تفجير أجهزة البيجر في لبنان.. ما الأهداف الخفية وراء العملية؟
تاريخ النشر: 18th, September 2024 GMT
أعادت التفجيرات التي استهدفت أجهزة اتصال "البيجر" التابعة لعناصر حزب الله، والتي أسفرت عن مقتل تسعة أشخاص وإصابة أكثر من 2800 آخرين، طرح تساؤلات جوهرية حول دور إسرائيل، وما إذا كان هذا الخرق الأمني جزءا من استراتيجية أوسع لإشعال المنطقة.
ورغم أن إسرائيل امتنعت عن الإعلان صراحة عن مسؤوليتها عن العملية، إلا أن الدلائل تشير إلى تورطها فيها حيث نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين أميركيين مطلعين قولهم أن إسرائيل "نفذت عمليتها" ضد حزب الله الثلاثاء بـ "إخفاء مواد متفجرة داخل دفعة جديدة من أجهزة اتصال تايوانية الصنع تم استيرادها إلى لبنان".
وفي مقابلة مع قناة "الحرة"، قال عنان وهبي، المستشار في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة حيفا، إن "الضبابية الإعلامية ظلت دائما موجودة" في ظل استمرار الصراع، وأن هجمات من هذا النوع أو في هذا العمق غالبا ما تُنسب إلى إسرائيل وسلاحها الجوي في مناطق مختلفة.
وأضاف وهبي إلى أن امتناع إسرائيل عن إعلان مسؤوليتها يعود إلى ما وصفه بـ"الوضع المريح لجميع الأطراف لاحتواء الأزمة إذا كان الطرفان يرغبان في ذلك".
"خرق أمني خطير"من جهته اعتبر الكاتب والباحث السياسي اللبناني، رضوان عقيل، التفجيرات بمثابة "خرق أمني خطير وجريمة تستهدف لبنان بأسره".
وفي مقابلة مع قناة "الحرة"، وصف عقيل الهجوم بأنه "عدوان على كل اللبنانيين"، مشيرا إلى أن إسرائيل تسعى من خلال هذه الخطوة إلى "إشعال حرب شاملة".
View this post on InstagramA post shared by قناة الحرة | Alhurra (@alhurranews)
وقال عقيل إن "هذا الخرق الأمني ليس مجرد استهداف لحزب الله، بل هو عدوان على لبنان بأسره. إسرائيل تسعى من خلال هذه الأفعال إلى توسيع الصراع وربما الدفع نحو حرب شاملة إذا لم تتوقف عن هذا السلوك."
وتعهدت جماعة حزب الله اللبنانية بالرد على إسرائيل بعد اتهامها بتفجير أجهزة الاتصال في أنحاء لبنان، مما أثار مخاوف من التصعيد.
وفي حديثه مع قناة "الحرة"، أكد وهبي أن التفجيرات تمثل "الجيل الرابع من الحروب"، مشيرا إلى أنها تعكس تطورا تكنولوجيا متقدما في الصراع.
وقال: "ما شهدناه هو خطوة تكنولوجية متقدمة تهدف إلى ضرب منظومة الاتصال للطرف الآخر".
"مقدمة لعمليات ميدانية"وأشار إلى عقيل إلى أن هذه العملية قد تكون "مقدمة لعمليات ميدانية لاحقة أكبر"، أو أنها محاولة لوقف التصعيد بدلاً من إشعاله. فإسرائيل "تسعى دائما إلى تفادي التوسع في الصراع وإعادة الأمور إلى السيطرة على الأراضي التي تعتبرها ذات أهمية استراتيجية".
وتأتي العملية بعد يوم واحد من تقارير إسرائيلية كشفت عن أن قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، أوري غوردين، بدأ ممارسة "ضغوط" على القادة من أجل الموافقة على تنفيذ هجوم بري جنوبي لبنان، يهدف إلى إنشاء "منطقة عازلة".
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية والقناة الـ13 الإسرائيلية، أن غوردين "يضغط على صناع القرار لبدء توغل واسع في لبنان".
