الترهل الوظيفي يرهق العراق.. 4 ملايين موظف يستنزفون الموازنة
تاريخ النشر: 18th, September 2024 GMT
بغداد- مع وصول عدد الموظفين بالقطاع العام إلى ما يقارب 4 ملايين موظف، وفي ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها الدولة العراقية، والتي تتطلب متابعة دقيقة وإدارة فعالة للموارد المالية لتحقيق التوازن الاقتصادي المطلوب تعاني وزارات الدولة من ترهل وظيفي كبير يعرقل عمليات الإنتاج ويرهق خزينتها ويستنزف أكثر من نصفها، في حين لا تحقق المؤسسات الحكومية الصناعية والتجارية عائدات مالية تكفي على أقل تقدير لتأمين رواتب العاملين فيها.
مظهر محمد صالح المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء أكد أن الموازنة التشغيلية (الاستهلاكية وتشمل رواتب الموظفين والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية والبطاقة التموينية) تشكل حاليا ما يقارب 65% من إجمالي الموازنة العامة وهي تكلف خزينة الدولة سنويا للرواتب فقط ما يصل إلى 62 تريليون دينار عراقي ( نحو 47 مليارا و334 ألف دولار).
وقال المستشار المالي في حديث للجزيرة نت إن "بناء دخل الفرد (الريعي) للعراق منذ خمسينات القرن الماضي صمم على أساس وجود نظام تعيينات حكومية واسع" مبينا أن "الدولة العراقية وريثة نظام مجاني في قطاعات عديدة منها التعليم والصحة والسلع العامة وغيرها".
وأضاف أن "عدد الموظفين حاليا بالعراق يصل إلى 4 ملايين موظف حكومي" لافتا إلى أن "متوسط رواتبهم الشهرية أعلى من متوسط دخل الفرد بالناتج الإجمالي المحلي للبلد".
الحكومة تسعى لتحويل سوق العمل لسوق إنتاج تتقدمه الصناعة (الصحافة العراقية) 23 مليون مواطنوأوضح صالح أن "هذه الحالة لها ميزتان إيجابية أولها ذهاب جزء كبير من واردات النفط للشعب العراقي بشكل عادل نسبيا والثانية أن كل موظف حكومي يكون مسؤولا عن 5 أشخاص ضمن نظام الإعالة مما يعني أن هنالك أكثر من 23 مليون مواطن عراقي يوفرون متطلبات حياتهم اليومية من الرواتب".
وبين أن "واردات النفط هي أصول مالية يجب استثمارها بشكل صحيح والدولة تدرك هذا الأمر" مستدركا بالقول "لكنها (الدولة) تحت ضغوط وهي تدرك أن الكثير من القوانين تلزم بتعيين فئات عديدة كالأطباء والقوات المسلحة وغيرها وبالتالي فإن تغيير هذا الوضع صعب ويحتاج إلى وقت طويل".
ولفت صالح إلى أن "هذا المنهج تم استدراكه تماما اليوم من خلال جانبين أولهما تعديل تقاعد العمال والضمان الاجتماعي للعمال من خلال إنشاء صندوق تقاعد القطاع الخاص بالتعاون مع مؤسسات دولية عديدة من بينها البنك الدولي، منوها إلى أنه "تم تشريعه فعليا في مايو/أيار من العام الماضي من قبل مجلس النواب لكنه بحاجة إلى تفعيل وتوظيف لسوق العمل وهو أمر بحاجة إلى وقت".
وتابع "الجانب الآخر يرتبط برؤية الحكومة بالنسبة للاقتصاد وهي الشراكة بينها وبين القطاع الخاص بصورة تضامنية وتفاعلية حيث باشرت فيها الحكومة فعليا في أولى برامجها من خلال طريق التنمية" الذي يتضمن تشييد مدن صناعية واقتصادية "وهي ضامنة للسوق وتوفر فرصا واسعة".
وأكد صالح أنه "كلما كانت هناك قناعة وحماية اجتماعية مرتفعة للقطاع الخاص انخفض الضغط على الوظيفة العامة" مشددا على أنها "معادلة ليست سهلة لكن هنالك إرادة وتحركات من قبل الحكومة ضمن منهج تحويل سوق العمل لسوق إنتاج تتقدمه الصناعة".
