ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر، الدكتور حسن الصغير، الأمين العام لهيئة كبار العلماء ودار موضوعها حول : "التيسير في التشريع الإسلامي".

التيسير في التشريع الإسلامي

وقال الدكتور حسن الصغير، إن التيسير والتخفيف ورفع المشقة مبدأ عظيم من مبادئ التشريع الإسلامي، فنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة محكمة في تقرير هذا المبدأ، حيث زخر القرآن الكريم بالكثير من الآيات التي تتحدث عن التيسير والتخفيف قال الله تعالى: "يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ" وقال أيضا : "يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا"، وعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت" ما خُيِّرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنَ أمْرَيْنِ قَطُّ إلَّا أخَذَ أيْسَرَهُمَا، ما لَمْ يَكُنْ إثْمًا، فإنْ كانَ إثْمًا كانَ أبْعَدَ النَّاسِ منه، وما انْتَقَمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِنَفْسِهِ في شيءٍ قَطُّ، إلَّا أنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمَ بهَا لِلَّهِ".



وأضاف خطيب الجامع الأزهر، أن اليسر والتيسير يكون في كل شيئ، فيكون في علاقة الشخص بربه عن طريق العبادات وتكون في علاقته ببني جلدته عن طريق المعاملات، فالتيسير نعمة عظيمة تستوجب الحفاظ عليها والشكر والثناء، لأن عدم الشكر  يؤدي إلى زوالها إضافة إلى جعل الإنسان مهموما مضيقا عليه.

وشدد د.الصغير، أنه على الإنسان أن يقابل التيسير بالشكر ولا يقابله بعدم الشكر لأن ذلك يؤدي به الى التعسير، قال الله تعالى: إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ"،  ولذا وجب على الإنسان أن يشكر الله عز وجل على نعمة التيسير، ولا يتنكر لها حتى لا يتحول التيسير الى تعسير، قال تعالى "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ".

وبيّن خطيب الجامع الأزهر، أن المولى عز وجل جعل التيسير مبدأ في عبادة الإنسان لربه فقال في كتابه العزيز"وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ" وقال أيضا " لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ " فعند مراجعة الأحكام والعبادات، نجد أن الله سبحانه وتعالى لم يكلفنا إلا مانطيقه، حتى وإن مرض العبد أو لم يستطيع القيام بالعبادة على الوجه الأكمل؛ نجد أن الله عز وجل أفاض علينا بالكثير من الرُخص والتيسير ما يجبر به عنا.

النشرة الدينية .. لحظة إغماء الشيخ ماهر المعيقلي في الحرم.. أول صلاة جمعة في مسجد السيدة نفيسة خطيب مسجد السيدة نفيسة: أهل الله أصحاب الأدب والاتباع والاستقامة.. فيديو

ولفت إلى أن السنة النبوية المطهرة أقرت هذا المبدأ وأوصى به المصطفى ﷺ ، فقد روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبيﷺ "بَشِّروا وَلا تُنفِّروا، ويَسِّروا وَلا تُعسِّروا"، فأمر بالتيسير في المعاملات وفي العبادات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال" إنَّ هذا الدينَ يسرٌ، ولن يشادَّ الدينَ أحدٌ إلا غلبهُ، فسدِّدوا وقارِبوا وأبشِروا ويسِّروا واستعينُوا بالغَدوةِ والروحةِ وشيءٍ من الدُّلجةِ".

وأوصى الأمين العام لهيئة كبار العلماء، بالتيسير في الحياة والتعامل مع الآخرين، فمثلا إذا استغل الإنسان هذا المبدأ في الزواج فإن هذا سيؤدي به إلى السعادة والمودة الزوجية، قال تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"، ولذا شُرعت الخطبة حتى يتعرف الطرفان على الآخر وتتيسر لهما الأمور، أما إذا تكلف الطرفان وحولا هذا الزواج إلى ما نراه اليوم من مغالاة في المهور وتعسرات في الزواج وتحول عقد الزواج إلى صفقة مالية، حدث العكس وتحول التيسير إلى باب عظيم من أبواب التعسير والمشقة.

ونوه إلى أنه على الإنسان أن يأخذ بشرع الله في جانب التيسير ويشكر الله على هذه النعمة وتوظيفها بالضوابط الشرعية، حتى لا نقع في براثن الضيق والمشقة، فإساءة استخدام هذا المبدأ لا تؤثر على الشخص المسيئ فقط، بل تؤثر على المجتمع بشكل عام، فمثلا إذا استغل الشخص المشاريع التي تمولها الدولة بشكل خاطئ، فقد أضاع على غيره الكثير من الفرص التي قد ترقى بالمجتمع واقتصاد الأمة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الجامع الازهر خطبة الجمعة اليوم هيئة كبار العلماء

إقرأ أيضاً:

أمين مجمع البحوث الإسلامية في معرض الكتاب: الإلحاد انحراف عن الفطرة السليمة

عقد جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56، اليوم الجمعة، ثاني ندواته بعنوان «الفطرة والعقل في مواجهة الإلحاد»، حاضر فيها الدكتور محمد الجندي، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، والدكتور عمرو شريف الكاتب والمفكر في مجال الإلحاد، وأدار الندوة محمد الديسطي، عضو المركز الإعلامي بالأزهر الشريف.

