بغداد اليوم - متابعة

أثارت أطراف عراقية ومختصون بالشأن السياسي في البلاد جدلاً بشأن تحركات الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق رئيسة البعثة جينين بلاسخارت، وبينما انتقد البعض تلك التحركات والتي يقابلها ما سموه "إهمالا" للدور الأممي والمهام المناطة به داخل العراق، أكد آخرون أن دور المبعوثة الأممية غامض وغير مفهوم في البلاد.

والأسبوع الماضي أجرت بلاسخارت زيارة إلى طهران، بحثت ملفات عديدة منها ما يتعلق بالوضع الأمني في الداخل العراقي، والحدود بين البلدين، وملفات البيئة، والمياه، وغيرها.

ووصفت البعثة في بيان الزيارة، بأنها "تأتي كجزء من عمل البعثة في تيسير الحوار والتعاون بين دول المنطقة، وأنها تتماشى مع تفويض بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) في تيسير الحوار الإقليمي والتعاون في عدد من القضايا لدعم العراق". فيما أجرت الممثلة الأممية لقاء مع السفير الإيراني في بغداد محمد كاظم آل صادق، وبحثت معه آخر المستجدات السياسية في العراق.

وواجهت تحركات المبعوثة الأممية جدلاً سياسياً، إذ عدها البعض دليلاً على دور إيران الحالي وتدخلها في الشأن العراقي سياسياً وأمنياً وحتى اقتصادياً.

ووفقاً للنائب حسن الجبوري، فإن "هناك أهمية لأن تقوم المبعوثة بمهامها الرسمية داخل البلاد، بدلا زياراتها لطهران".

وأكد الجبوري في تصريح صحفي، أن "ملفات عراقية ما تزال تحتاج إلى تحركات أممية ودولية، ولعل أبرزها عودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية، وملفات إنسانية ملحة، مثل الفقر والمخدرات وسيطرة المليشيات على مناطق عراقية ومنع عودة أهلها إليها، وهي فعلاً بحاجة إلى دور أممي أكثر".

وشدد على أن "دور بلاسخارت الإنساني كان لابد أن ينصب في مثل هذه المواضيع، وإرجاء التطرق للملفات السياسية والأمنية وغير ذلك".

لكن الناشط السياسي عمر فاروق أكد أن "حراك بلاسخارت، وزيارتها لإيران، هو أمر متوقع، لا سيما وأنها معروفة بتغيير أجندتها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، بالتالي فإن امتداح الجانب الإيراني من قبل بلاسخارت يبدو حركة طبيعية بالنسبة لها".

وأوضح فاروق، أن "النفوذ الإيراني في العراق يبدو أنه قد وصل إلى أعلى المستويات، لدرجة أنه لم يعد يخص المناصب العراقية، بل حتى مناصب البعثات الدولية صارت تحتاج إلى مباركة وتزكية إيران، وهذه بداية جديدة تجعل التواجد الدولي سواءً المنظمات أو الأممي أو الدبلوماسي في العراق يحتاج إلى دعم إيراني، وهذا موضوع مؤسف".

"ساعي بريد"

السياسي العراقي أحمد الأبيض أكد أن بلاسخارت "تحابي الدول التي تؤثر على العراق"، وقال في تصريح صحفي، إن "بلاسخارت عادة ما تتحدث في المؤتمرات الدولية عن مخاطر السلاح المنفلت والمليشيات في العراق، وتأثيرات ذلك على الحياة المدنية في البلاد، لكنها حين زارت إيران لم تفتح هذه المواضيع، بالتالي فإن دورها يحابي أحياناً الأطراف الدولية والداخلية التي تؤثر على العراق، وتزيد من سطوة المتنفذين والأحزاب التي تتعامل بآليات إقطاعية مع بلادنا".

