من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. وينك يا زلمة؟
تاريخ النشر: 18th, September 2024 GMT
وينك يا زلمة؟
من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي
نشر بتاريخ .. 17 / 3 / 2014
بالصدفة صار طبيباً، مع أن هناك من يقول أنه لم يدرس الطبّ على الإطلاق ، وان شهادته لا تتعدّى دورة تدربيية حول التعامل مع «فطريات الإبط» من إحدى دول أوروبا الشرقية ، لكثرة ما «يمعط» بطولات من «تحت الإبط».
وبرغم كل تيارات التشكيك بشهادته، إلا أن المحيط العائلي أصرّ على جعله طبيباً في نظر الجيران والأقارب وبدأوا يتداولون لقبه ويعطونه مركزاً متقدّما وهالة واسعة في التعامل.
ولأن الدكتور يعرف نفسه جيّداً..ويعرف أن «دبساته ميّ»…كان كلما فتح أمامه أي موضوع طبيّ ينسلّ بخفة وينسحب من الجلسة دون أن يشعر به احد…كي لا يحرجه «ثقيل دم» ويسأله عن رأيه الطبي!!..وإذا ما «تزانخ» أحدهم وسأله : وين يا دكتور؟..فإنه سيتحجج بضرورة «إحضار زوجته من عند نسايبه» أو «عنده مناوبة»..
الأنكى من كل ذلك، في قمّة الحاجة إليه كان يتوارى عن الأنظار ولا يعود له أي أثر …قبل سنوات «تشردق» فالح الأطرم بــ»بربيش معلاق» ، وأوسعوا أولاده الباب طرقاً وتخبيطاً لإنقاذ الوالد، الا ان الدكتور كان مختبئاً ببيت الدرج حتى ذهبوا من أمام الدار، ولولا لطف الله ومهارة «المطهّر» أبو قاسم كان فالح الاطرم الآن في عداد الموتى ..في اليوم التالي وأثناء صلاة الجمعة عاتبه أحد أبناء الحاج الأطرم: وينك يا زلمة مبارح…راح ما يروح الحجي ؟..فردّ الدكتور: آآآآخ لسوء حظي والله…كان عندي 23 عملية قلب مفتوح وللساعة 2 بالليل تا خلّصت!…فيتجرّع السائل الإجابة ولا يناقش بدقّتها ..لأن رجب صاحب «معّاطة»الجاج لا يستطيع أن «يفري 23» دجاجة في اليوم الواحد!…
وفي موقف آخر ..وهو مستلق ويتفرّج على أفلام الكرتون ابتلع ابن شقيقة الدكتور «صفيّرية».. وصار كلما أراد ان يتنفّس أو يتكلّم يزمّر، حتى بكاءه صار تزميراً متقطعاً.. هرعت العائلة الى منزل الطبيب بعد منتصف الليل وبدأوا بقرع الجرس والمناداة بصوت مرتفع ، حتى فتحت زوجته شق الباب واعتذرت لعدم وجود الدكتور في البيت : وأردفت انه ذهب مسرعاً لأحد المستشفيات بعد أن رأى الجوّ ممطراً والموسم مبشّراً فقرر «زراعة» نخاع شوكي لمريضه في الحال ..وعادت اخته وزوجها وأعمامه يهرولون بالولد والولد «يزمّر» الى ان تم إخراج «الصفيرية» مع بزوغ الفجر بمساعدة السيد وجيه كهربجي السيارات..
