سلطت مجلة "إيكونوميست" البريطانية الضوء على الحرب في اليمن التي تشهدها البلاد منذ قرابة عقد من الزمن ومآلات الوحدة فيها.

 

وتساءلت المجلة في تقرير لها حول اليمن ومصيره: هل سيخرج من الحرب كدولة واحدة، أم دولتين أم أشتات من الدول؟

 

وقالت إن "الدول المتشرذمة في الشرق الأوسط ليست أمرا نادرا، فكّر بالعراق وليبيا وفلسطين وسوريا، ولكن اليمن هو الأكثر انقساما منها، وأصبح بعد ثماني سنوات من الحرب، مجموعة من الفصائل.

 

وأضافت "بعد قتال السعودية والإمارات بدون انتصار، يبدو الحوثيون أنهم على حافة الانتصار في السلام".

 

وذكر التقرير أن اتفاق وقف إطلاق النار بين السعودية والحوثيين وعد بتحقيق الاستقرار والحفاظ، نظريا، على وحدة اليمن، مشيرا إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار ساعد الحوثيين على تمكين سلطتهم في المنطقة الواقعة تحت سيطرتهم، وأضعف القوى المصطفة ضدهم.

 

وأشار إلى أن هناك في اليمن تسع فصائل مختلفة تتنافس على السلطة، مجلس القيادة الرئاسي الذي أنشأته السعودية العام الماضي لكي يكون الحكومة اليمنية الشرعية. ووعد السعوديون الذي يمولونه بـ1.2 مليار دولار للحفاظ عليه. ويزعم مجلس القيادة الرئاسي أنه يسيطر على كل اليمن، لكن بصماته هي الأقل في البلد من بين كل الفصائل التي تحاول السيطرة على اليمن. وهو مقيّد في الجناح الرئاسي بالمدينة الثانية لليمن، عدن. ويعيش معظم أعضائه في فندق ريتز كارلتون، حيث احتجز ولي العهد السعودي أمراء ورجال أعمال في قفص من الذهب لكي يحيّدهم ويبعدهم عن منافسته. وعادة ما يختلف أعضاء المجلس الثمانية فيما بينهم.

 

يتابع التقرير "بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء في 2014، حشدت السعودية والإمارات مزيجا من التحالف داخل اليمن للرد. ولكن القوتين الكبيرتين في شبه الجزيرة العربية اختلفتا في الفترة الأخيرة، مما أدى إلى انهيار التحالف في اليمن"، لافتا إلى أن الإمارات جماعة انفصالية تدعى المجلس الانتقالي الجنوب" بقيادة عيدروس الزبيدي، الجنرال السابق، مع أنه عضو في المجلس المدعوم سعوديا.

 

وتطرق إلى أن التنافس بين تلك الفصائل يغذي المشاحناتِ اليمنية، فالجنوبيون تحت قيادة الزبيدي يرفعون علمهم على مناطق كانت مرة دولة منفصلة، عُرفت بجمهورية اليمن الشعبية الديمقراطية قبل أن تتحد مع الشمال في 1990. وربما كانت الإمارات تحت قيادة زعيمها، الشيخ محمد بن زايد، تركز نظرها على الموانئ وآبار النفط، ولا تزال تدعم الزبيدي عسكريا ولديها قواعد عسكرية في مناطقه، مع أنها سحبت قواتها عام 2019.

 

وأفاد أن السعوديين يحاولوا اليوم إحباط الجهود الإماراتية من خلال إثارة الطموحات المحلية للمقاطعات اليمنية القديمة والقبائل ضد دولة الزبيدي الانفصالية المحتملة. ويأملون برسم ممر شمال- جنوب إلى المحيط الهندي. ففي الأسابيع الماضية دعمت السعودية تشكيل “المجلس الوطني” في حضرموت، و”تحالف القبائل” في شبوة التي تبعد 500 كيلومتر عن مقر الزبيدي في عدن.

 

وطبقا لما ذكرته مجلة "إيكونوميست" فإن التوترات بين الرياض وأبوظبي خرجت للعلن وتحولت إلى عنف. فقد اشتبكت ميليشيات موالية لمجلس حضرموت في سيئون مع محتجين موالين للزبيدي.  وكلا الطرفين يحاول السيطرة على مدينة المُكلا، وهي ميناء آخر في الجنوب. وهناك مناطق أخرى من اليمن مهددة بالانفصال، فجيوب القاعدة تلوح في المناطق البعيدة عن حضرموت. وكذا مأرب وتعز المرتبطتان بحزب الإصلاح، القريب من حركة الإخوان المسلمين.

