الديمقراطية في يومها العالمي
تاريخ النشر: 18th, September 2024 GMT
مرت قبل أيام الذكرى السنوية لليوم العالمي ـ أو الدولي ـ للديمقراطية. ففي ٨ نوفمبر من العام ٢٠٠٧م قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة تحديد يوم ١٥ سبتمبر من كل عام كيوم دولي للديمقراطية، وذلك بهدف تعزيز مبادئ الديمقراطية والتمسك بها، ودعت جميع الدول الأعضاء والمنظمات للاحتفال بهذا اليوم بطريقة مناسبة تساهم في رفع الوعي العام بمبادئ وتطبيقات الديمقراطية.
ولا يوجد أدنى شك أن احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية من المبادئ الرئيسية للديمقراطية، فهي توفر بيئةً مهمة لحماية هذه الحقوق وتحقيقها بفعالية. ولا يمكن الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان المرتبطة بها دون الإشارة إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي تبنته الأمم المتحدة في ١٠ ديسمبر من العام ١٩٤٨م، والذي يتكون من ٣٠ مادة، توضح بالتفصيل الحقوق والحريات الأساسية للفرد، وتؤكد طابعها العالمي، باعتبارها متأصلة وغير قابلة للتصرف وقابلة للتطبيق على جميع البشر، وتعد معيارًا مشتركًا لجميع الشعوب والأمم. وقد تم تطوير محتويات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وإدماجها في المعاهدات الدولية اللاحقة والصكوك الإقليمية لحقوق الإنسان والدساتير الوطنية والمدونات القانونية.
ونظرًا لاستدعاء الدول للإعلان باستمرار، لأكثر من ٧٥ عاما، فقد أصبح ملزمًا لها، كجزء من القانون الدولي العُرفي. وتعد من أهم مظاهر الديمقراطية السوية حرية الرأي والتعبير، حيث أكدت المادة (١٩) من هذا الإعلان «لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير...» وعلى مدى عقود تشدقت الولايات المتحدة والدول الغربية بحمايتها لحق مواطنيها في حرية الرأي والتعبير، وإنها تتفوق على معظم دول العالم في حماية هذا الحق، لكن ما رأيناه مؤخرًا، نسف كل هذا الادعاء، فقد قامت هذه الحكومات ـ الديمقراطية ـ بقمع وتكميم أفواه أبناء شعوبها، عندما عبروا عن آرائهم تجاه حقيقة ما يجري في فلسطين من مجازر وجرائم حرب وإبادة جماعية يقوم بها الكيان الصهيوني المجرم تجاه مواطنين مدنيين عُزل، وقيامه بنسف كل ما قامت به البشرية في عصرها الحديث من سن لقوانين وتشريعات دولية وإنسانية وأخلاقية، بل وصل بها الأمر إلى اعتقال الطلبة الجامعيين المعتصمين بشكل سلمي، والذين لم تقبل إنسانيتهم السكوت عن مثل هذه الجرائم، ومنعهم من دخول الامتحانات، بل وطردهم من هذه الجامعات، وقمع المتظاهرين السلميين وسحلهم في الشوارع، لا لشيء، إلا أنهم انتقدوا الكيان الصهيوني على جرائمه التي يندى لها جبين الإنسانية، والأدهى من ذلك قيام هذه الحكومات ومراكز الضغط الصهيوني بطرد عددٍ كبير من الصحفيين والإعلاميين والموظفين والعاملين في القطاعات العامة والخاصة لا لشيء، إلا أنهم قالوا الحقيقة، التي حاولت هذه الحكومات -بطريقة متخلفة- إخفاءها عن شعوبها، لتلميع صورة هذا الكيان الصهيوني المجرم لدى هذه الشعوب، وإظهاره دومًا بمظهر الضحية، التي تواجه العرب والمسلمين الإرهابيين.
ونست هذه الحكومات، أن هذا العصر ليس عصر الستينيات والسبعينيات، وأن العالم أصبح قرية واحدة، بسبب الثورة التكنولوجية في مجالات الاتصالات والإعلام، وأن ما يحدث في أبسط قرية، في أبعد بقعة، في العالم، يكون معلوم ومرئي في ثوانٍ معدودات، لكل من يسكن على ظهر هذه البسيطة.