وأشار الأبيض إلى أن "العلاقات العراقية الإيرانية في الوقت الحالي ممتازة، وليست بحاجة إلى بلاسخارت لتقويتها، لا سيما أن التحالف الحاكم، وهو الإطار التنسيقي، يحتوي على غالبية الجهات والأحزاب والفصائل التي تدير الدولة، لكن قد تكون بلاسخارت تؤدي دور ناقل الرسائل أو ساعي البريد، لملفات معقدة ومنها علاقة إيران ببقية أطراف المنطقة العربية، كأن تكون دول الخليج".

زيارة "إيجابية"

في مقابل ذلك، دافع عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي عامر الفايز، عن زيارة بلاسخارت إلى إيران، وقال إنها "تأتي ضمن المهام المنوطة ببعثة يونامي في العراق، وقد حملت ملفات عراقية وناقشت ملفات إيرانية، وقد حملت طابعاً دولياً، كون إيران شريك حقيقي للعراق، ولها علاقة اقتصادية وأمنية مشتركة، بالتالي فإن أبعاد هذه الزيارة إيجابية بالنسبة للعراق".

وأشار الفايز إلى أن "يونامي في العراق، ترى أهمية كبيرة في تثبيت استقرار العراق، وتقوية علاقاته مع جيرانه".

وأضاف أن "العراق يدعم جميع التحركات الدولية سواءً من الأمم المتحدة أو السفارات وكذلك المنظمات المدعومة من قبل الحكومات الأجنبية، والتحركات علنية".

الباحث في الشأن السياسي العراقي، شاهو القرداغي، انتقد تحركات بلاسخارت، لافتاً إلى أنه "بعد تراجع نشاطات بلاسخارت خلال الفترة الأخيرة تجري زيارة الى إيران بحجة البحث في استقرار العراق، وبعدها بأيام التقت السفير الإيراني في بغداد لمناقشة إخراج الجماعات المعارضة المسلحة لإيران من العراق". وتساءل "ما طبيعة أدوارها وهل هي فعلا لصالح العراق والعراقيين؟".

وسبق أن واجهت رئيسة بعثة الأمم المتحدة في العراق، جينين بلاسخارت، موجة انتقادات سياسية وشعبية واسعة في العراق، وذلك عقب لقاء مع مستشار المرشد الإيراني الأعلى للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي في طهران، لبحث الانتخابات العراقية عام 2021. كما أن تحركاتها ولقاءاتها مع قادة الفصائل المسلحة الناشطة في العراق، يعد مثار جدل في الأوساط العراقي، وهي ما يحيط دورها في البلاد بضبابية وعدم وضوح.

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: فی البلاد فی العراق

إقرأ أيضاً:

هل عزل همتي بداية المواجهة بين الحكومة والبرلمان في إيران؟

طهران- على وقع تدهور الاقتصاد الوطني المتمثل في تراجع قيمة العملة الوطنية وارتفاع معدلات التضخم، أقال البرلمان الإيراني أمس الأحد وزير الاقتصاد والمالية عبد الناصر همتي، وذلك بعد مرور نحو 6 أشهر فقط على منح النواب الثقة لجميع الوزراء في التشكيلة الحكومية للرئيس مسعود بزشكيان.

وفي سابقة هي الثانية من نوعها منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية عام 1979، خسر همتي في التصويت على حجب الثقة عنه، ليسجل ثاني أسرع استجواب في تاريخ الجمهورية الإسلامية بعد وزير الداخلية الأسبق علي كردان الذي أقاله البرلمان عام 2008 على خلفية فضيحة تزويره شهادة الدكتوراه بعد 3 أشهر فقط من تولّي منصبه.

وهذه المرة، رغم محاولة الرئيس مسعود بزشكيان لثني النواب عن عزل وزيره، إذ قال تحت قبة البرلمان إن البلاد تواجه حربا اقتصادية هي الأسوأ والأصعب منذ الحرب العراقية الإيرانية (1988-1980)، وإن المشكلات الاقتصادية الراهنة غير مرتبطة بشخص واحد، صوّت 182 برلمانيا لمصلحة سحب الثقة من أصل 273 حضروا الجلسة المخصصة لإقالة همتي (من أصل 290 عضوا) في حين عارض 89 نائبا وامتنع نائب واحد عن التصويت.