 

"ونظرا لخوفها من خسارة اليمن لصالح جاراتها الدول الخليجية الثرية، ربما كانت عُمان تأمل بأن تضع محافظة المهرة اليمنية تحت سيطرتها"، وفقا لما ذكرته المجلة.

 

واستدركت "يعتبر التشرذم في اليمن هبة من السماء للحوثيين. فقبل 20 عاما، كانوا عصابة مهلهلة، وفرعا من الشيعة يختفون في الجبال والمغاور من السلطة في صنعاء. واليوم يهيمنون على البلد، ويحصلون على الأسلحة والتدريب من إيران ووكيلها اللبناني، حزب الله، وتمسكوا بصنعاء ومناطق الشمال حتى ميناء الحديدة، رغم سنوات من الهجمات المضادة التي شنها التحالف بقيادة السعودية. وردّوا على القصف الدولي بإطلاق الصواريخ والمسيرات على السعودية والإمارات".

 

تؤكد المجلة البريطانية أن الكثير من اليمنيين يخشون من انهيار الحكومة. ففي الوقت الذي زاد فيه السعوديون المنح المالية للحوثيين، قطعوا الدعم عن حلفائهم.

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن السعودية الامارات الانتقالي الحوثي السعودیة والإمارات فی الیمن إلى أن

إقرأ أيضاً:

حضرموت.. مشاريع سياسية متضاربة تهدد مستقبل التسوية اليمنية

تحولت الذكرى التاسعة لتحرير ساحل محافظة حضرموت اليمنية من قبضة تنظيم القاعدة إلى فرصة سانحة للمجلس الانتقالي الجنوبي لإطلاق رسائل سياسية من المكلا عاصمة المحافظة، في إطار تصاعد دعوات "حلف قبائل حضرموت" للمطالبة بإدارة مستقلة خارج سلطة المجلس الانتقالي والحكومة المركزية.

وفي حين اختار المجلس الانتقالي التعبير عن تمسكه بحضوره عبر الحشد الشعبي والرمزية الميدانية، عزز خطابه بلقاءات قبلية وسياسية قادها أحمد سعيد بن بريك نائب رئيسه قبل الفعالية بساعات، بينما كان محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي في زيارة رسمية إلى الرياض، حيث ناقش ملفات عسكرية وتنموية تتصل بمستقبل المحافظة.

هذا التزامن في التحركات، رغم اختلاف أدواته، يعكس –وفق مراقبين– سباقا محموما لحشد الدعم السياسي وتعزيز النفوذ في لحظة حساسة، تتصاعد فيها التوترات الأمنية والسياسية، ويعاد فيها رسم ملامح الصراع على هوية المنطقة وموقعها في الخريطة اليمنية المعقدة.

وهذا التنافس ليس جديدا، إذ تعود جذوره إلى عام 2013 مع تأسيس "حلف قبائل حضرموت" كإطار شعبي وقبلي يسعى إلى تحقيق شراكة عادلة في السلطة والثروة، ولكن في منتصف أبريل/نيسان الجاري، صعّد الحلف مطالبه مع تنظيم تجمعات جماهيرية حاشدة في مناطق نفوذه شرقي المحافظة، رُفعت خلالها شعارات تطالب بـ"الحكم الذاتي" و"تقرير المصير"، في تحرك هو الأول من نوعه، بعد سنوات اقتصرت فيها مطالبه على قضايا ذات طابع حقوقي.

مصير حضرموت يتصارع عليه حلف قبائل المحافظة والمجلس الانتقالي (الجزيرة) صراع المشاريع في حضرموت

رغم أن حضرموت بقيت بعيدة عن المواجهات المباشرة بين الحكومة الشرعية والحوثيين خلال سنوات الحرب، فإنها لم تكن محصنة من تداعيات الصراع، فقد دخلت لاحقا في صراع نفوذ إقليمي ومحلي.

إعلان

وفي هذا السياق، برزت معالم نزاع داخلي بين 3 أطراف رئيسية، الأول الحكومة الشرعية في عدن، والثاني حلف قبائل حضرموت، الذي يدفع باتجاه حكم ذاتي وإدارة محلية بعيدة عن تدخلات الحكومة المركزية والمجلس الانتقالي الجنوبي على حد سواء، والثاني المجلس الانتقالي، الذي يرى في حضرموت جزءا لا يتجزأ من مشروع دولة "الجنوب العربي".

رغم أن الخلاف بين حلف قبائل حضرموت والمجلس الانتقالي يحتل واجهة المشهد، فإن مراقبين يرون أن حلف القبائل لا يعارض المجلس الانتقالي فحسب، بل أيضا الحكومة الشرعية، التي يعدها عاجزة عن تمثيل أبناء المحافظة تمثيلا عادلا أو تلبية مطالبها التنموية والخدمية.

