«الشؤون الإسلامية» تنظم ندوة «قيم الاستدامة في الإرث النبوي»
تاريخ النشر: 18th, September 2024 GMT
أبوظبي/ وام
نظمت الهيئةُ العامة للشؤون الإسلاميةِ والأوقاف والزكاة، أمس، ندوةً «قيمُ الاستدامة في الإرث النبوي» احتفاءً بذكرى المولدِ النبوي الشريف، في مسجد الاستدامة بمدينة مصدر في العاصمة أبوظبي.
حضر الندوة، الدكتور عمر حبتور الدرعي، رئيسُ الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، وسيدي يحيى لمرابط وزير الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي في الجمهورية الإسلامية الموريتانية، وأحمد راشد النيادي، مديرُ عام الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة بالإنابة، وأحمد باقحوم الرئيسُ التنفيذي لمدينة مصدر، وعدد من المسؤولين في الهيئة، ووزارةِ التربية والتعليم، ومجلسِ الإمارات للإفتاء الشرعي، ومدينةِ مصدر، والضيوفُ المدعوون.
وقال الدكتور عمر الدرعي: إنَّ هذه المناسبة الدينية العطرة، فرصةٌ نُبرزُ فيها نهجَ الإمارات منذ تأسيسها، في حمايتها للقيم الإنسانية، ودعمِها للمبادئ المثلى والأخلاق، وتعزيزِها لتعاليم الدين السمح، وتوكيدِها الاستثنائي على قيمِ الاعتدال والتسامح.
وأضافَ: «قيمة الاستدامة هي إرثٌ مشتركٌ بين الأنبياء، ومقاصد رسالةِ سيدنا ونبينا صلى الله عليه وسلم، وجوهرها زاخرٌ بمعاني الاستدامة؛ فقد كان صلى الله عليه وسلم يحبُّ أنْ يكونَ عملُه دائما، ويحضُّ على أدومِ الأعمال وإنْ قل»، مبيناً أنَّ مجالاتِ الاستدامة في الميراث النبوي كثيرة؛ تشملُ التأكيدَ على استدامةِ العلاقاتِ الأسرية والاجتماعية، وطريقة التعامل مع البيئة، ومع الأرض والموارد، بلا إسرافٍ ولاتبذير، مع ضرورةِ مراعاة حق الأجيال.
وأكد أنَّ ذكرى المولدِ النبوي تجديدٌ ووفاءٌ لميثاق الأنبياءِ عليهم السلام، والتزامٌ وطنيٌّ يستنهضُ العنايةَ وإيلاء الأهمية لقيمة الاستدامة، لافتاً إلى أن الإنسانَ هو العنصرُ الأساس في هذه الاستدامة، والأخلاق والقيم هي أداة الاستدامة.
من جهته أشاد سيدي يحيى لمرابط، بالعلاقات المتميزة والروابط الوثيقة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية الإسلامية الموريتانية قيادة وشعباً، مؤكداً أن العلاقات بين الجانبين تليدة ضاربة الجذور في عمق التاريخ، تتسم بالأخوة والتعاون المثمر في مختلف المجالات، متقدماً بالشكر للهيئة العامة للشؤون الإسلامية والزكاة على هذه الدعوة لحضور فعالياتها لإحياء ذكرى المولد النبوي الشريف.
وقال لمرابط: 'ونحن نحتفل بهذه الذكرى العظيمة، نجد أنفسنا مطالبين بالعودة إلى قيمه وتعاليمه صلى الله عليه وسلم، نستقي منها ما يُصلح حال أمتنا ويجعلها في مصاف الأمم المتقدمة، فالإسلام يحرص على التنمية والعمل المستدام، والاستفادة من موارد الأرض بشكل يحقق النفع للجميع»، مؤكداً أن التعاون بين الدول والشعوب من خلال تبادل الخبرات والمعارف، وتطوير حلول مشتركة للتحديات البيئية والاقتصادية والاجتماعية، هو السبيل الوحيد لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
واشتملتِ الندوة على عدةِ فعالياتٍ تضمنت فقرة قراءةٍ في كتاب «نبينا محمدٌ صلى الله عليه وسلم والاستدامة» وإلقاء قصيدة شعرية، وعرض فيديو يضم مقاطعَ تبرز القيم النبوية في الاستدامة.
