علماء يكتشفون حقيقة “مخفية” في لوحة “ليلة النجوم” لفان غوخ
تاريخ النشر: 18th, September 2024 GMT
نيويورك – تُظهر لوحة “ليلة النجوم” الشهيرة لفينسنت فان غوخ الفيزياء الحقيقية الدقيقة وراء حركة السحب والهواء في السماء، وفقا لدراسة جديدة تقول إن الفنان كان لديه فهم بديهي للعالم الطبيعي.
وقد أذهل الرسم، الذي رُسِم في يونيو 1889، الملايين لأكثر من قرن من الزمان بتصويره لسماء زرقاء دوامية وقمر أصفر ونجوم باستخدام انفجار من الألوان والأشكال.
وكل نجم في اللوحة الأسطورية محاط بتموجات صفراء، تتلألأ بانعكاسات تشبه الضوء على الماء.
وتشير الدراسة إلى أن هذه التحفة الفنية التي تعود إلى ما بعد الانطباعية، والتي تُعرض في متحف الفن الحديث في نيويورك، تتمتع في الواقع بمزايا علمية أكبر مما منحها إياه التاريخ.
ويقول علماء من الصين وفرنسا إنها انعكاس دقيق لليلة عاصفة، وتُظهر ما يسمى “الاضطراب الخفي”، وهي كتل هوائية دوارة لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة.
وقام العلماء بتحليل لوحة فان غوخ للكشف عن “الاضطراب الخفي” في تصوير الرسام للسماء.
وأوضح يونغ شيانغ هوانغ، أحد مؤلفي الدراسة، وهو مرشح لنيل درجة الدكتوراه في جامعة هونج كونج للعلوم والتكنولوجيا: “بفضل صورة رقمية عالية الدقة، تمكنا من قياس الحجم النموذجي لضربات الفرشاة بدقة ومقارنتها بالمقاييس المتوقعة من نظريات الاضطرابات”.
وتصور اللوحة الأيقونية لمشهد من النافذة، وتتميز بنجوم ساطعة وهلال في سماء الليل، مع إضافة قرية خيالية لاستكمال المشهد.
والسماء عبارة عن انفجار من الألوان والأشكال، حيث يحيط بكل نجم تموجات من اللونين الأصفر والأبيض.
وفي الوقت نفسه، يتم تصور هبات الرياح، غير المرئية للعين المجردة، على أنها دوامات معقدة، والتي يطلق عليها العلماء “اضطرابات خفية”.
وفي الدراسة الجديدة، قام العلماء المتخصصون في حركة السوائل بمقارنة ضربات الفرشاة في اللوحة بأوراق الشجر التي تدور في قمع الرياح.
وفحصوا المقياس النسبي والتباعد بين ضربات الفرشاة الدوامة وحسبوا السطوع النسبي لألوان الطلاء المختلفة.
ونظر العلماء بشكل خاص، إلى الأشكال الدوارة الرئيسية الأربعة عشر في اللوحة والتباعد بين ضربات الفرشاة التي تنقل إحساسا بحركة الهواء من نقطة إلى أخرى.
ومن خلال هذه الملاحظات الدقيقة، قاموا بتقدير شكل وطاقة وحجم الغلاف الجوي الموضح في اللوحة.
ووجدت الدراسة أن المشهد يتوافق مع قاعدة فيزيائية تُعرف بـ”قانون كولموغوروف” الذي يتنبأ بحركة الغلاف الجوي.
وبشكل عام، يقول العلماء إن الاستخدام الدقيق للفنان للحجم والسطوع “يلتقط بدقة” القواعد وراء اضطراب الغلاف الجوي وتدفق الطاقة في حركة الهواء من المقاييس الصغيرة إلى الكبيرة.
ووجدوا أن بعض القوانين التي تنطبق في فيزياء السماوات الحقيقية تنطبق أيضا في تصوير الفنان.
ويبدو أن فان غوخ قد التقط أبعادا متعددة للفيزياء “بدقة مدهشة”، وفقا للعلماء.
وأشار الدكتور هوانغ: “قد يكون تمثيل فان غوخ الدقيق للاضطراب ناتجا عن دراسة حركة السحب والغلاف الجوي أو شعور فطري بكيفية التقاط ديناميكية السماء. إنه يكشف عن فهم عميق وبديهي للظواهر الطبيعية”.
المصدر: إندبندنت
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: فی اللوحة فان غوخ
إقرأ أيضاً:
القوة الخفية التي هزمت “حميدتي”
منذ انطلاق الرصاصة الأولى في الخرطوم يوم 15 أبريل 2023، كان واضحاً أن محمد حمدان دقلو (حميدتي) لم يقرأ المشهد العسكري والسياسي جيداً، أو قرأه بعين الوهم لا ببصيرة الواقع وبواطن الحقائق.
