عربي21:
2024-09-19@12:57:06 GMT

هل يفعلها التونسيون مرة أخرى؟!

تاريخ النشر: 18th, September 2024 GMT

كان لشعب تونس شرف السبق في إيقاظ الشعور الثوري لدى الشعوب العربية وفي إحياء موات الجماهير، بعد التصالح الطويل الذي عاشته عقودا متعاقبة ترزح تحت نير القهر والإذلال، ذلك الموات الذي راهنت عليه الجوارح المتربصة بنهش الجسد العليل للأمة مع حرصها على بقائه ميتا لا حراك فيه! ولقد انتفضت الشعوب من أجل كرامتها وعزتها، وكانت كلمة السر في غضبة الشاب "محمد البوعزيزي" الذي أشعل النار في جسده كردة فعل لما لاقاه من إذلال وإهانة، فانتفض له أهله من شعب تونس الكريم وتبعته الشعوب العربية شرقا وجنوبا.

.

لكنه وفي غفلة من تلك الشعوب ومع غياب النضج الثوري وعدم المعرفة الواجبة لحقيقة المؤامرات التي تحاك في الإقليم الذي يضم أمراء المكر والسوء ممن ابتليت بهم أمتنا، الذين يجودون بفتح خزائنهم من أجل إجهاض رغبة الشعوب في العيش بكرامتهم مثلما تعيش الشعوب الحرة في كل بلاد الدنيا، وفي غفلة شعوب المنطقة العربية عن المؤامرات التي تولت كِبْرها تلك الإمارة! وفي غفلةٍ كذلك عن المؤسسات -التي تمتلك القوة في بلادنا- الكارهة للمساواة والحرية اللتان يهددان بقاء مصالحها..

عادت الدولة العميقة الموالية للاستبداد والدكتاتورية على مقاس الأمير الخليجي للحكم في تونس مرة أخرى، مستغلة أدوات العملية الديمقراطية ومستفيدة من حالة الميوعة التي اتسمت بها حركة النهضة، ومستغلة حالة التسامح البلهاء من عدم الحزم في إزاحة بقايا الأنظمة البالية من سدنة الحكم السابقين
جرى التنسيق بين مايسترو الثورات المضادة في المنطقة العربية وبين حائزي القوة في الدولة التونسية ممن فقدوا شرفهم وحنثوا في القَسم الذي أقسموه بالولاء والطاعة لإرادة الشعب -صاحب الحق الوحيد في إدارة شئون البلاد- وفي سرية تامة دُبر الاتفاق المشئوم لإعادة الأمور في تونس إلى ما كانت عليه قبل الربيع العربي، مدعوما برعاية سياسية من إحدى الدول الأوروبية -فرنسا- التي عُرفت بحقدها والتخطيط لمصالحها التي لا تتفق مع شيوع الديمقراطية في القرن الأفريقي والمنطقة العربية، وحظي الاتفاق كذلك بالرعاية المالية من الإمارة الخليجية التي تكلمنا عنها، وبالمساعدات الاستخباراتية من مرتزقة أحد الأنظمة في المنطقة العربية..

وفي ظل سذاجة مفرطة لأحد أكبر التنظيمات العاملة في تونس -حركة النهضة- فقد ساعدوا في تسليم البلاد لذلك الذي قدم إليهم من جُحر الدولة العميقة، بعدما أداروا ظهرهم لأحد المؤمنين والمنظّرين للديمقراطية في بلاد القيروان، الرئيس الأسبق لتونس د. المنصف المرزوقي، وبسبب شؤم المواءمات السياسية التي اعتادته التنظيمات، فقد تواءمت "حركة النهضة" مع المرشح الغامض "قيس سعيد" ولربما نلتمس العذر للحركة! فقد جرى تقديم "قيس" بطريقة لا تخلو من المكر والدهاء، وظهر مصطفّا مع حركة النهضة في خلفيتها الثقافية والدينية، وجاءت تصريحاته وتغريداته حول فلسطين والقدس وغيرها في ميدان واحد مع الحركة!

والحقيقة أن المحرك الرئيس لتنظيم النهضة في تلك المواءمات كانت مصالحها الانتخابية والشعبوية وليس تطابقها الفكري مع قيس! وهذا ما حملها على الموقف السلبي تجاه الرئيس الأسبق "المنصف المرزوقي"..

وعادت الدولة العميقة الموالية للاستبداد والدكتاتورية على مقاس الأمير الخليجي للحكم في تونس مرة أخرى، مستغلة أدوات العملية الديمقراطية ومستفيدة من حالة الميوعة التي اتسمت بها حركة النهضة، ومستغلة حالة التسامح البلهاء من عدم الحزم في إزاحة بقايا الأنظمة البالية من سدنة الحكم السابقين، تماما كما حدث في البلدان العربية المجاورة!