تسبب هذا التباين في الرؤى في حالة من الاصطفاف الحاد، إذ بلغ الانقسام ذروته في مارس/آذار الماضي، عندما اتهم رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي حلف القبائل بالعمالة، مما أثار موجة غضب داخل المكونات القبلية في المحافظة.

وردّا على هذه التصريحات، نظم الحلف لقاء موسعا تحت اسم "لقاء حضرموت"، أكد فيه مجددا مطالباته بالحكم الذاتي، وهو ما قابله الانتقالي بتنظيم الفعالية الجماهيرية التي شهدتها المكلا اليوم، في رسالة سياسية مباشرة.

تصاعد التوتر على الأرض، بعد أن اتهم حلف القبائل في المحافظة قيادات في سلطة المجلس الانتقالي المحلية بتسهيل دخول أكثر من 2500 مسلح من خارج المحافظة إلى مدن الساحل، خصوصا المكلا، في خطوة عدها الحلف محاولة لفرض واقع عسكري جديد.

ووجّه مؤتمر حضرموت اتهامات مشابهة إلى اللجنة الأمنية التابعة للحكومة الشرعية في المحافظة، بما في ذلك المحافظ وقائد المنطقة العسكرية الثانية ومدير أمن الساحل، متهما إياهم بالتواطؤ مع التحركات العسكرية الأخيرة.

واعتبر المؤتمر أن موقفهم الصامت يعد دعما غير مباشر للمخطط الذي يهدد أمن واستقرار حضرموت ويعصف بنسيجها الاجتماعي، ويستهدف تقويض جهود استعادة القرار السياسي والعسكري للمحافظة بعيدا عن التدخلات الخارجية.

إعلان تكتل جديد

وفي خضم هذه الصراعات، ظهرت على الساحة السياسية الحضرمية حركة جديدة تُعرف باسم "التغيير والتحرير"، يتزعمها أبو عمر النهدي، القيادي السابق في تنظيم القاعدة، حسب تقارير إعلامية محلية.

وقد فتح هذا الظهور المفاجئ باب التساؤلات حول طبيعة الحركة، وأهدافها، والجهات التي تقف خلفها، لا سيما مع تداول الإعلام المحلي تكهنات عن ارتباطها بتركيا، من دون صدور أي تعليق رسمي من أي طرف حول هذا الارتباط، خاصة أن خطاب الحركة لا يزال غامضا، ويخلو من أي برنامج سياسي واضح.

هذا الغموض، إلى جانب الهوية السابقة لزعيمها، يعيد إلى الواجهة مخاوف من احتمال استغلال هذه الحركة لخلق مسارات موازية.

ويعتقد الباحث في علم الاجتماع السياسي، الدكتور مصطفى ناجي، أن ظهور هذه الحركة في هذه المرحلة يفتح المجال لمطالبات جهوية متعددة، مما يزيد من تعقيد المشهد اليمني ويضع أمام المجلس الانتقالي تحديات كبيرة في سعيه للهيمنة على محافظات الجنوب والشرق.

كما أن هذا الوضع يزيد من صعوبة مهمة الحكومة المركزية التي تجد نفسها وسط صراع مستمر حول الصلاحيات بين المركز والأطراف المحلية، خاصة في ظل محدودية الموارد التي تُقيّد قدرتها على التأثير الفعّال، وفقا لما يقوله ناجي للجزيرة نت.

وفي المقابل، يرى المحلل السياسي الحضرمي، صبري بن مخاشن، أن هذه الحركة لا تُعد تكتلا عابرا، بل تمثل امتدادا لتحالفات سابقة ظهرت في لحظات سياسية دقيقة، بهدف تعطيل أي مسعى حقيقي لإقامة مشروع سياسي حضرمي مستقل.

ويشير مخاشن -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن ظهورها في هذا التوقيت لا يمكن فصله عن محاولات مستمرة لتقويض مطالب أبناء المحافظة بإدارة شؤونهم بأنفسهم، بعيدا عن هيمنة المركز أو التأثيرات الإقليمية.

قوات النخبة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي تسيطر على ساحل حضرموت (الجزيرة) توازن هش وأمن غائب

أكثر ما يعقّد المشهد الحضرمي، وفقا للمراقبين، هو غياب الاستقرار الأمني الفعلي، الذي يظهر جليا في التباين بين منطقتين رئيسيتين في المحافظة الساحل والوادي.

