أخبارنا المغربية - بدر هيكل

تمر العملة الجزائرية المحلية "الدينار" بأزمة غير مسبوقة من التراجع الحاد، رافقها ارتفاع كبير في أسعار العديد من المواد الاستهلاكية، مما هدد بشكل جدي القدرة الشرائية للمواطنين.

فبعد الانتخابات الرئاسية الجزائرية التي دفع فيها نظام الكابرانات من جديد "تبون" نحو الواجهة، بلغ سعر صرف الدينار مستوى 132.

32 مقابل الدولار، و147.11 مقابل اليورو، بينما وصل إلى 13.57 دينارا مقابل درهم مغربي واحد.

وبعد عقود من السياسات الفاشلة وحركات الإصلاح التي لم تؤدِ إلا إلى تجنب التعامل مع الأزمات، لا يزال انهيار العملة يطارد الاقتصاد الجزائري. ويحذر الخبراء من أن البلاد قد تواجه مزيداً من المصاعب في المستقبل.

وفي تصريح لـ"أخبارنا"، قال محمد عليلوش، الباحث في الاقتصاد والتدبير، إن تراجع قيمة العملة الجزائرية يعود أساساً إلى الاعتماد الكبير على عائدات النفط والغاز، مما يجعل الاقتصاد عرضة لتقلبات أسعار النفط العالمية.

وأضاف المتحدث أن الجزائر تواجه مشاكل في تنمية القطاعات الاقتصادية غير النفطية، وضعف السياسات النقدية، مما يؤدي إلى زيادة العجز المالي والتضخم، وهو ما يؤثر سلباً على معيشة الشعب الجزائري.

ويأتي هذا التراجع المستمر وسط استمرار مخاوف الأوساط الاقتصادية من تعمق وانتشار السوق السوداء للعملات الأجنبية، وهي السوق غير المشروعة التي توفر النقد الأجنبي بعيداً عن البنوك ومكاتب الصرف الرسمية.

ويلجأ العديد من المواطنين الذين يرغبون في الحصول على العملة الأجنبية في الجزائر إلى السوق الموازية، نتيجة عدم توفر مكاتب الصرف الرسمية. ويعد سوق "السكوار" بالعاصمة الجزائرية أشهر سوق للعملة.

وفي سياق متصل، أضاف "الباحث" في الشؤون الاقتصادية أن سوق العملات السوداء في الجزائر يعكس الفجوة الكبيرة بين سعر الصرف الرسمي وسعر الصرف في السوق غير الرسمية، موضحاً أن ذلك يعود إلى قيود الصرف الأجنبي ومشاكل الثقة في السياسات المالية والنقدية التي ينهجها حكام قصر المرادية بزعامة الكابرانات.

وأضاف المصدر نفسه أن هذه السوق غير الرسمية تؤدي إلى تضخم غير مدروس في أسعار العملات، وتساهم في تفاقم الأزمة الاقتصادية، حيث تزيد من الطلب على العملات الصعبة وتفاقم التهريب وعدم الاستقرار الاقتصادي، وهو ما يهدد معيشة الأفراد والمجتمع الجزائري.

وأشار إلى أن معالجة هذه الظاهرة تتطلب إصلاحات جذرية في السياسات النقدية والتجارية، مع تعزيز الشفافية في إدارة النقد الأجنبي.

وكان البنك المركزي الجزائري قد صادق في وقت سابق على قانون جديد يسمح بإنشاء شبكة واسعة من مكاتب الصرف المعتمدة، من أجل تسهيل عمليات صرف العملات الأجنبية للمواطنين والسياح، لكن هذا القانون لم يجد طريقه إلى التنفيذ وظل حبرا على ورق.

المصدر: أخبارنا

إقرأ أيضاً:

القوى التي حررت الخرطوم- داخل معادلة الهندسة السياسية أم خارج المشهد القادم؟

هندسة المشهد- بين العودة العسكرية لحكومة الأمر الواقع والتحدي السياسي للقوى المدنية
بعد أشهر من سيطرة قوات الدعم السريع على العاصمة الخرطوم، تسعى حكومة الأمر الواقع (المجلس العسكري والحكومة الموالية له) لاستعادة السيطرة بعمليات عسكرية وأمنية مدروسة، إلى جانب تحركات سياسية لمواجهة القوى المدنية المعارضة التي تطمح إلى العودة كبديل سياسي عن هيمنة العسكر. فكيف يتم هندسة هذا المشهد؟ وما هي الأدوات المتاحة لكل طرف؟
أولاً: الاستراتيجية العسكرية لاستعادة الخرطوم
أعتمد حكومة الأمر الواقع على نهج متعدد الأبعاد، يجمع بين القوة الصلبة (العمليات العسكرية) والقوة الناعمة (الحرب النفسية والاستخبارات)، وذلك عبر:
العمليات العسكرية النوعية
حرب الشوارع المحدودة: استهداف معاقل الدعم السريع في مناطق استراتيجية مثل كافوري، شرق النيل، وأم درمان.
تطهير المحاور الرئيسية: تأمين جسر المك نمر، شارع الستين، ومطار الخرطوم.
استخدام وحدات النخبة: تنفيذ عمليات خاصة للقوات الخاصة والمظلات لضرب نقاط الارتكاز دون معارك طويلة الأمد.
حرب الاستنزاف اللوجستي - قطع خطوط الإمداد بين الخرطوم وولايات دارفور وكردفان.
استهداف مخازن الذخيرة والأسلحة بغارات جوية أو عمليات كوماندوز.
تعطيل الاتصالات لشل التنسيق بين عناصر الدعم السريع.

