وعنايته تعالى محيطة بكل شيء
تاريخ النشر: 18th, September 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
لا شك أن كل ما هو كائن وما سيكون وما هو في عالم الذر مقدر من الله تعالى، فالخير من عند الله، وكذلك الشر من عند الله أيضا، لكن السؤال الذي دوما ما يتردد على الألسنة، الله تعالى خير، فكيف تصدر الشرور عنه. ؟!
وهذا سؤال جد مهم، وسؤال تعرض له الفلاسفة والمفكرون عبر تاريخ الفكر الفلسفي، فنجد على سبيل المثال فيلسوفنا المسلم ابن سينا فصل المسألة باستفاضة فتحدث عن مفهومي الخير والشر وسر العناية الإلهية، ومن قبله المتكلمون سواء المعتزلة الذين قالوا بثنائية الحسن والقبح وقالوا أنهما ذاتيان، والأشاعرة الذين قالوا بفكرة اللطف الإلهي بعباده.
لكنا هنا سنفصل المسألة مبسطين إياها حتى لا يحدث لبس أو شطط عند البعض.
يقول الله تعالى: (ونبلوكم بالخير والشر فتنة.) سورة الأنبياء من الآية 35
ويقول أيضا: (وما نرسل بالآيات إلا تخوفيا) سورة الإسراء 59
ويقول أيضا:(ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك) سورة النساء من الآية 79
ويقول جل وعلا: (قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا) سورة النساء من 78
لكن هل ينزل الله تعالى بعبده مصيبة يختار معها الكفر، حاشا وكلا، وإنما ينزل الله البلاء على قدر إيمان المرء لحديث النبي صلى الله عليه يبتلى المرء على قدر دينه وفي رواية أخرى على قدر إيمانه.
فلنفترض جدلا أن زيد قدرة تحمله وصبره هذا القدر فيبتليه الله على قدر تحمله فلا يجزع عند نزول النازلة.
ودائما كان يرددها النبي صلى الله عليه وسلم إنما الصبر عند الصدمة الأولي.
هذه واحده.
أما الثانية فقد يكون الابتلاء والمحن من الله، ليعلم الصابرين من القانطين اليأسين ليميز الخبيث من الطيب، لذا نجده تعالى يقول:(لا تحسبوه شرا)سورة النور من الآية 11.
إنما هي محنة يتخللها منحة وعطايا من الله تعالى.
كمن مثلا يمتحن بفقدان عزيز لديه، لكن لا يدري ماذا كان سيفعل به هذا العزيز أيا كان نوعه ولد أو منصب أو حتى مال، فإذا صبر الإنسان واسترجع وتاب ورضى بقضاء الله وقدره، أبدله الله تعالى خيرا من كل هذه الأشياء، فالله تعالى لا يرضى لعباده الكفر بنوعيه سواء كفر النعمة أو كفر الملة، فلماذا يعذبنا الله تعالى بما نعتقده أنه شرور: (ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم، وكان الله شاكرا عليما) سورة النساء 147 (فكان أبواه مؤمنين، فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا صالحا، فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما).سورة الكهف آيتان 80/81
ولنا في وفاة أبناء النبي صلى الله عليه وسلم، أبناؤه الذكور، الحكم والمواعظ، فهل جزع النبي صلى الله عليه وسلم لا ورب محمد، ولكنه صبر، نعم الموت مصيبة وفاجعة كبرى وشر عظيم، ولكن حكمة بالغة، حتى لا يتنطع المتنطعون ويقولون النبوة بالوراثة والتوريث، وليخرس الله كل الألسنة أنه صلوات ربي وتسليماته عليه خاتم الأنبياء وأمام المرسلين.
هكذا ما يحدث من ظواهر طبيعية من برق ورعد ورياح عاصفة، وزلازل وبراكين وسيول، جميعها من عند الله، ويظن الملاحدة والطبائعيون عباد الطبيعة أن الطبيعة غضبت علينا فكرة الطبيعة الطابعة، والطبيعة المنطبعة لا وألف لا.
