المسبار الفضائي «بيبي كولومبو» يقترب من اكتشاف لغز «عطارد»
تاريخ النشر: 18th, September 2024 GMT
مرّ المسبار الفضائي المزدوج «بيبي كولومبو» في الأسبوع الأول من سبتمبر الجاري على مقربة من عطارد في مهمة استطلاعية لموقع أصغر الكواكب وأكثرها شهرة في النظام الشمسي، تمهّد لدراسته على نحو أفضل سنة 2026.
وأوضح عالم الفلك في مرصد «باريس-لي إس إل» Paris-PSL ألان دوريسونديرام لوكالة فرانس برس أن عطارد «هو الكوكب الأقرب إلى الشمس، ويُعد الوصول إليه الأصعب بالنسبة إلى مسبار ينشط بين الكواكب».
لكنّه ليس أبعد من المريخ، ويمكن الوصول إليه في أفضل الأحوال خلال سبعة أشهر، وتكمن المشكلة تاليًا في أن إبقاء المسبار في مداره صعب، إذ أن كتلة عطارد الصغيرة تجعل جاذبيته ضعيفة جدا مقارنة بجاذبية الشمس.
وشرح عالم الفلك أن «كبح المركبة وتوقفها عند عطارد يتطلب طاقة أكبر بكثير من الذهاب إلى المريخ»، ومن غير المستبعد أن تتحول رمادا أو تضيع في النظام الشمسي.
وفي ذلك تكمن أهمية اعتماد طريقة المساعدة بواسطة الجاذبية، إذ تتيح للمسبار، عند مروره بالقرب من جرم سماوي، تسريع مساره أو إبطاءه وتعديله.
منظر قمري
وبدأت مركبة «بيبي كولومبو» التي تزن أربعة أطنان رحلتها بالتحليق فوق الأرض والزهرة. وكان كل شيء يسير على ما يرام حتى أبريل الفائت، عندما أدى حادث تغذية للمركبة بالطاقة الكهربائية إلى تعريض المهمة للخطر، إذ لم يعد محركها الأيوني يتمتع سوى بـ 90 في المائة من طاقته.
ويثير عطارد أقل قدر من الاهتمام في مجال الاستكشاف بين النجوم الصخرية الأربعة في النظام الشمسي التي تشمل أيضًا الأرض والمريخ والزهرة. ولا يعود ذلك فقط إلى صعوبة الوصول إليه.
فهذا الكوكب الذي كان المسبار «مارينر 10» عام 1974 أول مركبة تحلّق فوقه، ويتميز بمشهد قمري لم يُثر اهتمام العامة ولا الباحثين، إذ أظهروا افتتانًا أكبر بالمريخ وبما كان يُعتقَد أنه قنوات مائية عليه، أو بكوكب الزهرة، «توأم» الأرض.
وكانت «مسنجر» عام 2011 أول مركبة تدخل مدار عطارد لاكتشاف وتأكيد «أشياء غريبة إلى حد ما»، على ما وصفها دوريسونديرام.
هذه «الغرابات» تجعل عطارد، بحسب هذا المتخصص في سطوح الكواكب، «الحلقة المفقودة في علم الكواكب المقارن».
فمن جهة أولى، يتمتع عطارد مع كوكب الأرض بمجال مغناطيسي، ولكن لا يتوافر أي تفسير لكيفية محافظته على هذا المجال رغم قصر المسافة بينه وبين الشمس.
أما عنصر «الغرابة» الآخر، فيتمثل في نواة حديدية تشغل 60 في المائة من كتلة عطارد، مقارنة بالثلث فقط للأرض.
أما «التجويفات» غير المنتظمة واللامعة جدًا، فهي ربما علامات تشير إلى نشاط جيولوجي حديث، أو إلى نشاط بركاني سابق.
وبالنسبة إلى طبيعة المعادن التي تغطي سطحه، فيبقى تركيبها لغزًا، وقد يكون «شوهها» الإشعاع الشديد للشمس، ودرجة حرارة السطح التي تصل إلى 430 درجة مئوية أثناء النهار و -180 درجة مئوية في الليل.
