الحب في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم: المرأة في حياته
تاريخ النشر: 18th, September 2024 GMT
نتحدث في هذه الدراسة عن الجانب العاطفي في حياة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وهو جانب لم ينل ما يستحقه من الإهتمام على الرغم من كثرة ماكتب عنه ربما لظن البعض أنه جانب يتسم بالخصوصية الشخصية، أو أنه موضوع ثانوي لا يستحق التعمق فيه بالتحليل، أو أن البعض كان يتحرج من الإقتراب من هذا الجانب العاطفي خشية أن ينتقص بذلك من مقام النبوة أو هيبة الرسول صلى الله عليه وسلم ووقاره، وربما نزيد في هذه الدراسة باستخدام منهج القرءاة النفسية للحدث التاريخي لمزيد من الإستكشاف لمواطن العظمة في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم.
ومن المعروف أن الأنبياء والرسل هم نماذج رفيعة وراقية للسلوك البشري السوي في أعلى مستوياته ولذلك حين نتأمل أي جانب من جوانب حياتهم فنحن نحاول الإقتراب من قمة السلوك في هذا الجانب بما يعطي دفعة لتحسين السلوك عند سائر الناس خاصة المؤمنين منهم بهؤلاء الرسل أو حتى غير المؤمنين الذين يرونهم مجرد نماذج إنسانية رفيعة. والناس يتحسن سلوكهم حين يتمثلون شخصيات الرسل والقادة والمصلحين، وهذا ما يسمى في علم النفس "التعلم بالنمذجة" (أي القدوة).
وقد تميز كل نبي أو رسول بقمة من القمم فمثلا تميز سيدنا أيوب بقمة الصبر فأصبح قبلة للصابرين، وتميز سيدنا يوسف بقمة التعفف وضبط النفس أمام الشهوات وقمة التعامل مع الأزمات وقمة الإدارة الرشيدة للموارد وقمة التسامح مع المسيئين فكان قبلة لكل من يهفو إلى الإرتقاء نحو هذه المعالي، وتميز سيدنا سليمان بالتعامل مع الملك العظيم بزهد وعدالة فكان منارة للملوك في إدارتهم للملك، وتميز السيد المسيح بالزهد في مباهج الحياة وتميز بالمحبة والتسامح والنزوع نحو السلام فكان نبراسا لكل الزاهدين والمتسامحين والمحبين والساعين نحو السلام، ثم كان رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم خاتما للأنبياء فمنحه الله تعالى كل جوانب العظمة الممكنة في الكيان البشري فكان نبيا ورسولا وقائدا عسكريا وزوجا وصديقا ومصلحا ومعلما ومربيا ورفيقا وصانعا للحضارة ووصل في كل الجوانب إلى قمتها، ونحن الآن نقترب من أحد هذه الجوانب وهو الجانب الرومانسي (العاطفي) في حياته.
وفي اللغة العربية مايزيد على عشرون اسما للحب تمثل مراحل وحالات الحب عند العرب، وهذه حالة من الثراء لا نجدها في لغات أخرى كثيرة. وفي اللغة الإنجليزية نجد ثلاث مستويات للحب هي الشعور بالحب (Feeling love)، وممارسة الحب بمعنى الجنس (Making love)، وأخيرا الحياة بالحب (Living love )، والمرحلة الأخيرة حياة الحب أو الحياة بالحب تقابل الحب الرومانسي، أي أن العاشقان أو الزوجان يعيشان تفاصيل الحب في حياتهما اليومية وكأن حياتهما اصطبغت بالحب وتشبعت به في كل لحظاتها.
وقد شاءت حكمة الله سبحانه وتعالى أن يكون للمرأة مساحة كبيرة في حياة الأنبياء والرسل على وجه الخصوص فنرى أهمية حواء في حياة آدم ونرى أهمية السيدة ساره والسيدة هاجر في حياة سيدنا إبراهيم، ونرى أهمية المرأة في حياة سيدنا موسى ممثلة في أمه وأخته وزوجة فرعون التي ربته ثم زوجته ابنة النبي شعيب، ونعلم جميعا أهمية السيدة مريم للسيد المسيح.