أطرح على عقولكم سؤالا، إن كان بكم بقية عقل، وهل الطبيعة هي التي أوجدت نفسها، وهل الطبيعة تحدث كل ذلك بمحض الصدفة والاتفاق، لا وإنما يوكل الأمر إلى رب الطبيعة وفعله المكنون بين الكاف والنون.
تظن أن الزلازل شرور، أما تعلم أن الزلازل لابد من حدوثها لحفظ توازن الأرض بعد ذلك، البراكين، أنظروا إلى ما يخرج من باطن الأرض من معادن تستخدم في شتى مجالات الحياة (وأخرجت الأرض أثقالها) سورة الزلزلة آية 2 والفيضانات والمد والجزر وغيرها من الظواهر الكونية الطبيعية التي ينزلها الله بقدر على هذا الكون مصداقا لقوله تعالى:(إنا كل شيئ خلقناه بقدر) سورة القمر آية 49
أما الثالثة فهي وما نرسل بالآيات إلا تخويفا، بمعنى، (أقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ) سورة الأنبياء آية 1.
فيرسل الله تعالى ما يحدث إفاقة للناس لعلهم يرجعون عن تيههم وغيهم وضلالاتهم ويعودون إلى الله تعالى، فنجد زلزالا قوته شديدة ونظن أنه شر لكن يتخلله الخير كله، لا يستمر بتجلي رحمات الله تعالى، فيهرع الناس فزعيين إلى الله تعالى ويتوبون إليه، ثم يعودون إلى غيهم مرة أخرى وثانية وثالثة وعاشرة ويبتليهم الله تعالى بهذه الشرور ليعودوا إلى الله ويسترجعوا ويستغفروا، مصداقا للحديث القدسي، لولا أنكم تذنبون فتستغفرون الله أو ليذهبن الله بكم وليأتين بقوم آخرين يذنبون ويستغفرون فيغفر الله لهم (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفار) سورة نوح آية 10، أي مغفرته مستمرة، مع استمرارية المعاصي والذنوب.
فلا تظنوا ظن السوء بالله تعالى فالخير من عند الله والشر لا تحسبوه شرا بل هو خير وفيه الحكم والمواعظ، التى تدعونا إلى العودة والأوبة إليه تعالى.
أرت أن أوضح المسألة ببساطة شديدة بعيدا عن نصوص الفلاسفة عصية الفهم
ولابد أن يظل سر الله الأعظم الكامن في ثنائية الخير والشر الذي منحنا من خلاله الإجتهاد وأن يدلي كل منا بدلوه، علماء الدين، الفلاسفة، علماء الطبيعية بشتى تخصصاتهم، سواء علماء الكيمياء والاحياء والفيزياء، والجيولوجيا والجيومورفولوجي.
وأختتم حديثي بقوله تعالى (ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار) سورة آل عمران من الآية 191.
أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: النبی صلى الله علیه من عند الله الله تعالى من الآیة من الله على قدر
إقرأ أيضاً:
ماذا يفعل المسلم عند الغضب؟.. آيات تطفئ النار الملتهبة
نصحت دار الإفتاء المصرية، مَن يتعرّض لما يُغضبه عليه أن يتوضأ؛ فإن الوضوء يطفئ لهيب الغضب، ويقضي على شرارته.
ماذا يفعل المسلم عند الغضب؟واستشهدت دار الإفتاء في إجابتها عن سؤال: ماذا يفعل المسلم عند الغضب؟ بما ورد عن عبد الله بن بجير الصنعاني قال: دخلنا على عروة بن محمد السعدي، فكلَّمه رجل، فأَغضبه، فقام فتوضأ، فقال: حدَّثني أبي عن جدي عطية، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ الْغَضَبَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ خُلِقَ مِنَ النَّارِ، وَإِنَّمَا تُطْفَأُ النَّارُ بِالْمَاءِ، فَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ» رواه أبو داود في "سننه"، والإمام أحمد في "مسنده".