في اليوم التالي تمت مصادفته في المخبز…فعاتبه أبو نسب: وينك يا دكتور..راح ما يروح الولد مبارح؟…فيرد الدكتور: آآآآخ لسوء حظي والله.. زرعت مبارح ثلاثة نخاعات ، ..وكنت بدي اكملهم ع الخمسة بس الحبل الشوكي ما كفّى…فتجرّع أبو نسب الإجابة ولم يناقش بدّقتها.. مقالات ذات صلة
بعض الشخصيات الوطنية والسياسية مثل الدكتور أعلاه…(عمرنا ما احتجناه ولقيناه…بالظروف العادية كل يوم ندوة ومحاضرة وأكثر …وعند الطوارىء تجده ذاب وتبخّر)…
أحمد حسن الزعبي
#79يوما
#الحرية_لأحمد_حسن_الزعبي
#صحة_احمد_في_خطر
#سجين_الوطن
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الدكتور الحرية لأحمد حسن الزعبي سجين الوطن حسن الزعبی
إقرأ أيضاً:
الدكتور سلطان القاسمي.. أيقونة للثقافة والحكم الرشيد
علي بن سالم كفيتان
هناك أناس يطبعون محبتهم ويفرضون احترامهم عليك، حتى ولو لم تلتقِ بهم أو تجالسهم، يكفي أن ترى في وجوههم الصدق وروح الأمانة والإحساس بالمسؤولية، وصاحب السُّمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى لدولة الإمارات العربية المتحدة حاكم إمارة الشارقة، شخصيةٌ يطغى حضورها أينما حلَّ؛ فالرجل يتسم بالعفوية والبساطة وتتملكه روح الأبوة الحانية على كل من يصادفه.
الرجل لديه حضور سياسي لافت وهو مُؤسِّس الشارقة الحديثة التي انتهجت روح الثقافة والأدب والفنون، وأصبحت قِبلة لحجاج المعرفة البشرية بمراكزها الثقافية الفسيحة ومجالسها الأدبية المتعددة وجامعاتها الحديثة، لهذا فلا غرابة أن يتصدر عناوين الأخبار المُتلفزة والصحف الرسمية وفضاءات التواصل الاجتماعي الواسع عندما يحضر إلى مناسبة كبيرة كمعرض مسقط الدولي للكتاب في دورته التاسعة والعشرين. ولا شك أنَّ مسقط لها سحرها لرجلٍ يعرف هيمنة الجغرافيا وروح التاريخ وسُّمو الإنسان، والشيخ سلطان منح الكثير من وقته وفكره ومكانته لنبش كنوز عُمان المنسية في خزائن الإمبراطوريات التي تنافست على حكم الشرق، ونقل لنا عبر سلسلة من المؤلفات القيمة إرثًا إنسانيًا وسجلًا سياسيًا واجتماعيًا لا يُقدَّر بثمنٍ.
التقيتُ الشيخ القاسمي للمرة الأولى والوحيدة في مطلع الألفية الجديدة في قصره الهادئ بالشارقة، على هامش ورشة عمل تنظمها سنويًا هيئة البيئة والمحميات بالشارقة في شهر فبراير من كل عام، لتناقش سُبل حماية وإكثار مفردات الحياة الفطرية في الجزيرة العربية. وعلى ما أذكر كانت هناك امرأة فاضلة من هيئة البيئة والمحميات بالشارقة تُعرِّف بِنَا عند السلام على سُّموه، وأذكرُ أنَّه التفتَ إليَّ وقال: "أنت من ظفار؟" فأومأتُ له بالإيجاب؛ فالرجل عبارة عن عقلية واسعة وذاكرة غنية تستطيع استدعاء الأسماء وتربطها بالجغرافيا في غضون ثوانٍ محدودة. استمعنا بعد ذلك بشغفٍ لحديث شيِّق عن الإرث البيئي في الجزيرة العربية، كان يسلسله الشيخ القاسمي بحُبٍ وهو يستحضرُ الجبال والسهول والوديان والسواحل والخلجان، ويتكلم بلغة الواثق العارِف بتضاريس جزيرة العرب، وأنواع حيواناتها ونباتاتها، وغالبًا ما يذكر عُمان وينظرُ إليَّ حيث كنتُ الثالث إلى يمينه، ويختم حديثه بالتأكيد على أهمية الإرث البيئي وعلاقته بالإبداع الإنساني في الثقافة والآداب والفنون.