راهن الرجل على انقلاب خاطف وسريع يمكنه من وضع السودان في قبضته، لكنه لم يدرك طبيعة القوة الخفية في الدولة السودانية، تلك الدولة التي تبدو في ظاهرها ضعيفة ومفككة وآيلة للزوال، وذات مؤسسات هشة قابلة للانهيار السريع، لكنها أثبتت مراراً أن لديها عناصر قوة خفية لا تظهر إلا في مواجهة التحديات الكبرى.
عناصر القوة الخفية في الدولة السودانية:
• قوة المجتمع في التناصر والتعاضد ومقاومة الظلم والعدوان.
• قوة المؤسسات العسكرية والأمنية في تراكم خبراتها، وعمق تأهيلها المهني ، وروح الثبات والصبر على تحقيق الأهداف، وهي سمات تميز ضباطها وجنودها.
• قوة وجسارة الشباب بمختلف انتماءاتهم السياسية في مواجهة التحديات والمخاطر، سواء في الحروب أو التظاهرات.
• مستوى الوعي السياسي القادر على فضح النوايا الشريرة المغطاة بالشعارات التجميلية.
• العمق التاريخي لنضالات الشعب السوداني، الممتد منذ الممالك المسيحية، مروراً بمملكة الفونج، والثورة المهدية، واللواء الأبيض.ما فعلته قوات حميدتي أنها استفزت مكامن القوة الخفية في الدولة السودانية، فوجدت نفسها في مواجهة مختلف الطيف القبلي والجهوي والثقافي والسياسي والعسكري. ونتيجة لذلك، تشكّل تيار وطني عريض وغير مسبوق، عابر للانتماءات.
هذا التيار الوطني ضمّ:
• شيوخ ورجال الدين والطرق الصوفية مثل عبد الحي يوسف، شيخ الزين محمد أحمد، شيخ الكباشي، والمكاشفية، والختمية، وقساوسة كنيسة ماري جرجس وغيرهم.
• الفنانات مثل ندى القلعة، إيمان الشريف، ميادة قمر الدين وغيرهن.
• المفكرين من مختلف التيارات، من الإسلاميين مثل أمين حسن عمر، عبد الوهاب الأفندي، التجاني عبد القادر، وحسن مكي، إلى اليساريين والليبراليين مثل البروفيسور عبد الله علي إبراهيم، د. محمد جلال هاشم، د. عشاري أحمد محمود، د. معتصم الأقرع، د. صلاح بندر، والروائي عبد العزيز بركة ساكن وغيرهم.
• المقاتلين من الحركات المسلحة في دارفور، وقوات “كيكل”، و”برأوون”، و”غاضبون”، و”المستنفرين”، وشباب الأقباط، و”ميارم الفاشر”، و”مرابطات الشمالية ونهر النيل”، والشيخ موسى هلال.
كل هؤلاء وغيرهم تصدوا لحماية الدولة السودانية والدفاع عن وجودها.
حميدتي، الذي كان بالأمس شريكاً في السلطة، متمتعاً بقوتها ونفوذها، ظن أنه قادر على اختطاف الدولة، لكنه نسي أن القوة وحدها لا تكفي، وأن شرعية البندقية لا تدوم طويلاً. فالرهان على الدعم الخارجي، والتحالفات المصلحية، واستراتيجية “الأرض المحروقة”، لن يحقق له أهدافه، بل سيؤدي إلى عزله وإنهاء وجوده في الفضاء العام.
فشل مشروع انقلاب حميدتي على الدولة السودانية لم يكن مفاجئاً، بل كان حتمياً، لأن أي انقلاب يفتقر إلى عمق سياسي، ورؤية استراتيجية، وحاضنة شعبية، لا يعدو كونه مغامرة متهورة باهظة التكلفة.
منذ اللحظة الأولى، كان واضحاً أن حميدتي يخوض معركة بلا غطاء وطني، وبلا ظهير سياسي يمتلك الخبرة والذكاء، وبلا أفق بعيد. اعتمد على القوة اللحظية العارية، لكنه واجه الحقيقة القاسية: القوة الخفية في المجتمع كانت أكبر من قوته العسكرية.
اليوم، وبعد ما يقارب العامين من الحرب، لم يبقَ لحميدتي سوى أطلال مشروع متهالك، وتحالفات تتآكل، وساحة تتسع لنهاية مأساوية.
فالتاريخ لا يرحم من ظنوا أن البنادق تصنع شرعية، ولا يغفر لمن توهموا أن الدعم الخارجي وحده يمكنهم من حكم الأوطان.