كما أن ذكر الله يبعث في القلب خشية تُعِينُ الإنسان على التأدب والتحكم في الغضب؛ قال الإمام الماوردي [واعلم أن لِتَسْكِينِ الغضب إذا هجم أسبابًا يُستعان بها على الْحِلْمِ؛ منها: أن يذكر الله عز وجل؛ فَيَدْعُوهُ ذلك إلى الخوف منه، وَيَبْعَثُهُ الخوف منه على الطاعة له، فَيَرْجِعُ إلى أدبه ويأخذ بِنَدْبِهِ؛ فعند ذلك يزول الغضب؛ قال الله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾ [الكهف: 24]] اهـ.
دعاء الغضب من شخص“أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. لا إله إلا الله العظيم الحليم،لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب العرش الكريم.
اللهم اجعل لي من كل ما أهمني و كربني من أمر دنياي وآخرتي فرجًا ومخرجًا، وارزقني من حيث لا أحتسب، واغفر لي ذنوبي وثبت رجاك في قلبي، و اقطعه ممن سواك حتى لا أرجو أحدًا غيرك.”
“يا من يكتفي من خلقه جميعًا ولا يكتفي منه أحد من خلقه يا أحد من لا أحد له انقطع الرجاء إلا منك أغثني..أغثني يا عزيز يا حميد يا ذا العرش المجيد أصرف عني شر كل جبار عنيد..اللهم إنك تعلم أني على إساءتي وظلمي وإسرافي أني لم أجعل لك ولدًا ولا ندًا ولا صاحبة ولا كفوًا فإن تعذب فأنا عبدك وإن تغفر فإنك العزيز الحكيم.”
“اللهم إني أسألك يا من لا تغلطه المسائل ويا من لا يشغله سمع عن سمعيا من لا يبرمه إلحاح الملحين.. اللهم أني أعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاءوسوء القضاء وشماتة الأعداء دعاء الحزن والضيق يا لطيف.. يا لطيف.. يا لطيف الطف بي بلطفك الخفي و أعني بقدرتك.”
“اللهم إني أنتظر فرجك وأرقب لطفك فالطف بي ولا تكلني إلى نفسي ولا إله غيرك لا إله إلا الله الرحمن الرحيم
اللهم إني أنزلت بك حاجتي كلها الظاهرة والباطنة والدنيوية والأخروية، اللهم اكفني ما همني وما لا أهتم له.. اللهم زودني بالتقوى واغفر لي ذنبي ووجهني للخير أينما توجهت اللهم يسرني لليسرى وجنبني للعسرى.”
آيات تطفئ الغضبقال الله تعالى: “وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ” الآية 134 من سورة آل عمران.
قال تعالى: “وإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” الآية 36 من سورة فصّلت
قال تعالى: « َنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ»
روي في صحيح البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنهأنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: “ليس الشّديد بالصّرعة، إنّما الشّديد الّذي يملك نفسه عند الغضب”
روي في سنن أبي داود والتّرمذي وابن ماجة عن معاذ بن أنس الجهني الصحابيّ رضي الله تعالى عنهأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلم قال:“من كظم غيظًا وهو قادر على أن ينفّذه دعاه الله سبحانه وتعالى على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتّى يخيّره من الحور ما شاء “
روي في صحيحي البخاري ومسلم عن سليمان بن صرد الصحابي رضي الله تعالى عنهقال: “كنت جالسًا مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ورجلان يستبّان،وأحدهما قد احمرّ وجهه وانتفخت أوداجه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم”:” إنّي لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجهد، لو قال: أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم،ذهب منه ما يجد، فقالوا له: إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: تعوّذ بالله من الشّيطان الرجيم، فقال: وهل بي من جنون؟ “