وظهر "قيس سعيد" على حقيقته لجميع القوى الثورية، مستغلا حالة التطاحن التي قادتها بعض الأحزاب العلمانية واليسارية الكارهة للنهضة والمضحية بالديمقراطية والثورة من أجل النكاية بالحركة الحاكمة! وانضمت المؤسسات القضائية والعسكرية والشرطية -الرافضة للثورات!- جنبا إلى جنب مع رغبة "قيس سعيد" بالانقلاب على الديمقراطية وإعادة الأمور كما كانت قبل إزاحة الرئيس التونسي "زين العابدين بن علي"، وصار الحال في تونس كما حدث في غيره من الأقطار العربية التي عادت إلى الوراء ودفعت ثمن الحلم بالحرية والكرامة..

تحركت جماهير الشعب التونسي مرة أخرى حينما لوّح "قيس سعيد" برغبته في الترشح لولاية ثانية -لا يوجد ديكتاتور يزهد في الحكم!- خاصة وقد افتضح أمره بعد سنوات كئيبة من حكمه؛ قام فيها بحل البرلمان (السلطة التشريعية في البلاد) واعتدى على السلطة القضائية من أجل تقزيم استقلاليتها وسجن الناشطين
وتواصلت حالة الجزر لثورات الربيع العربي في ظل انتعاش عملية التطبيع مع الاحتلال الصهيوني حتى جاءت "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول/ أكتوبر والتي قضت بدورها على رغبات التطبيع الحثيثة، وأصابت بالخسران مروجيها من كُهّان الإعلام وبطانة الأنظمة الحاكمة في المنطقة..

وتحركت جماهير الشعب التونسي مرة أخرى حينما لوّح "قيس سعيد" برغبته في الترشح لولاية ثانية -لا يوجد ديكتاتور يزهد في الحكم!- خاصة وقد افتضح أمره بعد سنوات كئيبة من حكمه؛ قام فيها بحل البرلمان (السلطة التشريعية في البلاد) واعتدى على السلطة القضائية من أجل تقزيم استقلاليتها وسجن الناشطين، وأشهرهم رئيس مجلس نواب الشعب "راشد الغنوشي"، ولم يبق لقيس سعيد سوى أسلوبه السمج في الحديث عن المؤامرات الخارجية التي تستهدف تونس!

وختاما نرجو الله أن يبارك في حشود الشارع التونسي وأن يُحْيي بهم موات الشعوب العربية كما فعلت في ثورة الياسمين 2010، وكما قدر لها أن تكون أداة إلهام لجيرانها من شعوب المنطقة العربية، وأن تصبح مصدر إلهام لعودة الحياة إلى جسد الأمة العربية الذي نالت منه جوارح الثورة المضادة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تونس الديمقراطية قيس سعيد الثورة انقلاب تونس الثورة الديمقراطية قيس سعيد مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة مقالات سياسة من هنا وهناك صحافة سياسة رياضة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المنطقة العربیة حرکة النهضة قیس سعید مرة أخرى فی تونس من أجل

إقرأ أيضاً:

كُتب كي لا يقرأه أحد.. انتقادات واسعة لبيان قيس سعيد الانتخابي

نشرت صفحات تدعم الرئيس التونسي قيس سعيد على مواقع التواصل الاجتماعي بيانا انتخابيا موقّعا من قِبله، ومختوما من قِبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية في تونس مقتطفات من بيان سعيد، كما عرض التلفزيون التونسي تقريرا تناول ما ورد فيه، وقد أثار البيان جدلا واسعا في الشارع التونسي انعكس على منصات التواصل الاجتماعي بسبب شكله ومضمونه.

وجاء بيان سعيد في 34 سطرا كُتبت بحجم صغير تصعب قراءته، كما تضمن أخطاء، منها تاريخ اندلاع الثورة التونسي، حيث جاء في نص البيان -قبل أن يُعدَّل النص المنشور في بعض الصفحات لاحقا- أن الثورة اندلعت في 17 ديسمبر/كانون الأول 2017، والحال أنها اندلعت خلال العام 2010.

بيان المرشح للانتخابات الرئاسية قيس سعيّد يقطر حقدا وكراهية وتباغضا ودعوة للتقاتل والتناحر في وقت ينتظر فيه الشعب بارقة أمل بوعود عملية وواقعية لحل مشاكله وأزمته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية العميقة والمركّبة..
الله المستعان.#تونس pic.twitter.com/cpyygZnrCp

— Mr Khaled (@FightingNobody) September 15, 2024

وعلّق عدد من الناشطين حول البيان بالقول إنه "كُتب كي لا يقرأه أحد "، فيما اعتبر آخرون الخطأ في تاريخ اندلاع الثورة دليلا على أن الذين كتبوا البيان لا علاقة لهم بالثورة.