الرواتب تثقل كاهل الميزانيةالخبير والاستشاري الاقتصادي علاء الفهد أكد أن رواتب الموظفين شهريا تؤثر على خزينة الدولة بمقدار 7 تريليونات دينار (نحو 5 مليارات و344 ألف دولار) وهي مبالغ كبيرة جدا قياسا بالإنتاجية المحلية" مشيرا إلى أن هناك جهودا تبذلها الحكومة "لتطبيق قانون تقاعد العمال" بما يوفر فرصا متساوية للقطاع الخاص مع الحكومي "من ناحية الضمان والتقاعد".
وأوضح خلال حديثه للجزيرة نت أن "الحكومة تعمل خلال هذه المرحلة على تنشيط الاقتصاد من أجل امتصاص البطالة الموجودة" منوها إلى أن "دور الحكومة سيكون مقتصرا على إيجاد الفرص الوظيفية للعاطلين وهو جزء من دعم القطاع الخاص ودعم المشاريع الاستثمارية التي من الممكن أن توظف عددا كبيرا من المهيئين للدخول إلى سوق العمل".
وأضاف أن "الجهاز الإداري لا يستوعب الأعداد الكبيرة من الخريجين خصوصا أن هناك اختصاصات لا يمكن استيعابها من مؤسسات الدولة" مبينا أن "هنالك إجراءات من الدولة والبنك المركزي لتنشيط القطاع الخاص إضافة إلى منح قروض صغيرة ومتوسطة لإقامة مشاريع من الممكن أن تسهم بتوفير فرص عمل".
وتابع "البنك الدولي دائما ما يساعد الحكومة في مسألة إعادة إستراتيجية الإنفاق الحكومي والرواتب، وهي تظهر في تقاريره مع صندوق النقد باعتبارها إستراتيجية سلبية على الاقتصاد في حجم الرواتب مقارنة بالإنتاجية" لافتا إلى أن "هناك مشاريع إستراتيجية ضخمة من الممكن الاستفادة منها في إيجاد فرص عمل كبيرة جدا كطريق التنمية وميناء الفاو وغيرها".
تعيينات 2023 زادت الضغوطرئيس اللجنة المالية بالبرلمان العراقي عطوان العطواني شدد على أن "رواتب الموظفين تثقل كاهل موازنة الدولة" مبينا أن "التعيينات التي تبنتها الحكومة خلال عام 2023 كانت السبب الأساس في زيادة الموازنة التشغيلية بحدود 8 تريليونات دينار شهريا (نحو 6 مليارات و107 ملايين دولار).
وقال العطواني خلال حديثه للجزيرة نت إن "هناك ضرورة لتنشيط القطاع الخاص لتقليل الحركة تجاه القطاع الحكومي خصوصا أن مشاركة القطاع الخاص للأسف قليلة في دعم سوق العمل".
وأكد أن "عدم إيجاد المواطن لفرص العمل في السوق يدفعه للبحث عن العمل الوظيفي الحكومي بسبب عجز القطاع الخاص" منوها إلى "ضرورة تطبيق التعرفة الجمركية التي ستعطي أولوية للمنتج المحلي على المستورد في التنافس السعري".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات القطاع الخاص سوق العمل إلى أن
إقرأ أيضاً:
رئيس الوزراء: حريصون على الاستماع لمختلف الرؤى المطروحة بمنتهى الشفافية
التقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، عقب اجتماع الحكومة اليوم بعدد من المستثمرين في القطاعات المختلفة، لاستعراض التحديات التي تواجه القطاع الخاص، والاستماع إلى تصوراتهم ورؤاهم حول الإجراءات التي يمكن أن تتخذها الدولة للتحرك في مختلف القطاعات خلال العام القادم، وذلك استكمالاً لسلسلة اللقاءات التي بدأها رئيس الوزراء مع الصحفيين ورؤساء التحرير والكتاب والمفكرين.
القطاع الخاص هو الأجدر على الإدارة والتشغيلرحب رئيس الوزراء بالمستثمرين ورجال القطاع الخاص المصري المتواجدين اليوم بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة، مُشيراً إلى حرصه على عقد هذا اللقاء المهم للغاية، مُوجهاً التهنئة للشعب المصري بمناسبة قرب حلول العام الميلادى الجديد 2025، داعياً الله عز وجل أن يحمل هذا العام الخير والبركة لمصر والشعب المصري كله.