وبشأن جدوى وجود منطقة عازلة مع وجود أسلحة لدى حزب الله قادرة تصل إلى العمق الإسرائيلي، قال وهبي: "ما شهدناه في السابع من أكتوبر يعطي نموذجا حيا لا يزال في ذاكرة الإسرائيليين خاصة أن الحرب لا تزال مستمرة بأن هناك حاجة إلى منطقة عازلة لأن الهجوم قد يأتي في شكل صواريخ وقد يأتي بهجوم بري مفاجئ كما حدث من غزة".
إسرائيل تريد إنشاء منطقة عازلة تمتد حتى 10 كيلو مترات مع لبنانويقول عقيل، من جهته، إنه "ليس من المبالغة أن ما حصل اليوم مقدمة لإنشاء الحزام الأمني". لكن بحسب تقديراته فإنه يستبعد أن يقدم الإسرائيليون على تنفيذ اجتياح بري للدخول إلى الأراضي الجنوبية "بدليل أن وحدات حزب الله لا تزال على النقطة صفر بين إسرائيل وبين لبنان من بحر الناقورة إلى تخوم مزارع شبعا أي بمسافر أكثر من مئة كيلو متر، لا تخلو فيها بلدة جنوبية ولا أي واد من وجود لحزب الله".
وقال: "بتقديري أن إسرائيل إذا كررت تجربة هجوم يوليو 2006 وأقدمت على الدخول إلى مساحات لبنانية، فإن حزب الله سيكون لها بالمرصاد".
وخاض الطرفان صيف 2006 حربا مدمّرة أسفرت في لبنان عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، و160 إسرائيليا غالبيتهم عسكريون. إلا أن اسرائيل لم تنجح في تحقيق هدفها المعلن في القضاء على حزب الله.
وقال عقيل: "قد يكون في مقدور إسرائيل أن تنفذ اجتياحا جويا وتحدث مثل هذا الحزام، لكن في المقابل، هناك حزام أمني نفذه حزب الله بالفعل في شمال إسرائيل".
ويرى المحلل السياسي الإسرائيلي، إيلي نيسان، في حديث سابق الثلاثاء لموقع "الحرة" أن "حزب الله هو من صنع حزاما أمنيًا حاليا داخل إسرائيل، حيث نزح المواطنون الإسرائيليون في المناطق الشمالية بسبب الهجمات وتغيرت حياة الناس، وبالتالي بات على إسرائيل اتخاذ ما يلزم من تدابير لإعادة النازحين سواء بالوسائل السلمية أو الحرب".
توسيع أهداف الحرب و"منطقة عازلة" مع لبنان.. ماذا تريد إسرائيل الآن؟ قررت السلطات الإسرائيلية توسيع أهداف الحرب لتشمل عودة مواطني الشمال إلى منازلهم قرب الحدود مع لبنان، في خطوة يمكن اعتبارها بمثابة خطوة تمهيدية لاحتمال شن هجوم ضد حزب الله اللبناني الذي يتبادل مع إسرائيل الضربات على مدار عام تقريبا. هل ستدفع التفجيرات حزب الله إلى التراجع أم الرد؟وفيما يخص تأثير التفجيرات على حزب الله، أشار عقيل إلى أن هذه الهجمات قد تدفع الحزب إلى الرد بقوة. وقال: "حزب الله سيقوم بجمع المعلومات حول كيفية تنفيذ هذا الهجوم وكيفية دخول الأجهزة المتفجرة. الهجمات ستدفع الحزب إلى تعزيز جهوده الأمنية وربما الرد على الهجوم."
ويرى عقيل في الهجوم استفزازا يدفع حزب الله إلى اتخاذ إجراءات انتقامية. عقيل يتوقع أن يرد حزب الله بتصعيد أعماله، مشيرا إلى أن إسرائيل قد تكون قد أخطأت في تقدير ردة فعل الحزب.
في المقابل، يعتبر وهبي أن الهجوم قد يكون محاولة لإشغال حزب الله والضغط عليه دون التصعيد الكامل.
ويشير إلى أن قرار الحرب ليس بيد حزب الله ولكن بيد طهران بدليل إصابة السفير الإيراني في الهجوم، ما يبدي الحضور والسيطرة الإيرانية في لبنان.
