خطيب الجامع الأزهر: التيسير والتخفيف ورفع المشقة من مبادئ التشريع الإسلامي
تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT
ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر، الدكتور حسن الصغير، الأمين العام لهيئة كبار العلماء ودار موضوعها حول : "التيسير في التشريع الإسلامي".
التيسير في التشريع الإسلاميوقال الدكتور حسن الصغير، إن التيسير والتخفيف ورفع المشقة مبدأ عظيم من مبادئ التشريع الإسلامي، فنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة محكمة في تقرير هذا المبدأ، حيث زخر القرآن الكريم بالكثير من الآيات التي تتحدث عن التيسير والتخفيف قال الله تعالى: "يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ" وقال أيضا : "يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا"، وعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت" ما خُيِّرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنَ أمْرَيْنِ قَطُّ إلَّا أخَذَ أيْسَرَهُمَا، ما لَمْ يَكُنْ إثْمًا، فإنْ كانَ إثْمًا كانَ أبْعَدَ النَّاسِ منه، وما انْتَقَمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِنَفْسِهِ في شيءٍ قَطُّ، إلَّا أنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمَ بهَا لِلَّهِ".
وأضاف خطيب الجامع الأزهر، أن اليسر والتيسير يكون في كل شيئ، فيكون في علاقة الشخص بربه عن طريق العبادات وتكون في علاقته ببني جلدته عن طريق المعاملات، فالتيسير نعمة عظيمة تستوجب الحفاظ عليها والشكر والثناء، لأن عدم الشكر يؤدي إلى زوالها إضافة إلى جعل الإنسان مهموما مضيقا عليه.
وشدد د.الصغير، أنه على الإنسان أن يقابل التيسير بالشكر ولا يقابله بعدم الشكر لأن ذلك يؤدي به الى التعسير، قال الله تعالى: إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ"، ولذا وجب على الإنسان أن يشكر الله عز وجل على نعمة التيسير، ولا يتنكر لها حتى لا يتحول التيسير الى تعسير، قال تعالى "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ".
وبيّن خطيب الجامع الأزهر، أن المولى عز وجل جعل التيسير مبدأ في عبادة الإنسان لربه فقال في كتابه العزيز"وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ" وقال أيضا " لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ " فعند مراجعة الأحكام والعبادات، نجد أن الله سبحانه وتعالى لم يكلفنا إلا مانطيقه، حتى وإن مرض العبد أو لم يستطيع القيام بالعبادة على الوجه الأكمل؛ نجد أن الله عز وجل أفاض علينا بالكثير من الرُخص والتيسير ما يجبر به عنا.
النشرة الدينية .. لحظة إغماء الشيخ ماهر المعيقلي في الحرم.. أول صلاة جمعة في مسجد السيدة نفيسة خطيب مسجد السيدة نفيسة: أهل الله أصحاب الأدب والاتباع والاستقامة.. فيديوولفت إلى أن السنة النبوية المطهرة أقرت هذا المبدأ وأوصى به المصطفى ﷺ ، فقد روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبيﷺ "بَشِّروا وَلا تُنفِّروا، ويَسِّروا وَلا تُعسِّروا"، فأمر بالتيسير في المعاملات وفي العبادات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال" إنَّ هذا الدينَ يسرٌ، ولن يشادَّ الدينَ أحدٌ إلا غلبهُ، فسدِّدوا وقارِبوا وأبشِروا ويسِّروا واستعينُوا بالغَدوةِ والروحةِ وشيءٍ من الدُّلجةِ".
وأوصى الأمين العام لهيئة كبار العلماء، بالتيسير في الحياة والتعامل مع الآخرين، فمثلا إذا استغل الإنسان هذا المبدأ في الزواج فإن هذا سيؤدي به إلى السعادة والمودة الزوجية، قال تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"، ولذا شُرعت الخطبة حتى يتعرف الطرفان على الآخر وتتيسر لهما الأمور، أما إذا تكلف الطرفان وحولا هذا الزواج إلى ما نراه اليوم من مغالاة في المهور وتعسرات في الزواج وتحول عقد الزواج إلى صفقة مالية، حدث العكس وتحول التيسير إلى باب عظيم من أبواب التعسير والمشقة.