الرئيس بزشكيان حاول ثني النواب عن عزل وزيره وقال إن البلاد تواجه حربا اقتصادية هي الأسوأ (الأناضول) شعار الوفاق

ويرى مراقبون سياسيون في طهران تأييد نحو 66% من نواب البرلمان المحافظ عزل همتي ضربة قاصمة لشعار "الوفاق الوطني" الذي رفعه بزشكيان منذ تنصيبه وطبقه بشكل عملي عبر تعيينه شخصيات من التيار السياسي المنافس في مناصب عليا بحكومته.

من ناحيته، كتب محمد علي أبطحي -وهو ناشط سياسي إصلاحي ورئيس مكتب الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي- على منصة إكس "لا بد أن يعتبر المجلس الوزاري من استجواب همتي عقب 6 أشهر فقط من تولّيه منصبه، عليه ألا يقبل بالوفاق من جانب واحد، وأن يتعامل مع البرلمان بناء على الأسس القانونية فحسب".

وانتقد أبطحي توجه الحكومة لفتح المجال أمام عناصر التيار المنافس تحت شعار "مسايرة البرلمان"، مضيفا "عليكم أن تعلموا أن بزشكيان هو الفائز في الرئاسيات السابقة. لا تسمحوا للأطراف الأخرى أن تتدخل في شؤون الحكومة حتی تكون النتيجة مشابهة لما كان يراد لها في حال فوز المرشح المقابل".

إعلان

ورغم أن الريال الإيراني كان قد استعاد جزءا بسيطا من قيمته عقب الإعلان عن فوز بزشكيان في رئاسيات الصيف الماضي، إذ تراجع آنذاك سعر الدولار الأميركي من 610 آلاف إلى 590 ألف ريال، واصلت العملة الإيرانية خسارة قيمتها منذ يوليو/تموز المنصرم حتى بلغت 930 ألف ريال للدولار الواحد تزامنا مع عقد جلسة الاستجواب صباح يوم أمس.

تنافس سياسي

وعلى وقع الجدل المتواصل إثر تقديم الأغلبية المحافظة في 11 يناير/كانون الثاني الماضي مشروع الاستجواب، يرى الإصلاحيون في استجواب همتي محاولة لتشفّي خصومهم بعد أن أخفقوا في إقالة محمد جواد ظريف مساعد الشؤون الإستراتيجية للرئيس بزشكيان من منصبه، وكذلك فشلهم في إحباط برامج بزشكيان الرامية إلى رفع القيود عن الإنترنت وتعليق قانون الحجاب الإجباري.

لكن بعد مرور سويعات على عزل همتي، نقلت وكالتا أنباء "تسنيم" و"فارس" المقرّبتان من الحرس الثوري عن مصادر مقربة من الحكومة أن ظريف قد قدم استقالته للرئيس بزشكيان الذي لم يتخذ قرارا بعد بشأنه.

في غضون ذلك، هاجم السياسي المحافظ إحسان صالحي -الذي سبق أن تقلد منصب سكرتير المجلس الإعلامي لحكومة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي- كلمة بزشكيان تحت قبة البرلمان دفاعا عن همتي وحديثه عن دور الضغوط الخارجية في تشديد الأزمات الاقتصادية، مضيفا في تغريدة على منصة إكس أن "الرئيس بزشكيان قدم صورة ضعيفة عن البلاد في مواجهة نظيره الأميركي دونالد ترامب".

عبد الناصر همتي دافع عن سجله وقال إن التضخم هو المشكلة الأخطر في إيران منذ سنوات (الصحافة الإيرانية) موافقون ومعارضون

من ناحيته، دافع همتي عن سجله، معتبرا أن سعر الصرف في البلاد ليس حقيقيا وإنما نابع عن التوقعات التضخمية. وتوعد بخفضه حتما، مضيفا أن "المشكلة الأخطر في اقتصاد البلاد هي التضخم المزمن الذي يعاني منه اقتصادنا منذ سنوات".