أكد رئيس الوزراء، حرصه منذ إعادة تشكيل الحكومة الجديدة على التواصل الدائم مع المواطن المصري من خلال المؤتمرات الأسبوعية، وكذلك مع ممثلي القطاعات المختلفة الذين يمثلون قوام المجتمع المصري، مٌشيراً في هذا الصدد إلى لقاءاته السابقة مع عدد من رجال الإعلام ورؤساء تحرير الصحف، وكذلك لقائه مع عدد من القامات الفكرية والأكاديمية والخبراء المتخصصين في الشأن السياسي والعام، مُؤكداً حرصه الدائم خلال هذه اللقاءات على الاستماع لمختلف الرؤي المطروحة بمنتهي الشفافية والوضوح، لأن هدفنا جميعاً واحد وهو مصلحة المواطن المصري.
لفت رئيس الوزراء إلى حرصه على عقد هذا اللقاء مع نخبة من رجال مجتمع الأعمال والمستثمرين باعتبارهم قيادات بارزة في القطاع الخاص بمختلف القطاعات، مُشيراً إلى الحرص على أن يكون الحضور ممثلين لمختلف القطاعات بما تشمله من قطاعات الصناعة والسياحة والزراعة والأمن الغذائي والتنمية العقارية، وغيرها، منوهاً في هذا الصدد، إلى أن هذا اللقاء يستهدف تحديد ما الذي تحتاجه للدولة المصرية خلال الفترة القادمة، بهدف التحرك بسرعة كبيرة في هذا الشأن.
القطاع الخاص قاطرة التنميةوأضاف رئيس الوزراء: «أود التأكيد في هذا الصدد على أننا كحكومة لدينا إيمان كامل بأهمية دور القطاع الخاص، وأن القطاع الخاص هو قاطرة التنمية في الدولة المصرية، كما أننا دائماً ما نتحدث ونستعرض أهمية استثمارات القطاع الخاص لما تمثله من الحصة الأكبر من إجمالي الاستثمارات العامة للدولة، ولكن نظراً للظروف التي مرت بها مصر منذ عام 2011 وحالة عدم الاستقرار وهو ما أدي بشكل طبيعي إلى تراجع دور القطاع الخاص وتخوفه من التوسع في الاستثمارات، وهو ما اضطر الدولة إلى الدخول في هذا الأمر وأن تزيد من الاستثمارات العامة في فترة ما».
وتابع الدكتور مصطفى مدبولي: «لكننا اليوم أحرص ما نكون على أن تعود مساهمة القطاع الخاص في إجمالي الاستثمارات العامة لتكون هي الحاكمة، ولكن على الجانب الآخر ظل القطاع الخاص المصري يمثل المصدر الرئيسي والأكبر لتوليد فرص العمل، وبالتالي فإن مساهمات هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي هو الأكبر، لذلك فمن خلال التجربة أصبح لدي الدولة قناعة بأن القطاع الخاص هو الأجدر على الإدارة والتشغيل نظراً لخبرته الكبيرة في هذا الشأن».
وأكد مدبولي أنه على الرغم من التحديات والصعوبات التي واجهتنا خلال الفترة الماضية، حرصت الدولة على إقامة بنية أساسية قوية وتنفيذ العديد من المشروعات القومية، وذلك بما يسهم في جذب الاستثمارات وتشجيع المُستثمرين على ضخ المزيد من الاستثمارات خلال الفترات القادمة.
الفترة الأصعب في تاريخ البشريةنوه الدكتور مصطفى مدبولي، إلى الفترة شديدة الاضطراب التي شهدناها خلال السنوات الخمس الماضية، واصفاً هذه الفترة بأنها هي الأصعب في تاريخ البشرية، وعلى منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص، حيث شهدنا تداعيات كل من أزمة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، وصولاً للأزمات الجارية بمنطقة الشرق الأوسط، التي تتغير مُجرياتها بشكل يومي، وتلقى بمزيد من التحديات وعدم اليقين على ما هو قادم، لافتاً إلى أن هذه الأسباب مجتمعةً أثرت عالمياً على معدلات التضخم.
وقال رئيس الوزراء: «قدرنا كدولة أن نتواجد في منطقة شديدة السخونة وشديدة الاضطراب"، مُضيفاً: وهو ما فرض علينا العديد من التداعيات الكبيرة المباشرة وغير المباشرة على الاقتصاد المصري، وعلى الوضع الداخلي المصري».