ونوه إلى أنه على الإنسان أن يأخذ بشرع الله في جانب التيسير ويشكر الله على هذه النعمة وتوظيفها بالضوابط الشرعية، حتى لا نقع في براثن الضيق والمشقة، فإساءة استخدام هذا المبدأ لا تؤثر على الشخص المسيئ فقط، بل تؤثر على المجتمع بشكل عام، فمثلا إذا استغل الشخص المشاريع التي تمولها الدولة بشكل خاطئ، فقد أضاع على غيره الكثير من الفرص التي قد ترقى بالمجتمع واقتصاد الأمة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الجامع الازهر خطبة الجمعة اليوم هيئة كبار العلماء
إقرأ أيضاً:
شيخ الأزهر: نتمنى صياغة منهج دراسي يعمم على دول العالم الإسلامي لمواجهة التطرف
قال أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن العالم اليوم أصبح متعطشًا للسلام أكثر من أي وقت مضى؛ بسبب ما نشهده من عدوان ومجازر وإبادات جماعيَّة بشكل يومي دمَّرت مفهوم السلام وجعلته حلمًا بعيد المنال، مؤكدًا أن أقصى أمانينا اليوم هي أن يحلَّ السلام في منطقتنا، بل وفي العالم كله، وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني وحصوله على حقوقه في إقامة دولته المستقلة والعيش في سلام وأمان كما هو الحال مع معظم شعوب العالم.
شيخ الأزهر يدعو لصياغة منهج تعليمي لرفع الوعيوأشار شيخ الأزهر خلال استقباله الدكتور شفر الدين كامبو، رئيس مؤسسة السلام في العالمين الخيرية الإندونيسية والوفد المرافق له، أننا في الأزهر نحمل آلام عالمنا الإسلامي وتحدياته، ونسعى للمِّ شمل الأمة وإصلاح البيت الإسلامي من الداخل من خلال عقد حوارٍ إسلامي-إسلامي؛ لنتقدم للعالم بصوت إسلامي واحد، يمثل الجميع ويتسع للكلِّ، موضحًا أننا ندرك جيِّدًا صعوبة هذه المهمة بسبب بعض المذاهب المتشددة التي تتغذَّى على التفرقة والشقاق بين مدارس الفكر الإسلامي وإشاعة الفتن بين المسلمين، وهو ما حذَّرنا القرآن الكريم منه في قوله تعالى {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} وقوله تعالى {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم}، مؤكدًا أن ما يجعلنا مستمسكين بالأمل ويدفعنا للاستمرار هو إدراكنا لأهمية هذا الموضوع وحيويته بالنسبة لمستقبل أمتنا الإسلاميَّة.
الإمام الأكبر: الأزهر يحمل آلام الأمة وأزماتهاوأكَّد شيخ الأزهر أهمية التعليم في مواجهة التحديات التي تواجهها الأمة، معربًا عن أمله في صياغة منهجٍ دراسيٍّ يعمم على دول عالمنا الإسلامي، يهتم بتثقيف أبنائنا ورفع وعيهم بالتحديات المعاصرة التي تواجه عالمنا الإسلامي، وتزرع فيهم قيم الوحدة الإسلاميَّة، وتفند المزاعم التي تقوم عليها المذاهب المتطرفة في زرع الفتنة والشِّقاق بين أبناء الأمة.
مؤسسة السلام: الشعب الإندونيسي يشعر بالاعتزاز للانتماء للأزهر منهجًا وتعليمًامن جانبه، نقل رئيس مؤسسة السلام في العالمين تحيات رئيس الجمهورية الإندونيسي الجنرال برابوو سوبيانتو لـ شيخ الأزهر وتمنياته له بدوام الصحة والعافية، والتوفيق في خدمة قضايا الإسلام والمسلمين، مؤكدًا أن الشعب الإندونيسي يشعر بالاعتزاز للانتماء للأزهر الشريف؛ منهجًا وتعليمًا، ويحمل تقديرًا واحترامًا كبيرين لعلماء الأزهر، وأنَّ خريجي الأزهر في إندونيسيا يتمتعون بسمعة طيبة، ويتواجدون في مختلف المناصب القيادية في البلاد، ويشاركون في صناعة نهضة إندونيسيا وتقدمها.