كما تمَّ تكريمُ الفائزين في مسابقة «نبينا محمدٌ صلى الله عليه وسلم والاستدامة» التي أطلقتها الهيئة بمناسبة المولد النبوي الشريف تزامناً مع عام الاستدامة، شارك فيها طلبة المدارس الحكومية من الصف الأول الابتدائي وحتى الخامس.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات دائرة الشؤون الإسلامية أبوظبي الإمارات الاستدامة المولد النبوي الشريف العامة للشؤون الإسلامیة صلى الله علیه وسلم
إقرأ أيضاً:
اليوم النبوي.. برنامج اليوم الكامل في حياة النبي
كثيرة هي الكتب التي كتبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبخاصة من المعاصرين، واختلفت كتاباتهم بحسب توجه الكاتب واهتمامه الفكري، وهناك شريحة قليلة من الكتاب أصدروا أكثر من كتاب عن الرسول صلى الله عليه وسلم، سواء عن سيرته أو سنته، فرأينا خالد محمد خالد رحمه الله يكتب أكثر من كتاب، فقد كتب: (إنسانيات محمد) و(عشرة أيام في حياة الرسول) و(لقاء مع الرسول) و(كما تحدث الرسول)، وكتب الشيخ محمد الغزالي كذلك: (فقه السيرة) و(فن الذكر والدعاء عند خاتم الأنبياء) وغيرها، كما كتب شيخنا القرضاوي أكثر من كتاب، فكتب (الرسول والعلم) و(السنة النبوية مصدرا للمعرفة والحضارة) و(محمد رحمة الله للعالمين).
لكن هناك عالما معاصرا ولا يزال حيا، بارك الله في جهوده، كتب عدة كتب عن النبي صلى الله عليه وسلم، تناول عدة زوايا مهمة، في كتب مختلفة، تتسم بالجدة والقوة، وبالعاطفة الأدبية، وهو العالم الجليل الدكتور عبد الوهاب الطريري، فكتب هذه الكتب: قصص نبوية، الحياة النبوية، أماكن نبوية، كأنك معه، القبر المقدس، واليوم النبوي.
كتاب اليوم النبوي، يشكل مقطعا أفقيا للحياة النبوية العريضة، ليتجلى من خلاله عدة أمور مهمة، أشار الشيخ الطريري إلى كثير منها، لكنا نجمل بعضا منها، ونترك البقية للقارئ الكريم الذي ندعوه لقراءة الكتاب، لما يمثله من أهمية، من حيث المعلومات، ومن حيث العرض، ومن حيث الأثر.وأتناول في مقال اليوم كتابه: (اليوم النبوي.. برنامج اليوم الكامل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم)، وهو كتاب نفيس غاية النفاسة في مادته، وفي إحاطته بالموضوع، وفي زاوية النظر، وكنا قد قرأنا كتاب: (عشرة أيام في حياة الرسول) لخالد محمد خالد، وهو لا يقصد باليوم بالمعنى الزمني، ولكنه بالمعنى التاريخي، فقد يكون يوما بمعنى حادثة، كيوم أحد مثلا، وقرأنا لعبد الوهاب حمودة كتابه: (ساعات حرجة في حياة الرسول).
فكرة كتاب (اليوم النبوي):
ويأتي كتاب الطريري في هذه الشريحة من هذا التناول، فهي تعيش مع الرسول صلى الله عليه وسلم، ساعات يومه، منذ الاستيقاظ، وحتى النوم، ولم يكتف بذكر اليوم التفصيلي لحياته، بل مر باليوم السنوي، واليوم الشهري، بما كان يفعله في أيام ثابتة في الأسبوع، كيوم الجمعة، وأيام ثابتة في الشهر، وفي السنة، كأيام العيد، فهو أشبه بأخذ مشهد أفقي متكامل لبرنامج النبي صلى الله عليه وسلم اليومي، حيث إن كثيرا من كتب السيرة يعرضها حسب المسار التاريخي، فتقدم كتاريخ حياة، لكن الطريري تناولها من حيث ممارسة الحياة، والحاجة ماسة للمنهجين بلا شك، ولكن التنوع يفيد ويزيد الإيمان إيمانا برسوله، ومعرفة بحياته.
فقد تناول الطريري اليوم النبوي، إذ غاص في بطون كتب السنة والسيرة، ليجمع صورة متكاملة عن يومه، منذ الاسيتقاظ، وكيف يكون نومه، واستيقاظه، ثم صلاته لكل فروض اليوم، ومجلسه في بيته وبين الناس كيف كان، وكيف ضحاه وقيلولته، ومشيه في بساتين المدينة، وكيف يمضي وقته في الليل، سواء على مستوى أمسياته الليلية، أو قيامه الليل مناجيا ربه، وكيف كان يمضي إغفاء السحر.