ويرى وهبي أن إيران من جانبها لا تريد توسيع رقعة الحرب ولكنها ستصدر تصريحات نارية، وربما يكون هناك شيء رمزي مثل إرسال صاروخ وربما في عمق إسرائيل وما إلى ذلك.
ويضيف أن حكومة نتانياهو قد تريد جر إيران إلى توسعة الصراع قبل الانتخابات الأميركية، لكن طهران لا تريد ذلك.
عملية هجومية رغم الدعوة الأميركيةوجاءت هذه العملية بعد يوم من تحذير واشنطن لإسرائيل من شن حرب ضد لبنان، مؤكدة أنها تدعم الوصول إلى "حل دبلوماسي" لإنهاء التصعيد على الحدود الشمالية لإسرائيل.
وجاء التحذير الأميركي على لسان المستشار البارز للرئيس جو بايدن، المبعوث الأميركي إلى لبنان، آموس هوكستين، خلال لقاء مع مسؤولين بارزين في إسرائيل الاثنين.
وقالت 3 مصادر مطلعة لموقع "أكسيوس" الأميركي، إن هوكستين حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، من "شن حرب في لبنان" قد تزداد اتساعا، قبل أن تعلن الحكومة الإسرائيلية توسيع أهداف الحرب الجارية حاليًا، لتشمل إعادة مواطنيها النازحين من شمالي البلاد إلى منازلهم.
ونقل الموقع عن مصدرين، أن هوكستين "أكد لنتانياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، خلال اجتماعه معهما بشكل منفصل، أن الولايات المتحدة لا تعتقد بأن اندلاع صراع أوسع مع لبنان، سيحقق هدف عودة النازحين إلى الشمال".
وبشأن كيفية فهم هذه العملية في أعقاب زيارة هوكستين حث فيها بشكل واضح الدولة العبرية على عدم التصعيد على الجبهة الشمالية، يشير وهبي إلى أن هذا يؤكد أن إسرائيل لا تنسق كل عملياتها مع أميركا، خاصة مع الإدارة الحالية التي "لديها أهدافها السياسية وتحاول بكل ما تستطيع أن تؤثر على منع التصعيد والوصول إلى حلول وتسويات في المنطقة" قبل الانتخابات الرئاسية في الخامس من نوفمبر المقبل.
وقال: "لا يريد أي طرف سواء حزب الله أو إسرائيل أن ينزل عن الشجرة، حتى جاءت هذه الضربة بشكل عميق ومفاجئ والتي ربما قد توحي بنوع الهجمات والصراع الذي قد نذهب إليه، حيث قد يكون في جعبة إسرائيل تقنيات تكنولوجية أخرى جاهزة لمثل هذا النوع من الحروب السيبرانية".
حديث عن "خيبة أمل".. كيف تقرأ إدارة بايدن تفجيرات البيجر في لبنان؟ تواجه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته المرشحة الديمقراطية في انتخابات الخامس من نوفمبر، تطورات دراماتيكية في الشرق الأوسط في وقت حساس، بعد مقتل تسعة أشخاص، بينهم طفلة، وإصابة أكثر من 2800 بجروح، في تفجيرات أجهزة اتصال الـ"بيغر" (النداء الآلي) الخاصة بعناصر حزب الله، التي وقعت الثلاثاء في مناطق عدة بلبنان، وهو ما يعد حدثا فريدا من نوعه قد يمهد لتوسع الحرب خاصة بعد إصابة السفير الإيراني في بيروت في هذا الهجوم.المصدر: الحرة
كلمات دلالية: منطقة عازلة أن إسرائیل مع لبنان حزب الله فی لبنان إلى أن
إقرأ أيضاً:
السرّ وراء كثافة قصف الضاحية.. تقريرٌ إسرائيلي يكشفهُ
نشرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية تقريراً جديداً تحدثت فيه عمّا وصفته بـ"قرار إسرائيل الدراماتيكي" والذي يتصل بخنق "حزب الله" انطلاقاً من الاستهداف الإسرائيلي المكثف لضاحية بيروت الجنوبيّة.