إعلان

ففي الساحل، الذي يمتد على طول البحر العربي، تفرض قوات "النخبة الحضرمية" سيطرتها الأمنية، مما يخلق نوعا من الاستقرار النسبي، أما في الوادي -الذي يُعد الجزء الداخلي من حضرموت- فتغيب مظاهر التنسيق بين الأطراف العسكرية المختلفة، ويزداد النفوذ القبلي، مما يعمق التوترات الأمنية ويُضعف مركزية القرار في المنطقة.

رغم تقديم المحافظة بوصفها نموذجا للاستقرار في اليمن، يرى تقرير صادر عن مركز سياسات اليمن أن هذا الاستقرار هشّ، تغذّيه بنية إدارية متآكلة بفعل الفساد، خاصة مع تراجع شرعية السلطة المحلية منذ عهد المحافظ السابق فرج البحسني، وارتفاع وتيرة الاحتجاجات الشعبية.

التقرير ذاته يحذّر من أن غياب الدولة المركزية وسّع من مساحة النفوذ القبلي، وعزز الانقسامات المحلية، مما يهدد بتحول المحافظة إلى ساحة صراع جديدة، ما لم يتم احتواء التوترات المتصاعدة.

هذا القلق تدعمه تقارير دولية، من بينها تقرير صادر عن معهد بروكينغز أشار إلى أن التدخلات الإقليمية في اليمن فاقمت من الأزمة وعززت الانقسامات، وتدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية والإنسانية في البلاد.

وفي السياق ذاته، يربط مخاشن بين هذه الأوضاع وموجة من الاحتقان السياسي والمعيشي تقودها مكونات قبلية، احتجاجا على تردي الخدمات وغياب الحلول الحكومية، مما أدى إلى احتجاجات واسعة في المكلا وشبام خلال الأشهر الماضية.

رقعة مفصلية في خريطة التسوية

في إطار التحولات السياسية المتسارعة التي يشهدها اليمن، تبرز حضرموت بوصفها عنصرا حاسما في أي تسوية سياسية قادمة.

ويرى ناجي أن غياب مفاوضات مباشرة بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثيين -باستثناء بعض الملفات الجزئية كالأسرى- أدى إلى تفكك المشهد الوطني وتعميق الانقسامات، وهو ما يفتح المجال أمام خيارات بديلة مثل الفدرالية، باعتبارها صيغة تمنح الأقاليم مزيدا من الصلاحيات من دون المساس بوحدة البلاد.

إعلان

وحسب مخاشن، فإن لحضرموت ثقلا استثنائيا لا يمكن تجاهله، إذ تمثل نحو ثلث مساحة اليمن، وتساهم بأكثر من 85% من الإيرادات العامة للدولة.

ويضيف أن المحافظة، بمواردها النفطية والسمكية، وبنيتها العسكرية، أصبحت عنصرا لا غنى عنه في معادلة النفوذ، سواء على المستوى الداخلي أو في حسابات الفاعلين الإقليميين.

وقد برز هذا البُعد الدولي في الموقف الأميركي، إذ أعربت الولايات المتحدة، عبر سفارتها، عن قلقها من تصاعد التوترات في حضرموت محذّرة من تحوّل المحافظة إلى بؤرة اضطراب قد تُقوّض فرص التهدئة السياسية في اليمن.

وأكدت السفارة ضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار في حضرموت، وشددت على أهمية الحوار الشامل بين الأطراف اليمنية كمسار أساسي لتفادي التصعيد ومواجهة التحديات الوطنية.

واليوم، تبدو حضرموت وكأنها في اختبار صعب على الأصعدة كافة: من الداخل، بتنافس الأجندة السياسية المختلفة، ومن الخارج، تحت وطأة التدخلات الإقليمية، بينما تظل الحلول الوطنية غائبة عن المشهد.

مقالات مشابهة

  • الحضور الفاعل للدفاعات الجوية اليمنية يسلط الضوء على المزيد من دلائل الفشل الأمريكي
  • حضرموت.. مشاريع سياسية متضاربة تهدد مستقبل التسوية اليمنية
  • البيت الأبيض: ترامب سيزور السعودية والإمارات وقطر منتصف الشهر المقبل
  • البيت الأبيض: ترامب يزور السعودية وقطر والإمارات الشهر المقبل
  • طائرات الشبح الأمريكية تُقابلها صواريخ قدس اليمنية: معادلة صنعاء التي أرعبت واشنطن
  • البيت الأبيض: ترامب يزور السعودية وقطر والإمارات مايو المقبل
  • ترامب يزور السعودية وقطر والإمارات في مايو المقبل
  • ترامب يزور السعودية وقطر والإمارات منتصف مايو
  • السعودية والإمارات وقطر.. أولى المحطات الخليجية لـ ترامب
  • البيت الأبيض: ترمب يزور السعودية وقطر والإمارات من 13 لـ16 آيار