وبقصيدة شعرية تفاعل الشاعر والناشط التونسي لزهر الضاوي مع بيان سعيد، مبرزا خلوه من حلول لمشاكل التونسيين، مقابل تعدد عبارات الحرب والتخوين بين أسطره.

 

بيان حرب

وأكثر ما أثار الاستهجان بين الناشطين في مختلف المنصات أن البيان جاء مشحونا بعبارات الحرب والتفرقة، حيث تكررت فيه عبارات "دماء، الظلام، الأعداء، إرهاب، اغتيالات، تقسيمها، تفجيرها، معركة، ألغام، متفجرات، العمالة، الخيانات، تطهير، مسعورة، مأجورة، التلاشي، التبخر، الاندثار".

هذه العبارات دفعت بعض النشطاء بوصف البيان بأنه "بيان حرب".

وقال القيادي بحزب التيّار الديمقراطي هشام العجبوني في تدوينة على صفحته بفيسبوك: "ليس إعلان حرب ضد عدو خارجي أو الكيان الصهيوني لا سمح الله، بل ضدّ جزء من الشعب الذي انتخبه في 2019، واكتشف بعد 5 سنوات من الحكم، منهم 3 سنوات من الحكم المطلق، أنّه ليس أهلا لهذه المسؤولية الجسيمة، وأنّه فشل فشلا ذريعا في كلّ ما قام به، وأنّ بقاءه على رأس الدولة لـ5 سنوات أخرى يعني تواصل الخراب والفشل والشّرخ الاجتماعي الذي تسبّب فيه بسياساته وخطاباته المقسّمة والمتشنّجة".

وأضاف العجبوني في التدوينة ذاتها بأنه "ليس مستغربا من مضمون البيان"، فليست المرة الأولى التي يلجأ فيها سعيد لهذا القاموس، حيث دأب منذ 25 يوليو على وصف معارضيه بأبشع الأوصاف، ونعتهم بأسوأ النعوت.

وأوضح القيادي في حزب التيار الديمقراطي بأنه في حال تم إلغاء خطاب التآمر والتخوين وتفجير الدولة من الداخل، والارتماء في أحضان الخارج والغرف المظلمة لن يجد الرئيس ما يكتبه وما يقوله.

 

ومن جهة أخرى، تطرق النشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي إلى القانون الانتخابي، وما تضمنه من مواد تجرم ما ورد في بيان الرئيس من "خطاب كراهية وعنف".

حيث نصت المادة 52 من القانون على أن الحملة الانتخابية تخضع لجملة من المبادئ الأساسية، بينها "عدم الدعوة إلى الكراهية والعنف والتعصب والتمييز".

وجاء في المادة 56 أنه " يحجر كل دعاية انتخابية أو متعلقة بالاستفتاء تتضمن الدعوة إلى الكراهية والعنف والتعصب والتمييز".

كما يجب على الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التدخل في حال وجود خروقات للقانون الانتخابي بنص الفصل 71 منه، الذي جاء فيه "تتعهد الهيئة من تلقاء نفسها أو بطلب من أي جهة كانت، بمراقبة احترام المترشح أو القائمة المترشحة أو الحزب لمبادئ الحملة والقواعد والإجراءات المنظمة لها، وتتخذ التدابير والإجراءات الكفيلة بوضع حدّ فوري للمخالفات، ولها في ذلك حجز الإعلانات الانتخابية..".

ويفترض على الهيئة بحسب ما تضمنته النقاشات في مواقع التواصل حول بيان سعيد أن تمنع نشره، بسبب ما تضمنه من إخلالات، إلا أنها سمحت بذلك مما يرفع منسوب الشكوك حول حياديتها واستقلاليتها، وفقهم.

مقالات مشابهة

  • محاذير لا يفعلها أطباء الأذن
  • محامو تونس يحتجون تنديدا بـالانتهاكات ..القضاة في حالة خوف
  • وزير الخارجية المصري: حماس تؤكد لنا التزامها الكامل باقتراح وقف إطلاق النار الذي توصلنا إليه في 27 مايو والتعديلات التي أجريت عليه في 2 يوليو
  • وزير المالية فشل في الرد علي الأسئلة التي كانت تندفع نحوه كالسيل جعلته في حالة توهان وغياب تام عن المشهد الدراماتيكي !!..
  • مصر تشارك فى البطولة العربية للسيدات والناشئين للجولف فى تونس.. الفوج الأول يغادر القاهرة السبت
  • مصر تشارك بالبطولة العربية للسيدات والناشئين للجولف في تونس
  • كيف حصل الحداد بفصاحته على خاتم الأمير سعيد بن المظفر؟
  • قيس سعيد يتهم جهات أجنبية بالسعي لإفشال حركة التحرر الوطني في تونس
  • كُتب كي لا يقرأه أحد.. انتقادات واسعة لبيان قيس سعيد الانتخابي