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي، في هذا السياق، قدرة الدولة خلال الفترة الماضية على الحفاظ على الاستقرار وسلامة وأمن الدولة المصرية، والمحاولة بقدر الإمكان الاستمرار في تحقيق مُعدلات نمو للاقتصاد المصري، قائلاً إنه على الرغم من مختلف الظروف الصعبة، إلا ان الاقتصاد المصري كان ينمو بصورة موجبة، مُشيراً إلى أن معدلات النمو خلال العامين الماضيين لم تكن بالصورة المأمولة والمستهدفة، ولكن رؤية الدولة والاستمرار في تطبيق مختلف الإجراءات والخطوات الخاصة بالإصلاح الاقتصادي، يعطى مزيدا من الامل لتحقيق معدلات النمو المستهدفة التي تتجاوز الـ4% ، ومن ثم الوصول إلى معدلات 6 و7%.
ونوه رئيس الوزراء إلى جهود الدولة لمواجهة مشكلة الزيادة السكانية وما تتطلبه من توفير المزيد من فرص العمل للشباب، لافتا إلى دور مؤسسات القطاع الخاص المهم في هذا الصدد.
وجدد التأكيد على استمرار الدولة في تنفيذ المزيد من الإجراءات والخطوات الخاصة بالإصلاحات الاقتصادية والهيكلية، مشيراً في هذا الصدد إلى موقف برنامج الطروحات، ووثيقة سياسة ملكية الدولة، موضحاً أن الظروف والتحديات الحالية ساهمت في تباطؤ تنفيذ هذه البرامج.
ولفت الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، إلى أن الحكومة تحرص على تعظيم دور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني، كمُنظم للأسواق بشكل أكبر، في حين تتواجد الدولة في بعض القطاعات الاستراتيجية التي تتمسك الدول بدور واضح ومحدد فيها، مع تمكين أكبر للقطاع الخاص في القطاعات الأخرى.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن الدولة مستمرة في وضع الرؤى والسياسات وطرح المبادرات ولكنها تدرك أنه ما زالت هناك تحديات إدارية على الأرض، مُؤكداً أنه يحرص على لقاء المستثمرين، والتنسيق مع نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية، وزير الصناعة والنقل، ووزير الاستثمار والتجارة الخارجية، للتحرك بشكل فاعل في مختلف الملفات.
الإصلاح الاقتصادي في مصروأضاف أنه بالرغم من مدى صعوبة الظروف والأوضاع المحيطة، فإن الدولة مُستمرة في تنفيذ برنامجها الاقتصادي، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، لافتاً إلى إعلان الصندوق إتمام المراجعة الرابعة للبرنامج الاقتصادي للحكومة المصرية، والتأكيد على مضي الحكومة المصرية في تنفيذ البرنامج، مُعتبراً أن ذلك يُمثل رسالة ثقة كبيرة ومصداقية لكل ما تقوم به الدولة المصرية في الأسواق الداخلية والخارجية.
وأكد رئيس الوزراء، أن الفترة المقبلة تفرض علينا سرعة أكبر في التحرك في مختلف الملفات، وتمكين أكثر للقطاع الخاص، لافتاً إلى أن الدولة وإن كانت تهتم بقدوم القطاع الخاص من الخارج وجذب استثمارات أجنبية، إلا أن لديها ثقة كبيرة جداً في القطاع الخاص الوطني، الذي يساند الدولة في جهودها، وتحرص على أن يكون هو الأكبر والأضخم والأكثر قدرة على التوسع والاستثمار داخل مصر، فهو الأساس في عملية التنمية.
كما أكد رئيس الوزراء، أن هذا اللقاء مع المستثمرين محوره الشأن العام، وهدفه الاستماع إلى تصوراتهم ورؤاهم حول الإجراءات التي يمكن للدولة أن تتخذها للتحرك في مختلف القطاعات خلال العام القادم 2025، وكذا على المدى المتوسط خلال الأعوام الثلاثة أو الخمسة المُقبلة، لافتاً إلى أن التغيرات التي تحدث في العالم لا تسمح برفاهية وضع خطط لفترات طويلة، حيث تفرض حالة من عدم اليقين أو الوضوح، داعياً المستثمرين لطرح رؤاهم وأفكارهم.