التغطية الجوية والمدفعية -إن أمكن، استخدام الطيران الحربي لقصف مواقع الدعم السريع.
الاعتماد على المدفعية بعيدة المدى لضرب التجمعات العسكرية دون خسائر مباشرة.

الأدوات الأمنية والاستخباراتية
الحرب النفسية والإعلامية - نشر أخبار عن انهيار معنويات الدعم السريع، وتسليط الضوء على الفظائع المنسوبة له لتبرير العمليات العسكرية.
الاستخبارات والتجسس- اختراق صفوف الدعم السريع، تجنيد عناصر منه، ونشر الشائعات لزعزعة التحالفات الداخلية.
التحالفات المجتمعية- استمالة القبائل والعائلات المتضررة، وتشكيل لجان مقاومة موالية للحكومة لتعويض نقص القوات.
ثانيًا: القوى المدنية والتحدي السياسي
في المقابل، تسعى القوى المدنية المعارضة لإعادة البلاد إلى المسار الديمقراطي، لكنها تواجه معضلة العمل وسط مشهد عسكري معقد. استراتيجياتها تشمل:
أدوات المواجهة المدنية
الضغط الشعبي والمقاومة المدنية:
تنظيم التظاهرات والإضرابات لاستعادة زخم الحراك الثوري.
تشكيل لجان مقاومة موحدة على مستوى الأحياء.
تنظيم حملات عصيان مدني (إضرابات عامة، مقاطعة مؤسسات النظام).
البناء المؤسسي البديل- تعزيز دور تجمع المهنيين السودانيين كإطار سياسي تمثيلي.
تفعيل دور النقابات والاتحادات المستقلة.
إنشاء هياكل حكم محلي بديلة في المناطق غير الخاضعة للسلطة العسكرية.
كسب الدعم الإقليمي والدولي -
تعزيز العلاقات مع الدول الداعمة للديمقراطية.
الضغط على المنظمات الدولية لعزل النظام.
توثيق الانتهاكات لكسب الرأي العام العالمي.

المعضلات الرئيسية أمام القوى المدنية
الشرعية مقابل القوة: تمتلك الشرعية الثورية لكنها تفتقر للأدوات التنفيذية.
الوحدة مقابل الانقسامات: تعاني من تشرذم داخلي بين مكوناتها المختلفة.
المشاركة السياسية مقابل المقاطعة: جدل مستمر حول الانخراط في أي عملية تفاوضية تحت إشراف العسكر.

ثالثًا: السيناريوهات المحتملة
سيناريو الحسم العسكري
إذا نجحت القوات الحكومية في عزل الدعم السريع واستعادة الخرطوم بالقوة، فقد يؤدي ذلك إلى فرض واقع سياسي جديد، لكنه سيكون مكلفًا بشريًا واقتصاديًا.

سيناريو حرب الاستنزاف
قد تتحول المعركة إلى مواجهة طويلة الأمد، تعتمد فيها الحكومة على الحصار والتجويع الاقتصادي، بينما يواصل الدعم السريع حرب العصابات.

سيناريو التسوية السياسية
قد تسفر العمليات العسكرية عن استعادة جزئية للعاصمة بسبب امدرمان وبعض المناطق خارج سيطرة الجيش ، مما يفتح الباب لمفاوضات مشروطة، خاصة إذا تعرضت البلاد لضغوط إقليمية ودولية.

سيناريو انهيار القوى المدنية
إذا استمرت الخلافات بين القوى المدنية، فقد تتحول إلى معارضة رمزية غير مؤثرة، مما يسمح باستمرار الهيمنة العسكرية.
معركة الإرادات بين العسكر والمدنيين
أن الصراع على الخرطوم ليس مجرد مواجهة عسكرية، بل معركة إرادات بين القوى العسكرية والقوى المدنية. في حين تعتمد الحكومة على مزيج من القوة الصلبة والأدوات الأمنية، تواجه المعارضة المدنية تحديات
تتطلب إعادة ترتيب صفوفها واستراتيجية متماسكة. في النهاية، يبقى مستقبل السودان مرهونًا بقدرة كل طرف على فرض رؤيته أو الوصول إلى تسوية تضمن استقرارًا طويل الأمد دون إعادة إنتاج الحكم العسكري.

zuhair.osman@aol.com

   

مقالات مشابهة

  • العملات الرقمية في قلب فضيحة الفساد بإسطنبول.. تفاصيل مثيرة
  • القاهرة للدراسات الاقتصادية: السياسات الضريبية الجديدة ساهمت في زيادة الإيرادات الحكومية
  • تحديث جديد لأسعار صرف العملات صباح اليوم السبت 29 مارس 2025 في عدن وصنعاء
  • 3 عملات رقمية قد تكون الرهان الرابح عند انهيار السوق!
  • نواب: استمرار سعر الصرف المرن يحقق نموا اقتصاديا مستداما ويقضي على السوق الموازية
  • القوى التي حررت الخرطوم- داخل معادلة الهندسة السياسية أم خارج المشهد القادم؟
  • تعرف على أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني
  • الجابر: الغوص داخل شبكة الصرف الصحي في كندا كان العمل الأعلى أجرًا ..فيديو
  • حسني بي: خلق النقود من عدم وراء انهيار الدينار الليبي والمضاربة أصبحت تجارة مربحة
  • خبير اقتصادي: غياب السياسات النقدية وارتفاع الإنفاق الحكومي وراء تراجع الدينار الليبي