عربي21:
2025-03-15@07:58:44 GMT

هل يفعلها التونسيون مرة أخرى؟!

تاريخ النشر: 18th, September 2024 GMT

كان لشعب تونس شرف السبق في إيقاظ الشعور الثوري لدى الشعوب العربية وفي إحياء موات الجماهير، بعد التصالح الطويل الذي عاشته عقودا متعاقبة ترزح تحت نير القهر والإذلال، ذلك الموات الذي راهنت عليه الجوارح المتربصة بنهش الجسد العليل للأمة مع حرصها على بقائه ميتا لا حراك فيه! ولقد انتفضت الشعوب من أجل كرامتها وعزتها، وكانت كلمة السر في غضبة الشاب "محمد البوعزيزي" الذي أشعل النار في جسده كردة فعل لما لاقاه من إذلال وإهانة، فانتفض له أهله من شعب تونس الكريم وتبعته الشعوب العربية شرقا وجنوبا.

.

لكنه وفي غفلة من تلك الشعوب ومع غياب النضج الثوري وعدم المعرفة الواجبة لحقيقة المؤامرات التي تحاك في الإقليم الذي يضم أمراء المكر والسوء ممن ابتليت بهم أمتنا، الذين يجودون بفتح خزائنهم من أجل إجهاض رغبة الشعوب في العيش بكرامتهم مثلما تعيش الشعوب الحرة في كل بلاد الدنيا، وفي غفلة شعوب المنطقة العربية عن المؤامرات التي تولت كِبْرها تلك الإمارة! وفي غفلةٍ كذلك عن المؤسسات -التي تمتلك القوة في بلادنا- الكارهة للمساواة والحرية اللتان يهددان بقاء مصالحها..

عادت الدولة العميقة الموالية للاستبداد والدكتاتورية على مقاس الأمير الخليجي للحكم في تونس مرة أخرى، مستغلة أدوات العملية الديمقراطية ومستفيدة من حالة الميوعة التي اتسمت بها حركة النهضة، ومستغلة حالة التسامح البلهاء من عدم الحزم في إزاحة بقايا الأنظمة البالية من سدنة الحكم السابقين
جرى التنسيق بين مايسترو الثورات المضادة في المنطقة العربية وبين حائزي القوة في الدولة التونسية ممن فقدوا شرفهم وحنثوا في القَسم الذي أقسموه بالولاء والطاعة لإرادة الشعب -صاحب الحق الوحيد في إدارة شئون البلاد- وفي سرية تامة دُبر الاتفاق المشئوم لإعادة الأمور في تونس إلى ما كانت عليه قبل الربيع العربي، مدعوما برعاية سياسية من إحدى الدول الأوروبية -فرنسا- التي عُرفت بحقدها والتخطيط لمصالحها التي لا تتفق مع شيوع الديمقراطية في القرن الأفريقي والمنطقة العربية، وحظي الاتفاق كذلك بالرعاية المالية من الإمارة الخليجية التي تكلمنا عنها، وبالمساعدات الاستخباراتية من مرتزقة أحد الأنظمة في المنطقة العربية..

وفي ظل سذاجة مفرطة لأحد أكبر التنظيمات العاملة في تونس -حركة النهضة- فقد ساعدوا في تسليم البلاد لذلك الذي قدم إليهم من جُحر الدولة العميقة، بعدما أداروا ظهرهم لأحد المؤمنين والمنظّرين للديمقراطية في بلاد القيروان، الرئيس الأسبق لتونس د. المنصف المرزوقي، وبسبب شؤم المواءمات السياسية التي اعتادته التنظيمات، فقد تواءمت "حركة النهضة" مع المرشح الغامض "قيس سعيد" ولربما نلتمس العذر للحركة! فقد جرى تقديم "قيس" بطريقة لا تخلو من المكر والدهاء، وظهر مصطفّا مع حركة النهضة في خلفيتها الثقافية والدينية، وجاءت تصريحاته وتغريداته حول فلسطين والقدس وغيرها في ميدان واحد مع الحركة!

والحقيقة أن المحرك الرئيس لتنظيم النهضة في تلك المواءمات كانت مصالحها الانتخابية والشعبوية وليس تطابقها الفكري مع قيس! وهذا ما حملها على الموقف السلبي تجاه الرئيس الأسبق "المنصف المرزوقي"..

وعادت الدولة العميقة الموالية للاستبداد والدكتاتورية على مقاس الأمير الخليجي للحكم في تونس مرة أخرى، مستغلة أدوات العملية الديمقراطية ومستفيدة من حالة الميوعة التي اتسمت بها حركة النهضة، ومستغلة حالة التسامح البلهاء من عدم الحزم في إزاحة بقايا الأنظمة البالية من سدنة الحكم السابقين، تماما كما حدث في البلدان العربية المجاورة!

وظهر "قيس سعيد" على حقيقته لجميع القوى الثورية، مستغلا حالة التطاحن التي قادتها بعض الأحزاب العلمانية واليسارية الكارهة للنهضة والمضحية بالديمقراطية والثورة من أجل النكاية بالحركة الحاكمة! وانضمت المؤسسات القضائية والعسكرية والشرطية -الرافضة للثورات!- جنبا إلى جنب مع رغبة "قيس سعيد" بالانقلاب على الديمقراطية وإعادة الأمور كما كانت قبل إزاحة الرئيس التونسي "زين العابدين بن علي"، وصار الحال في تونس كما حدث في غيره من الأقطار العربية التي عادت إلى الوراء ودفعت ثمن الحلم بالحرية والكرامة..

