تحولت شرايين قلب الجنوب النابض وعاصمته الابية مدينة صيدا صباح اليوم بكل اداراتها الرسمية والبلدية ومؤسساتها التربوية  والنقابية الى شبكة من الاوردة تضخ دماء العزم والارادة في قلوب مواطنيها  بعضهم لبعض ليبلسموا  جراح اخوتهم الذين احتضنتهم  مستشفياتها من كل حدب وصوب جنوبي لمعالجتهم اثر الاعتداء الصهيوني الغادر عليهم بتفجير اجهزة ال "بايجر" التي كانوا يحملونها .




ورسمت مشهدية اليوم التضامني  اولى خطوطها ادارات سرايا صيدا التي لازم موظفوها مكاتبهم وتوقفوا عن العمل حداداً على ارواح الشهداء ، متمنيين الشفاء العاجل للجرحى، واضعين امكاناتهم الوظيفية والانسانية  لمساندة  المصابين ما استطاعوا اليهم سبيلا، اما الجامعات والمدارس الرسمية والخاصة والمعاهد العالية فقد لبت دعوة  وزير التربية  الدكتور عباس الحلبي الى اغلاق ابوابها تعبيراً عن استنكارها للهجوم السيبراني الصهيوني . وكرت سبحة المتضامنين لتشمل اضراب  نقابات العمال  والمستخدمين في الجنوب والتحاق نقابتا المصفاة والمصب في منشات الزهراني بركبهم تاييدا لقرارهم ، كما اعلنت بلدية صيدا رئيساً واعضاء الغاء  انشطتها المقررة لهذا اليوم وتخصيصه للمساعدة الصحية والطبية وحيث تدعو الحاجة . 

 

وعلى عكس تمنيات رياح التفجير الصهيوني التي عصفت لكسر ارادة اللبنانيين الصلبة لا سيما على مستوى صيدا والجنوب ،  وسجلت حتى الساعة سقوط 12 شهيداً بينهم طفلان والاف الجرحى، فقد زادت  الصيداويين والجنوبيين قوة وثباتاً  بتعاضدهم وتكاتفهم  لمواجهة الارهاب الصهيوني واجرامه. 

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

تماثيل معطوبة القصيدة التي تستنطق وجعُ الوطنٍ في رحلة لعذابات الجنوب… لناظم كاطع الساعدي

بقلم : سمير السعد ..

في قصيدته “تماثيل معطوبة”، لا يكتب الشاعر العراقي ناظم كاطع الساعدي من على هامش الحياة، بل من قلبها النابض بالألم، ومن وجدانٍ تشرب من دجلة وميسان ونخيل العمارة. قصيدة تنبض بالصدق، وتحمل بين سطورها نداءً إنسانيًا خالصًا، ينهل من مرارة الحروب ومخلفاتها، ويعيد صياغة المشهد الوطني من زاوية القلب والذاكرة.

“لذلك الغبار الأصفر
لتلك الشناشيل
التي غادرتها قناديلها
وعصافيرها دون رجعة…”

بهذه الصور يفتتح الساعدي نصه، حيث يتحول الغبار إلى ذاكرة، والشناشيل المهجورة إلى رمزٍ لانطفاء الحلم، ولغياب الألفة التي كانت تملأ المدينة ذات زمن. الشعر عنده ليس لغة تجريد، بل مرآة لحياةٍ حقيقية عاشها وشارك أهلها تفاصيلها.

ناظم كاطع الساعدي لم يكن شاعرًا وكاتبًا فحسب، بل كان وما يزال ابنًا بارًا لمدينته العمارة، محبًا لأزقتها، وفياً لنخلها، متماهياً مع نبض أهلها. من أسرة عراقية أصيلة تنتمي إلى قبيلة “السواعد”، إحدى أعرق عشائر الجنوب المعروفة بالكرم، والنخوة، والمواقف الأصيلة. وقد انعكست هذه القيم في شخصيته، حيث اشتهر ببساطته وتواضعه وتعاونه مع الجميع. أبوابه مشرعة، وصدره رحب، وابتسامته تسبق كلماته. كان أخًا حقيقيًا لأصدقائه، ورفيقًا لكل من عرفه، لا يحمل في قلبه سوى المحبة.