إضافة إلى تهديد الدول والمنظمات الدولية وقضاة محكمة العدل الدولية وقضاة المحكمة الجنائية الدولية والشخصيات المستقلة إذا قاموا بأي فعل مشروع تجاه الكيان الصهيوني المأزوم، فعن أي ديمقراطية تتحدث؟
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الکیان الصهیونی هذه الحکومات
إقرأ أيضاً:
حصاد المؤشر العالمي للفتوى لعام 2024.. تقديم ما يقرب من 50 إصدارًا
أعلن مؤشر الفتوى عن حصاده للعام 2024؛ باعتباره يشكل مرجعًا مهمًّا لفهم الديناميكيات المتغيرة في عالم الفتوى، حيث سلَّط المؤشر الضوء خلال هذا العام على العديد من القضايا والاتجاهات التي شكَّلت واقع الفتوى المعاصر، وقدَّم مجموعة متنوعة من الإصدارات والدراسات والتقارير بالاعتماد على أحدث الطرق والآليات الإحصائية والتحليلية والتي كان على رأسها "محرك البحث الإلكتروني للمؤشر العالمي للفتوى" الذي وصل عدد المواد المخزنة على قاعدة بياناته إلى ما يقرب من 3 ملايين مادة إفتائية.
المفتي: حب الوطن يعد من الالتزام بالدين (فيديو) المفتي يحذر من ظاهرة "السنجل مزر": تهدد استقرار الأسرحيث أصدر مؤشر الفتوى خلال عام 2024 ما يقرب من (50) إصدارًا متنوعًا بين الإصدارات الرصدية أو التحليلية، التي ضمَّت التقارير المختصرة أو البيانات أو الدراسات الموسعة أو الخطط الاستراتيجية والدراسات الاستشرافية، فأما التقارير الإعلامية، فقد قدم مؤشر الفتوى (10) تقارير إعلامية حول عدد من القضايا والموضوعات الإفتائية، جاء أبرزها حول فتاوى الحج وفتاوى شهر رمضان الكريم وفتاوى الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، فضلًا عن التقارير المتعلقة بظاهرة الشائعات والميليشيات الإلكترونية وكيفية دعم الفتاوى المصرية للقضية الفلسطينية على مر العصور.
كما أصدر مؤشر الفتوى (10) دراسات تحليلية مُعمَّقة خلال عام 2024، كان من أهمها تقرير تحليلي حول ازدواجية معايير الإعلام الغربي في التعامل مع القضية الفلسطينية، والذي كشف خلاله عن تعمُّد استخدام التقارير والأخبار ومقالات الرأي المتداولة في عدد من الوسائل الإعلامية الغربية ألفاظًا مسيئة تحمل إدانات واستهانة بأرواح ضحايا العمليات الإسرائيلية تجاه أهل فلسطين العُزل والأبرياء من المدنيين، والاعتماد على استخدام مصطلحات "الإرهاب" و"الإرهابيين"، في محاولة لتحجيم القضية الفلسطينية، وتصوير الأمر باعتباره دفاعًا إسرائيليًّا شرعيًّا عن النفس. كما قدم تقريًرا تحليليًّا آخر حول "دور الفتوى في التصدي لظاهرة القمار الإلكتروني"، ودراسة تحليلية حول "واقع الطلاق في العالم الإسلامي الإحصاءات والأسباب ومبادرات العلاج"، وتقريرًا تحليليًّا بعنوان "تآكل القيم الأخلاقية الأسرية.. المظاهر والأسباب والعلاج"، فضلًا عن تقديم ملف تحليلي حول إنشاء مركز "تكوين" وردود الفعل حوله.
وأصدر مؤشر الفتوى العدد الثاني من التقرير الاستراتيجي السنوي، والذي تناول عددًا من القضايا البحثية حول التحديات التي تواجه الألفية الثالثة، وكان في مقدمتها قضية الأمن الفكري وجدلية الحفاظ على الهوية الإسلامية، تناول خلالها آليات التعامل الإفتائي مع التحديات التي تواجه الأمن الفكري، ودور علماء الأمة المعتبرين والمؤسسات الإفتائية، التي على رأسها دار الإفتاء المصرية والأزهر الشريف، في مواجهة مهددات الأمن الفكري والهوية الإسلامية، من خلال تحليل عينة من الفتاوى المتساهلة والمتشددة المتعلقة بعدد من القضايا التي شملت: التعايش مع المُختلِف عقائديًّا وفكريًّا، والعلاقة بين الرجل والمرأة وحماية هوية كل منهما، ومواجهة التحديات الاجتماعية الناتجة عن موجات التغريب، وطمس الهوية الإسلامية، التي تمثل أخطر تهديد للأمن الفكري والهوية الإسلامية، خاصةً وأنها تشمل قضايا تؤثر على الوجود الإنساني ككل، مثل الدعوات للا إنجابية والمثلية الجنسية.
وجاء محور آخر تضمنه التقرير الاستراتيجي تحت عنوان "خطاب الكراهية بين التحديات الحالية وآفاق المعالجة الإفتائية المستقبلية"، والذي أشار مؤشر الفتوى خلاله إلى تصدر قارة آسيا بنسبة 36٪ من قارات العالم من حيث تنامي معدلات خطاب الكراهية خلال العام، وذلك لعدة أسباب؛ أبرزها النزاعات التاريخية بين الجماعات المسلمة وغير المسلمة في دول مثل الهند وميانمار، مما أدى إلى تصاعد التوترات بين الطوائف، واستغلال الدين كأداة سياسية لتعزيز الانقسام أو تحقيق مكاسب انتخابية.