ذكر لنا الشيخ القاسمي بعض الأشعار التي تناولتْ جمال الأحياء الفطرية، ومنها الريم والمها وقوة وبسالة النمر العربي، وأردف قائلًا: لا زال هذا الرمز البيئي يعيش بأمان في جبال ظفار ويحظى باهتمام بالغ من قِبل جلالة السلطان، ونأمل أن يستمر وأن تستفيد مراكز الإكثار هنا في الشارقة وبقية دول المنطقة من هذا المخزون الطبيعي، الذي لا نجده إلّا في سلطنة عُمان. وتطرق حاكم الشارقة إلى تجارب التعاون المُثمِر بين عُمان والشارقة في هذا المجال بامتنان عظيم. ونحن في حضرة الشيخ الدكتور سلطان القاسمي لم نكن مُهتمين بفخامة المكان ولا سعته ولا حتى الجانب البروتوكولي، وما يجب عليك فعله؛ فقد كان القاسمي محور المكان بحضوره الرزين، وحديثه الرصين عن موضوع اللقاء.
عقب ذلك، ونحن نغادر القصر، سلَّمتُ عليه بشكل استثنائي، وأذكرُ أنني قلتُ له: "أَمتعتْنِي الرواية التاريخية عن الشيخ الأبيض"، فضحك، وقال: "لديَّ مشاريع أخرى لروايات مُماثلة؛ فالتاريخ جامد إذا كان فقط أحداثًا وتواريخَ، وتظل السردية التاريخية للأحداث أقرب وأسهل للمُتلقِّي من العامة".
الدكتور القاسمي شخصيةٌ استثنائيةٌ في محبته لعُمان وسلطانها وشعبها، وتربطه علاقة وطيدة وراسخة بها، وما كان استقبال المقام السامي لسُّموه قبل أيام، إلّا تتويجًا للمكانة الرفيعة التي تربطه بعُمان وبجلالة السلطان المعظم وشعب عُمان؛ فهذه العلاقة الوطيدة عبَّر عنها اللقاء الحميم؛ فكِلا الرجلين (جلالته وسُّموه) يعرفان قيمة التاريخ والإرث البشري في منطقتنا، ويُقدِّران أي جهدٍ لتوثيقه وحمايته من النسيان والاندثار. وكما قال سموه في أحد أحاديثه المُتلفزة "تاريخ عُمان كله مُشرِّف"، فهُم الذين تصدُّوا للغُزاة والطامعين وأسسوا أقدم كيان سياسي في جزيرة العرب، ما يزال يحكم إلى اليوم، وهم من خاطبهم سيد الخلق محمد بن عبدالله- عليه أفضل الصلاة والسلام- ضمن ملوك وأباطرة ذلك الزمان، للدخول في الإسلام؛ فأجابوه دون أن يطأ بلادهم خُف ولا حافر، وأثنى عليهم في حديثه- عليه الصلاة والسلام- حيث قال: "لو أنَّ أَهْلَ عُمَانَ أَتَيْتَ ما سَبُّوكَ وَلَا ضَرَبُوكَ".
يُمثِّل سُّمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي روح الإمام العادل، وهذا ما يفيضُ من خلال لقاءاته وأحاديثه، لأهمية الالتفات إلى رفع المستوى المعيشي للمواطنين، وأن يعيش الإنسان بكرامة، وهذا ما ترجمه سموه في عدة أوامر وتوجيهات انعكست خيرًا على أهل الشارقة، وبلغت كذلك التفاتاته الكريمة خارج نطاق الإمارة، وحتى الدولة، لتبلُغ المحتاجين والمعوزين في مختلف بقاع الدنيا.
حفظ الله سُّموه، ولا شك أن عُمان ستظل مُمتنةً لكل حرفٍ يكتبه وكل حديث يُدلي به عنها.
رابط مختصر