رغم انشغاله في مجالات الإدارة والعمل السياسي، لم يتخلّ عن قلمه، ولم يغادر دفاتر الشعر، بل ظل وفياً للقصيدة، لأنها بالنسبة له ليست هواية، بل مسؤولية وطنية وأخلاقية، ونافذة يُطلّ منها على وجع الناس وهمومهم:

“تلك السيدة التي أهدرت
حياتها بين قدر الباقلاء
على رصيف منحني
كأيامها التي لم تذق
غير وبال الحروب…”

في هذه اللوحة الشعرية، تتحول المرأة إلى أيقونة عراقية خالدة، شاهدة على تاريخٍ من الإنهاك والصبر. المرأة التي تمثل أمهاتنا وأخواتنا، اللائي دفعن ثمناً باهظاً لحروب لم يخترنها. مشهد تقشعر له الروح، حيث تصبح الكلمات نياشين على صدر الحزن.

الساعدي يرسم الوطن بملامح البشر، لا بالخرائط. حتى الجندي في قصيدته لا يُقدّم كرمز للحرب، بل كإنسان منهك، يبحث عن الحياة لا الموت:

“صور الجنود الفارين
من رصاصات الموت
بحثًا عن كسرة خبز…”

هنا تبلغ القصيدة ذروتها الإنسانية. إنها لا تُمجّد الموت، بل تُمجّد النجاة، وتدافع عن حق البسطاء في العيش الكريم. ومن هذا المنطلق، تأتي صرخة الشاعر في نهاية القصيدة، صرخة من يريد استبدال الرموز الحجرية بما هو أصدق وأقرب للناس:

“لذا كان لزامًا علينا
أن نستبدل تلك التماثيل
بما يليق بسيدة أرملة
في ريع طفولتها المنسية…”

الساعدي في هذه القصيدة لا يهجو، بل ينهض، ويُطالب بإعادة الاعتبار للإنسان الحقيقي. يقترح علينا نصباً جديدًا، لا من حجر، بل من حب، من وفاء، من وجعٍ صادق.

إن “تماثيل معطوبة” ليست مجرد نص، بل وثيقة شعرية وشهادة زمن، تحفر في ذاكرة الوطن، وتوقظ فينا أشياء كدنا ننساها. قصيدة تعيد تعريف البطولة، وتنتصر للضعفاء، وتقول: إن الشعر الحقيقي لا يُكتب من الرأس فقط، بل من القلب، ومن حب الناس والمدينة.

وفي زمنٍ صاخب بالكلمات الفارغة، يبقى ناظم كاطع السساعدي واحدًا من القلائل الذين يمنحون للكلمة شرفها، وللمدينة قُدسيتها، وللأصدقاء دفءَ المحبة، وللإنسانية حقّها في أن تُروى شعراً.

عن الشاعر:

ناظم كاطع الساعدي، شاعر وكاتب عراقي من محافظة ميسان، مدينة العمارة، ومن أبناء قبيلة السواعد العريقة، المعروفة بأصالتها وكرمها ونخوتها. برز اسمه في المشهد الثقافي العراقي من خلال قصائد تحمل طابعًا إنسانيًا عميقًا، وتُعبر عن واقع الجنوب بصدق وشفافية.

عرفه أصدقاؤه وأحباؤه ببشاشته، وبساطته، وتعاونه الدائم مع الجميع. تولّى مناصب إدارية وسياسية مهمة، ومع ذلك لم يبتعد يومًا عن القصيدة، فظلّ وفيًا لقلمه، ولأهله، ولمدينته التي أحبها حد التماهي. شاعرٌ ينتمي للكلمة كما ينتمي للأرض… بسيطٌ في هيئته، عظيمٌ في حرفه، ومحبٌّ صادقٌ لكل ما هو جميل.

سمير السعد

مقالات مشابهة

  • بينهم طفلة.. شهداء وجرحى إثر قصف الاحتلال على دير البلح ورفح الفلسطينية
  • 23 شهيداً في مجازر العدو الصهيوني بحق نازحين شمال وجنوب قطاع غزة
  • شهداء ومصابون إثر استهداف العدو الصهيوني حي التفاح شرق غزة
  • أسوشيتد برس: سكان الجنوب ينتظرون تعويضات حزب الله التي لا تأتي
  • شاهد| رسالة الأسير الصهيوني بارون بارسلافسكي المحتجز لدى سرايا القدس
  • تماثيل معطوبة القصيدة التي تستنطق وجعُ الوطنٍ في رحلة لعذابات الجنوب… لناظم كاطع الساعدي
  • العدوان الإسرائيلي متواصل: شهداء وجرحى في مختلف المناطق
  • سقوط شهداء وجرحى.. قصف إسرائيلي يستهدف عدة مناطق في مدينة غزة
  • شهداء وجرحى جراء قصف الاحتلال عدة مناطق في مدينة غزة
  • انتشال جثامين ستة شهداء فلسطينيين من أنقاض منزل قصفه العدو الصهيوني بغزة