أما عن أيام الأسبوع، فتناول هديه يوم الجمعة، منذ الاستعداد لصلاتها، وحتى انتهاء خطبتها، ويومي الاثنين والخميس، وكيف كان يتعامل معهما، والاثنين يوم ولد فيه صلى الله عليه وسلم، ثم أيام العام، كيوم العيد، وعاشوراء، وعرفة، وشهر رمضان وأيامه ولياليه، وكيف كان يحيي ليال خاصة من العام؟
وأشد يوم عاشه النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يوما ثقيلا، وكيف مرت عليه هذه الأيام، كيوم حصار الشعب، أو يوم عام الحزن، ويوم الأحزاب. وعن أسعد يوم عاشه كذلك، وفي أشد يوم وأسعد يوم، فهو النبي العابد الراضي بقضاء ربه، المسلم به، وفي فرحه فهو فرح في إطار الشكر للوهاب سبحانه وتعالى.
وقفات مع اليوم النبوي:
كتاب اليوم النبوي، يشكل مقطعا أفقيا للحياة النبوية العريضة، ليتجلى من خلاله عدة أمور مهمة، أشار الشيخ الطريري إلى كثير منها، لكنا نجمل بعضا منها، ونترك البقية للقارئ الكريم الذي ندعوه لقراءة الكتاب، لما يمثله من أهمية، من حيث المعلومات، ومن حيث العرض، ومن حيث الأثر.
فلم يعرف التاريخ إنجازا تحقق على يد بشر كالإنجاز الذي تحقق على يد هذا الرسول الكريم، ولذا سنجد يومه حافلا بالعمل، وحافلا بالعطاء، ومتنوعا وشاملا، فهو لا يقف عند العمل العبادي، بل يتنوع بين العبادة والعمل، بين النبوي والإنساني، وعند الاطلاع على اليوم النبوي سيكتشف الإنسان أنه يعرف عن نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم أكثر مما يعرف عن أبيه وجده وعائلته.
يلفت نظرك في اليوم النبوي، من حيث عبادته، كيف استطاع أن يمارس كل هذا الكم من الأذكار، من الصباح إلى المساء، والسنن الرواتب قبل وبعد الصلاة، فضلا عن أداء الفرائض، وهو الذي غفر له من ذنبه ما تقدم وما تأخر، ومع ذلك فهو أكثر الناس استغفارا، وأكثر الناس مداومة على حقوق إخوانه، من العيادة والزيارة والمعاونة والدعاء لهم، والعمل على حل مشكلاتهم، في توازن عجيب، يعطي صورة ملهمة ومهمة عن التوازن في حياة المسلم كيف تكون، بالنظر إلى يوم النبي صلى الله عليه وسلم.
لم يعرف التاريخ إنجازا تحقق على يد بشر كالإنجاز الذي تحقق على يد هذا الرسول الكريم، ولذا سنجد يومه حافلا بالعمل، وحافلا بالعطاء، ومتنوعا وشاملا، فهو لا يقف عند العمل العبادي، بل يتنوع بين العبادة والعمل، بين النبوي والإنساني، وعند الاطلاع على اليوم النبوي سيكتشف الإنسان أنه يعرف عن نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم أكثر مما يعرف عن أبيه وجده وعائلته.قد تشعر بأن يوم النبي متكرر، فأذكار الصباح والصلوات كما هي، مكررة كل يوم، في الصباح والمساء، ولكنك لا تشعر بذلك حينما تقرأ عنها في حياة ويوم النبي صلى الله عليه وسلم، بل تشعر بأنها رغم أنها مزدحمة بالأعمال، ولكنها ليست متوترة ولا مرتبكة، فلا تجد اضطرابا ولا توترا، ولا تجد رتابة تورث الملل، بل هي تجدد دائم في العلاقة بالله، والعلاقة بالناس، فهي تجمع بين التنظيم الدقيق، والتجدد المستمر، رغم ديمومة ما يقام من أعمال، لكنك تشعر دوما بالتنوع.
اليوم النبوي بكل أعماله ذو دلالة بينة وواضحة على نبوته، فإن وقائع حياته حين تتأملها مشهدا مشهدا، لا يمكن أن يراها أحد إلا علم أن هذا حال نبي مرسل من الله، يتنزل عليه وحيه، ليس بمتقول في دعواه، ولا طالب حظ لنفسه، وهذا ما أدركه القدامى والمعاصرين، من أهل الإنصاف، لأنها تقدم صورة صادقة لهذا النبي الكريم في يومه، بكل ما يحمله يومه من آلام وآمال، ومن حزن وفرح، ومن كل ما ينشد الإنسان معرفته بتفاصيل دقيقة لا مجاملة فيها، ولا تصنع، فصلى الله على رسولنا الكريم في يومه، وفي كل يوم عاشه، وفي كل يوم كان وسيكون قدوة للعالمين، حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
[email protected]