إعلان

وفي كلمته تحت قبة البرلمان قبيل التصويت على سحب الثقة منه، قال همتي إنه "لا يريد الكشف عن معلومات تسعد الأعداء"، لكنه تعمّد أن يكون صريحا مع النواب عندما خاطبهم بأن الضغط على الموازنة والسيولة سيستمر وسعر الدولار سيزداد ما دامت القضايا الدولية قائمة وأن معالجة التضخم في البلاد ستستغرق وقتا.

وبينما ركزت كلمات المستجوِبين تحت قبة البرلمان على إخفاقات الوزير المعزول في احتواء التضخم، وإصلاح النظام المصرفي، وانهيار قيمة العملة الوطنية إثر إطلاقه خطة لتوحيد أسعار الصرف مما أدى إلى تفاقم الوضع المعيشي وسقوط شريحة كبيرة أخرى من المواطنين تحت عتبة الفقر، يرى الطيف المقابل أن همتي راح ضحية التنافس السياسي في البلاد.

في المقابل، يرد المؤيدون بأن همتي نجح بالفعل في ترميم عجز الموازنة وكبح جماح التضخم من 42% إلى 32% وأن فترة 6 أشهر لم تعد كافية لإصلاح ما أفسدته الحكومات السابقة، فضلا عن الأزمات الاقتصادية المتراكمة جراء العقوبات الأميركية وارتفاع منسوب التوترات الإقليمية.

أول الغيث

يأتي الجدل بين مؤيدي حكومة بزشكيان ومعارضيها بعد مرور 192 يوما على تصويت 192 نائبا الصيف الماضي لمصلحة تولي همتي وزارة الاقتصاد والمالية، مما يطرح علامة استفهام عما إذا كانت الموافقة البرلمانية على جميع أعضاء التشكيلة الحكومية المقترحة متأثرة بالتطورات الأمنية التي أعقبت تنصيب بزشكيان، ولعل أبرزها اغتيال رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران.

وبذلك، يرى الكاتب مهرداد خدير -في مقاله نشره بموقع "عصر إيران" الناطق بالفارسيةـ أنه بناء على ديدن البرلمان المحافظ وموقفه من الرئيس بزشكيان وحكومته فإن المستغرب هو منح هذا البرلمان ثقته لجميع الوزراء المقترحين وليس سحب الثقة من همتي.

وفي مقاله بمناسبة أول مواجهة عملية بين البرلمان والحكومة، توقع خدير استمرار وتيرة المواجهة السياسية بينهما خلال الفترة المقبلة على أن تطيح بعدد آخر من وزراء حكومة بزشكيان، مضيفا أن تسمية البديل للوزير المعزول ستحدد إذا كان بزشكيان سيتراجع أمام ضغوط البرلمان أم يتخذ قرارا بعدم التغيير في فريقه الاقتصادي.

إعلان

مقالات مشابهة

  • روسيا توافق على مساعدة ترامب في التواصل مع إيران بشأن النووي
  • روسيا توافق على مساعدة ترامب في التواصل مع إيران بشأن برنامجها النووي
  • الوكالة الدولية للطاقة الذرية تناقش تقريرا عن ملف إيران النووي
  • الدويش: في إيران ولو هدف يا دوران
  • هل عزل همتي بداية المواجهة بين الحكومة والبرلمان في إيران؟
  • الرئيس اللبناني يتوجه إلى السعودية في أول زيارة خارج البلاد منذ انتخابه  
  • هل سيسافر رونالدو إلى إيران للمشاركة في مباراة النصر واستقلال طهران؟
  • ضغوط على بغداد لوقف استيراد الغاز الإيراني.. والعراق يتمسك بالتوازن
  • تداعيات بقاء إيران في القائمة السوداء لمجموعة فاتف
  • غياب عبدالرحمن عن مباراة النصر والاستقلال الإيراني بسبب الإصابة