وكالة فرانس بريس العالمية
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
جيف بيزوس يدخل السباق الفضائي عن طريق صاروخ نيو غلين العملاق
نجح صاروخ "نيو غلين" التابع لشركة "بلو أوريجن" في أول إطلاق صباح الخميس 16 يناير/كانون الثاني، محققا أول مهمة فضائية للشركة في مدار حول الأرض، المهمة التي طال انتظارها سنوات.
ويعد الصاروخ العملاق، الذي يحمل اسم رائد الفضاء جون غلين، محطة مفصلية في تاريخ شركة جيف بيزوس الفضائية التي تسعى إلى منافسة شركة "سبيس إكس" في سوق إطلاق الأقمار الصناعية المتسارع النمو.
ويبلغ ارتفاع الصاروخ نحو 30 طابقا، ويتميز بمرحلة أولى قابلة لإعادة الاستخدام تعمل بـ7 محركات من طراز "بي إي-4". وقد انطلق من محطة القوات الفضائية في كيب كانافيرال بولاية فلوريدا، وذلك بعد محاولتي إطلاق سابقتين تعثرتا بسبب مشكلات تقنية.
مثل هذا الإطلاق علامة فارقة في تاريخ شركة بلو أوريجن الممتد على 25 عاما، إذ توّج عقدا كاملا من التطوير المضني والمكلف، وقد تجمع مئات الموظفين في مقر الشركة بولاية واشنطن ومنشآتها في فلوريدا لمتابعة هذا الحدث التاريخي، واحتفلوا بنجاح المرحلة الثانية من الصاروخ في الوصول إلى المدار.
وعبرت أريان كورنيل، نائبة رئيس الشركة، خلال بث مباشر، عن فخرها الشديد قائلة "لقد حققنا هدفنا الرئيسي والأهم، ووصلنا إلى المدار بأمان". ويعزز هذا الإنجاز مكانة "بلو أوريجن" كواحدة من المنافسين الجادين في مجال استكشاف الفضاء وإطلاق الأقمار الصناعية التجارية.
إعلان التحديات وراء الصواريخ القابلة لإعادة الاستخدامورغم نجاح المهمة في مجملها، برزت بعض التحديات الجوهرية، إذ فشل الصاروخ في استعادة المرحلة الأولى القابلة لإعادة الاستخدام، التي تُعد عنصرا أساسيا في إستراتيجية خفض التكاليف. فقد انقطع الاتصال بالمرحلة الأولى بعد دقائق من انفصالها عن المرحلة الثانية، فحال ذلك دون هبوطها المخطط له على منصة في المحيط الأطلسي.
وأكدت أريان كورنيل، نائبة رئيس الشركة، في وقت لاحق "لقد فقدنا المرحلة الأولى بالفعل"، مشددة على أن تحسين هذه التقنية سيكون من أولويات المهام المستقبلية.
حملت مقصورة الحمولة للصاروخ نموذجا أوليا مبتكرا يُدعى "بلو رينغ"، وهي مركبة فضائية قابلة للمناورة تخطط الشركة لتسويقها للحكومة الأميركية والعملاء التجاريين، لاستخدامها في مهام الأمن القومي وخدمات الأقمار الصناعية.
ويمثل هذا التصميم خطوة طموحة تعكس سعي الشركة إلى تجاوز الإطلاق التقليدي نحو تقديم خدمات فضائية متقدمة وتطبيقات دفاعية.
تمثل هذه المهمة أيضا فصلا جديدا في مسيرة بلو أوريجن التي تسعى لمنافسة شركة "سبيس إكس" الرائدة في سوق إطلاق الأقمار الصناعية بفضل صواريخها القابلة لإعادة الاستخدام من طراز "فالكون 9".
ورغم أن اعتماد بلو أوريجن للتقنيات القابلة لإعادة الاستخدام يتماشى مع توجهات الصناعة الفضائية، فإنه يكشف في الوقت ذاته عن التحديات الكبيرة المرتبطة بتطوير هذه الأنظمة المعقدة.