وإذا جئنا لمحمد عليه الصلاة والسلام نعرف أنه لم ير أباه، وعاش مع أمه فترات قصيرة في بواكير طفولته، وأخذته مرضعته حليمة السعدية، وحين عاد لأمه تركته وهو ابن الرابعة أو الخامسة فاحتضنته أم أيمن مربيته تحت رعاية جده عبد المطلب ثم تحت رعاية عمه أبو طالب، وحين كبر كانت السيدة خديجة أهم سند له ثم جاءت زوجاته الأخريات بعد ذلك، ليكون للمرأة دورا محوريا في حياته يفوق أدوار كثير من الرجال، ومن هنا كانت المرأة تحتل مكانة مركزية في وعيه عليه الصلاة والسلام لكونها إنسانة كرمها الله، ولكونها امرأة راعية للحياة وواهبة لها بإذن ربها، ولهذا نراه يقول: "حبب إلي من دنياكم الطيب والنساء وجعلت قرة عيني في الصلاة "، فوضع المرأة بين محبوب جميل وهو الطيب (العطر) ومحبوب مقدس هو الصلاة، وهذه مكانة لم تصلها في الوعي البشري قبل ذلك. وقد جعل معيار الخيرية للرجل مرتبطا بكيفية تعامله مع زوجته وأهل بيته: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" (رواه الترمذي وابن ماجه).
ويجعل معاملتهن معيارا للكرم أو اللؤم عند الرجال "لايكرمهن إلا كريم ولا يهينهن إلا لئيم"، ويعلن بأن من رزق ثلاث بنات فأحسن تربيتهن ورعايتهن دخل الجنة. وقد كان هذا الموقف من المرأة طفرة هائلة في بيئة بدوية صحراوية جافة وفي مجتمع ذكوري إلى حد التعصب، مجتمعا كان يعتبر إنجاب الأنثى عارا يستلزم وأد البنت وهي صغيرة، إذن هذه هي القاعدة من التقدير والإحترام للمرأة بوجه عام والتي سينطلق منها سلوكه صلى الله عليه وسلم مع زوجاته ليتعلم كل الرجال على مر التاريخ الإنساني كيف يتعاملون مع المرأة.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: المولد النبوي مقالات صلى الله علیه وسلم فی حیاة
إقرأ أيضاً:
دعاء قبل الأكل.. ماذا كان يقول الرسول قبل تناول الطعام؟
دعاء قبل الأكل من السنن النبوية التي حثّ عليها الإسلام، لما فيها من بركة وتذكير بنعمة الله، حيث تعزز هذه الأدعية الشعور بالامتنان وتقرب العبد من ربه سبحانه وتعالى، وترصد «الوطن» في السطور التالية، دعاء قبل الأكل من السنة النبوية.
أوضحت دار الإفتاء المصرية في فتوى لها حول دعاء قبل الأكل أنه من المستحب أن يقول المسلم قبل الأكل: «بِسْمِ الله»، اتباعًا لحديث النبي محمد ﷺ: «إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ، فَإِنْ نَسِيَ أَنْ يَقُولَ: بِسْمِ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ، فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ»، كما يُستحب الدعاء بعد الانتهاء من الطعام، حيث قال النبي ﷺ: «مَنْ أَكَلَ طَعَامًا فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
ولفتت الإفتاء إلى أن هذه الأدعية تُعزِّز الشعور بالامتنان وتُذكِّر المسلم بنعم الله عليه، كما تُسهم في زيادة البركة في الطعام، وتُعدُّ هذه الممارسات جزءًا من الآداب الإسلامية التي تهدف إلى تعزيز الروابط الروحية بين المسلم وربه في جميع جوانب الحياة اليومية.