وذكر التقرير الذي ترجمهُ "لبنان24" إنه خلال الأسبوع الماضي، اتخذ القتال على الجبهة بين لبنان وإسرائيل منعطفاً آخر، وأضاف: "التقديرات تشيرُ إلى أنه مع تقدم مفاوضات تسوية الحدود اللبنانية، تحاول كل خطوة خلق صورة النصر أو عدم الفشل، ومن ناحية أخرى، يحاول كل طرف زيادة الضغط على الجانب الآخر".
وأردف: "يحاول حزب الله من جانبه تركيز جهود إطلاق النار المكثفة على مناطق مثل كريات والجليل الغربي. ومن ناحية أخرى، يعمل سلاح الجو الإسرائيلي ويهاجم قلب الضاحية الجنوبية في بيروت حيث تنهار المباني الشاهقة، وهي خطوة تُقدم نوعاً صورة نصر لإسرائيل".
وزعم التقرير أن "إسرائيل قتلت أكثر من 2250 عنصراً في الحزب" منذ بدء الحرب الإسرائيلية على لبنان قبل 50 يوماً، وأضاف: "كذلك، الجيش الإسرائيلي بتدمير وتفكيك خطوط دفاع الحزب والإضرار بهيكل قيادته بالكامل فيما تم ضرب أنظمته اللوجستية".
التقرير يقولُ في المقابل أنه "رغم كل شيء، فإن حزب الله ما زال حياً ويتنفس ويطلق النار"، وأكمل: "الصواريخ قصيرة المدى تواجه صعوبة في عوبر خط كريا يام في الغرب وكريات آتا في الشرق، ويرجع ذلك إلى أن قوات الفرقة 36 تقوم بمناورة لمسافة تتراوح بين 4 و 7 كيلومترات في لبنان. إن صواريخ حزب الله قصيرة المدى هي التي تشكل عموده الفقري الآن وما زالت تعمل وتصل إلى حدودها القصوى عندما يتم إطلاقها باتجاه خليج حيفا".
وتابع: "التوقعات المتشائمة عشية الحرب تحدثت عن سيناريو إطلاق ما متوسطه 70 صاروخاً باتجاه مدينة حيفا كل ساعة في كل يوم قتال. من الناحية العملية، بالكاد ينجح حزب الله في إطلاق ما بين 90 إلى 100 صاروخ كل يوم من القتال على جميع المناطق، وكما ذكرنا، فإنه يواجه بالفعل صعوبة في استهداف مدينة حيفا أيضاً. أيضاً، بعد جهود بذلها حزب الله، حاول الأخير إطلاق 4 طائرات مسيرة باتجاه إسرائيل، السبت. هنا، يُدرك حزب الله أن درجة الضرر الذي يمكن أن يلحقه بهذا السلاح محدودة بنقطة معينة، لكن تأثير الخوف منه يخلق أثناء المطاردة ضرراً مضاعفاً كبيراً. وهكذا، يوم الخميس الماضي، اضطر ما يقرب من مليون مواطن في مدن ومناطق إسرائيلية عديدة إلى الدخول إلى مناطق محمية بسبب طائرة من دون طيار دخلت إسرائيل وضربت في النهاية قاعدة إليكيم، وإصابة جنديين".
وأكمل: "في الوقت نفسه، يبذل حزب الله جهوداً للحفاظ على القوات التي لا تزال نجت من القتال، مع التركيز على تشكيلات قوات الرضوان والقوات الأخرى. يعتبر حزب الله نفسه قوة عسكرية رئيسية في لبنان، فيما النشاط الحالي للجيش الإسرائيلي يهدف إلى إضعافه".
وأردف: "هذا هو السبب الذي يجعل إسرائيل يتصرف بطريقة مركزة في الضاحية الجنوبية في لبنان. صور المباني المتساقطة في الضاحية في الأيام الأخيرة تزيد من الضغط على حزب الله، وبحسب إسرائيل فإن هدفها هو دفع الأخير إلى الاستسلام. من المحتمل جداً أن تؤدي الساعات والأيام المقبلة إلى زيادة الضغط الإسرائيلي، وأن يزيد سلاح الجو هجماته على مباني حزب الله ومقراته".