وقال «الجندي» إن الفطرة هي الميل القلبي الطبيعي الذي يولد مع الإنسان، وهي نزعة صافية أودعها الله في خلقه، موضحًا أن الفطرة التي فطر الناس عليها تتضمن الميل إلى الإيمان بوجود إله عظيم، وهذه الفطرة تتسق مع الأدلة العقلية والتجريبية التي تؤكد على وجود الله. 

الإلحاد لا يتماشى مع الفطرة السليمة

وأضاف أن الإلحاد لا يتماشى مع الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها، بل هو محاولة للانحراف عن أسسٍ عقلية وروحية تكمن في طبيعة الإنسان، وهي الميل الفطري للبحث عن معنى الحياة والوجود في الإيمان بالله، مؤكدًا أن الدين الإسلامي يقدم دليلًا قويًا على أن عقل الإنسان والفطرة لا يتناقضان مع الإيمان، بل هما متكاملان، ففي الوقت الذي قد يدخل فيه العقل في دوامة من الإنكار، فإن الفطرة تكون دائمًا دافعًا للعودة إلى الصواب والتأكيد على ضرورة الإيمان.

واعتبر أن أهم أسباب مشكلة الإلحاد أن بعض الملحدين قد بنوا أفكارهم على مصادرة الأدلة العقلية والتجريبية، وتجاهلوا الفطرة الإنسانية التي لا تكذب، والتي تدعو دائمًا إلى الإيمان بوجود إله، ولذلك أرسل الله سبحانه وتعالى الرسل جزءًا من الهداية التي تصحح هذه الانحرافات الفكرية وتعيد الإنسان إلى فطرته السليمة.

من جانبه أوضح الدكتور عمرو الشريف، الكاتب والمفكر في مجال الإلحاد، أن الوجود الإلهي حقيقة وجودية والتوحيد حقيقة علمية، فالعلم يثبت الوجود الإلهي ويتعامل مع الغيبيات، مبينًا أن الملاحدة يرفضون الإله الأزلي، مع أنهم يقدسون الطبيعة وهي أزلية وهذا مردود عليهم بنفس حجتهم، مؤكدًا أن الإلحاد ليس قضية علمية بل مشكلة نفسية، وأن إثبات الوجود الإلهي أمر قرآني، إذ وجه الله سبحانه وتعالى إلى التفكر والتذكر والتعقل في كتابه العزيز.

الإيمان عملية قلبية غيبية وليس عقلية

وبيّن أن الإيمان عملية قلبية غيبية وليس عقلية، والعلم له منزلة كبيرة وخاصة في الدين الإسلامي، فالإسلام حث عليه ولم يعاديه، بل جعله دليلًا على وجود الله.

ويشارك الأزهر الشريف -للعام التاسع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56 وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبنَّاه طيلة أكثر من ألف عام.

ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم «4»، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات

مقالات مشابهة

  • المفتي: فلسفة التشريع الإسلامي تحرص على تحقيق الريادة الحضارية والتآخي بين الناس
  • المفتي: التشريع الإسلامي يعزز الإخاء الإنساني بين المسلمين وغيرهم
  • مدير الجامع الأزهر يتفقد اختبارات نهاية المستوى برواق القرآن الكريم بالجامع الأزهر
  • الجامع الأزهر يناقش الدروس المستفادة من غزوة تبوك خلال لقائه الأسبوعي
  • بلغة الإشارة.. الجامع الأزهر يعقد ملتقاه الأسبوعي حول رحلة الإسراء والمعراج
  • الجامع الأزهر يعقد ملتقاه الأسبوعي حول رحلة الإسراء والمعراج بلغة الإشارة 
  • أمين مجمع البحوث الإسلامية في معرض الكتاب: الإلحاد انحراف عن الفطرة السليمة
  • وزير الأوقاف: التصوف الإسلامي العلاج الأمثل للنفس البشرية ومواجهة الشهوات
  • محمد الجندي: الإلحاد انحراف عن الفطرة السليمة
  • خطيب مسجد الشرطة: إذا أراد الإنسان معرفة نعمة الأمن فلينظر إلى من فقدها| فيديو