تحركت جماهير الشعب التونسي مرة أخرى حينما لوّح "قيس سعيد" برغبته في الترشح لولاية ثانية -لا يوجد ديكتاتور يزهد في الحكم!- خاصة وقد افتضح أمره بعد سنوات كئيبة من حكمه؛ قام فيها بحل البرلمان (السلطة التشريعية في البلاد) واعتدى على السلطة القضائية من أجل تقزيم استقلاليتها وسجن الناشطين
وتواصلت حالة الجزر لثورات الربيع العربي في ظل انتعاش عملية التطبيع مع الاحتلال الصهيوني حتى جاءت "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول/ أكتوبر والتي قضت بدورها على رغبات التطبيع الحثيثة، وأصابت بالخسران مروجيها من كُهّان الإعلام وبطانة الأنظمة الحاكمة في المنطقة..

وتحركت جماهير الشعب التونسي مرة أخرى حينما لوّح "قيس سعيد" برغبته في الترشح لولاية ثانية -لا يوجد ديكتاتور يزهد في الحكم!- خاصة وقد افتضح أمره بعد سنوات كئيبة من حكمه؛ قام فيها بحل البرلمان (السلطة التشريعية في البلاد) واعتدى على السلطة القضائية من أجل تقزيم استقلاليتها وسجن الناشطين، وأشهرهم رئيس مجلس نواب الشعب "راشد الغنوشي"، ولم يبق لقيس سعيد سوى أسلوبه السمج في الحديث عن المؤامرات الخارجية التي تستهدف تونس!

وختاما نرجو الله أن يبارك في حشود الشارع التونسي وأن يُحْيي بهم موات الشعوب العربية كما فعلت في ثورة الياسمين 2010، وكما قدر لها أن تكون أداة إلهام لجيرانها من شعوب المنطقة العربية، وأن تصبح مصدر إلهام لعودة الحياة إلى جسد الأمة العربية الذي نالت منه جوارح الثورة المضادة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تونس الديمقراطية قيس سعيد الثورة انقلاب تونس الثورة الديمقراطية قيس سعيد مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة مقالات سياسة من هنا وهناك صحافة سياسة رياضة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المنطقة العربیة حرکة النهضة قیس سعید مرة أخرى فی تونس من أجل

إقرأ أيضاً:

ظهور نادر لحوت القرش الأبيض في سواحل تونس

 أشعل ظهور نادر لحوت القرش الأبيض في السواحل التونسية، متصفحي مواقع التواصل الاجتماعي في تونس. وانتشر مقطع فيديو التقط من يخت قبالة ساحل قمرت قرب العاصمة ويظهر قرشا أبيض يقوم بعمليات غطس ويلتهم بقايا دولفين نافق. وعلق ملتقط الفيديو:"سمكة قرش بيضاء في قمرت، شكرا للطبيعة الأم على هذا المشهد الرائع، أحد أحلامي تحقق".
وقبل أسابيع ظهر حوت القرش الكبير، الذي يصل إلى خمسة أمتار، في سواحل مدينة الشابة أيضا وفي سواحل صفاقس شرق تونس. ورغم موجة التعليقات المتباينة في مواقع التواصل الاجتماعي إلا أن خبراء أشاروا إلى أن الظهور المتواتر مؤخرا للقرش الأبيض في البحر المتوسط يعد أمرا صحيا لحماية التنوع البيولوجي في البحر.
وقال المهندس والخبير البيئي حمدي حشاد إن ظهور القروش في البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك السواحل التونسية، ليس أمرا جديدا أو استثنائيا، بل هو جزء من التوازن البيئي للمنطقة. وتابع الخبير ، في تعليقه لإذاعة "اكسبراس اف ام" ، أن تغيرات المناخ والصيد الجائر يدفع بعض الأنواع من القروش إلى الاقتراب أكثر من الشواطئ بحثا عن الغذاء ويثير هذا الحوت مخاوف من هجمات محتملة على البشر. لكن الخبير حشاد أشار إلى أن التغطية الإعلامية لهجمات القرش الأبيض النادرة يكون أحيانا مشحونا بالخلفية السينمائية التي تعزز الخوف غير المبرر من هذا الحوت وتظهره ككائن متعطش للدماء، رغم أن سلوكه في الطبيعة يتعارض مع هذه الفكرة.

أخبار ذات صلة لاعبو بيرنلي يرفضون المصافحة تضامناً مع المجبري تونس.. مساعٍ لتطهير المؤسسات من «النهضة» الإخوانية المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • من مقر الأمم المتحدة بنيويورك: الرابطة تُسمع العالم صوت الشعوب المسلمة في يوم مكافحة “الإسلاموفوبيا”
  • الغامدي: سعيد بالفوز مع الاتحاد ومستقبلي بيد الإدارة
  • سيف الدين الجزيري في قائمة منتخب تونس.. تفاصيل
  • نداء أوجلان.. توقعات مرتفعة ومسار سياسي ينقصه الوضوح
  • مهرجان المدينة في تونس.. 30 عرضًا وأكثر في تظاهرة ثقافية استثنائية
  • تبطل الصلاة.. احذر حركة في القيام والركوع يفعلها كثيرون
  • ظهور نادر لحوت القرش الأبيض في سواحل تونس
  • من أصول لبنانية.. «ترامب» يعيّن سفيراً جديداً لدى تونس
  • حبس إبراهيم سعيد بسبب قضية نفقة
  • صناعة الشعوب المشوهة