تحالف؛ وليس هناك درس أشد وضوحا لهذا المبدأ من المشهد الذي جرى في البيت الأبيض بين الرئيس الأوكراني زيلينسكي والأمريكي ترامب.. كانت وعود أمريكا ودعمها يتهاوى ويتكشف المشهد عن حقيقة طالما أنكرها البعض ممن راهن على الحماية الخارجية وهي أن المصالح هي القانون الأوحد في العلاقات الدولية خاصة في زمن تآكلت فيه القيم والمبادئ وعادت إلى المشهد بشكل واضح حقبة البقاء للأقوى.
ما حدث للرئيس الأوكراني هو استعراض أمام العالم لما يمكن أن يفعله الأقوى بالضعيف أو الذي يبدو ضعيفا، حتى لو بدا وكأنه حليف استراتيجي، ما دام لا يملك ورقة تفاوضية، يُمكن المساومة عليها. بدا وكأن زيلينسكي لم يكن رئيس دولة، بل متهم في قفص ترامب، مطالبا بإثبات ولائه وتقديم التنازلات المطلوبة.
لكن هذا المشهد رغم مرارته ورغم أنه النموذج الذي لا بد أن يقرأ وفقه المستقبل يستحق أن تستخلص منه الدروس والعبر وخاصة بالنسبة للعالم العربي.
إن الحقيقة التي باتت واضحة ولا جدال فيها أن السياسة الأمريكية، كما كشفتها هذه الواقعة، لم تعد تُدار وفق المبادئ التي روّجت لها طيلة عقود: الدفاع عن الديمقراطية، حماية الحلفاء، نصرة الشعوب المضطهدة، بل هي اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، صفقة تجارية بحتة، يُقدَّم فيها الدعم وفق معادلة حسابية واضحة: كم ستدفع؟ وماذا ستقدّم في المقابل؟
ليس هذا وليد اللحظة، لكنه بلغ حد الخروج عن الأعراف الدبلوماسية التي تحكم العلاقات الدولية، حيث جرى تسليع التحالفات علنا، دون مواربة أو تجميل. وحين ينظر العرب إلى ما جرى مع أوكرانيا، عليهم أن يتساءلوا، إذا كانت واشنطن قد تخلّت عن أوكرانيا، وهي في قلب المعركة، فكيف يمكن لدول أخرى أن تثق في التزاماتها؟ وإذا كانت المصالح الاقتصادية هي التي تحكم، فأين يقف العرب في هذه المعادلة؟
لا يبنى القرار السياسي الاستراتيجي على استشعار العاطفة أو على حسن الظن، فحين جرى توقيع اتفاقية سايكس بيكو، وحين قُسمت فلسطين، وحين سقطت بغداد، وحين تُركت ليبيا وسوريا لمصيرهما، كان الدرس ذاته يتكرر: من لا يملك قراره، لا يملك مصيره.
وأكبر خطأ تقع فيه الدول هو الاعتقاد بأن هناك «حليفا دائما»، بينما الحقيقة أن هناك فقط مصالح دائمة يتم الموازنة بين أفضلها كل حسب قيمته في لحظة الموازنة، ولذلك لا بد أن تعي الدول العربية أن المصالح الحيوية والاستراتيجية لا تُحمى بالوعود إنما بالقدرة الذاتية على فرض الإرادة.
ولذلك لا خيار أمام الدول العربية من أن يكون لديها أدوات القوة التي تتمثل بدءا في الشعور بالتكامل وحقيقة المصير المشترك ثم بالاقتصاد القوي المستقل فمن يعتمد على الآخرين في رزقه، لا يستطيع الاعتراض على شروطهم، وببناء تكنولوجيا متطورة في كل الجوانب بما في ذلك الجوانب العسكرية حتى تستطيع هذه الدول الدفاع عن نفسها دون وصاية أو حماية من أحد وبناء تحالفات قائمة على فكرة الندية وليس التبعية لأن الدول الكبرى تحترم من يفرض احترامه، لا من يستجديه. ثم إن على العالم العربي أن يعمل جادا على بناء وعي سياسي ووعي ثقافي وإرادة جماعية تنطلق من رؤية هذه الدول باعتبارها كيانا مترابط التاريخ وتحيط به الأخطار نفسها وينتظره نفس المستقبل.
وإذا كانت السياسة لا تعترف بالفراغ الذي إن لم تملأه أنت ملأه غيرك فإن على العالم العربي أن يدرك أمام كل هذه الأخطار التي تحيط به وهذه التجارب التي تقدم له بالمجان أن مكانه في الخارطة لا يحدد فقط بموقعه الجغرافي، بل بمدى قدرته على امتلاك قراره بعيدا عن حسابات الآخرين. وهذه لحظة مفصلية لا بد أن يعي فيها الجميع الدرس.