كما أصدر المؤشر العالمي للفتوى (12) عددًا شهريًّا من نشرة "فتوى تريندز" التي تسلِّط الضوءَ على أبرز الفتاوى التي أحدثت زخمًا عبر مواقع التواصل، وكشف في تقريره ربع السنوي حول النشرة عن أن (56%) من تريندات الفتاوى غير الرسمية تسببت في إحداث بلبلة وفوضى دينية ومجتمعية، حيث وضعت تلك الفتاوى عوام الناس في حيرةٍ من أمرهم، واعتبر مؤشر الفتوى أن ترك الباب مفتوحًا لمثل هذه الفتاوى عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، من أجل تحقيق جنون الشهرة أو لمكاسب مادية؛ سيؤدي إلى تَدَنٍّ قِيمي وأخلاقي.
كما أصدر المؤشر العالمي للفتوى في عام 2024 (3) كراسات استراتيجية تعالج قضايا إفتائية، أولها بعنوان: "الفتوى وأخلاقيات العلم.. ضرورة التكامل وخطورة الانفصال" والتي هدفت لدراسة العلاقة بين العلم والدين والأخلاق في إطار مظلة الفتوى، وذلك من خلال إجراء تحليل شرعي وإحصائي علمي متكامل للفتاوى المتعلقة بالعلم والأخلاق ومختلف القضايا المرتبطة بهما، أما الثانية فجاءت بعنوان "الفتوى وأخلاقيات الإعلام.. رهانات الواقع وتحديات المستقبل"، والتي تناولت التحليل الكمي والكيفي لأبرز البرامج الإفتائية محليًّا للوقوف على أبرز القضايا الإفتائية التي تم مناقشتها وأثارت جدلًا واسعًا خلال العام، وقامت الدراسة أيضًا بتحليل أبرز القضايا الإفتائية بالأعمال الدرامية والسينمائية خلال العام، وتوصلت إلى أن (75%) من إجمالي عينة الدراسة دارت حول تناول المعايير الأخلاقية لوسائل الإعلام، أما الكراسة الثالثة فقد جاءت بعنوان "الفتوى وأخلاقيات الفضاء الرقمي.. التوظيف الأمثل للتقنيات الحديثة"، وتضمنت دراسة السياج الأخلاقي الذي يحكم سَير العملية الإفتائية عبر الفضاء الرقمي الواسع، ودراسة مدى تفاعل الفتوى مع القضايا الأخلاقية الناجمة عن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. وتوصلت إلى أن (32%) من إجمالي عينة الدراسة جاءت حول الفتاوى المتعلقة ببيان الضوابط الأخلاقية لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، كقضايا التواصل بين الجنسين.
وأسفرت تلك الكراسات الثلاث عن إطلاق المؤشر لمشروعه "صياغة ميثاق أخلاقي إفتائي للتطورات في مجالات العلوم التجريبية والطبيعية والاجتماعية والذكاء الاصطناعي".
وقدَّم مؤشر الفتوى هذا العام عددًا من التقارير والدراسات الاستشرافية، كان من أهمها خلال العام تقرير استشرافي حول تداعيات عملية "طوفان الأقصى" (حرب غزة)، تناول خلالها رؤية استشرافية لتداعيات عملية طوفان الأقصى على مختلف المجالات الإنسانية، التي شملت التداعيات على مستقبل التنظيمات الإرهابية، والتداعيات على المستوى الشعبي العربي، والتداعيات على المستوى البحثي والأكاديمي العربي، والتداعيات على مستوى عودة النشاط السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، والتداعيات على المستوى الاقتصادي، والتداعيات على المستوى التكنولوجي.
كما شارك مؤشر الفتوى خلال العام 2024 في تنظيم (3) ورش عمل على هامش فعاليات مؤتمرات وندوات لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، واهتمت الورش بتبادل الخبرات والآراء مع مختلف التخصصات للوقوف على إشكاليات عدد من القضايا والمساهمة في مواجهتها والتي عُقد آخرها في ديسمبر الحالي على هامش الندوة الدولية الأولى لدار الإفتاء المصرية وجاءت تحت عنوان "فوضى الفتاوى العشوائية.. سبل مواجهة المؤسسات الدينية للفوضى الإفتائية".
واختتم المؤشر العالمي للفتوى بيانه السنوي بالتأكيد على مواصلة دَوره في عملية الرصد والتحليل للحقل الإفتائي محليًّا وعالميًّا، مؤكدًا أن الفترة القادمة ستشهد تحولًا كبيرًا في تناول القضايا الإفتائية التي فرضتها التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي.